مجموع الفتاوى/المجلد الخامس عشر/فصل في تفسير قوله تعالى إذ تستغيثون ربكم
فصل في تفسير قوله تعالى إذ تستغيثون ربكم
قال سبحانه في قصة بدر: { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ } 1، فوعدهم بالإمداد بألف وعدًا مطلقًا، وأخبر أنه جعل إمداد الألف بُشْرى ولم يقيده، وقال في قصة أحد: { إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ } 2، فإن هذا أظن فيه قولين:
أحدهما: أنه متعلق بأُحُد؛ لقوله بعد ذلك { لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ } الآية 3 ؛ ولأنه وعد مقيد، وقوله فيه: { وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ } 4، يقتضى خصوص البشرى بهم.
وأما قصة بدر، فإن البشرى بها عامة، فيكون هذا كالدليل على ما روى من أن ألف بدر باقية في الأمة، فإنه أطلق الإمداد والبشرى وقدم { بِهِ } على { لَكُمْ } عناية بالألف، وفى أحد كانت العناية بهم لو صبروا فلم يوجد الشرط.
هامش