الروح/المسألة السادسة عشرة/فصل جواز القضاء عن الميت
وأما كلام الشافعي رحمه اللّه في تغليط راوي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما أن نذر أم سعد كان صوما، فقد أجاب عنه أنصر الناس له هو البيهقي، ونحن نذكر كلامه بلفظه، قال في (كتاب المعرفة) بعد أن حكى كلامه:
قد ثبت جواز القضاء عن الميت برواية سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعكرمة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، وفي رواية أكثرهم أن امرأة سألت فأشبه أن تكون غير قصة أم سعد، وفي رواية بعضهم: «صومي عن أمك»، قال: وتشهد له بالصحة رواية عبد اللّه بن عطاء المدني قال: حدثني عبد اللّه بن بريدة الأسلمي عن أبيه قال: كنت عند النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فأتته امرأة فقال: يا رسول اللّه إني كنت تصدقت بوليدة على أمي فماتت وبقيت الوليدة قال: «قد وجب أجرك ورجعت إليك في الميراث»، قالت: فإنها ماتت وعليها صوم شهر؟ قال:
«صومي عن أمك»، قالت: وإنها ماتت ولم تحج؟ قال: «فحجي عن أمك». رواه مسلم في صحيحه من أوجه عن عبد اللّه بن عطاء. انتهى.
قلت: وقد روى أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال: يا رسول اللّه إن أمي ماتت وعليها صيام شهر أ فأقضيه عنها؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم: «لو كان عليها دين كنت أ قاضيه عنها؟» قال: نعم. قال: «فدين اللّه أحق أن يقضى».
و رواه أبو خيثمة حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة عن الأعمش. فذكره. و رواه النسائي عن قتيبة بن سعد حدثنا عبثر عن الأعمش. فذكره.
فهذا غير حديث أم سعد إسنادا ومتنا: فإن قصة أم سعد رواها مالك عن الزهري عن عبيد اللّه بن عبد بن عتبة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن سعد بن عبادة استفتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: إن أمي ماتت وعليها نذر؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم اقضه عنها. هكذا أخرجاه في الصحيحين.
فهب أن هذا هو المحفوظ في هذا الحديث أنه نذر مطلق لم يسم فهل يكون هذا في حديث الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير على أن ترك استفصال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لسعد في النذر هل كان صلاة أو صدقة أو صياما مع أن الناذر قد ينذر هذا.
و هذا يدل على أنه لا فرق بين قضاء نذر الصيام والصلاة وإلا لقال له ما هو النذر فإن النذر إذا انقسم إلى قسمين نذر يقبل القضاء عن الميت ونذر لا يقبله، لم يكن من استفصال.
هامش