الرد على المنطقيين


سنة الله التي لا تنتقض بحال

ولكن العادة التي لا تنتقض بحال ما اخبر الله انها لا تنتقض كقوله تعالى لئن لم ينته المنفقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها الا قليلا ملعونين اينما ثقفلوا اخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين خلو من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا الاحزاب وقال ولو قتلكم الذين كفروا لولا الادبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيراه سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا الفتح وقال واقسموا بالله جهد ايمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن اهدى من احدى الامم فلما جاءهم نذير ما زادهم الا نفورا استكبارا في الارض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء الا بأهله فهل ينظرون الا سنت الاولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا تحويلا فاطر

فهذه سنة الله وعادته في نصر عباده المؤمنين اذا قاموا بالواجب على الكافرين وانتقامه وعقوبته للكافرين الذين بلغتهم الرسل بعذاب من عنده أو بأيدى المؤمنين هى سنة الله التي لا توجد منتقضة قط وكما قال قبل هذا ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان امر الله قدرا مقدورا الاحزاب لم يقل هنا ولن تجد لان هذه سنة شرعية لا ترى بالمشاهدة بل تعلم بالوحي بخلاف نصره للمؤمنين وعقوبته للمنذرين فانه امر مشاهد فلن يوجد منتقضا

وقد أراد بعض الملاحدة كالسهروردي المفتول في كتابه المبدأ والمعاد الذي سماه الالواح العمادية أن يجعل له دليلا من القرآن والسنة على إلحاده فاستدل بهذه الاية على ان العالم لا يتغير بل لا تزال الشمس تطلع وتغرب لانها عادة الله فيقال له انخراق العادات امر معلوم بالحس والمشاهدة بالجملة وقد أخبر في غير موضع أنه سبحانه لم يخلق العالم عبثا وباطلا بل لأجل الجزاء فكان هذا من سنته الجميلة وهو جزاؤه الناس باعمالهم في الدار الاخرة كما أخبر به من نصر أوليائه وعقوبة أعدائه فبعث الناس للجزاء هو من هذه السنة وهو لم يخبر بان كل عادة لا تنتقض بل أخبر عن السنة التي هى عواقب أفعال العباد باثابته أولياءه ونصرهم على الاعداء فهذه هى التي اخبر لن يوجد لها تبديل ولا تحويل كما قال فهل ينظرون إلا سنت الاولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا فاطر

وذلك لان العادة تتبع إرادة الفاعل وإرادة الفاعل الحكيم هى إرادة حكيمة فتسوى بين المتماثلات ولن يوجد لهذه السنة تبديل ولا تحويل وهو إكرام اهل ولايته وطاعته ونصر رسله والذين آمنوا على المكذبين فهذه السنة تقتضيها حكمته سبحانه فلا انتقاض لها بخلاف ما اقتضت حكمته تغييره فذاك تغييره من الحكمة ايضا ومن سنته التي لا يوجد لها تبديل ولا تحويل لكن في هذه الايات رد على من يجعله يفعل بمجرد إرادة ترجح أحد المتماثلين بلا مرجح فان هؤلاء ليس عندهم له سنة لا تتبدل ولا حكمة تقصد وهذا خلاف النصوص والعقول فإن السنة تقتضي تماثل الآحاد وأن حكم الشيء نظيره فيقتضي التسوية بين المتماثلات وهذا خلاف قولهم

المتواتر عن الانبياء أعظم من المتواتر عن الفلاسفة

والمقصود هنا الكلام على الفلاسفة فنقول معلوم أن من شياطينهم من يقول المتواترات لا يقوم بها البرهان على المنازع ليدخل في ذلك ما تواتر عن الانبياء صلوات الله عليهم من الايات والبراهين والمعجزات التي بعثوا بها كما يدخلون ما اخذ عن الانبياء من المقبولات

فيقال لهم من المعلوم بالاضطرار أن تواتر خروج محمد - ومجيئه بهذا القرآن أعظم عند أهل الارض من تواتر وجود الفلاسفة كلهم فضلا عما يخبرون به من القضايا التجربية والحدسية التي استدلوا بها على الطبيعيات والفلكيات وكذلك ما تواتر من سائر معجزاته وما تواتر من اخبار موسى والمسيح صلوات الله عليهما هذا معلوم عند الناس أعظم من تواتر وجود أولئك فضلا عن تواتر ما يخبرون به

ولهذا صار ظهور الانبياء مما تؤرخ به الحوادث في العالم بظهور أمرهم عند الخاصة والعامة فان التاريخ يكون بالحادث المشهور الذي يشترك الناس فيه ليعرفوا به كم مضى بعده وقبله كما ان النهار يعرف بطلوع الشمس والشهر بالهلال لانه نور ظاهر يشترك الناس في رؤيته ولهذا جعل عمر تاريخ المسلمين من الهجرة النبوية فانها أظهر أحوال الرسول المشهورة وهو خروجه من بلد الى بلد وبها اعز الله الاسلام وكانت العرب قبل الاسلام تؤرخ بالحوادث المشهورة وكذلك الروم والفرس والقبط وسائر الامم يؤرخون مثل ذلك فنحن اليوم إذا اردنا ان نعرف زمان واحد من هؤلاء المتفلسفة قلنا كان قبل المسيح بكذا وكذا سنة

بل ارسطو إنما عرف زمانه لانه قد عرف أنه كان وزير الاسكندر بن فيلبس المقدوني ملك اليونان وكانوا مشركين يعبدون الكواكب والاصنام ويعانون السحر ارسطو وملكه وغيرهما وهذا الاسكندر لما جاء الى الشام اقام ايام بني اسرائيل غلب عليهم فذكروا أنه طلب ان يكتب في التوراة فقالوا ما يمكن هذا فقال اجعلوا لي تأريخا فصار التاريخ الرومي الذي تؤرخ به اليهود والنصارى مؤرخا به وأرسطو وزيره فعرف وقته من هذا الوجه وكان قبل المسيح بثلثمائة سنة

والتواريخ التي تختص بها اليهود هي من الانبياء وأحوال بيت المقدس يقولون في البيت الاول في البيت الثاني

ثم عرف أرسطو بهذه الكتب المنسوبة اليه كما عرف بطليموس المجسطى وكما عرف ابقراط وجالينوس بما ينسب اليهما من كتب الطب وإلا فأي شئ هو الذي تواتر عند الناس من أخبار هؤلاء فضلا عن ان يتواتر عنهم ما يذكرونه في كتبهم من القضايا التجربية والحدسية وغاية ما يوجد أن يقول بطلميوس هذا مما رصده فلان وأن يقول جالينوس هذا مما جربته أنا أو ذكر لى فلان انه جربه او نحو ذلك من الحكايات التي ملأ بها جالينوس كتابه وليس في هذه شئ من المتواتر وإن قدر ان غيره جرب ايضا فذاك خبر واحد

