مجموع الفتاوى/المجلد الثامن عشر/فصل حديث من يستغن يغنه الله
فصل حديث من يستغن يغنه الله
عدلوقال شيخ الإسلام:
جمع النبي ﷺ بين العفة والغِنَي في عدة أحاديث، منها: قوله في حديث أبي سعيد المخرج في الصحيحين: «من يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله، ومن يستعفف يُعِفَّه الله». ومنها: قوله في حديث عياض بن حمار في صحيح مسلم: «أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مُقْسِط، ورجل غني عفيف متصدق». ومنها: قوله في حديث الخيل الذي في الصحيح: «ورجل ارتبطها تَغَنِّيَا وتعففًا. ولم يَنْسَ حق الله في رقابها وظهورها، فهي له سِتْر». ومنها: ما روي عنه: «من طلب المال استغناءً عن الناس واستعفافًا عن المسألة لقي الله ووجهه كالقمر ليلة البدر». ومنها: قوله في حديث عمر وغيره: «ما أتاك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مُشْرِفٍ فخذه» فالسائل بلسانه، وهو ضد المتعفف، والمُشْرِفُ بقلبه، وهو ضد الغني.
قال في حق الفقراء: { يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ } 1، أي عن السؤال للناس. وقال: «ليس الغِنَي عن كثرة العَرَضِ، وإنما الغني غني النفس» فغني النفس الذي لا يستشرف إلى المخلوق، فإن الحر عَبْدٌ ما طمع، والعبد حُرٌ ما قَنَعْ. وقد قيل:
أطعت مطامعي فاستعبدتني فَكرِهَ أن يتبع نفسه ما استشرفت له لئلا يبقي في القلب فقر وطمع إلى المخلوق، فإنه خلاف التوكل المأمور به، وخلاف غني النفس.
هامش
- ↑ [البقرة: 273]