إعراب القرآن للسيوطي/السادس والعشرون


السادس والعشرون ما جاء في التنزيل من العطف على الضمير المرفوع

وقد أكد بعض ذلك وبعضه لم يؤكد فمن ذلك قوله: اسكن أنت وزوجك الجنة عطف وزوجك على الضمير في اسكن بعد ما أكد بقوله أنت.

وقال: فاذهب أنت وربك فأكد.

وقال: سميتموها أنتم وآباؤكم.

ومما أكد من ذلك من غير تأكيد بأنت ولكن بشيء آخر: قوله: فأجمعوا أمركم وشركاؤكم فيمن رفع أكد بالمفعول دون أنتم و المفعول يقوم مقام أنتم ثم عطف على قوله: وشركاؤكم.

ومن ذلك: فاستقم كما أمرت ومن تاب معك معطوفاً على الضمير في استقم وقام قوله كما أمرت مقام التأكيد ويجوز أن يكون من في موضع النصب مفعولاً معه.

ومن ذلك قوله: جنات عدن يدخلونها ومن صلح يجوز في من الرفع والنصب على ما تقدم.

وقد قلنا في حذف المضاف: مذهب أبي علي في من أن التقدير: ودخول من صلح من آبائهم وأزواجهم.

فأما قوله تعالى: ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى.

فقد قال أبو علي في التذكرة: قوله: هو مرتفع بالابتداء وليس بمحمول على الضمير الذي في استوى.

فإن قلت: فإن استوى يقتضي فاعلين ألا ترى أنك تقول: استوى زيد وعمرو فإن هذا المفعول يكون على ضربين: الأول: ما ذكرنا.

والثاني: أن تقتصر به على فاعل واحد كقوله: على العرش استوى وإذا احتمل ذا لم يكن لمن زعم أن الضمير المرفوع يعطف عليه من غير أن يؤكد دلالة في هذه الآية لاحتمالها غير ما ذكر وهو ما حملناه عليه.

وهذا القائل هو الفراء لأنه قال: المعنى: استوى النبي وجبريل عليهما السلام بالأفق الأعلى ليلة المعراج حين أسري به صلى الله عليه وآله.

ومنه قوله تعالى: إذا كنا تراباً وآباؤنا عطف آباؤنا على الضمير في كنا لمكان قوله: تراباً.

وأما قوله: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين فيمن رفع العين.

وجوز فيه أبو علي: أن يكون العين مرفوعاً على الابتداء والجار خبر وجوز أن يكون محمولاً على موضع أن وجوز أن يكون رفعاً عطفاً على الضمير الذي في الظرف وإن لم يؤكد.

كما جاء ما أشركنا ولا آباؤنا فعطف آباؤنا على الضمير الذي في أشركنا كما قال: ولم يؤكده فكذا هاهنا.

فإن قلت: إن لا يقوم مقام التأكيد فقد قال في الجواب: إنما يقوم لا مقام التأكيد إن كانت قبل الواو فأما إذا جاءت بعد الواو لم تقم مقام التأكيد ألا ترى أن التأكيد في الآي التي تلونا قبل الواو نحو: اسكن أنت وزوجك وقوله: فاستقم كما أمرت.

وهذا من أبي علي استدراك على البصريين قاطبة لا سيما وسيبويه قال في الآية الأولى: إن قوله: ولا آباؤنا بمنزلة: قمت أنت وزيد فلا يرى العطف على المضمر إلا بعد التأكيد والتأكيد بأنت وأنا أو ما يقوم مقامهما من المفعول وغيره.

ولم يروا التأكيد بقولهم نفس فلم يجيزوا: قمت نفسك وزيد كما أجازوا: قمت أنت وزيد وقمتم أجمعون وزيد.

قالوا: لأن النفس اسم متصرف تدخلها العوامل بخلاف: أنت وأجمعين.

وقد يقع في التأكيد بها ليس في بعض كلامهم كقولهم: هند خرجت نفسها فيكون كقولك: خرجت هي نفسها فيكون تأكيداً لهي ويقال: هند خرجت نفسها فتكون الفاعلة كما تقول: خرجت جاريتها والمعنيان مختلفان فلم يجر مجرى أجمعين.

ومن هنا قال أبو علي: لو قلت جاءوني أنفسهم لم يحسن حتى تؤكد فتقول: جاءوني هم أنفسهم لمل ذكرنا.

فلم يحسن لذلك أن تحمله على الضمير حتى تؤكد يعني حتى تقول: قمت أنت نفسك وزيد.

ولو قلت: مررت بك نفسك جاز تأكيد الكاف بالنفس لأنك كأنك قلت: مررت بنفسك ولم تذكر المؤكد بخلاف العطف إذ لا يجوز: مررت بك وزيد.

