إعراب القرآن للسيوطي/الثامن والستون


(الثامن والستون) باب ما جاء في التنزيل من حذف إحدى التاءين في أول المضارع

فمن ذلك قوله تعالى: " تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان ".

وقال في سورة الأحزاب: " تظاهرون منهن أمهاتكم ".

وقال: " وإن تظاهرا عليه ".

والأصل: تتظاهرون و: تتظاهرا فلما اجتمعت تاآن حذفت إحداهما.

وكذلك قوله تعالى: " لعلكم تذكرون " فيمن خفف.

وقال: " قليلاً ما تذكرون " في جميع التنزيل.

وأصله: تتذكرون فحذفت إحدى التاءين والمحذوفة الثانية لأن التكرار بها وقع وليس الأول بمحذوف لأن الأول علامة المضارع والعلامات لا تحذف.

ومن ذلك قراءة العامة دون قراءة ابن كثير: " ولا تيمموا الخبيث " " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم " " ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " " فتفرق بكم عن سبيله " " فإذا هى تلقف ما يأفكون " " ولا تولوا " في الأعراف وطه والشعراء " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " في الأنفال " قل هل تربصون " في التوبة " لا تكلم " " فإن تولوا فقد " في هود " ما ننزل " في الحجر " إذ تلقونه " " فإن تولوا " في النور " على من تنزل.

تنزل " في الشعراء " ولا تبرجن " " أن تبدل بهن " في الأحزاب " لا تناصرون " في الصافات " ولا تجسسوا " " لتعارفوا " " ولا تنابزوا " في الحجرات " " أن تولوهم " في الممتحنة " تكاد تميز " " لما تخيرون " في القلم " عنه تلهى " في عبس " ناراً تلظى " في الليل " " تنزل الملائكة " في القدر بتشديد الراء.

حذفت العامة إحدى التاءين من هذه الحروف وأدغم الأولى في الثانية ابن أبي بزة إجراءً للمنفصل مجرى المتصل نحو: " اطيرنا " " واداركوا ".

وترى في كتب النحو يقولون: " فلا تتناجوا بالإثم والعدوان " وذلك ليس بمروى في القراءة إنما قاسوه على هذه الحروف.

وزاد بعضهم على ابن كثير: " فبأى آلاء ربك تتمارى " أي: تتمارى.

وروى عن عاصم: " بما كنتم تعلمون الكتاب " أي: تتعلمون فحذف إحدى التاءين.

ومن الحذف الذي جاء في التنزيل قوله: " قال أتحاجوني في الله " وقوله: " فبم تبشرونى " وقوله: " أفغير الله تأمرونى ".

منهم من يدغم النون الأولى في الثانية ومنهم من يحذف فمن حذف حذف النون الثانية التي يتصل بها ياء الضمير ويبقى علامة الرفع ويكسرها لمجاورة الياء.

والدليل على أن النون الثانية هي المحذوفة حذفها في: ليتى و لعلى و: قدى.

ولم يجئ عن أحد: " تبشروننى " ولا " تحاجوننى في الله " إلا الإدغام أو الحذف والحذف ضرب من الإدغام والفرق بين " تأمروننى " وبين الكلمتين الأخريين: أن الأخريين لما شدد فيه الجيم و الشين جاء التشديد فيما بعده للمجاورة والحذف مثل الإدغام وليس في " تأمرننى " إدغام حرف قبله فلم يدغم.

فأما قوله: " قال أتحاجوننى في الله " فإن أحدا لم يدغم كما أدغم " أتحاجونى " و " تبشرون " ولم يحذف أيضا لأنه جاء على الأصل وليس كل ما جاز في موضع جاز في موضع.

وروى عن ابن محيصن: " قل أتحاجونا في الله " بنون واحدة مشددة قياسا على ما ذكرناه.

قال ابن مجاهد: كان أبو عمرو لا يدغم الحرف إذا لقى مثله في كلمة واحدة وهما متحركان مثل: " أتحاجوننا " و " أتمدونن بمال ".

ومثل قوله: " من بعد إكراههن " و " وفي وجوههن " إلا أن يكون مدغما في الكتاب مثل قوله: " تأمروني أعبد " و " ما مكنى " و " أتحاجونى في الله " إلا قوله: " ما سلككم " و " مناسككم " فإنه أدغمها.

ومثل هذه الآية قوله: " أتمدوننى بمال " لا يدغمها أبو عمرو وغيره جرياً على الأصل ولأن النون الثانية غير لازمة ألا تراك تقول: تمدون زيدا.

وأدغمها حمزة كما أدغم غيره " أتحاجونى " ومن حذف التاء قوله تعالى: " وأن تصدقوا خيرٌ لكم " تقديره: تتصدقوا فأدغمه الجماعة وحذفها عاصم كما حذف هو وغيره.

