كتاب الأم/كتاب الحدود/صفة النفي
[أخبرنا الربيع] قال: [قال الشافعي]: النفي ثلاثة وجوه: منها نفي نصا بكتاب الله عز وجل وهو قول الله عز وجل في المحاربين: {أو ينفوا من الأرض} وذلك النفي أن يطلبوا فيمتنعوا فمتى قدر عليهم أقيم عليهم حد الله تبارك وتعالى إلا أن يتوبوا قبل أن يقدر عليهم فيسقط عنهم حق الله وتثبت عليهم حقوق الآدميين والنفي في السنة وجهان: أحدهما ثابت عن رسول الله ﷺ وهو نفي البكر الزاني يجلد مائة وينفى سنة وقد روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: (لاقضين بينكما بكتاب الله عز وجل) ثم قضى بالنفي والجلد على البكر والنفي الثاني أنه يروى عن النبي ﷺ مرسلا أنه نفى مخنثين كانا بالمدينة يقال لأحدهما هيت وللآخر ماتع ويحفظ في أحدهما أنه نفاه إلى الحمى وأنه كان في ذلك المنزل حياة النبي ﷺ وحياة أبي بكر وحياة عمر وأنه شكا الضيق فأذن له بعض الأئمة أن يدخل المدينة في الجمعة يوما يتسوق ثم ينصرف وقد رأيت أصحابنا يعرفون هذا ويقولون به حتى لا أحفظ عن أحد منهم أنه خالف فيه وإن كان لا يثبت كثبوت نفي الزنا.
[قال الشافعي]: في الرجل إذا طلق امرأته وله منها ولد فالمرأة أحق بالولد حتى يبلغ سبع سنين أو ثمان سنين فإذا بلغ خير أيهما شاء وعلى الأب نفقته ما أقام عند أمه فإن نكحت المرأة فالجدة مكان الأم وإن كان للجدة زوج فهي بمنزلة الأم إذا تزوجت لا يقضى لها بالولد قال الربيع إن كان زوج الجدة جد الغلام كان أحق بالغلام وإن كان غير جده لم يكن أحق به.
[قال]: وحديث مالك أن عمر أو عثمان قضى أحدهما في أمة غرت من نفسها.
[قال الشافعي]: وإذا غرت المرأة رجلا بنفسها ثم استحقت كانت لمالكها وكان على الزوج المهر بالإصابة ملكا للمالك وكان أولاده أحرارا وعليه قيمتهم يوم ولدوا لا يوم يؤخذون؛ لأنهم لم يقع عليهم الرق.
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة: (أن سعد بن عبادة قال يا رسول الله أرأيت إن وجدت رجلا مع امرأتي أمهله حتى آتي عليه بأربعة شهداء؟ قال رسول الله ﷺ نعم).
[قال الشافعي]: فمن قتل ممن لم تقم بينة بما يوجب قتله فعليه القود ولو صدق الناس بهذا أدخل الرجل الرجل منزله فقتله ثم قال وجدته يزني بامرأتي [قال]: وروي عن النبي ﷺ أنه قال: (لا يحل دم مسلم إلا من إحدى ثلاث كفر بعد إيمان) وروي عن النبي ﷺ أنه قال: (من بدل دينه فاقتلوه) ولا يعدو الكافر بعد إيمان المبدل دينه بالكفر أن تكون كلمة الكفر والتبديل توجب عليه القتل وإن تاب كما يوجب عليه القتل من الزنا وإن تاب أو يكون معناهما من بدل دينه أو كفر بعد إيمان فأقام على الكفر والتبديل ولا فرق بين من بدل دينه فأظهر دينا معروفا أو دينا غير معروف فإن قال قائل: هو إذا رجع عن النصرانية فإن تاب قبلت توبته ترك الصليب والكنيسة فقد يقدر على المقام على النصرانية مستخفيا ولا يعلم صحة رجوعه إلى الله عز وجل فسواء رجع إلى دين يظهره أو دين لا يظهره وقد كان المنافقون مقيمين على إظهار الإيمان والاستسرار بالكفر فأخبر الله عز وجل رسوله ﷺ ذلك عنهم فتولى حسابهم على سرائرهم ولم يجعل الله عز وجل إلى العباد أن يحكموا إلا على الظاهر وأقرهم النبي ﷺ على المناكحة والموارثة وأسهم لهم سهمان المسلمين إذا حضروا الحرب.