وإن قلت: جاءوني أنفسهم لا يجوز لأن المضمر المتصل في غاية الضعف والمؤكد متبوع فيكون أقوى من التأكيد وهنا النفس أقوى من المضمر فلا يكون تابعاً له فإذا انفصل المضمر جاز أن تكون النفس تابعاً له بمنزلة الأسماء الأجنبية أو بقيت بعدها بمنزلة أخرى بخلاف المتصل إذ ليس بعدها منزلة أخرى.

وقد ذكر سيبويه امتناع تأكيد المضمر بالنفس في ثلاثة مواضع في حد أسماء الأفعال.

وفي حد الأحرف الخمسة.

وفي حد علامات المضمرين.

ومن ذلك قوله تعالى: أسلمت وجهي لله ومن اتبعن فمن رفع عطف على التاء.

ومنه إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة رفع عطف على الضمير في تقوم.

ومن ذلك قوله: لا أملك إلا نفسي وأخي أخي عطف على الضمير في لا أملك.

وإن شئت كان مبتدأ والتقدير: وأخي كذلك فحذف الخبر ولا يكون جراً بالعطف على الياء لأنه مضمر مجرور.

إعراب القرآن للسيوطي
1 ما ورد في التنزيل من إضمار الجمل | 2 ما جاء من حذف المضاف في التنزيل | 3 ما جاء في التنزيل معطوفاً بالواو والفاء | 4 فمن ذلك قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} | 5 وفي بعض ذلك اختلاف | 6 ما جاء في التنزيل من الأسماء التي سميت بها الأفعال | 7 ما جاء في التنزيل من أسماء الفاعلين مضافة إلى ما بعدها بمعنى الحال أو الاستقبال | 8 ما جاء في التنزيل من إجراء غير في الظاهر على المعرفة | 9 ما جاء في التنزيل من كاف الخطاب المتصلة ولا موضع لها من الإعراب | 10 ما جاء في التنزيل من المبتدأ ويكون الاسم على إضمار المبتدأ وقد أخبر عنه بخبرين | 11 ما جاء في التنزيل من الاشمام والروم | 12 ما جاء في التنزيل ويكون الجار والمجرور في موضع الحال محتملاً ضميراً من صاحب الحال | 13 ما جاء في التنزيل دالاً على جواز تقدم خبر المبتدأ | 14 ما جاء في التنزيل وقد حُذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه | 15 ما جاء في التنزيل من حذف الجار والمجرور | 16 وحذف الهمزة في الكلام حسن جائز إذا كان هناك ما يدل عليه | 17 ما جاء في التنزيل من اجتماع الهمزتين | 18 ما جاء في التنزيل من لفظ مَنْ ومَا والَّذي وكُلُّ وأحَدٍ وغير ذلك | 19 ما جاء في التنزيل من ازدواج الكلام والمطابقة والمشاكلة وغير ذلك | 20 ما جاء في التنزيل من حذف المفعول والمفعولين وتقديم المفعول الثاني على المفعول الأول وأحوال الأفعال المتعدية إلى مفعوليها و غير ذلك مما يتعلق به | 21 ما جاء في التنزيل من الظروف التي يرتفع ما بعدهن بهن على الخلاف وما يرتفع ما بعدهن بهن على الاتفاق | 22 ما جاء في التنزيل من هو وأنت فصلاً | 23 ما جاء في التنزيل من المضمرين إلى أي شيء يعود مما قبلهم | 24 ما جاء في التنزيل وقد أبدل الاسم من المضمر الذي قبله والمظهر على سبيل إعادة العامل أو تبدل إن وأن مما قبله | 25 ما جاء في التنزيل من همزة ساكنة يترك همزها أبو عمرو وما لا يترك همزها | 26 ما جاء في التنزيل من العطف على الضمير المرفوع | 27 ما جاء في التنزيل لحقت إن التي للشرط ما ولحقت النون فعل الشرط | 28 ما جاء في التنزيل عقيب اسمين كني عن أحدهما اكتفاء بذكره عن صاحبه | 29 ما جاء في التنزيل صار الفصل فيه عوضاً عن نقصان لحق الكلمة | 30 ما جاء في التنزيل وقد حمل فيه اللفظ على المعنى وحكم عليه بما يحكم على معناه لا على اللفظ | 31 ما جاء في التنزيل من حذف أن وحذف المصادر والفصل بين الصلة والموصول | 32 ما جاء في التنزيل من حذف حرف النداء والمنادى | 33 ما جاء في التنزيل قد حذف منه المضاف إليه | 34 ما جاء في التنزيل من حروف الشرط دخلت عليه اللام الموطئة للقسم | 35 ما جاء في التنزيل من التجريد | 36 ما جاء في التنزيل من الحروف الزائدة في تقدير وهي غير زائدة في تقدير آخر | 37 ما جاء في التنزيل من التقديم