إعراب القرآن للسيوطي/الرابع والثلاثون

إعراب القرآن المؤلف السيوطي
الرابع والثلاثون ما جاء في التنزيل من حروف الشرط دخلت عليه اللام الموطئة للقسم


الرابع والثلاثون ما جاء في التنزيل من حروف الشرط دخلت عليه اللام الموطئة للقسم

فمن ذلك قوله تعالى: ولئن اتبعت أهواءهم ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وإن أطعتموهم إنكم لمشركون.

وقوله: ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس.

وقوله تعالى: قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله.

وقوله: ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك.

وقوله: لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار.

وقوله: لمن تبعك منهم لأملأن جهنم.

هذا ونحوه من الآي دخلت اللام على حرف الشرط فيه مؤذنة بأن ما بعدها جواب قسم مضمر على تقدير: والله لئن اتبعت أهواءهم يدل على صحة هذا وأن الجواب جواب قسم مضمر دون جواب الشرط ثبات النون في قوله: لا يأتون بمثله.

وقوله: لا يخرجون معهم ولو كان جواب الشرط لم يقل: لنذهبن ولا ليولن ولا إنه ليئوس ولا إنكم لمشركون ولا ما تبعوا قبلتك.

والجواب جواب قسم مضمر دون جواب الشرط فلا يجوز: والله لئن تأتني آتك وإنما يقال: والله لئن تأتني لأتينك.

وأصل هذا الكلام أن تقول: والله لآتينك ثم بدا له عن الحلف بالبتات فقال: والله إن تأتني فإذا أضمروا القسم دخلت اللام على إن تؤذن بالقسم المضمر الذي ما بعده جوابه فهذا مساغ هذا الكلام.

فقول من قال: إن الفاء في قوله: إنكم لمشركون مضمرة ذهاب عن الصواب وكذا إنه ليؤوس كفور ليست الفاء هناك مضمرة بتة.

وأما قوله تعالى: ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة ففيه وجهان: أوجههما: أن يكون من بمعنى الذي واشتراه صلته ويكون قوله: ماله في الآخرة خبر المبتدأ.

ويجوز أن يكون من شرطاً واشتراه جزم بمن ويكون ماله جواب القسم المضمر على تقدير: والله ماله.

وإنما قلنا: إن الأول أوجه لأنهم قد أجروا علموا في كلامهم مجرى القسم فتكون اللام التي في لقد جواب القسم ويكون لمن اشتراه جواب لقد علموا فيكون هذا قسماً داخلاً على قسم فلا يجوز ولا يلزم هذا في الوجه الأول.

فأما قوله: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة إن جعلت ما بمعنى الذي كانت مبتدأةً وآتيتكم صلته والتقدير: آتيتكموه ويكون قوله: ثم جاءكم معطوفاً على الصلة والتقدير: ثم جاءكم به إلى قوله: لما معكم ويكون قوله: لتؤمنن به خبر المبتدأ.

ومن رأى أن الظاهر يقوم مقام المضمر كان قوله: لما معكم يغني عن إضمار به.

ومن قال: إن ما شرط كانت اللام بمنزلتها في لئن ويكون آتيتكم مجزوماً بما وما منصوبة به ويكون قوله ليؤمنن جواب القسم الذي ذكرناه.

والوجهان اللذان ذكرناهما في قوله: لمن اشتراه جائزان في قوله: لمن تبعك منهم لأملأن جهنم.

وقد جاءت لام لئن محذوفة في التنزيل: قال الله تعالى: وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا والتقدير لئن لم ينتهوا كما ظهرت في قوله: لئن لم ينته المنافقون إلى قوله: لنغرينك بهم.

ومثل قوله: وإن لم ينتهوا عما يقولون قوله: كلا لئن لم ينته لنسفعاً بالناصية.

قال أبو علي: ويدل أيضاً على أن اعتماد القسم على الفعل الثاني دون الأول في نحو قوله: ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أشبه ذلك أنه لا يخلو من أن يكون اعتماد القسم على الفعل الثاني أو على الفعل الأول والدليل على أنه على الثاني دون الأول حذفهم اللام الأولى في نحو هذا ألا ترى أنه لو كان اعتماد القسم عليها دون الثانية لما حذفت كما لم تحذف الثانية في موضع.

فما جاءت فيه هذه اللام الأولى محذوفة في التنزيل قوله: وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن.

وفي وضع آخر: لئن لم ينته المنافقون ثم قال: لنغرينك بهم فيدلك حذفهم لها على الاعتماد على الثانية لا عليها.

