التاج في أخلاق الملوك/باب في مطاعمة الملوك/الملك وضيوفه على المائدة
الملك وضيوفه على المائدة
ومن حق الملك أن لا يرفع أحد إليه طرفه، إذا أكل، ولا يحرك يده معه في صحفة.
ومن قوانين الملك أن توضع بين يدي كل رجلٍ صحفة، فيها كالذي بين يدي الملك من طعام غليظٍ أو دقيقٍ أو حارٍ أو قار، ولا يخص الملك نفسه بطعام دون أصحابه، لأن في ذلك ضعةً على الملك، ودليلاً على الاستئثار.
ومن حق الملك أن لا يغسل أحد بحضرته يديه من خاصته وبطانته، إلا أن يكون معه من يساويه في الجاه، والعز، والبيت والولادة. فقد بينا ما يجب لأولئك آنفاً.
ومن العدل أن يعطي الملك كل أحد قسطه وكل طبقةٍ حقها، وأن تكون شريعة العدل في أخلاقه كشريعة ما يقتدي به من أداء الفرائض والنوافل التي تجب عليه رعايتها والمثابرة على التمسك بها، وإيناس الناس في بسط أيديهم في الطعام، حتى يسوي في ذلك بين الملوك والنمط الأوسط والعامة.
وليس أخلاق الملوك كأخلاق العامة. وكانوا لا يشبهون في شيء. وإنما تحسن كثرة الأكل مع الصديق والعشير والمساوي في منازل الدنيا من الرفعة والضعة. فأما الملوك، فيرتفعون عن هذه الصفة، ويجلون عن هذا المقدار.
ومن حق الملك، إذا رفع يديه عن الطعام، أن ينهض عن مائدته كل من الحاف بها، حتى يواروا عنه بجدارٍ أو حائلٍ غيره. فإن أراد الدخول، كان ذلك بحيث لا يرون قيامه، وإذا أراد القعود لهم، دخلوا إليه بإذن ثانٍ.
ومن قوانين الملك أن يكون منديل غمره كمنديل وجهه، في النقاء والبياض، وأن لا يعاد إليه إلا أن يغسل أو يجدد.