والتأخير وغير ذلك | 38 ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل | 39 ما جاء في التنزيل نصباً على المدح ورفعاً عليه | 40 المحذوف خبره | 41 ما جاء في التنزيل من إن المكسورة المخففة من إن | 42 ما جاء في التنزيل من المفرد ويراد به الجمع | 43 ما جاء في التنزيل من المصادر المنصوبة بفعل مضمر دل عليه ما قبله | 44 ما جاء في التنزيل من دخول لام إن على اسمها وخبرها أو ما اتصل بخبرها وهي لام الابتداء دون القسم | 45 باب ما جاء في التنزيل وفيه خلاف بين سيبويه وأبي العباس وذلك في باب الشرط والجزاء | 46 باب ما جاء في التنزيل من إدخال همزة الاستفهام على الشرط والجزاء | 47 باب ما جاء في التنزيل من إضمار الحال والصفة جميعا | 48 باب ما جاء في التنزيل من الجمع يراد به التثنية | 49 باب ما جاء في التنزيل منصوبا على المضاف إليه | 50 | 51 باب ما جاء في التنزيل من المضاعف وقد أبدلت من لامه حرف لين | 52 باب ما جاء في التنزيل من حذف واو العطف | 53 باب ما جاء في التنزيل من الحروف التي أقيم بعضها مقام بعض | 54 باب ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل المضاف إلى المكنى | 55 باب ما جاء في التنزيل في جواب الأمر | 56 باب ما جاء في التنزيل من المضاف الذي اكتسى | 57 من شيء محذوف | 58 باب ما جاء في التنزيل معطوفا وليس المعطوف مغايرا للمعطوف عليه وإنما هو هو أو بعضه | 59 باب ما جاء في التنزيل من التاء في أول المضارع فيمكن حمله على الخطاب أو على الغائبة | 60 باب ما جاء في التنزيل من واو الحال تدخل على الجملة من الفعل والفاعل | 61 باب ما جاء في التنزيل من حدف هو من الصلة | 62 باب ما جاء في التنزيل من إجراء غير اللازم مجرى اللازم وإجراء اللازم مجرى غير اللازم | 63 باب ما جاء في التنزيل من الحروف المحذوفة تشبيها بالحركات | 64 باب ما جاء في التنزيل أجرى فيه الوصل مجرى الوقف | 65 باب ما جاء في التنزيل من بناء النسب | 66 باب ما جاء في التنزيل أضمر فيه المصدر لدلالة الفعل عليه | 67 باب ما جاء في التنزيل ما يكون على وزن مفعل بفتح العين ويراد به المصدر ويوهمك أنه مكان | 68 باب ما جاء في التنزيل من حذف إحدى التاءين في أول المضارع | 69 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الاسم على الموضع دون اللفظ | 70 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه ما بعد إلا على ما قبله | 71 باب ما جاء في التنزيل وقد حذف منه ياء النسب | 72 باب ما جاء في التنزيل وقد أبدل المستثنى من المستثنى منه | 73 باب ما جاء في التنزيل وأنت تظنه فعلت الضرب في معنى ضربته | 74 باب ما جاء في التنزيل مما يتخرج | 75 باب ما جاء في التنزيل من القلب والإبدال | 76 باب ما جاء في التنزيل من إذا الزمانية | 77 باب ما جاء في التنزيل من أحوال النون عند الحروف | 78 باب ما جاء في التنزيل وقد وصف المضاف بالمبهم | 79 باب ما جاء في التنزيل وذكر الفعل وكنى عن مصدره | 80 باب ما جاء في التنزيل عبر عن غير العقلاء بلفظ العقلاء | 81 باب ما جاء في التنزيل وظاهره يخالف ما في كتاب سيبويه وربما يشكل على البزل الحذاق فيغفلون عنه | 82 باب ما جاء في التنزيل من اختلافهم في لفظة ما من أي قسمة هي | 83 باب ما جاء في التنزيل من تفنن الخطاب والانتقال من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى المتكلم | 84 نوع آخر إضمار قبل الذكر | 85 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الفعل على موضع الفاء في جواب الشرط فجزم | 86 واستعمل ما هو فرع | 87 باب ما جاء في التنزيل من القراءة التي رواها سيبويه | 88 مسألة قوله تعالى: " وإن يأتوكم أسارى تفادوهم " | 89 باب ما جاء في التنزيل من ألفاظ استعملت استعمال القسم وأجيبت بجواب