محلى ابن حزم - المجلد الأول/الصفحة السادسة والستون


كتـاب الصلاة

الأعمال المستحبة في الصلاة وليست فرضا

447 - مسألة : ويستحب تطويل الركعة الأولى من كل صلاة أكثر من الركعة الثانية منها - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا موسى بن إسماعيل ثنا همام هو ابن يحيى - عن يحيى هو ابن أبي كثير - عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه { أن النبي كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين ، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب ، ويسمعنا الآية ، ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الركعة الثانية ، وهكذا في العصر ، وهكذا في الصبح } ؟ حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا محمد بن شعيب أنا عمران بن يزيد بن خالد الدمشقي ثنا إسماعيل بن عبد الله بن سماعة ثنا الأوزاعي ثنا يحيى بن أبي كثير ثنا عبد الله بن أبي قتادة حدثني أبي { أن رسول الله كان يقرأ بأم القرآن وسورتين في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر ، وصلاة العصر ، ويسمعنا الآية أحيانا وكان يطيل في الركعة الأولى } ؟ . قال علي : هذا عموم لكل صلاة ، لأنها قضية قائمة بنفسها - : وروينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم هو النخعي - قال الأولى من الصلوات كلها الطوال في القراءة . وعن عبد الرزاق عن إسرائيل عن عيسى بن أبي عزة عن الشعبي مثل قول إبراهيم . وعن عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال : إني لأحب أن يطول الإمام الأولى من كل صلاة حتى يكثر الناس ، فإذا صليت لنفسي فإني أحرص على أن أجعل الأولتين والآخرتين سواء

448 - مسألة : ويستحب أن يضع المصلي يده اليمنى على كوع يده اليسرى في الصلاة ، في وقوفه كله فيها - : حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا زهير بن حرب ثنا عفان هو ابن مسلم - ثنا همام ثنا محمد بن جحادة ثنا عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل أنه حدثه عن أبيه وائل بن حجر { أنه رأى النبي رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى } وذكر باقي الحديث ؟ حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عبد البصير ثنا قاسم بن أصبغ ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الرحمن بن مهدي أنا هشيم عن الحجاج بن أبي زينب قال : سمعت أبا عثمان النهدي يحدث عن ابن مسعود قال : { رآني النبي وقد وضعت شمالي على يميني في الصلاة فأخذ بيميني فوضعها على شمالي } . وروينا عن علي رضي الله عنه " أنه كان إذا طول قيامه في الصلاة يمسك بيده اليمنى ذراعه اليسرى في أصل الكف إلا أن يسوي ثوبا أو يحك جلدا ؟ وعن أبي هريرة قال : وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة . وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ثلاث من النبوة : تعجيل الإفطار ، وتأخير السحور ، ووضع اليد اليمنى على اليد اليسرى في الصلاة وعن أنس مثل هذا أيضا ، إلا أنه قال : من أخلاق النبوة ، وزاد : تحت السرة . ومن طريق مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال : " كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة " . قال علي : هذا راجع في أقل أحواله إلى فعل الصحابة رضي الله عنهم ، إن لم يكن مسندا . ومن طريق أبي حميد الساعدي أنه قال : { أنا أعلمكم بصلاة رسول الله " ثم وصف : أنه كبر فرفع يديه إلى وجهه ثم وضع يمينه على شماله . } وروينا فعل ذلك عن أبي مجلز ، وإبراهيم النخعي ، وسعيد بن جبير ، وعمرو بن ميمون ، ومحمد بن سيرين ، وأيوب السختياني ، وحماد بن سلمة : أنهم كانوا يفعلون ذلك ؟ وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد ، وداود ؟