فإن قلت: ما ننكر أن يكون اعتماد القسم في نحو ذا على اللام الأولى دون الثانية لأن اللام حذفت كما حذفت من قوله: قد أفلح من زكاها ولا يكون في حذفهم اللام من غير هذا دلالة على أن اعتماد القسم على الفعل الثاني.

قيل: هذا لا يجوز لأن اللام في لقد إنما استحسن حذفها لطول الكلام بما اعترض بين القسم والمقسم عليه ولم يطل في هذا الموضوع كلام فيستجاز حذفها كما استحسن حذفها هناك فإن هذه اللام بمنزلة إن في قولك: والله إن لو فعل لفعلت تثبتها تارة وتحذفها أخرى واللام الثانية هي المعتمدة والأولى زيادة كان سقوطها لا يخل بالكلام واختص به القسم كقولهم: آثراً ما وربما وما أشبه ذلك.

وأما قوله: ولئن أرسلنا ريحاً فرأوه مصفراً لظلوا من بعده يكفرون والتقدير: ليظلن فوضع الماضي موضع المستقبل.

ولأن جميع ما جاء في التنزيل على هذا الوجه فيما تقدم من الآي من قوله: ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا وقوله: لئن آتانا من فضله لنصدقن وقوله: ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكوناً من الصاغرين وقوله: لئن لم تنته لأرجمنك وقال: لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم.

