كتاب الأم/كتاب النكاح/ما يجوز خلعه وما لا يجوز
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: جماع معرفة ما يجوز خلعه ما النساء أن ينظر إلى كل من جاز أمره في ماله فنجيز خلعه ومن لم يجز أمره في ماله فنرد خلعه، فإن كانت المرأة صبية لم تبلغ أو بالغا ليست برشيدة أو محجورا عليها أو مغلوبة على عقلها فاختلعت من زوجها بشيء قل أو كثر فكل ما أخذ منها مردود عليها وما طلقها على ما أخذ منها واقع عليها وهذا يملك الرجعة فإذا بطل ما أخذ ملك الرجعة في الطلاق الذي وقع به إلا أن يكون طلقها ثلاثا أو تطليقة لم يكن بقي له عليها غيرها.
[قال]: وهكذا إن خالع عنها وليها بأمرها من مالها كان أو غيره فالمال مردود وليس للسلطان أن يخالع عنها من مالها فإن فعل فالطلاق واقع والخلع مردود عليها ولو خالع عنها وهي صبية بأن أبرأ زوجها من مهرها أو دين لها عليه أو أعطاه شيئا من مالها كان الطلاق الذي وقع بالمال واقعا عليها وكان مالها الذي دفعته إليه مردودا عليها وحقها ثابت عليه من الصداق وغيره ولا يبرأ الزوج من شيء مما أبرأه منه الأب والولي غير الأب.
[قال]: ولو كان أبو الصغيرة وولي المحجور عليها خالع عنها بأن أبرأه من صداقها وهو يعرفه على أنه ضامن لما أدركه فيه كان صداقها على الزوج يؤخذ به ويرجع به الزوج على الذي ضمنه أيا كان أو وليا أو أجنبيا ولا يرجع به الضامن على المرأة لأنه ضمن عنها متطوعا في غير نظر لها.
[قال الشافعي]: ولو كان دفع إلى الزوج عبدا من مالها على أن ضمن له ما أدركه في العبد فالعبد مردود عليها ويرجع الزوج على الضامن بقيمة العبد لأنه إنما ضمن له العبد لا غيره ولا يشبه الضامن البائع ولا المختلعة وقد قيل له صداق مثلها وإن أفلس الضامن فالزوج غريم له ولا يرجع على المرأة بحال.
[قال]: ولا يجوز خلع المحجور عليها بحال إلا بأن يتطوع عنها أحد يجوز أمره في ماله فيعطي الزوج شيئا على أن يفارقها فيجوز للزوج [قال]: والذمية المحجور عليها في هذا كالمسلمة المحجور عليها [قال]: والأمة هكذا وفي أكثر من هذا لأنها لا تملك شيئا بحال وسواء كانت رشيدة بالغا أو سفيهة محجورا عليها لا يجوز خلعها بحال إلا أن يخالع عنها سيدها أو من يجوز أمره في مال نفسه من مال نفسه متطوعا به فيجوز للزوج [قال]: وإن أذن لها سيدها بشيء تخلعه فالخلع جائز وكذلك المدبرة وأم الولد.
[قال]: ولا يجوز ما جعلت المكاتبة على الخلع ولو أذن لها الذي كاتبها لأنه ليس بمال له فيجوز إذنه فيه ولا لها فيجوز ما صنعت في مالها.
[قال]: ولا يجوز خلع زوج حتى يجوز طلاقه، وذلك أن يكون بالغا غير مغلوب على عقله، فإذا كان غير مغلوب على عقله فخلعه جائز محجورا عليه كان أو رشيدا أو ذميا أو مملوكا من قبل أن طلاقه جائز، فإذا جاز طلاقه بلا شيء يأخذه كان أخذه ما أخذ عليه فضلا أولى أن يجوز من طلاقه بلا شيء وهو في الخلع كالبالغ الرشيد فلو كان مهر امرأته ألفا وخالعته بدرهم جاز عليه ولولي المحجور أن يلي عليه ما أخذ بالخلع لأنه مال من ماله وما أخذ العبد بالخلع فهو لسيده [قال]: فإن استهلكا ما أخذا قبل إذن ولي المحجور وسيد العبد له رجع ولي المحجور وسيد العبد به على المختلعة من قبل أنه حق لزمها له كما لو كان عليها دين أو أرش جناية فدفعته إليه رجع به وليه وسيد العبد عليها.
[قال الشافعي]: وإن خلع أبو الصبي أو المعتوه أو وليه عنه امرأته أو أبا امرأته فالخلع باطل والنكاح ثابت، وما أخذا من المرأة أو وليها على الخلع فهو مردود كله وهي امرأته بحالها وكذلك إن كان مغلوبا على عقله أو غير بالغ فخالع عن نفسه فهي امرأته بحالها، وكذلك سيد العبد إن خالع عن عبده بغير إذنه لأن الخلع طلاق فلا يكون لأحد أن يطلق عن أحد أب ولا سيد ولا ولي ولا سلطان إنما يطلق المرء عن نفسه أو يطلق عليه السلطان بما لزمه من نفسه إذا امتنع هو أن يطلق وكان ممن له طلاق وليس الخلع من هذا المعنى بسبيل.