كتاب الأم/مختصر الحج المتوسط/الطيب للإحرام
[قال الشافعي]: أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن شهاب وهشام بن عروة أو عثمان بن عروة عن عروة عن عائشة وعبد الرحمن بن القاسم عن أبيه (عن عائشة قالت طيبت رسول الله ﷺ بيدي هاتين لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت)، وزاد عثمان بن عروة عن أبيه قلت: بأي شيء؟ قالت بأطيب الطيب. أخبرنا سفيان عن ابن عجلان عن عائشة بنت سعد أنها طيبت أباها للإحرام بالسك والذريرة، أخبرنا سعيد بن سالم عن حسن بن زيد ولا أعلم إلا وقد سمعته من الحسن عن أبيه قال رأيت ابن عباس محرما وفي رأسه ولحيته مثل الرب من الغالية.
[قال الشافعي]: ولا بأس أن يتطيب المحرمان الرجل والمرأة بأقصى غاية الطيب الذي يبقى من غالية ونضوح وغيره؛ لأن الطيب كان في الإحلال وإن بقي في الإحرام شيء فالإحرام شيء أحدث بعده. وإذا أحرما فليس لهما أن يتطيبا ولا أن يمسا طيبا فإن مساه بأيديهما عامدين وكان يبقى أثره وريحه فعليهما الفدية. وسواء قليل ذلك وكثيره، وإن كان يابسا وكان لا يبقى له أثر فإن بقي له ريح فلا فدية ولا بأس أن يجلسا عند العطار ويدخلا بيته ويشتريا الطيب ما لم يمساه بشيء من أجسادهما، وأن يجلسا عند الكعبة وهي تجمر وأن يمساها ما لم تكن رطبة فإن مساها وهما لا يعلمان أنها رطبة فعلقت بأيديهما غسلا ذلك ولا شيء عليهما وإن عمدا أن يمساها رطبة فعلقت بأيديهما افتديا ولا يدهنان ولا يمسان شيئا من الدهن الذي يكون طيبا وذلك مثل البان المنشوش والزنبق والخيري والأدهان التي فيها الأبقال وإن مسا شيئا من هذا عامدين افتديا وإن شما الريحان افتديا وإن شما من نبات الأرض ما يكون طيبا مما لا يتخذه الناس طيبا فلا فدية وكذلك إن أكلا التفاح أو شماه أو الأترج أو السفرجل أو ما كان طعاما فلا فدية فيه وإن أدخلا الزعفران أو الطيب في شيء من الطعام فكان يوجد ريحه أو طعمه أو يصبغ اللسان فأكلاه افتديا وإن لم يوجد ريحه ولا طعمه ولا يصبغ اللسان فلا فدية؛ لأنه قد صار مستهلكا في الطعام وسواء كان نيئا أو نضيجا لا فرق بين ذلك ويدهنان جميع أجسادهما بكل ما أكلا مما ليس بطيب من زيت وشيرق وسمن وزبد وسقسق ويستطيعان ذلك إذا اجتنبا أن يدهنا الرأس أو يدهن الرجل اللحية فإن هذين موضع الدهن فإن دهن الرجل أو المرأة الرأس أو الرجل اللحية بأي هذا كان افتدى وإن احتاجا إلى أن يتداويا بشيء من الطيب تداويا به وافتديا.
قال: وكل ما كرهت للمحرم أن يشمه أو يلبسه من طيب أو شيء فيه طيب كرهت له النوم عليه وإن نام عليه مفضيا إليه بجلده افتدى، وإن نام وبينه ثوب فلا فدية عليه.