ولكن ما يدعى في تجارب الاطباء من الادوية أقرب الى التسليم مما يدعونه في تجاربهم الرصدية وذلك لاشتراك كثير من الاطباء في تجربة الدواء الواحد وأيضا فلكثرة وجود ما يدعى فيه التجربة من النبات وتواطؤ المجربين له وليس كذلك ما يدعونه من فلسفتهم فانا رأينا تجارب الاطباء على غير منوالهم وعلمنا صدقها كثيرا وليس القصد إلا بفساد تأصيلهم فقط وإلا فالاطباء في تجاربهم أسد حالا منهم لان القوم إنما يذكرون دواء موجودا يمكن تجربته كثيرا لوجوده ولكثرة المحتاجين اليه ممن يصيبه ما يقال إن ذلك الدواء يؤثر فيه شفاء والله فاعل ذلك الشفاء في ذلك الدواء فبينهم حينئذ فرق من حيث ما قررته

فالتواتر عزيز عندهم جدا واكثر الناس لم يجربوا جميع ما جربوه ولا علموا بالارصاد ما ادعوا انهم علموه وإذا قيل قد اتفق على ذلك رصد فلان وفلان كان غاية ما عندهم أن يذكروا جماعة رصدوا وهذا غاية ان يكون من المتواتر الخاص الذي ينقله طائفة

فمن زعم انه لا يقوم عليه برهان بما تواتر عن الانبياء كيف يمكنه أن ان يقيم على غيره برهانا بمثل هذا التواتر ويعظم علم الهيئة والفلسفة ويدعى انه علم عقلى معلوم بالبرهان

كون الفلاسفة من أجهل الخلق برب العالمين

وهذا أعظم ما يقوم عليه البرهان العقلي عندهم هذا حاله فما الظن بالالهيات التي إذا نظر فيها كلام معلمهم الاول أرسطو وتدبره الفاضل العاقل لم يفده إلا العلم بأنهم كانوا من أجهل الخلق برب العالمين وصار يتعجب تعجبا لا ينقضى ممن يقرن علم هؤلاء بالالهيات الى ما جاءت به الانبياء ويرى ان هذا من جنس من يقرن الحدادين بالملئكة بل من يقرن دهاقين القرى بملوك العالم فهو أقرب الى العلم والعدل ممن يقرن هؤلاء بالانبياء فان دهقان القرية متول عليها كتولى الملك على مملكته فله جزء من الملك

وأما ما جاءت به الانبياء فلا يعرفه هؤلاء ألبتة وليسوا قريبين منه بل كفار اليهود والنصارى أعلم بالامور الالهية ولست اعنى بذلك ما اختص الانبياء بعلمه من الوحي الذي لا ينال غيرهم فان هذا ليس من علمهم ولا من علم غيرهم وإنما أعنى العلوم العقلية التي بينها الرسل للناس بالبراهين العقلية في امر معرفة الرب وتوحيده ومعرفة اسمائه وصفاته وفي النبوات والمعاد وما جاءوا به من مصالح الاعمال التي تورث السعادة في الاخرة فان كثيرا من ذلك قد بينه الرسل بالادلة العقلية فهذه العقليات الدينية الشرعية الالهية هي التي لم يشموا رائحتها ولا في علومهم ما يدل عليها وأما ما اختصت الرسل بمعرفته واخبرت به من الغيب فذاك امر أعظم من ان يذكر في ترجيحه على الفلسفة وانما المقصود الكلام في العلوم العقلية التي تعلم بالادلة العقلية دع ما جاءت به الانبياء فانه مرتبة عالية

وهؤلاء المتكلمون من اهل الملل الذين يدعهم اهل السنة من اهل الملل كالجهمية والمعتزلة وما يفرع على هؤلاء من جميع طوائف الكلام فان الفلاسفة تقول ان هؤلاء اهل جدل ليسوا اصحاب برهان ويجعلون نفوسهم هم اصحاب البرهان ويسمون هؤلاء اهل الجدل ويجعلون ادلتهم من المقاييس الجدلية اذ كانوا قد قسموا القياس خمسة اقسام برهاني وخطابي وجدلي وشعري وسوفسطائي كما سنتكلم عليه ان شاء الله ولهذا تجد ابن سينا وابن رشد وغيرهما من المتفلسفة يجعل هؤلاء اهل الجدل وان مقدماتهم التي يحتجون بها جدلية ليست برهانية ويجعلون انفسهم اصحاب البرهان

ونحن لا ننازعهم ان كثيرا مما يتكلمه المتكلمون باطل لكن اذا تكلم بالانصاف والعدل ونظر في كلام معلمهم الاول ارسطو وامثاله في الالهيات وفي كلام من هم عند المسلمين من شر طوائف المتكلمين كالجهمية والمعتزلة مثلا وجد بين ما يقوله هؤلاء المتفلسفة وبين ما يقوله هؤلاء من العلوم التي يقوم عليها البرهان العقلي من الفروق التي تبين فرط جهل اولئك بالنسبة الى هؤلاء ما لا يمكن ضبطه وهذا كلام ارسطو موجود وكلام هؤلاء موجود فان هؤلاء المتكلمين يتكلمون بالمقدمات البرهانية اليقينية اكثر من اولئك بكثير كثير وارسطو اكثر ما يبني الامور الالهية على مقدمات سوفسطاية في غاية الفساد ولولا ان هذا ليس موضع ذكره لذكرت كلامه في مقالة اللام التي هي اخر علومه بالفاظها وكذلك كلامه في اثولوجيا

وهذا ابن سينا افضل متأخريهم الذي ضم الى كلامه في الالهيات من القواعد التي اخذها عن المتكلمين اكثر مما اخذه عن سلفه الفلاسفة اكثر كلامه فيها مبني على مقدمات سوفسطائية ملبسة ليست خطابية ولا جدلية ولا برهانية مثل كلامه في توحيد الفلاسفة وكلامه في اسرار الايات وكلامه في قدم العالم كما بسط الكلام عليه في غير هذا الموضع

الوجه التاسع: الرد على ابن سينا والرازي في كلامهما في القضايا المشهورة المشتمل على ثمانية انواع

الوجه التاسع انهم اخرجوا القضايا التي يسمونها الوهميات والتي يسمونها الاراء المحودة عن ان تكون يقينيات وقد بينا في غير هذا الموضع انها وغيرها من العقليات سواء ولا يجوز التفريق بينهما وان اقتضاء الفطرة لهما واحد

اما المشهورات فان ابن سينا قال في اشاراته

اصناف القضايا المستعملة فيما بين القائسين ومن يجري مجراهم اربعة مسلمات ومظنونات وما معها ومشبهات بغيرها ومتخيلات والمسلمات اما معتقدات واما مأخوذات والمعتقدات اصنافها ثلاثة الواجب قبولها والمشهورات والوهميات والواجب قبولها اوليات ومشاهدات ومجربات وما معها من الحدسيات والمتواترات وقضايا قياساتها معها

الى ان قال

فأما المشهورات في هذه الجملة فمنها ايضا هذه الاوليات ونحوها مما يوجب قبوله لا من حيث هي واجب قبولها بل من حيث عموم الاعتراف بها