449 - مسألة : ونستحب أن لا يكبر الإمام إلا حتى يستوي كل من وراءه في صف أو أكثر من صف ، فإن كبر قبل ذلك أساء وأجزأه . وقال أبو حنيفة : إذا قال المقيم " قد قامت الصلاة " فليكبر الإمام ؟ وروينا عن إبراهيم النخعي إجازة تكبير الإمام قبل أن يأخذ المؤذن في الإقامة ؟ قال علي : وكلا القولين خطأ - : حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا هارون بن معروف وحرملة بن يحيى قالا : ثنا ابن وهب أخبرني يونس هو ابن يزيد - عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف سمع أبا هريرة يقول : { أقيمت الصلاة فقمنا فعدلنا الصفوف قبل أن يخرج إلينا رسول الله ، فأتى رسول الله حتى إذا قام في مصلاه وقبل أن يكبر ذكر فانصرف ، وقال لنا : مكانكم ، فلم نزل قياما ننتظره حتى خرج إلينا وقد اغتسل ، ينطف رأسه ماء ، فكبر فصلى بنا ؟ } حدثنا حمام ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن ثابت البناني عن { أنس قال : كانت الصلاة تقام فيكلم الرجل النبي في الحاجة تكون له ، يقوم بينه وبين القبلة قائما يكلمه ، فربما رأيت بعض القوم ينعس من طول قيام النبي } . وأيضا - { فقول رسول الله للمأمومين وإذا كبر فكبروا } يعني الإمام - : مبطل لقول أبي حنيفة ، لأنه إذا كبر الإمام ولم يتم المقيم الإقامة لم يمكن المقيم أن يكبر إذا كبر الإمام ، فأبو حنيفة يأمر بخلاف أمر رسول الله بأن يكبر إذا كبر الإمام ؟ وروينا من طريق يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : كان عمر يبعث رجالا يسوون الصفوف فإذا جاءوه كبر وعن مالك عن أبي النضر عن مالك بن أبي عامر قال : كان عثمان بن عفان لا يكبر حتى يأتيه رجال قد وكلهم بتسوية الصفوف ، فيخبرونه أنها قد استوت فيكبر . وعن وكيع عن مسعر بن كدام عن عبد الله بن ميسرة عن معقل بن أبي قيس عن عمر بن الخطاب : أنه كان ينتظر بعد ما أقيمت الصلاة قليلا ؟ وروينا عن الحسن بن علي رضي الله عنهما نحو هذا ؟ . فهذا فعل الخليفتين بحضرة الصحابة رضي الله عنهم ، وإجماعهم معهم على ذلك ؟ وروينا عن الحجاج بن المنهال عن عبد الله بن داود الخريبي قال : أذن سفيان الثوري في المنار وأقام في المنار ، ثم نزل فأمنا . وقولنا هو قول مالك والشافعي ، وأحمد ، وداود ، ومحمد بن الحسن ، وأحد قولي أبي يوسف . قال علي : واحتج مقلد أبي حنيفة بأثر رويناه من طريق وكيع عن سفيان الثوري عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي { أن بلالا قال لرسول الله  : يا رسول الله ، لا تسبقني بآمين } . ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة : أنه كان مؤذنا للعلاء بن الحضرمي بالبحرين فقال له أبو هريرة : لتنتظرني بآمين أو لا أؤذن لك . قال علي : واحتجاجهم بهذين الأثرين من أقبح ما يكون من التمويه في الدين وإقدام على الفضيحة بالتدليس على من اغتر بهم ودليل على قلة الورع جملة ، لأنهم لا يرون للمأموم أن يقرأ خلف الإمام أصلا بل يرون للإمام أن يقول : { وجهت وجهي } إلى آخر الكلام المروي في ذلك قبل أن يقرأ " أم القرآن " وبالضرورة والمشاهدة يدرون أن المقيم إذا قال : " قد قامت الصلاة " فكبر الإمام فلم يبق على المقيم شيء إلا أن يقول : " الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله " . فمن المحال الممتنع الذي لا يشكل أن يكون الإمام يتم قراءة " أم القرآن " قبل أن يتم المقيم قول " الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله " ثم يكبر . فكيف يكون هذا دليلا على أن الإمام يكبر إذا قال المقيم " قد قامت الصلاة " . بل لو كبر الإمام مع ابتداء المقيم الإقامة لما أتم " أم القرآن " أصلا إلا بعد إتمام المقيم الإقامة ، وبعد أن يكبر للإحرام ، فكيف بثلاث كلمات ؟ فلقد كان ينبغي لهم أن يستحيوا من التمويه في دين الإسلام بمثل هذا الضعف ؟ فإن قيل : ما معنى قول بلال ، وأبي هريرة : لا تسبقني بآمين ؟ قلنا : معناه بين في غاية البيان ، لأن { النبي أخبر أن الإمام إذا قال " آمين " قالت الملائكة " آمين " فإن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه } ، فأراد بلال من رسول الله أن يتمهل في قول " آمين " فيجتمع معه في قولها ، رجاء لموافقة تأمين الملائكة ، وهذا الذي أراد أبو هريرة من العلاء - فبطل تعلقهم بهذين الأثرين ؟ وموهوا أيضا بما حدثناه أحمد بن محمد الطلمنكي قال : ثنا ابن مفرج ثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار ثنا محمد بن المثنى ثنا الحجاج بن فروخ عن العوام بن حوشب عن عبد الله بن أبي أوفى قال : { كان بلال إذا قال : قد قامت الصلاة نهض رسول الله بالتكبير } . قال البزار : لم يرو هذا أحد من غير هذا الطريق ورووا نحو هذا أيضا عن عمر بن الخطاب ؟ قال علي : وهذان أثران مكذوبان ؟ أما حديث ابن أبي أوفى فمن طريق الحجاج بن فروخ ، وهو متفق على ضعفه وترك الاحتجاج به وأما خبر عمر فمن طريق شريك القاضي ، وهو ضعيف - فبطل التعلق بهما ؟ وقد ذكرنا أن الثابت عن رسول الله وعن عمر خلاف هذا ؟ قال علي : وهم يقولون : لا نقبل خبر الواحد فيما تعظم البلوى به ؟ قال علي : وهذا مما تعظم به البلوى ، فلو كان كما يقولون ما خفي على سائر الفقهاء ، وقد قبلوا فيه خبرا واهيا ، وتركوا له الآثار الثابتة

