كتاب الأم/الأيمان والنذور والكفارات في الأيمان/من حلف على شيء أن لا يفعله فأمر غيره ففعله
[قيل للشافعي] رحمه الله تعالى فإنا نقول فيمن حلف أن لا يشتري عبدا، فأمر غيره فاشترى له عبدا إنه حانث لأنه هو المشتري إذا أمر من يشتري له إلا أن يكون له في ذلك نية، أو يكون يمينه على أمر قد عرف وجهها أنه إنما أراد أن لا يشتريه هو لأنه قد غبن غير مرة في اشترائه فإذا كان كذلك فليس بحانث، وإذا كان إنما كره شراء العبد أصلا، فأراه حانثا وإن أمر غيره، وكذلك لو حلف أن لا يبيع سلعة، فأمر غيره فباعها إنه يحنث إلا أن تكون له نية.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: إذا حلف أن لا يشتري عبدا، فأمر غيره فاشترى له عبدا لم يحنث إلا أن يكون نوى أن لا يشتريه ولا يشتري له؛ لأنه لم يكن ولي عقدة شرائه والذي ولي عقدة شرائه غيره وعليه العهدة ألا ترى أن الذي ولي عقد شرائه لو زاد في ثمنه على ما يباع به مثله ما لا يتغابن الناس فيه، أو برئ من عيب لزمه البيع، وكان للآمر أن لا يأخذ لشراء غيره غير شرائه.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا حلف الرجل أن لا يطلق امرأته فجعل أمرها بيدها فطلقت نفسها لم يحنث إلا أن يكون جعل إليها طلاقها، وكذلك لو جعل أمرها إلى غيرها فطلقها.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا حلف ليضربن عبده، فأمر غيره فضربه لم يبر إلا أن يكون نوى ليضربن بأمره وهكذا لو حلف أن لا يضربه، فأمر غيره فضربه لم يحنث إلا أن يكون نوى أن لا يأمر غيره بضربه [قال الربيع]: للشافعي في مثل هذا قول في موضع آخر فإذا حلف ليضربن عبده فإن كان مما يلي الأشياء بيده فلا يبر حتى يضربه بيده فإن كان مثل الوالي، أو ممن لا يلي الأشياء بيده فالأغلب أنه إنما يأمر؛ فإذا أمر فضرب فقد بر.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا حلف الرجل لا يبيع لرجل شيئا فدفع المحلوف عليه سلعة إلى رجل فدفع ذلك الرجل السلعة إلى الحالف فباعها لم يحنث؛ لأنه لم يبعها للذي حلف أن لا يبيعها له إلا أن يكون نوى أن لا يبيع سلعة يملكها فلان فيحنث فلو حلف أن لا يبيع له رجل سلعة فدفعها إلى غيره ليبيعها فدفع ذلك الغير إلى الذي حلف أن لا يبيع له السلعة لم يحنث الحالف من قبل أن بيع الثالث غير جائز؛ لأنه إذا وكل رجلا يبيع له فليس له أن يوكل بالبيع غيره، ولو كان حين وكله أجاز له أن يوكل من رآه فدفعها إليه فباعها فإن كان نوى أن لا يبيع لي بأمري لم يحنث وإن كان نوى أن لا يبيعها بحال حنث؛ لأنه قد باعها.