قال ومنها الاراء المسمات بالمحمودة وربما خصصناها باسم المشهورة اذ لا عمدة لها الا الشهرة وهو انه لو خلى انسان وعقله المجرد ووهمه وحسه ولم يؤدب بقبول قضاياها ولم يفد الاستقراء ظنه القوى الى حكم لكثرة الجزئيات ولم يستدع اليها ما في طبعه الانساني من الرحمة والخجل والانفة والحمية وغير ذلك لم يقض بها الانسان طاعة لعقله او وهمه او حسه مثل حكمنا ان سلب مال الانسان قبيح وان الكذب قبيح لا ينبغي ان يقدم عليه

قال ومن هذا الجنس ما يسبق وهم كثير من الناس وليس شيء من هذا يوجه العقل الساذج ولو توهم الانسان بنفسه انه خلق دفعة تام العقل ولم يسمع ادبا ولم يطع انفعالا نفسانيا او خلقا لم يقض في امثال هذه القضايا بشيء بل امكنه ان يجهله ويتوقف فيه وليس كذلك حال قضائه ان الكل اعظم من الجزء

وهذه المشهورات قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة وان كانت صادقة ليست تنسب الى الاوليات ونحوها اذا لم تكن بينة عند العقل الاول الا بنظر وان كانت محمودة عنده والصادق غير المحمود وكذلك الكاذب غير الشنيع ورب شنيع حق ورب محمود كاذب

والمشهورات اما من الواجبات واما من التأديبات الصلاحية وما تطابق عليها الشرائع الالهية واما خلقيات وانفعاليات واما استقرائيات وهي اما بحسب الاطلاق واما بحسب اصحاب صناعة وحكمة

وقد ذكر الرازي في شرحه للاشارات تقرير الفرق بين الاوليات العقلية والمشهوارات والوهميات

وقالوا المشهورات تشبه بالاوليات ووجه الفرق ظاهر فان الاولى هو الذي يكون حكمه على موضوعه في الوجودين حملا اولا لا ثانيا أي لا يكون حمله بتوسط فان المحمول على غيره بتوسط شئ اخر كان بعد حمل ذلك الشئ فلا يكون حمله عليه اولا بل ثانيا

وهذا إنما يظهر إذا لم يكن للعقل في ذلك الحكم موجب آخر إلا مجرد حضور طرفى الموضوع والمحمول أما إذا كان هناك اسباب أخر من الرقة او الانفة أو الحمية او العادة او الحمد على النظام الكلى والمصلحة العامة فحينئذ لا يعرف ان الموجب لحكم العقل بذلك هو نفس حضور طرفي الموضوع والمحمول او ذلك لاسباب اخر

فاذا اردت ان تمتحن ذلك فعليك ان تقدر نفسك كأنك خلقت في هذه الحال ولا تلتفت الى مقتضيات العادات واحكام سائر القوى من الرأفة والرقة وتجرد عما تعودته والفتة من القضايا المصلحية ثم تعرض على نفسك طرفى الموضوع والمحمول فان كان نفس حضورهما يوجب حكم العقل بتلك النسبة كانت القضية اولية وإلا كانت مشهورة وهو مثل قولنا الكذب قبيح فان السبب في شهرته تعلق المصلحة العامة به وقولنا الايلام قبيح والسبب فيه الرقة والدليل على ان ذلك ليس من الاوليات انا عند الفرض المذكور إذا عرضنا على العقل ان الشئ لا يخلو عن النفى والاثبات وعرضنا عليه ان الكذب قبيح وجدنا العقل جازما بالاول متوقفا في الثاني فعرفنا أن ذلك ليس من المحولات الاولية

ثم إن المشهور قد يكون صادقا وقد يكون كاذبا فالصادق قد يكون أوليا وقد لا يكون بل يحتاج في إثباته الى البرهان فان كل اولى لا بد ان يكون مشهورا لكن لا ينعكس فان السبب في الشهرة إما كونه اوليا أو تعلق النظام به او الانفعالات النفسانية كما ذكرنا او الاستقراء العام فان لكل مذهب أمورا مشهورة عندهم ربما لا تكون مشهورة عند من يخالفهم

قلت والكلام على هذا بأنواع متعددة

النوع الاول: الكلام على تفريقهم بين الاوليات والمشهورات

النوع الاول إن التفريق بين الاوليات وغيرها بأن الاوليات ما كان ثبوت الموضوع للمحمول وهو ثبوت الصفة للموصوف والمحكوم به للمحكوم عليه والمخبر به للمخبر عنه كثبوت الخبر للمبتدأ بالتفريق بين الاولى وغيره بان الموضوع إن ثبت للمحمول بنفسه في الوجودين الذهنى والخارجي فهو اولى وإن افتقر الى وسط فليس بأولى فرق بنى على اصل فاسد وهو ان الصفات اللازمة للموصوف منها ما يلزم بنفسه ليس بينه وبين الموصوف وسط في نفس الامر ومنها ما لا يلزم بنفسه بل بوسط في نفس الامر يكون ذلك الوسط لازما للموصوف ويكون هذا المحمول لازما لذلك اللازم

وهذا الفرق قد ذكره غير واحد كالرازي وغيره في الصفات اللازمة وابن سينا ذكره ايضا لكن ابن سينا ذكر انه إنما اراد بالوسط الحد الاوسط في القياس وهو ما يقرن باللام في قولك لانه وهذا هو الدليل والدليل هو وسط في الذهن للمستدل ليس هو وسطا في نفس ثبوت الصفة للموصوف فانه قد يستدل بالمعلول على العلة كما يستدل بالعلة على المعلول ويستدل بأحد المعلولين على الاخر ويستدل بثبوت احد الضدين على انتفاء الاخر وبثبوت احد المتلازمين على تحقق الاخر

ولا ريب أن الصفات اللازمة للموصوف تنقسم الى ما لزومه بين للإنسان والى ما ليس هو بينا بل يفتقر ملزومه الى دليل وكونه بينا للانسان وغير بين ليس هو صفة الشئ في نفسه وإنما هو إخبار عن علم الانسان به وتنبيه له فهو إخبار عن الوجود الذهني لا الخارجي فما كان بينا للانسان معلوما له موجودا في ذهنه لم يحتج فيه الى دليل وما لم يكن كذلك احتاج فيه الى دليل وكون الشئ بينا وغير بين نسبة وإضافة بين المعلوم والانسان العالم وهذا يختلف فيه احوال الناس فقد يتبين لزيد ما لا يتبين لعمرو فان اسباب العلم وقوة الشعور وجودة الاذهان متفاوته فلا يلزم إذا تبين لانسان ثبوت بعض الصفات او لزومها او اتصاف الموصوف بها ان يتبين ذلك لكل احد ولا يلزم اذا خفى على بعض الناس ان يكون خفيا على كل احد