450 - مسألة : ونستحب لكل مصل إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله ، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ بالله عز وجل من النار ؟ : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن بشار حدثني يحيى بن سعيد القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، ومحمد بن أبي عدي ، كلهم عن شعبة عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف عن صلة بن زفر { عن حذيفة : أنه صلى إلى جنب النبي ليلة ، فكان إذا مر بآية عذاب وقف فتعوذ ، وإذا مر بآية رحمة وقف فدعا ، وكان يقول في ركوعه : سبحان ربي العظيم ، وفي سجوده : سبحان ربي الأعلى } . ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي الضحى : أن عائشة أم المؤمنين مرت بهذه الآية { فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم } فقالت : رب من علي وقني عذاب السموم ؟ وبه إلى سفيان : عن السدي ومسعر قال السدي : عن عبد خير الهمداني قال : سمعت علي بن أبي طالب قرأ في صلاة " سبح اسم ربك الأعلى " فقال : سبحان ربي الأعلى ؟ وقال مسعر : عن عمير بن سعيد أن أبا موسى الأشعري قرأ في الجمعة { سبح اسم ربك الأعلى } فقال : سبحان ربي الأعلى ؟ وعن عبد الرزاق عن أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أنه كان إذا قرأ { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } قال : اللهم بلى وإذا قرأ { سبح اسم ربك الأعلى } قال : سبحان ربي الأعلى ؟ وعن شعبة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه . وعن علقمة : أنه قرأ { رب زدني علما } فقال : رب زدني علما ؟ وعن حجر المدري أنه كان يصلي ، فإذا قرأ { أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون } قال : بل أنت رب