" ولا تيمموا الخبيث ".

ومنه قوله: " تسوى بهم الأرض " أي: تتسوى فحذف.

ومنهم من أدغم فقرأ " تسوى " كما أدغم " تصدقوا ".

وقد اختلفوا في حذف هذه التاء أيتها هي فمن قائل المحذوفة الأولى ومن قائل المحذوفة الثانية وهذا هو الأولى لأنهم أدغموها في نحو " تذكرون " و " تزكى ولأنه لو حذف حرف المضارعة لوجب إدخال ألف الوصل في ضروب من المضارع نحو: يذكرون.

ودخول ألف الوصل لا مساغ له هنا كما لا يدخل على أسماء الفاعلين والمفعولين لأن حذف الجار أقوى من حذف حرف المضارعة للدلالة عليه بالجر الظاهر في اللفظ يعني في: لاه أبوك.

فلهذا خفف الثاني في هذا النحو دون حرف المضارعة لأن الحذف غير سائغ في الأول مما لم يتكرر لأنك قد رأيت مساغ الحذف من الأول من هذه المكررة.

إعراب القرآن للسيوطي
1 ما ورد في التنزيل من إضمار الجمل | 2 ما جاء من حذف المضاف في التنزيل | 3 ما جاء في التنزيل معطوفاً بالواو والفاء | 4 فمن ذلك قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} | 5 وفي بعض ذلك اختلاف | 6 ما جاء في التنزيل من الأسماء التي سميت بها الأفعال | 7 ما جاء في التنزيل من أسماء الفاعلين مضافة إلى ما بعدها بمعنى الحال أو الاستقبال | 8 ما جاء في التنزيل من إجراء غير في الظاهر على المعرفة | 9 ما جاء في التنزيل من كاف الخطاب المتصلة ولا موضع لها من الإعراب | 10 ما جاء في التنزيل من المبتدأ ويكون الاسم على إضمار المبتدأ وقد أخبر عنه بخبرين | 11 ما جاء في التنزيل من الاشمام والروم | 12 ما جاء في التنزيل ويكون الجار والمجرور في موضع الحال محتملاً ضميراً من صاحب الحال | 13 ما جاء في التنزيل دالاً على جواز تقدم خبر المبتدأ | 14 ما جاء في التنزيل وقد حُذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه | 15 ما جاء في التنزيل من حذف الجار والمجرور | 16 وحذف الهمزة في الكلام حسن جائز إذا كان هناك ما يدل عليه | 17 ما جاء في التنزيل من اجتماع الهمزتين | 18 ما جاء في التنزيل من لفظ مَنْ ومَا والَّذي وكُلُّ وأحَدٍ وغير ذلك | 19 ما جاء في التنزيل من ازدواج الكلام والمطابقة والمشاكلة وغير ذلك | 20 ما جاء في التنزيل من حذف المفعول والمفعولين وتقديم المفعول الثاني على المفعول الأول وأحوال الأفعال المتعدية إلى مفعوليها و غير ذلك مما يتعلق به | 21 ما جاء في التنزيل من الظروف التي يرتفع ما بعدهن بهن على الخلاف وما يرتفع ما بعدهن بهن على الاتفاق | 22 ما جاء في التنزيل من هو وأنت فصلاً | 23 ما جاء في التنزيل من المضمرين إلى أي شيء يعود مما قبلهم | 24 ما جاء في التنزيل وقد أبدل الاسم من المضمر الذي قبله والمظهر على سبيل إعادة العامل أو تبدل إن وأن مما قبله | 25 ما جاء في التنزيل من همزة ساكنة يترك همزها أبو عمرو وما لا يترك همزها | 26 ما جاء في التنزيل من العطف على الضمير المرفوع | 27 ما جاء في التنزيل لحقت إن التي للشرط ما ولحقت النون فعل الشرط | 28 ما جاء في التنزيل عقيب اسمين كني عن أحدهما اكتفاء بذكره عن صاحبه | 29 ما جاء في التنزيل صار الفصل فيه عوضاً عن نقصان لحق الكلمة | 30 ما جاء في التنزيل وقد حمل فيه اللفظ على المعنى وحكم عليه بما يحكم على معناه لا على اللفظ | 31 ما جاء في التنزيل من حذف أن وحذف المصادر والفصل بين الصلة والموصول | 32 ما جاء في التنزيل من حذف حرف النداء والمنادى | 33 ما جاء في التنزيل قد حذف منه المضاف إليه | 34 ما جاء في التنزيل من حروف الشرط دخلت عليه اللام الموطئة للقسم | 35 ما جاء في التنزيل من التجريد | 36 ما جاء في التنزيل من الحروف الزائدة في تقدير وهي غير زائدة في تقدير آخر | 37 ما جاء في التنزيل من التقديم والتأخير وغير ذلك | 38 ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل | 39 ما جاء في التنزيل نصباً على المدح ورفعاً عليه | 40 المحذوف خبره | 41 ما جاء في التنزيل من إن المكسورة المخففة من إن | 42 ما جاء في التنزيل من المفرد ويراد به الجمع | 43 ما جاء في التنزيل من المصادر المنصوبة بفعل مضمر دل عليه ما قبله | 44 ما جاء في التنزيل من دخول لام إن على اسمها وخبرها أو ما اتصل بخبرها وهي لام الابتداء دون القسم | 45 باب ما جاء في التنزيل وفيه خلاف بين سيبويه وأبي العباس وذلك في باب الشرط والجزاء | 46 باب ما جاء في التنزيل من إدخال همزة الاستفهام على الشرط والجزاء | 47 باب ما جاء في التنزيل من إضمار الحال والصفة جميعا | 48 باب ما جاء في التنزيل من الجمع يراد به التثنية | 49 باب ما جاء في التنزيل منصوبا على المضاف إليه | 50 | 51 باب ما جاء في التنزيل من المضاعف وقد أبدلت من لامه حرف لين | 52 باب ما جاء في التنزيل من حذف واو العطف | 53 باب ما جاء في التنزيل من الحروف التي أقيم بعضها مقام بعض | 54 باب ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل المضاف إلى المكنى | 55 باب ما جاء في التنزيل في جواب الأمر | 56 باب ما جاء في التنزيل من المضاف الذي اكتسى | 57 من شيء محذوف | 58 باب ما جاء في التنزيل معطوفا وليس المعطوف مغايرا للمعطوف عليه وإنما هو هو أو بعضه | 59 باب ما جاء في التنزيل من التاء في أول المضارع فيمكن حمله على الخطاب أو على الغائبة | 60 باب ما جاء في التنزيل من واو الحال تدخل على الجملة من الفعل والفاعل | 61 باب ما جاء في التنزيل من حدف هو من الصلة | 62 باب ما جاء في التنزيل من إجراء غير اللازم مجرى اللازم وإجراء اللازم مجرى غير اللازم | 63 باب ما جاء في التنزيل من الحروف المحذوفة تشبيها بالحركات | 64 باب ما جاء في التنزيل أجرى فيه الوصل مجرى الوقف | 65 باب ما جاء في التنزيل من بناء النسب | 66 باب ما جاء في التنزيل أضمر فيه المصدر لدلالة الفعل عليه | 67 باب ما جاء في التنزيل ما يكون على وزن مفعل بفتح العين ويراد به المصدر ويوهمك أنه مكان | 68 باب ما جاء في التنزيل من حذف إحدى التاءين في أول المضارع | 69 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الاسم على الموضع دون اللفظ | 70 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه ما بعد إلا على ما قبله | 71 باب ما جاء في التنزيل وقد حذف منه ياء النسب | 72 باب ما جاء في التنزيل وقد أبدل المستثنى من المستثنى منه | 73 باب ما جاء في التنزيل وأنت تظنه فعلت الضرب في معنى ضربته | 74 باب ما جاء في التنزيل مما يتخرج | 75 باب ما جاء في التنزيل من القلب والإبدال | 76 باب ما جاء في التنزيل من إذا الزمانية | 77 باب ما جاء في التنزيل من أحوال النون عند الحروف | 78 باب ما جاء في التنزيل وقد وصف المضاف بالمبهم | 79 باب ما جاء في التنزيل وذكر الفعل وكنى عن مصدره | 80 باب ما جاء في التنزيل عبر عن غير العقلاء بلفظ العقلاء | 81 باب ما جاء في التنزيل وظاهره يخالف ما في كتاب سيبويه وربما يشكل على البزل الحذاق فيغفلون عنه | 82 باب ما جاء في التنزيل من اختلافهم في لفظة ما من أي قسمة هي | 83 باب ما جاء في التنزيل من تفنن الخطاب والانتقال من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى المتكلم | 84 نوع آخر إضمار قبل الذكر | 85 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الفعل على موضع الفاء في جواب الشرط فجزم | 86 واستعمل ما هو فرع | 87 باب ما جاء في التنزيل من القراءة التي رواها سيبويه | 88 مسألة قوله تعالى: " وإن يأتوكم أسارى تفادوهم " | 89 باب ما جاء في التنزيل من ألفاظ استعملت استعمال القسم وأجيبت بجواب