وحينئذ فإذا فرق بين الاولى وغيره بان الاولى لا يحتاج الى وسط فبين كون القضية اولية او غير اولية فرق إضافي بحسب احوال الناس فيكون ذلك بمنزلة ان يقال القضية إما ان تكون معلومة وإما ان لا تكون وإما ان تكون ظاهرة وإما ان لا تكون وإما ان تكون واضحة وإما ان لا تكون وإما ان تكون جلية وإما ان لا تكون وإما ان يتصور الانسان صدقها وإما ان لا يتصور وهذا فرق صحيح فإن كل قضية بالنسبة الى كل احد إما ان تكون بينة له وإما ان لا تكون بينة له ولكن ليس هذا الفرق يميز بين اجناس القضايا حتى يجعل جنس منها بتمامه من قبيل غير البين وجنس آخر بتمامه من جنس البين فإن هذا الفرق لا يعود الى صفة لازمة للقضية كما ادعاه من ان اللازم البين ما ثبت للموصوف بلا وسط في نفس الأمر واللازم غير البين ما كان ثبوته بوسط في نفس الأمر بل جميع اللوازم للموصوف ليس بينها وبين الموصوف وسط اصلا في نفس الأمر وإن احتجاج الانسان في علمه بثبوتها الى دليل فليس كل ما لا يعلم لزومه للموصوف إلا بدليل لايكون ثبوته له إلا بوسط كما تقدم بيانه فإن المعلول لازم لعلته المعينة لا يمكن تخلف المعلول عن علته التامة التي دخل فيها وجود الشروط وانتفاء الموانع ومع هذا فقد لا يعلم ثبوت المعلول إلا بوسط بأن يستدل بمعلول آخر على العلة ثم بالعلة على المعلول كما يستدل بالرائحة التي في الشراب على انه مسكر ويستدل بالمسكر على التحريم كقوله كل مسكر خمر وكل مسكر حرام رواه مسلم وكما يستدل بثبوت كفارة اليمين في الالتزام على انه يمين ويستدل بأنه يمين على انعقاد الايلاء به وكذلك بالعكس وكما يستدل بالشعاع المنتشر على طلوع الشمس وبطلوعها على فوات الفجر وكما يستدل بفيء الظلال على زوال الشمس وبزوالها على دخول وقت الظهر فانها لا تفيء من المغرب الى المشرق إلا اذا زالت الشمس ولا يسمى فيئا إلا ما كان بعد الزوال والظل اسم عام لما كان في اول النهار وآخره وإن شئت تستدل بتزايد الظلال بعد تناهي قصرها على الزوال وبه على دخول وقت الظهر وكما يستدل بالجدي على جهة الشمال ويستدل بها على جهة الكعبة بأن يعلم ان الكعبة في تلك الأرض من جهة الجنوب والقطب شماليها إما محاذيا للركن الشامي سواء كما في أرض حران وما سامتها وإما مائلا الى المشرق وجهة الباب فينحرف الى المغرب كما في ارض العراق ومثل هذا كثير

وبالجملة فالدليل باتفاق العقلاء اعم من العلة بل كل ملزوم يستلزم غيره يمكن الاستدلال به عليه مطلقا ولا يفرق في هذا بين لازم ولازم ولا يقال من اللوازم ما يلزم بوسط فلا يمكن العلم به إلا بعد ذلك الوسط بل يمكن الاستدلال به عليه كما يمكن الاستدلال بكل ملزوم على لازمه فإن شرط ذلك العلم بالملزوم متى علم ان هذا لازم لهذا استدل بالملزوم على اللازم

فقد يكون ما هو لازم بغير وسط عندهم ولا يعرف لزومه إلا بالوسط الذي هو الدليل كالمعلول مع العلة وقد يكون ما يزعمون انه لازم بوسط ويمكن العلم بلزومه بلا وسط كما ذكروه من المثال في ذلك فزعموا ان اللونية للسواد والجسمية للحيوان ذاتية لثبوتها بلا وسط وزعموا ان الزوجية والفردية للعدد عرضية قالوا لأنا وإن علمنا ان الأربعة زوج والثلاثة فرد فلا يعلم ذلك في كل الأعداد بل يفتقر علمنا بأن المائتين واثنين وستين زوج والاحدى وستون فرد الى وسط وهو ان يقسم هذه فاذا انقسمت بقسيمين متساويين علمنا انها زوج

وقد بينا في كلامنا على فساد قولهم في الفرق بين الذاتي واللازم ان الفرق لا يعود الى صفة الموصوف في نفس الامر بل كون الزوجية والفردية لازمة للزوج والفرد كلزوم العددية للعدد ولزوم اللونية للبياض والسواد ولزوم الجسمية للحيوان ولكن بعض اللوازم بين لبعض الناس انه لازم لجميع الافراد وبعضها يخفي ثبوته لبعض الافراد وهذا فرق يعود الى الانسان كما ان من الاشياء ما نراها ومن الاشياء ما لا نراها وكذلك من الاشياء ما نعلمها ومن الاشياء ما لا نعلمها ولا يقتضى ذلك ان يكون ما علمه من الصفات هو اجزاء للماهية تركبت منها لو جاز ان تتركب الماهية من الاوصاف وما لم يعلمه لا يكون اجزاء للماهية فكيف اذا كان تركب الماهية الموجودة في الخارج من صفات قائمة بها ودعوى ان تلك الصفات اجزاء لها مقومة وهي سابقة عليها في غاية الفساد

والرازي وامثاله لما شاركوا المنطقيين في هذا الخطأ زعموا ان الوسط الذهني هو وسط خارجي فهذا باطل وما علمت قدماء المنطقيين يقولونه ولا رايته في كلام ابن سينا وامثاله وانما الذي رايته في كلامه ان الوسط هو الدليل

برهان للرازي على هذا التفريق وبيان تناقضه من ثلاثة عشر طريقا

فالرازي لما ادعى ما ادعاه لزمه تناقض زائد على تناقض المنطقيين

قال الرازي والبرهان على ان ما يكون لزومه بغير وسط كان بينا هو ان الماهية لما هي هي مقتضية لذلك اللازم فاذا عقلنا الماهية وجب ان نعقل منها انها لما هي هي تقتضى ذلك اللازم والا لما كنا عقلنا الماهية لما هي هي واذا عقلنا منها لما هي مقتضية للازم الفلاني وجب ان نعقل اللازم الفلاني لان العلم باضافة امر الى امر يتضمن العلم بكل المضافين

قال فهذا ما قيل في هذا الباب وفيه بحث لا بد من ذكره فان لقائل ان يقول ان ما يحصل لزومه من العلم بالماهية العلم بلازمها القريب وذلك القريب علة قريبة للازم الثاني فحينئذ يجب ان يعلم اللازم الثاني وان يعلم من ذلك الثاني اللازم الثالث فكان يجب ان يكون العلم بالماهية مقتضيا للعلم بجميع لوازمها القريبة والبعيدة وذلك محال فثبت ان العلم بالماهية لا يقتضى العلم بلازمها

قال ايضا فان ماهية العلة غير مقولة بالقياس الى المعلوم وعلته والعلة مقولة بالقياس الى المعلول فاذن ماهية العلة مغايرة لعلتها فاذن لا يلزم من العلم بماهية العلة العلم بدليل المعلول

