إعراب القرآن للسيوطي/الحادي والخمسون
الحادي والخمسون باب ما جاء في التنزيل من المضاعف وقد أبدلت من لامه حرف لين
فمن ذلك ما قاله القاسم في قوله تعالى: " لم يتسنه " إنه من قوله: " من حمأ مسنونٍ " أي: يتغير ثم أبدلت من النون الأخيرة ياء فصار " يتسنى " فإذا جزمت قلت: لم يتسن كما تقول: لم يتغن ثم تلحق الهاء لبيان الوقف.
وقيل: هو من السنة تسنى أي: مرت عليه السنون فتغير.
ومن أثبت الهاء في الوصل فلأنهم قالوا: سنة وسنهات فيكون الهاء لام الفعل.
ومن ذلك قوله تعالى: " فهي تملى عليه بكرةً وأصيلا " أي: تمل لقوله: " فليملل وليه ".
يقال: أمللت وأمليت.
ومن ذلك قوله: " ثم ذهب إلى أهله يتمطى " والأصل: يتمطط.
قالوا: لأنه من المطيطاء.
ومنه قوله: " وقد خاب من دساها " أي: دسها بالفجور والمعاصي فأبدلت من اللام ياء فصار: " دساها ".
ومنه قوله تعالى: " فدلهما بغرور " أي: دللهما لقوله: " هل أدلك ".
ويكون فعل دلى يدلى الذي مطاوعه تدلى: كقوله: هما دلتاني من ثمانين قامة أي: أوقعهما في المعصية بغروره وإلقائهما فيها وطرحهما.
قال سيبويه: وكل هذا التضعيف فيه عربي كثير جيد جدا يعني: ترك القلب إلى الياء عربي جيد إذا قلت: تظنيت وتسريت.
وقد جعل سيبويه الياء في تسريت بدلا من الراء وأصله: تسررت وهو من السرور فيما قاله الأخفش لأن السرية يسر بها صاحبها.
وقال ابن السراج: هو عندي من السر لأن الإنسان يسر بها ويسترها عن حزبه كثيرا.
والأولى عندي أن يكون من السر الذي هو النكاح.
وقيل: ليس الأصل فيه تسررت وإنما هو تسريت بمعنى: سراها أي: أعلاها وسراة كل شيء: أعلاه.
وأما كلا وكل فليس أحد اللفظين من الآخر لأن موضعهما مختلف تقول: كلا أخويك قائم ولا تقول: كل أخويك قائم.
ولا يجوز أن تجعل الألف في كلا بدلا من اللام في كل ولم يقم الدليل على ذلك وكذلك قال سيبويه.
ومثله: ذرية أصله: ذروة فعلولة من الذر فأبدلت من الراء ياء وقلبت الواو ياء وأدغمت فيه فصارت ذرية.
وفي ذلك ما روى عن ابن كثير في قوله: " فذانك برهانان من ربك ".
قال أبو علي: وجه ما روى من " فذانيك: أنه أبدل من النون الثانية الياء كراهية التضعيف.
ومن ذلك قراءة من قرأ: " وقرن في بيوتكن " هو من قر في المكان يقر أصله: اقررن فأبدل من الراء الأخيرة ياء ثم حذفها وحذف همزة الوصل فصار: قرن وهو مشكل.
ومثله: " فما لكم عليهن من عدة تعتدونها " فيمن قرأها بالتخفيف أصله " تعتدونها " فأبدل من الدال حرف اللين.