كتاب الأم/كتاب النكاح/ما يجوز أن يكون به الخلع وما لا يجوز
[قال الشافعي]: رحمه الله: جماع ما يجوز به الخلع ولا يجوز أن ينظر إلى كل ما وقع عليه الخلع فإن كان يصلح أن يكون مبيعا فالخلع به جائز وإن كان لا يصلح أن يكون مبيعا فهو مردود وكذلك إن صلح أن يكون مستأجرا فهو كالمبيع [قال]: وذلك مثل أن يخالع الرجل امرأته بخمر أو خنزير أو بجنين في بطن أمه أو عبد آبق أو طائر في السماء أو حوت في ماء أو بما في يده أو بما في يدها ولا يعرف الذي هو في يده أو بثمرة لم يبد صلاحها على أن يترك أو بعبد بغير عينه ولا صفة أو بمائة دينار إلى ميسرة أو إلى ما شاء أحدهما بغير أجل معلوم أو ما في معنى هذا أو يخالعها بحكمه أو بما شاء فلان أو بمالها كله وهو لا يعرفه أو بما في بيتها وهو لا يعرفه [قال]: وإذا وقع الخلع على هذا فالطلاق واقع لا يرد ويرجع عليها أبدا بمهر مثلها، وكذلك إن خالعها على عبد رجل أو دار رجل فسلم ذلك الرجل العبد أو الدار لم يجز لأن البيع كان لا يجوز فيهما حين عقد وهكذا إن خالعها على عبد فاستحق أو وجد حرا أو مكاتبا رجع عليها بصداق مثلها لا قيمة ما خالعها عليه ولا ما أخذت منه من المهر كما يشتري الشيء شراء فاسدا فيهلك في يدي المشتري فيرجع البائع بقيمة الشيء المشترى الفائت لا بقيمة ما اشتراه به والطلاق لا يرجع فهو كالمستهلك فيرجع بما فات منه وقيمة ما فات منه صداق مثلها كقيمة السلعة الفائتة.
[قال]: ولو اختلعت منه بعبد فاستحق نصفه أو أقل أو أكثر كان الزوج بالخيار بين أن يأخذ النصف ويرجع عليها بنصف مهر مثلها أو يرد العبد ويرجع عليها بمهر مثلها كحكمه لو اشتراه فاستحق نصفه [قال الربيع]: وقول الشافعي الذي نأخذ به إن استحق بعضه بطل كله ورجع بصداق مثلها.
[قال]: وكذلك لو خالعها على أنه بريء من سكناها كان الطلاق واقعا وكان ما اختلعت به غير جائز لأن إخراجها من المسكن محرم ولها السكنى ويرجع عليها بمهر مثلها ولو خالعها على أن عليها رضاع ابنها وقتا معلوما كان جائزا لأن الإجارة تصح على الرضاع بوقت معلوم فلو مات المولود وقد مضى نصف الوقت رجع عليها بنصف مهر مثلها ولو لم ترضع المولود حتى مات أو انقطع لبنها أو هربت منه حتى مضى الرضاع رجع عليها بمهر مثلها وإنما قلت إذا مات المولود رجع عليها بمهر مثلها ولم أقل يأتيها بمولود مثله ترضعه كما يتكارى منها المنزل فيسكنه غيره والدابة فتحمل عليها ورثته غيره إذا مات ويفعل ذلك هو وهو حي لأن إبداله مثلها ممن يسكن سكنه ويركب ركوبه سواء لا يفرق السكن ولا الدابة بينهما وأن المرأة تدر على المولود ولا تدر على غيره ويقبل المولود ثديها ولا يقبله غيره ويستمريه منها ولا يستمريه من غيرها ولا ترى أمه ولا تطيب نفسها له وليس هذا في دار ولا دابة يركبها راكب ولا يسكنها ساكن.
[قال]: ولو اختلعت منه بأن عليها ما يصلح المولود من نفقة وشيء إن نابه وقتا معلوما لم يجز لأن ما ينوبه مجهول لما يعرض له من مرض وغيره. وكذلك نفقته إلا أن تسمى مكيلة معلومة ودراهم معلومة تختلع منه بها ويأمرها بنفقتها عليه ويصدقها بها أو يدفعها إلى غيره أو يوكل غيرها بها فيقبضها في أوقات معلومة فإن وكل غيرها بأن يقبضها إذا احتاج لم يجز لأن حاجته قد تقدم وتؤخر وتكثر وتقل وإذا لم يجز رجع عليها بمهر مثلها وإن قبض منها مع الشرط الفاسد شيئا لا يجوز رده عليها أو مثله إن كان له مثل أو قيمته إن لم يكن له مثل.
[قال]: وهكذا لو خالعها على نفقة معلومة في وقت معلوم وأن تكفنه وتدفنه إن مات أو نفقته وجعل طبيب إن مرض لأن هذا يكون ولا يكون وتكون نفقة المرض مجهولة وجعل الطبيب فإذا أنفقت عليه رجعت عليه بالنفقة وانفسخ الشرط وكان عليها مهر مثلها.
[قال]: ولو خالعها بسكنى دار لها سنة معلومة أو خدمة عبد سنة معلومة جاز الخلع فإن انهدمت الدار أو مات العبد رجع عليها بمهر مثلها.
[قال]: ولو اختلعت منه بما في بيتها من متاع فإن تصادقا على أنهما كانا يعرفان جميع ما في بيتها ولا بيت لها غيره أو سميا البيت بعينه جاز وإن كانا أو أحدهما لا يعرفه أو كان لها بيت غيره فلم يسميا البيت وإن عرفا ما فيه فالخلع جائز وله مهر مثلها.
[قال]: وإن اختلعت منه بالحساب الذي كان بينهما فإن كانت تعرفه ويعرفه جاز وإن كانا يجهلانه وقع الخلع وله عليها مهر مثلها وإن عرفه أحدهما وادعى الآخر جهالته تحالفا وله مهر مثلها وإن عرفاه فادعى الزوج أنه كان في البيت شيء فأخرج منه أو المرأة أنه لم يكن في البيت شيء فأدخله تحالفا وله عليها مهر مثلها.