ثم قال لكنا نقول في جواب هذا الشك العلم بماهية العلة لا يقتضى العلم بالمعلول الا بشرط اخر وهو حصول تصور المعلول فان العلية امر اضافي لا يحصل بمجرد ذات العلة فلا يكون العلم بذات العلة كافيا في العلم بالعلية لكن ذات العلة وذات المعلول هما لذاتيهما يقتضيان الوصف الاضافي وهو العلية والمعلولية لا جرم عند حصول تصورهما يجب حصول التصديق بانتساب احدهما الى الاخر وهذا هو المعنى بقولنا اللازم الذي يكون بغير وسط يكون بين الثبوت

قال واذا ثبت ان تصور العلة انما يوجب التصديق بثبوت المعلول القريب له عند تصور المعلول ثم من الجائز ان لا يحصل تصور المعلول عند تصور العلة لا جرم لا يلزم من العلم بحقيقة العلة العلم بثبوت كل اللوازم القريبة والبعيدة

قال واما الشك الثاني فهو ايضا خارج لانا لا نسلم ان العلية مغايرة لحقيقة ذات العلة لكنا ندعي ان تصور حقيقة العلة مع تصور حقيقة المعلول القريب يوجب العلم بكون العلة علة لذلك المعلول

قلت فهذا الكلام الذي زعموا انه برهان قرروا به الاصول الكلية ل الحد والبرهان وفيه من الفساد والخطأ والتناقض ما يطول وصفه لكن ننبه على بعضه وذلك من طرق

الطريق الاول

ان قوله الماهية لما هي هي مقتضية لذلك اللازم ان عني به ان الماهية الملزومة هي العلة في حصول لازمها في نفس الامر كما يقتضية كلامه فهذا من ابطل الباطل فليس كل ما كان لازما لغيره يكون ذلك الغير هو العلة المقتضية لوجوده في نفس الامر فان العلة نفسها لازمة لمعلولها المعين لا يوجد المعلول المعين الا بتلك العلة وان قدر وجود ما هو من جنسه بغير تلك العلة فليس هو ذلك المعين والعلة لا تكون معلولة لمعلولها وهي لازمة له

وكذلك احد المعلولين يلازم المعلول الاخر كالابوة والبنوة هما متلازمان وليس وجود احدهما علة للاخر بل كلاهما معلول علة اخرى وكذلك جميع المتلازمات كالناطقية والضاحكية للانسان متلازمان وليس احدهما علة للاخر وكذلك الحس والحركة الارادية متلازمان وليس احدهما علة الاخر ونظير هذا كثير في الحسيات والعقليات والشرعيات وكل شيء فان نجوم الثريا متلازمة ما دام الفلك موجودا على هذه الصفة وليس بعضها علة لبعض وكذلك الاخلاط الاربعة في جسد ابن ادم متلازمة وليس بعضها علة لبعض وصفات الرب تعالى كعلمه وقدرته متلازمة وليس احدى الصفتين علة للاخرى والادلة الدالة على الصانع جل جلاله وهي جميع مخلوقاته ملزومة لوجوده وليس فيها والعياذ بالله ما يجوز ان يقال انه علة له

وبالجملة فكل دليل فهو مستلزم لمدلوله والمدلول لازم للدليل وهذا متفق عليه بين العقلاء ومتفق بين العقلاء على ان الدليل لا يختص بان يكون معلولا لمدلوله بل الدليل اعم وكل من هذين امر بين مع اتفاق العقلاء عليه فكيف يجوز ان يقال ان كل ما لزم غيره فان الملزوم هو العلة المقتضية للازم وكل مدلول فهو لازم لدليله مع انتفاء هذا الاقتضاء في اكثر الادلة

فان قيل نحن لا نعني اللازم هنا الا الصفات اللازمة لموصوف وتلك الماهية الموصوفة مقتضية لذاتها لتلك الصفات قيل هذا خطأ من وجوه

احدها انهم لم يعنوا ذلك كما حكينا كلامهم بل جعلوا القضايا التي ليست اولية هي ما يفتقر الى هذا الوسط الذي جعلوه هنا معلولا للماهية كما قد حكينا كلامهم وان الاوليات حمل محمولها على موضوعها في الوجودين الذهني والخارجي حملا اوليا بلا وسط فجعلوا الوسط الذهني هو الخارجي والخارجي هو الذي ذكروه هنا وجعلوه معلول الماهية وايضا فانهم بهذا فرقوا بين اللازم البين واللازم غير البين

الوجه الثاني ان يقال هب انهم ارادوا الصفات اللازمة للماهية فكل دليل فهو ملزوم لمدلوله فكونه مستلزما لمدلوله صفة له لازمة له وهي على قولهم اما ان تكون بوسط واما ان تكون بغير وسط فآيات الله المخلوقة وهي العالم جميعه مستلزمة لوجود الرب تعالى ووجوده لازم لها وكونها ملزومة لذلك صفة لها لازمة لا يتصور قط ان يزول عنها هذا اللازم فانها مفتقرة بالذات الى الخالق وهذا الفقر لازم لها لا يفارقها البتة وحدوثها دليل على الباري وليست هي التي اقتضت وجوده وكذلك المعلول تقوم به صفات لازمة له وهو وصفاته تستلزم العلة

والمعلول وصفاته من العلة ليس هو علة لصفاته

الوجه الثالث ان يقال لا نسلم ان في الموصوفات ما هو علة فاعلة لصفته اصلا بل هو محل لصفاته القائمة به والموصوف ان كان رب العالمين فلا فاعل لصفاته كما لا فاعل لذاته وان كان مخلوقا فالفاعل لذاته هو الفاعل لصفاته اما كون ذاته علة فاعلة لصفاته فهذا باطل قطعا

ومما يتبين بطلانه ان الكلام في صفاته اللازمة وتلك لا تفارقه ولا يتصور ان يكون فاعلا الا بعد وجودها فيمتنع كونه هو الموجد لها واما صفاته المقومة فتلك عندهم هي المقومة لذاته ليست ذاته السابقة لها وهي كالعلة فجعلوا بعض صفاته اللازمة علة لذاته وهي الصفات المقومة وبعضها معلولة وهي اللازمة غير المقومة والقسمان خطأ فليس في صفات الموصوف اللازمة ما هو علة للذات ولا معلول للذات بل هي صفات قائمة بالذات وفاعل الذات فاعل صفاتها ان كانت الذات من الذوات المفعولة والذي خلق الانسان خلق الحيوانية والناطقية وخلق الضاحكية وغيرها ليس بعض هذه الصفات سابقا لذات الانسان او مادة لها ولا علة لها ولا بعضها معلول لها بل هي صفات قائمة بالانسان لازمة له والذي خلقه خلق هذه الصفات اللازمة له وكذلك سائر المخلوقات

الوجه الرابع ان يقال ما تعني بقولك وتلك الماهية الموصوفة مقتضية بصفاتها ان عنيت انها مستلزمة لها فحينئذ جميع الملزومات كذلك كما تقدم فبطل كونهم ارادوا بعض الملزومات وان عنيت انها فاعلة للزومها فليس في الماهيات ما يفعل شيئا من صفاتها

الطريق الثاني

ان يقال لو سلم انها مقتضية لذلك اللازم بمعنى انها علة كما ادعاه او بمعنى انها ملزومة لذلك اللازم كما هو الحق في نفس الامر فان كون الملزوم ملزوما واللازم لازما له هو ثابت لا ريب فيه واما كون الملزوم فعل اللازم او علة للازم

