كتاب الأم/الأيمان والنذور والكفارات في الأيمان/الإطعام في الكفارات في البلدان كلها
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ويجزئ في كفارة اليمين مد بمد النبي ﷺ من حنطة ولا يجزئ أن يكون دقيقا ولا سويقا، وإن كان أهل بلد يقتاتون الذرة، أو الأرز، أو التمر أو الزبيب أجزأ من كل جنس واحد من هذا مد بمد النبي ﷺ وإنما قلنا يجزئ هذا: (أن النبي ﷺ أتي بعرق تمر فدفعه إلى رجل وأمره أن يطعمه ستين مسكينا) والعرق فيما يقدر خمسة عشر صاعا وذلك ستون مدا فلكل مسكين مد. فإن قال قائل: فقد قال سعيد بن المسيب: (أتي النبي ﷺ بعرق فيه خمسة عشر صاعا، أو عشرون صاعا) قيل فأكثر ما قال ابن المسيب مد وربع، أو ثلث وإنما هذا شك أدخله ابن المسيب، والعرق كما وصفت كان يقدر على خمسة عشر صاعا، والكفارات بالمدينة وبنجد ومصر، والقيروان، والبلدان كلها سواء ما فرض الله عز وجل على العباد فرضين في شيء واحد قط ولا يجزئ في ذلك إلا مكيلة الطعام وما أرى أن يجزيهم دراهم، وإن كان أكثر من قيمة الطعام وما يقتات أهل البلدان من شيء أجزأهم منه مد ويجزئ أهل البادية مد أقط، وإن لم يكن لأهل بلد قوت من طعام سوى اللحم أدوا مدا مما يقتات أقرب البلدان إليهم.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ويعطي الكفارات والزكاة كل من لا تلزمه نفقته من قرابته وهم من عدا الوالد، والولد والزوجة إذا كانوا أهل حاجة فهم أحق بها من غيرهم وإن كان ينفق عليهم متطوعا أعطاهم.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وليس له إذا كفر بإطعام أن يطعم أقل من عشرة، وإن أطعم تسعة وكسا واحدا كان عليه أن يطعم عاشرا، أو يكسو تسعة؛ لأنه إنما جعل له أن يطعم عشرة، أو يكسوهم وهو لا يجزئه أن يكسو تسعة ويطعم واحدا؛ لأنه حينئذ لا أطعم عشرة ولا كساهم.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ولو أن رجلا كانت عليه ثلاثة أيمان مختلفة فحنث فيها فأعتق وأطعم وكسا ينوي الكفارة ولا ينوي عن أيها العتق ولا عن أيها الإطعام ولا عن أيها الكسوة أجزأه بنية الكفارة وأيها شاء أن يكون عتقا، أو إطعاما، أو كسوة كان وما لم يشأ فالنية الأولى تجزيه فإن أعتق وكسا وأطعم ولم يستكمل الإطعام أكمله ونواه عن أي الكفارات شاء، ولو كانت المسألة بحالها فكسا وأعتق وأطعم ولم ينو الكفارة، ثم أراد أن ينوي كفارة لم تكن كفارة لا تجزئه حتى يقدم النية قبل الكفارة، أو تكون معها وأما ما كان عمله قبل النية فهو تطوع لا يجزيه من الكفارة.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا أمر الرجل الرجل أن يكفر عنه من مال المأمور، أو استأذن الرجل الرجل أن يكفر عنه من ماله فأذن له أجزأت عنه الكفارة وهذه هبة مقبوضة؛ لأن دفعه إياها إلى المساكين بأمره كقبض وكيله لهبة وهبها له، وكذلك إن قال أعتق عني فهي هبة فإعتاقه عنه كقبضه ما وهب له وولاؤه للمعتق عنه؛ لأنه قد ملكه قبل العتق، وكان العتق مثل القبض كما لو اشتراه فلم يقبضه حتى أعتقه كان العتق مثل القبض، ولو أن رجلا تطوع فكفر عن رجل بإطعام، أو كسوة، أو عتق ولم يتقدم في ذلك أمر من الحالف لم يجز عنه، وكان العتق عن نفسه لأنه هو المعتق لما يملك ما لم يهب لغيره فيقبله، وكذلك الرجل يعتق عن أبويه بعد الموت فالولاء له إذا لم يكن ذلك بوصية منهما ولا شيء من أموالهما، ولو أن رجلا صام عن رجل بأمره لم يجزه الصوم عنه، وذلك أنه لا يعمل أحد عن أحد عمل الأبدان؛ لأن الأبدان تعبدت بعمل فلا يجزي عنها أن يعمل غيرها ليس الحج، والعمرة بالخبر الذي جاء عن النبي ﷺ وبأن فيهما نفقة وأن الله فرضهما على من وجد إليهما السبيل والسبيل بالمال.