451 - مسألة : ونستحب لكل مصل إذا قال : " سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد " أن يقول " ملء السموات والأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد " فإن زاد على ذلك " أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد ، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " فحسن ، وإن اقتصر على الأول : فحسن . برهان ذلك - : ما حدثناه حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عبيد بن الحسن عن عبد الله بن أبي أوفى قال { كان رسول الله إذا قال : سمع الله لمن حمده ، قال : اللهم ربنا لك الحمد ، ملء السماوات ، وملء الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد } . حدثنا حمام ثنا عباس ثنا ابن أيمن ثنا أحمد بن زهير بن حرب ثنا أبي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن عبيد بن الحسن المزني قال : سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول : { كان رسول الله إذا رفع رأسه من الركوع قال : سمع الله لمن حمده ، اللهم ربنا ولك الحمد ، ملء السماوات ، وملء الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد } . قال علي : وحدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا عبد الله بن أبي شيبة أبو بكر ثنا أبو معاوية ، ووكيع عن الأعمش عن عبيد بن الحسن عن عبد الله بن أبي أوفى قال : { كان رسول الله إذا رفع ظهره من الركوع قال : سمع الله لمن حمده ، اللهم ربنا لك الحمد ، ملء السماوات ، وملء الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد } . وبه إلى مسلم : ثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ثنا مروان بن محمد الدمشقي ثنا سعيد بن عبد العزيز عن عطية بن قيس عن قزعة عن أبي سعيد الخدري قال : { كان رسول الله إذا رفع رأسه من الركوع قال : ربنا لك الحمد ملء السماوات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد - وكلنا لك عبد - اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد } . وبه إلى مسلم ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا هشيم بن بشير أنا هشام بن حسان عن قيس بن سعد عن عطاء هو ابن أبي رباح - عن ابن عباس { أن النبي كان إذا رفع رأسه من الركوع قال : اللهم ربنا لك الحمد ، ملء السماوات ، وملء الأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد } . قال علي : فهذه آثار متظاهرة وأحاديث متواترة ، وروايات متناصرة ولا يسع أحدا الرغبة عنها ؟ وقد قال بهذا طائفة من السلف الصالح - : كما حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ثنا أحمد بن خالد ثنا علي بن عبد العزيز ثنا الحجاج بن المنهال ثنا حماد بن سلمة ثنا قيس بن سعد ، وحماد بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير : أن ابن عباس كان إذا رفع رأسه من الركوع قال : " اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد " . حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا عبيد الله بن معاذ العنبري ثنا شعبة عن الحكم أن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود كان يصلي بالناس ، فإذا رفع رأسه من الركوع قام قدر ما يقول : اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ؟ قال علي : وهذا أيضا قول الشافعي ، وأصحابه ، وبعض أصحابنا ، وبه نأخذ - وبالله تعالى التوفيق

452 - مسألة : فإن طول الإنسان ركوعه وسجوده ووقوفه في رفعه من الركوع وجلوسه بين السجدتين ، حتى يكون كل شيء من ذلك مساويا لوقوفه مدة قراءته قبل الركوع فحسن . حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو كامل فضيل بن الحسين الجحدري عن أبي عوانة عن هلال بن أبي حميد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال { رمقت الصلاة مع محمد فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه فسجدته فجلسته بين السجدتين فسجدته فجلسته وجلسته ما بين التسليم والانصراف قريبا من السواء } . وبه إلى مسلم : ثنا أبو بكر بن نافع العبدي ثنا بهز بن أسد ثنا حماد أنا ثابت { عن أنس قال : ما صليت خلف أحد أوجز صلاة من رسول الله في تمام ، كانت صلاة رسول الله متقاربة ، وكانت صلاة أبي بكر متقاربة ، فلما كان عمر بن الخطاب مد في صلاة الفجر ، وكان رسول الله إذا قال : سمع الله لمن حمده قام حتى نقول : قد أوهم ، ثم يسجد ويقعد بين السجدتين حتى نقول : قد أوهم } . وفعله السلف الطيب - : كما حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن ثابت البناني { عن أنس أنه قال : إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت رسول الله يصلي بنا ، قال ثابت : فكان أنس يصنع شيئا لم أركم تصنعونه ، كان إذا رفع رأسه من الركوع قام حتى يقول القائل : قد نسي ، وبين السجدتين حتى يقول القائل : قد نسي } . قال علي : هذا يوضح أنه لا حجة في عمل أحد دون رسول الله . وعن وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال : كان أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود يطيل القيام بعد الركوع فكانوا يعيبون ذلك عليه ؟ قال علي : المعيب هو من عاب عمل رسول الله وعول على ما لا حجة فيه - وبالله تعالى التوفيق .