فهذا قد يكون في بعض الملزومات كالمعلول المعين اللازم لعلته والا فأكثر اللوازم ليست معلولة لملزوماتها وسواء قدر انها معلولة او لم يقدر فقوله الماهية لما هي هي مقتضية لذلك اللازم كلام مجمل فان كون الشيء ملزوما لغيره هو انه متى تحقق الملزوم تحقق اللازم فقوله الماهية لما هي هي مقتضية لذلك اللازم كلام فيه اجمال فان كونها ملزومة حقيقة معقولة فقول القائل لما هي هي يقتضى ان اللزوم قسمان لزوم لما هي هي ولزوم لغير ما هي هي

فان قيل نعم عندي اللزوم نوعان فاللازم البين الذي لا يفتقر الى وسط هو اللازم لما هي هي واللازم الذي يفتقر الى وسط هو اللازم لاجل الوسط لا لما هي هي قيل له الكلام في هذا الفرق فأنت تريد ان تقيم البرهان على ان ما كان لزومه بغير وسط كان بينا لا يفتقر الى دليل بل كان من الاوليات فمجرد تصور طرفي القضية كاف في العلم به والمنازع يقول لك قد يكون اللازم بغير وسط كالعلة مع معلولها لا يعلم الا بدليل ووسط فيكون وسطا في العلم والذهن لا وسطا في الخارج وانت قد ادعيت ان كل ما كان مفتقرا الى وسط في الذهن فانه يفتقر الى وسط في الوجود وان ما لا يفتقر الى وسط في الوجود لا يفتقر الى وسط في الذهن وعلى هذا ادعيت اقامة البرهان

ونحن نقول مجرد التصور التام لما ادعيته يوجب العلم الضروري بفساده لكن نبين مع ذلك فساد ما دللت به على دعواك كما نبين فساد شبه السوفسطائية وان سموها براهين وهو انك صادرت على المطلوب فجعلت المطلوب مقدمة في اثبات نفسه فانك لم يمكنك الاستدلال حتى اخذت مسلما ان اللوازم تنقسم الى البين الذي يلزم لما هي هي والى اللازم بوسط الذي يفتقر الى وسط في نفس الامر والمنازع لك يقول لا نسلم افتقار شيء من اللوازم الى وسط في نفس الامر بل جميع اللوازم يلزم الملزوم نفسه وان كان بعض الملزومات شرطا في البعض كما ان العلم مشروط بالحيوة والارادة مشروطة بالعلم فليس الشرط وسطا ملزوما للازم الثاني كما ادعيته بل الذات مستلزمة الجميع ومتى تحققت تحقق الجميع ولا يتحقق شيء منها الا مع الذات وبعضها لا يتحقق الا مع بعض بل قد تكون متلازمة كصفات الله تعالى لا يتحقق شيء منها الا مع الاخرى فحياته لازمة لعلمه وقدرته ومشيئته وكذلك قدرته ملازمة لعلمه وحياته فهي كلها متلازمة وهي ايضا لازمة للذات والذات لازمة لها وليس شيء من الصفات هو وسطا للاخرى كما ادعيته من ان بعض اللوازم لازم للذات وبعضها لازم اللازم وبعضها لازم لازم اللازم بل جميعها لازمة للذات وهي ايضا متلازمة

والذي ذكرناه من ان بعض الصفات قد يكون شرطا وهو من جنس الصفات واما الصفات اللازمة للموصوف مطلقا سواء كان هو الخالق او كان الملزوم مخلوقا كصفات الانسان اللازمة كلها متلازمة فحيوانية الانسان وناطقيته وضاحكيته متلازمة لا يوجد واحد منها دون الاخر وان وجدت حيوانية في غيره فتلك حيوانية غير حيوانيتة والفصول والخواص كلها متلازمة كالناطقية والضاحكية واذا كانت متلازمة وبعضها شرطا في بعض امتنع ان يكون الشرط هو الوسط الذي به يثبت المشروط كما ادعوه لان ذلك مستلزم ان يكون كل صفة لازمة وسطا للاخرى وان يكون ليس شيء من الصفات اللازمة يلزم بنفسه فيلزم الجمع بين النقيضين فعلم ان كون احدى الصفتين شرطا في الاخرى لا يقتضى كونها وسطا في الثبوت كما ادعوه واذا كان المنازع يمنع انقسام اللوازم الى ما لا يلزم بنفسه وبوسط وبرهانك مبنى على اخذ هذا التقسيم مسلما كنت مصادرا على المطلوب مثبتا للشيء بنفسه

فان قلت انا اقيم هذا البرهان على من يسلم لي من المنطقيين ان من اللوازم ما يلزم بوسط وبغير وسط قيل لك فهذا ايضا خطأ من وجوه احدها ان القياس يكون حينئذ جدليا لا برهانيا وانت جعلته برهانيا الثاني ان المنطق الذي هو ميزان العلوم عندكم لا يجوز ان تجعل المقدمات المبينة له جدلية فانه حينئذ لا يكون علما بل يكون شيئا اتفق بعض الناس على دعواه ونحن نعلم ان كثيرا من الناس يدعون صحة المنطق ولكن أي فائدة في هذا الثالث ان يقال ولو سلم لك هذا التقسيم فالبرهان خطأ كما سيأتي بيانه وخطأه دليل على فساد اصل التقسيم واذا كان اصل التقسيم خطا كان البرهان باطلا وكان التقسيم باطلا وهو المطلوب

الطريق الثالث

ان يقال قولكم فاذا عقلنا الماهية وجب ان نعقل منها انها لما هي هي تقتضى ذلك اللازم يقال هذا ممنوع وذلك ان قول القائل عقلنا الماهية وتصورنا الماهية ونحو ذلك من العبارات لفظ مجمل فانه قد يعني به التصور التام والعقل التام الذي يتضمن تصور الملزوم وقد نعني به انا عقلناها وتصورنا نوعا من العقل والتصور وان لم يكن تاما ولا شك ان مثل هذا لا يستلزم تصور الملزوم فدعواك ان كل عقل للماهية يوجب ان نعقل منها انها لما هي هي تقتضى ذلك اللازم ممنوع وهو خلاف الواقع فان الناس لا يزالون يعقلون بعض الماهيات نوعا من العقل فلا يعقلون انها لما هي هي تقتضى اللازم وبالجملة فنحن في هذا المقام يكفينا المنع فان الدعوى ليست بديهية ولم يقم عليها دليلا الا قوله والا لما عقلنا الماهية لما هي هي فان اراد بهذا اللازم المنفي العقل التام الذي هو التصور التام فنحن نسلم ذلك ونقول ليس كل من تصور ماهية ما وعقلها نوعا من العقل والتصور يكون قد عقلها وتصورها عقلا تاما وتصورا تاما وان اراد بهذا اللازم المنفي انا لا يكون حصل لنا شيء من التصور والعقل فهذا ممنوع

