كتاب الأم/كتاب الصلاة/الخطبة قائما
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: قال: الله تبارك وتعالى {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما} الآية [قال الشافعي]: فلم أعلم مخالفا أنها نزلت في خطبة النبي ﷺ يوم الجمعة.
[قال الشافعي]: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني جعفر بن محمد عن أبيه قال: (كان رسول الله ﷺ يخطب يوم الجمعة وكان لهم سوق يقال لها البطحاء، كانت بنو سليم يجلبون إليها الخيل والإبل والغنم والسمن فقدموا فخرج إليهم الناس وتركوا رسول الله ﷺ وكان لهم لهو إذا تزوج أحد من الأنصار ضربوا بالكبر فعيرهم الله بذلك فقال {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما}.
[قال الشافعي]: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال: (كان النبي ﷺ يخطب يوم الجمعة خطبتين قائما يفصل بينهما بجلوس} أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني صالح مولى التوأمة عن عبد الله بن نافع عن ابن عمر عن النبي ﷺ مثله.
[قال الشافعي]: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة (عن النبي ﷺ وأبي بكر وعمر أنهم كانوا يخطبون يوم الجمعة خطبتين على المنبر قياما يفصلون بينهما بجلوس حتى جلس معاوية في الخطبة الأولى فخطب جالسا وخطب في الثانية قائما). [قال الشافعي]: فإذا خطب الإمام خطبة واحدة وصلى الجمعة عاد فخطب خطبتين وصلى الجمعة فإن لم يفعل حتى ذهب الوقت صلاها ظهرا أربعا ولا يجزئه أقل من خطبتين يفصل بينهما بجلوس فإن فصل بينهما ولم يجلس لم يكن له أن يجمع، ولا يجزيه أن يخطب جالسا فإن خطب جالسا من علة أجزأه ذلك وأجزأ من خلفه وإن خطب جالسا وهم يرونه صحيحا فذكر علة فهو أمين على نفسه وكذلك هذا في الصلاة وإن خطب جالسا وهم يعلمونه صحيحا للقيام لم تجزئه ولا إياهم الجمعة وإن خطب جالسا ولا يدرون أصحيح هو، أو مريض؟ فكان صحيحا أجزأتهم صلاتهم؛ لأن الظاهر عندهم أن لا يخطب جالسا إلا مريض وإنما عليهم الإعادة إذا خطب جالسا وهم يعلمونه صحيحا، فإن علمته طائفة صحيحا وجهلت طائفة صحته أجزأت الطائفة التي لم تعلم صحته الصلاة ولم تجز الطائفة التي علمت صحته وهذا هكذا في الصلاة.
[قال الشافعي]: وإنما قلنا هذا في الخطبة أنها ظهر إلا أن يفعل فيها فاعل على فعل رسول الله ﷺ من خطبتين يفصل بينهما بجلوس فيكون له أن يصليها ركعتين فإذا لم يفعل فعل رسول الله ﷺ فهي على أصل فرضها.