كتاب الرسالة/باب: فرض الله طاعة رسول الله مقرونة بطاعة الله ومذكورة وحدها
قال الله: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا } 1.
وقال: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ، وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } 2.
فقال بعض أهل العلم: أولوا الأمر: أمراء سرايا رسول الله - والله أعلم - وهكذا أُخبرنا.
وهو يُشْبِه ما قال - والله أعلم -، لأن كلَّ من كان حوْل مكة من العرب لم يكن يعرف إمارة، وكانت تأنَف أن يُعْطِيَ بعضُها بعضا طاعةَ الإمارة.
فلما دانت لرسول الله بالطاعة، لم تكن ترى ذلك يَصلح لغير رسول الله.
فأُمِروا أن يُطِيعوا أولي الأمر الذين أَمَّرَهم رسول الله، لا طاعةً مطلقة، بل طاعة مُسْتَثْناة، فيما لهم وعليهم، فقال: { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ } 3، يعني: إن اختلفتم في شيء.
وهذا - إن شاء الله - كما قال في أولي الأمر، إلا أنَّه يقول: { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ }، يعني - والله أعلم - هم وأُمَراؤهم الذين أُمِروا بطاعتهم، { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ، يعني - والله اعلم - إلى ما قال الله والرسول إن عرفتموه، فإن لم تعرفوه سألتم الرسولَ عنه إذا وصلتم، أو من وَصَلَ منكم إليه.
لأن ذلك الفرضُ الذي لا مُنَازَعَة لكم فيه، لقول الله: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } 4.
ومن تنازع 5 ممن بعد رسول الله رَدَّ الأمر إلى قضاء الله، ثم قضاء رسوله، فإن لم يكن فيما تنازعوا فيه قضاء، نصًّا فيهما ولا في واحد منهما، رَدُّوه قِياسا على أحدهما، كما وصفْتُ مِنُ ذكر القبلة والعدل والمثل، مع ما قال الله في غير آية مثلَ هذا المعنى.
وقال: { وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا } 6
وقال: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ } 7.
هامش
- ↑ [الأحزاب: 36]
- ↑ [النساء: 59]
- ↑ [النساء: 59]
- ↑ [الأحزاب: 36]
- ↑ [ رسمت في النسخة المعتمدة بالياء وسكون آخره ورفعه، وبالتاء وفتح آخره وسكونه]
- ↑ [النساء: 69]
- ↑ [الأنفال: 20]