الطريق الرابع

ان يقال ما ذكره يستلزم ان لا يعقل شيء من المفردات البسائط ولا يعقل شيء وحده بل كل من عقل شيئا فلا بد ان يعقل لازمه القريب فيكون قد عقل اثنين وتصور اثنين لم يعقل واحدا ولم يتصور واحدا وهذا مناقض لما زعموه من ان العلم ينقسم الى تصور وتصديق وان التصور هو التصور الساذج الذي لا يكون معه حكم بشيء اصلا لا بنفي ولا باثبات ونحن وان كنا قلنا ان مثل هذا ليس بعلم وانه لا يسمى علما الا ما تضمن العلم بنفي او اثبات فلا يمتنع ان يتصور الشيء من بعض الوجوه وان لم يتصور انه ملزوم للوازم له يلزمه بنفسها فقد ثبت ان قوله باطل باتفاق العقلاء

الطريق الخامس

ان يقال لو كان ما ذكرته صحيحا للزم ان من عقل شيئا عقل لوازم الشيء جميعها فانه اذا عقل الملزوم وجب ان يعقل لازمه الذي بغير وسط ثم عقل ذلك اللازم يوجب عقل الاخر وهلم جرا فيلزم ان يكون قد عقل اللوازم جميعها وهذا كما انه يبطل حجته فهو يبطل اصل قولهم ان اللازم بغير وسط لا يفتقر الى دليل في حق احد

فانه لو كان كذلك لكان من تصور شيئا تصور جميع لوازمه ويلزم ان من عرف الله عرف جميع ما يعلمه الله فيعلم كل شيء لان علمه سبحانه من لوازم ذاته بل يلزم ان من علم شيئا من مخلوقاته علم كل شيء فان المخلوق مستلزم للخالق والخالق مستلزم لعلمه بكل شيء بل وهو مستلزم لمشيئته ومشيئته مستلزمة لجميع ما خلقه فانه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن فلو كان من علم الملزوم لا بد ان يعلم لازمه لزم ان من علم شيئا فقد علم كل شيء

وفساد هذا بين مع ان فساد هذه الدعوى اظهر من ان يحتاج الى دليل لكن اذا عرف شناعة لوازمها كان ادل على قبحها وفسادها وهذا يتضمن السؤال الذي ذكره وقال فيه بحث لا بد من ذكره كما تقدم حكاية لفظه والجواب الذي ذكره عنه باطل وقد تناقض فيه وذلك يتبين بذكر

الطريق السادس

وهو ان قوله العلم بماهية العلة لا يقتضى العلم بالمعلول الا بشرط اخر وهو حضور تصور المعلول فيقال المعلول عندكم هنا هو اللازم الاول الذي كان الموصوف علة له في ذاته لم يفتقر في كونه علة له إلى المعلول فان العلة لو افتقرت في كونها علة الى المعلول لم تكن وحدها علة وللزم تقدم المعلول على علية علته وعلية علته متقدمة على ذاته وهذا دور ممتنع باتفاق العقلاء

وانتم جعلتم ما كان يفتقر لزومه الى وسط افتقر العلم به الى وسط وما لزم بلا وسط علم بلا وسط فاذا جعلتم العلم بلزومه موقوفا على تصور المعلول والعلة والملزوم واللازم جميعا وقلتم لا يعلم اللزوم الا بعد هذين التصورين واللزوم الخارجي موقوف على العلة وحدها لا على الاثنين بطل قولكم ان الوسط الذهني هو الخارجي فان هذا يتوقف العلم بلزومه على تصورين ولزومه في الخارج انما هو لازم لواحد لا لاثنين

الطريق السابع

قولك في الجواب ان الماهية وحدها لا تكفي في حصول العلية لان العلية امر اضافي والامور الاضافية لا يكفي في حصولها الشيء الواحد بل لا بد من حصول كلا المضافين كلام باطل سواء كانت العلية امرا عدميا او وجوديا فانها ان كانت عدمية بطل هذا الكلام وان كان امرا وجوديا فمعلوم ان العلة وحدها هي الموجبة للمعلول والا لم تكن علة له بل جزء علة والمعلول لا يكون الا بعد العلة فاذا كانت وحدها موجبة وهو لا يوجد الا بوجود العلة علم انها وحدها توجب المعلول والعلية

الطريق الثامن

قولك الامور الاضافية لا يكفي في حصولها الشيء الواحد تعني به في الذهن او في الخارج فان هذا الموضع فيه التباس ان عنيت انها لا تتصور الا بتصور شيئين فهذا صحيح ولا ريب ان العلية لا تتصور الا بتصور العلة والمعلول فحصولها في التصور الذهني مشروط بحصول تصور المضافين في الذهن وان عنيت انها لا توجد في الخارج الا بالشيئين فهذا باطل بالضرورة واتفاق العقلاء فان ذات الرب وحدها مستلزمة لكل ما يتصف به من الامور الثبوتية والاضافية وهذا متفق عليه بين المسلمين والفلاسفة وسائر الناس فان كونه خالقا للعالم وربا وفاعلا هو الذي يسمونه علة ومؤثرا والناس متنازعون في الخلق هل هو امر عدمي وهو نفس المخلوق كما يقوله اكثر المعتزلة والاشعرية ام الخلق زائد على المخلوق كما هو قول جماهير المسلمين وهو قول السلف والائمة وذكر البخاري انه قول العلماء مطلقا لم يذكر فيه نزاع وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع

والمقصود هنا انه على كل قول فلا يقول عاقل ان المخلوق اوجب كونه خالقا ولا المعلول جعل العلة علة ولا انه شرط في ذلك بل الخالق سبحانه هو وحده خلق جميع المخلوقات وكونه خالقا على قول الجمهور حاصل بقدرته ومشيئته عند المسلمين ليس خاصا بالمخلوقات بل خلق المخلوق متقدم عليه في نفس الامر فكيف يكون الخلق معلولا ل المخلوق وكذلك علية العلة متقدمة على المعلول في نفس الامر فكيف يكون المعلول جزء علية العلة فقوله ان العلية امر اضافي والامور الاضافية لا يكفي في حصولها الشيء الواحد بل لا بد من حصول كلا المضافين فيه تغليط بسبب الاجمال في قوله فالشيء الواحد لا يكفي في حصولها فان ما ذكره صحيح في الحصول في العلم والتصور واما الحصول الخارجي فالشيء الواحد قد يكون علة لامور كثيرة اضافية والعلة علة المعلول وعلة عليتها وهما جميعا حاصلان بالعلة وكذلك الابوة والبنوة من المتضائفات وهما لازمان للايلاد فعلة الايلاد اوجبت هذين المتضائفين

فان قيل اراد ان الامور الاضافية لا توجد الا بوجود المضافين وان كان احدهما مستقلا بوجود المضافين قيل عن هذا جوابات احدها بأنه لم يرد هذا ولو اراده لم ينفعه وكان خطأ فهذه ثلاثة اجوبة