453 - مسألة : وتحسين الركوع هو أن لا يرفع رأسه إذا ركع ولا يميله ، لكن معتدلا مع ظهره ، وأما في السجود فيقنطر ظهره جدا ما أمكنه ، ويفرج ذراعيه ما أمكنه ، الرجل والمرأة في كل ذلك سواء - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا يحيى بن بكير ثنا بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن ابن هرمز عن عبد الله بن مالك بن بحينة { أن النبي كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه } . حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا يحيى عن سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن عبد الله بن الأصم عن عمه يزيد بن الأصم : أنه أخبره عن ميمونة زوج النبي قالت : { كان النبي إذا سجد لو شاءت بهمة أن تمر بين يديه لمرت } . وبه إلى مسلم : ثنا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه - أنا عيسى بن يونس ثنا حسين المعلم عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة { أن رسول الله " كان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه } . وروينا عن حماد بن سلمة عن أبي جمرة قلت لعائذ بن عمرو المزني إذا ركعت أنصب في ركوعي ؟ قال : لا ، ولكن اعتدل حتى تستوي أطباق صلبك ، قلت : إذا سجدت أسجد على مرفقي ؟ قال : لا ، ولكن جافيهما . وعن وكيع عن طلحة القصاب عن الحسن البصري قال : كان عمر بن الخطاب يعلم أصحابه إذا ركعوا أن لا يقنعوا ولا يصوبوا . وعن وكيع عن أبيه عن شهاب البارقي أن علي بن أبي طالب كان إذا سجد خوى كما يخوي البعير الضامر . وعن وكيع عن زكرياء بن أبي زائدة عن أبي إسحاق السبيعي قال : رأيت مسروقا ساجدا كأنه أحدب ؟ وعن الحسن : يركع الرجل غير شاخص ولا منكس ؟ وعن إبراهيم النخعي : أنه كان يكره أن يقنع أو يصوب في الركوع وهو قول الشافعي ، وأبي سليمان ، وأصحاب الحديث . وأما المرأة - فلو كان لها حكم بخلاف ذلك لما أغفل رسول الله بيان ذلك ، والذي يبدو منها في هذا العمل هو بعينه الذي يبدو منها في خلافه ، ولا فرق - وبالله تعالى نعتصم ؟

محلى ابن حزم - المجلد الأول/كتاب الصلاة

كتاب الصلاة (مسألة 275 - 280) | كتاب الصلاة (مسألة 281 - 284) | كتاب الصلاة (مسألة 285) | كتاب الصلاة (مسألة 286) | كتاب الصلاة (تتمة مسألة 286) | كتاب الصلاة (مسألة 287 - 295) | كتاب الصلاة (مسألة 296 - 300) | كتاب الصلاة (مسألة 301) | كتاب الصلاة (تتمة مسألة 301) | كتاب الصلاة (مسألة 302 - 313) | كتاب الصلاة (مسألة 314 - 321) | كتاب الصلاة (مسألة 322 - 334) | كتاب الصلاة (مسألة 335) | كتاب الصلاة (مسألة 336) | كتاب الصلاة (مسألة 337 - 347) | كتاب الصلاة (مسألة 344 - 348) | كتاب الصلاة (مسألة 349) | كتاب الصلاة (مسألة 350 - 353) | كتاب الصلاة (مسألة 354 - 360) | كتاب الصلاة (مسألة 361 - 368) | كتاب الصلاة (مسألة 369 - 371) | كتاب الصلاة (مسألة 372 - 376) | كتاب الصلاة (مسألة 377 - 384) | كتاب الصلاة (مسألة 385 - 391) | كتاب الصلاة (مسألة 392 - 394) | كتاب الصلاة (مسألة 395 - 412) | كتاب الصلاة (مسألة 413 - 420) | كتاب الصلاة (مسألة 421 - 434) | كتاب الصلاة (مسألة 435 - 442) | كتاب الصلاة (مسألة 443 - 446) | كتـاب الصلاة (مسألة 447 - 453) | كتـاب الصلاة (مسألة 454 - 458) | كتـاب الصلاة (مسألة 459 - 461) | كتـاب الصلاة (مسألة 462 - 466) | كتـاب الصلاة (مسألة 467 - 472) | كتـاب الصلاة (مسألة 473 - 484) | كتـاب الصلاة (مسألة 485) | كتـاب الصلاة (مسألة 486 - 488) | كتـاب الصلاة (مسألة 489 - 493) | كتـاب الصلاة (مسألة 494 - 496) | كتـاب الصلاة (مسألة 497 - 504) | كتـاب الصلاة (مسألة 505) | كتـاب الصلاة (مسألة 506 - 510) | كتـاب الصلاة (مسألة 511 - 512) | كتـاب الصلاة (مسألة 513) | كتـاب الصلاة (مسألة 514 - 518) | كتـاب الصلاة (مسألة 519 - 520) | كتاب الصلاة (مسألة 521 - 523) | كتاب الصلاة (مسألة 524 - 529) | كتاب الصلاة (مسألة 530 - 540) | كتاب الصلاة (مسألة 543 - 553) | كتاب الصلاة (مسألة 554 - 555) | كتاب الصلاة (مسألة 556 - 557)