إعراب القرآن للسيوطي
1 ما ورد في التنزيل من إضمار الجمل | 2 ما جاء من حذف المضاف في التنزيل | 3 ما جاء في التنزيل معطوفاً بالواو والفاء | 4 فمن ذلك قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} | 5 وفي بعض ذلك اختلاف | 6 ما جاء في التنزيل من الأسماء التي سميت بها الأفعال | 7 ما جاء في التنزيل من أسماء الفاعلين مضافة إلى ما بعدها بمعنى الحال أو الاستقبال | 8 ما جاء في التنزيل من إجراء غير في الظاهر على المعرفة | 9 ما جاء في التنزيل من كاف الخطاب المتصلة ولا موضع لها من الإعراب | 10 ما جاء في التنزيل من المبتدأ ويكون الاسم على إضمار المبتدأ وقد أخبر عنه بخبرين | 11 ما جاء في التنزيل من الاشمام والروم | 12 ما جاء في التنزيل ويكون الجار والمجرور في موضع الحال محتملاً ضميراً من صاحب الحال | 13 ما جاء في التنزيل دالاً على جواز تقدم خبر المبتدأ | 14 ما جاء في التنزيل وقد حُذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه | 15 ما جاء في التنزيل من حذف الجار والمجرور | 16 وحذف الهمزة في الكلام حسن جائز إذا كان هناك ما يدل عليه | 17 ما جاء في التنزيل من اجتماع الهمزتين | 18 ما جاء في التنزيل من لفظ مَنْ ومَا والَّذي وكُلُّ وأحَدٍ وغير ذلك | 19 ما جاء في التنزيل من ازدواج الكلام والمطابقة والمشاكلة وغير ذلك | 20 ما جاء في التنزيل من حذف المفعول والمفعولين وتقديم المفعول الثاني على المفعول الأول وأحوال الأفعال المتعدية إلى مفعوليها و غير ذلك مما يتعلق به | 21 ما جاء في التنزيل من الظروف التي يرتفع ما بعدهن بهن على الخلاف وما يرتفع ما بعدهن بهن على الاتفاق | 22 ما جاء في التنزيل من هو وأنت فصلاً | 23 ما جاء في التنزيل من المضمرين إلى أي شيء يعود مما قبلهم | 24 ما جاء في التنزيل وقد أبدل الاسم من المضمر الذي قبله والمظهر على سبيل إعادة العامل أو تبدل إن وأن مما قبله | 25 ما جاء في التنزيل من همزة ساكنة يترك همزها أبو عمرو وما لا يترك همزها | 26 ما جاء في التنزيل من العطف على الضمير المرفوع | 27 ما جاء في التنزيل لحقت إن التي للشرط ما ولحقت النون فعل الشرط | 28 ما جاء في التنزيل عقيب اسمين كني عن أحدهما اكتفاء بذكره عن صاحبه | 29 ما جاء في التنزيل صار الفصل فيه عوضاً عن نقصان لحق الكلمة | 30 ما جاء في التنزيل وقد حمل فيه اللفظ على المعنى وحكم عليه بما يحكم على معناه لا على اللفظ | 31 ما جاء في التنزيل من حذف أن وحذف المصادر والفصل بين الصلة والموصول | 32 ما جاء في التنزيل من حذف حرف النداء والمنادى | 33 ما جاء في التنزيل قد حذف منه المضاف إليه | 34 ما جاء في التنزيل من حروف الشرط دخلت عليه اللام الموطئة للقسم | 35 ما جاء في التنزيل من التجريد | 36 ما جاء في التنزيل من الحروف الزائدة في تقدير وهي غير زائدة في تقدير آخر | 37 ما جاء في التنزيل من التقديم والتأخير وغير ذلك | 38 ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل | 39 ما جاء في التنزيل نصباً على المدح ورفعاً عليه | 40 المحذوف خبره | 41 ما جاء في التنزيل من إن المكسورة المخففة من إن | 42 ما جاء في التنزيل من المفرد ويراد به الجمع | 43 ما جاء في التنزيل من المصادر المنصوبة بفعل مضمر دل عليه ما قبله | 44 ما جاء في التنزيل من دخول لام إن على اسمها وخبرها أو ما اتصل بخبرها وهي لام الابتداء دون القسم | 45 باب ما جاء في التنزيل وفيه خلاف بين سيبويه وأبي العباس وذلك في باب الشرط والجزاء | 46 باب ما جاء في التنزيل من إدخال همزة الاستفهام على الشرط والجزاء | 47 باب ما جاء في التنزيل من إضمار الحال والصفة جميعا | 48 باب ما جاء في التنزيل من الجمع يراد به التثنية | 49 باب ما جاء في التنزيل منصوبا على المضاف إليه | 50 | 51 باب ما جاء في التنزيل من المضاعف وقد أبدلت من لامه حرف لين | 52 باب ما جاء في التنزيل من حذف واو العطف | 53 باب ما جاء في التنزيل من الحروف التي أقيم بعضها مقام بعض | 54 باب ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل المضاف إلى المكنى | 55 باب ما جاء في التنزيل في جواب الأمر | 56 باب ما جاء في التنزيل من المضاف الذي اكتسى | 57 من شيء محذوف | 58 باب ما جاء في التنزيل معطوفا وليس المعطوف مغايرا للمعطوف عليه وإنما هو هو أو بعضه | 59 باب ما جاء في التنزيل من التاء في أول المضارع فيمكن حمله على الخطاب أو على الغائبة | 60 باب ما جاء في التنزيل من واو الحال تدخل على الجملة من الفعل والفاعل | 61 باب ما جاء في التنزيل من حدف هو من الصلة | 62 باب ما جاء في التنزيل من إجراء غير اللازم مجرى اللازم وإجراء اللازم مجرى غير اللازم | 63 باب ما جاء في التنزيل من الحروف المحذوفة تشبيها بالحركات | 64 باب ما جاء في التنزيل أجرى فيه الوصل مجرى الوقف | 65 باب ما جاء في التنزيل من بناء النسب | 66 باب ما جاء في التنزيل أضمر فيه المصدر لدلالة الفعل عليه | 67 باب ما جاء في التنزيل ما يكون على وزن مفعل بفتح العين ويراد به المصدر ويوهمك أنه مكان | 68 باب ما جاء في التنزيل من حذف إحدى التاءين في أول المضارع | 69 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الاسم على الموضع دون اللفظ | 70 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه ما بعد إلا على ما قبله | 71 باب ما جاء في التنزيل وقد حذف منه ياء النسب | 72 باب ما جاء في التنزيل وقد أبدل المستثنى من المستثنى منه | 73 باب ما جاء في التنزيل وأنت تظنه فعلت الضرب في معنى ضربته | 74 باب ما جاء في التنزيل مما يتخرج | 75 باب ما جاء في التنزيل من القلب والإبدال | 76 باب ما جاء في التنزيل من إذا الزمانية | 77 باب ما جاء في التنزيل من أحوال النون عند الحروف | 78 باب ما جاء في التنزيل وقد وصف المضاف بالمبهم | 79 باب ما جاء في التنزيل وذكر الفعل وكنى عن مصدره | 80 باب ما جاء في التنزيل عبر عن غير العقلاء بلفظ العقلاء | 81 باب ما جاء في التنزيل وظاهره يخالف ما في كتاب سيبويه وربما يشكل على البزل الحذاق فيغفلون عنه | 82 باب ما جاء في التنزيل من اختلافهم في لفظة ما من أي قسمة هي | 83 باب ما جاء في التنزيل من تفنن الخطاب والانتقال من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى المتكلم | 84 نوع آخر إضمار قبل الذكر | 85 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الفعل على موضع الفاء في جواب الشرط فجزم | 86 واستعمل ما هو فرع | 87 باب ما جاء في التنزيل من القراءة التي رواها سيبويه | 88 مسألة قوله تعالى: " وإن يأتوكم أسارى تفادوهم " | 89 باب ما جاء في التنزيل من ألفاظ استعملت استعمال القسم وأجيبت بجواب