وذلك ان كلامه في وجود علية العلة هو حصل بالعلة وحدها او بها وبالمعلول فلا بد ان يدخل صورة الدعوى في دليله ولفظه تقدم قال فيه وبيانه ان ماهية العلة وحدها لا تكفي في حصول العلية لان العلية امر اضافي والامور الاضافية لا تكفي في حصولها الشيء الواحد بل لا بد من حصول كلا المضافين فاذا لم تكن ذات العلة مستقلة باقتضاء حصول صفة العلية لا جرم لم يكن العلم بذات العلة كافيا في حصول العلم بالعلية فقد تبين مراده وهو ان العلة لا تستقل باقتضاء صفة العلية بل المقتضى بحصول هذه الصفة العلة والمعلول جميعا وهذا باطل

ولو قدر انه اراد ان الامور الاضافية تتوقف على وجود المضافين وان لم يكن احدهما علة بل شرطا أي لا توجد الاضافة الا مع وجود المضافين لم ينفعه هذا فانه يقول العة اوجبت الامرين معا ولم يوجد احدهما الا مع الاخر ويلزمه ان يقول في العلم مثل ذلك فيقول العلم بالملزوم يوجب العلم باللازم وبالملزوم فان الملزوم هو العلة عندهم في هذا موضع واللازم هو المعلول

ثم انه لا يسلم له ان كل اضافة تتوقف على وجود المضافين في ان واحد فان التقدم والسبق ونحو ذلك من الامور الاضافية توجد قبل وجود احد المضافين وكذلك علية العلة التي ليست تامة توصف بها العلة قبل وجود المعلول وهي التي يسميها الفقهاء الاسباب فيقال ملك النصاب سبب لوجوب الزكوة والسببية من الأمور الإضافية والنصاب موصوف بها قبل وجوب الزكاة وكذلك يقال هذا موجود قبل هذا او هو متقدم على هذا او هو اسبق من هذا. ومثل هذا كثير

الطريق التاسع

انه قال ان ذات العلة والمعلول يعني اللازم والملزوم بغير وسط عند تصورهما يجب حصول التصديق بانتساب احدهما الى الاخر فيقال هذا اول الدعوى فانه ان اراد بالتصور التام الذي يحصل معه تصور الملزوم فهذا حق ولكن لا ينفعه فانه ادعى ان مطلق عقل الماهية يوجب ذلك وايضا فانا نلزمه مثل ذلك في جميع الملزومات انها متى تصورت تصور اللازم وهو باطل وايضا فانا نحن نلتزم مثل ذلك في التصور التام فنقول في جميع اللوازم متى تصور الملزوم تصورا تاما يحصل به تصور الملزوم حصل معه العلم بأن هذا لازم وان لم يحصل هذا التصور لم يجب العلم باللازم في شيء من الامور كما سيأتي ذكر ذلك

وقوله متى تصورنا حقيقة العلة وحقيقة المعلول امتنع عند ذلك ان لا نصدق بثبوت احدهما للاخر ان اراد التصور التام فهذا مشترك بين جميع اللوازم وان اراد غيره فالحكم ممنوع وهو انما ادعى ان مطلق عقل الماهية يوجب ذلك وقد بينا ان عقلها او تصورها ينقسم الى تام وغير تام وان ما ذكره انما يلزم في التام

الطريق العاشر

ان يقال ان كنت تعني باللزوم البين هذا فهكذا يفسر به لازم اللازم فيقال اذا تصور اللازم الاول وتصور لازم لازمه امتنع حينئذ ان لا بعرف ان احدهما علة للاخر فيلزم ما فررت منه وهو انه متى تصور شيئا تصور جميع لوازمه

الطريق الحادي عشر

قوله اذا اثبت ان تصور العلة انما يوجب التصديق بثبوت المعلول القريب عند تصور المعلول ثم من الجائز ان لا يحصل تصور المعلول عند تصور العلة لا جرم لا يلزم من العلم بحقيقة العلة العلم بكل اللوازم القريبة والبعيدة فيقال له انت فرقت بين اللوازم القريبة والبعيدة بأن القريبة ما كان بين اللزوم وادعيت ان ما كان بين اللزوم وهو ما ثبت بغير وسط يجب ان يعلم إذا تصور الملزوم فلا يفتقر الى وسط وقد فسرت ذلك في آخر الأمر بأن المراد إذا تصور الملزوم واللازم جميعا فيجب ان يعلم الملزوم فيقال لك وهكذا ايضا إذا تصور اللازم الأول ولازمه الثاني فقد تصور الملزوم ولازمه القريب فيجب ان يتصور لزومه له وقد كان تصور لزوم الأول فيلزم ما فررت منه من انه إذا عرف لزوم الأول عرف لزوم سائر اللوازم فإذا شرطت في العلم بلزوم الأول حضورهما جميعا فكذلك فاشرطه في العلم بلزوم الثاني وإن حذفت الشرط في الثاني فاحذفه من الأول حتى يكون الكلام عدلا

وعلى التقديرين يلزم بطلان الفرق بين لازم ولازم بأن هذا بوسط وبأن هذا بغير وسط اذا فسر الوسط بوسط في نفس الأمر وبطلان ما ادعوه من ان اللازم بغير وسط يجب العلم به بلا دليل وان اللازم بوسط لا يعلم إلا بالعلم بالوسط فما ادعوه من هذا وهذا باطل فبطل ما ذكروه من دليل الفرق بين الأوليات والمشهورات وهو المطلوب

الطريق الثاني عشر

انه قال في جواب السؤال الثاني لا نسلم ان العلية مغايرة لحقيقة ذات العلة لكنا ندعي ان تصور حقيقة العلة مع تصور حقيقة المعلول القريب يوجب العلم بكون العلة علة لذلك المعلول فيقال هذا كلام مناقض لما تقدم مع تناقضه في نفسه فان العلية ان لم تكن مغايرة لذات العلة بطل قولك ان ماهية العلة وحدها لا تكفي في حصول العلية لان العلية امر اضافي والامور الاضافية لا تكفي في حصولها الشيء الواحد فانها اذا لم تغايرها لم يكن هناك شيء يكون معلولا لا للعلة ولا لها ولغيرها بل ولا هناك شيء يتصور اذا تصورت العلة والمعلول وان قيل هي مغايرة في العلم لا في الاعيان فانها امر عدمي قيل وهذا يبطل قوله فان العدم المحض لا حصول له فضلا عن ان يفتقر الى علة لحصوله ولكن تصورها في الذهن يتوقف على المضافين وهذا مما قدمنا انه حق وهو مبطل لما قاله

الطريق الثالث عشر

انهم قد زعموا ان اللوازم مترتبة في نفسها بالذات مستلزمة للاول والثاني مستلزم للثالث والثالث للرابع وان ما كان لزومه بغير وسط كان بينا لا يحتاج الى دليل وقد تناقض تفسيره لذلك لتناقض القول في نفسه فيقال له أي شيء قلته في لزوم الاول للملزوم الاول يقال في اللازم الثاني للاول سواء بسواء من كل وجه وحينئذ فأي شيء فسرت به العلم بلزوم الاول لا يفتقر الى وسط يلزمك مثله في الثاني فيكون موجب برهانك ان من علم شيئا علم جميع لوازمه وهذا في غاية الفساد


الرد على المنطقيين
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19