كتاب الأحكام الشرعية الكبرى/كتاب الطهارة/باب من قال يتيمم إلى أنصاف الذراعين
باب من قال يتيمم إلى أنصاف الذراعين
عدلأبو داود: حدثنا محمد بن كثير العبدي، ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن أبي مالك، عن عبد الرحمن بن أبزى قال: " كنت عند عمر فجاءه رجل. فقال: إنا نكون بالمكان الشهر أو الشهرين. فقال عمر: أما أنا فلم أكن أصلي حتى أجد الماء. قال: فقال عمار: يا أمير المؤمنين، أما تذكر إذ كنت وأنت في الإبل فأصابتنا جنابة، فأما أنا فتمعكت، فأتينا النبي ﷺ فذكرت ذلك له، فقال: إنما كان يكفيك أن تقول هكذا. وضرب بيديه إلى الأرض، ثم نفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه ويديه إلى نصف الذراع، فقال عمر: يا عمار، اتق الله. فقال: يا أمير المؤمنين إن شئت والله لم أذكره أبدا. فقال عمر: كلا والله لنولينك من ذلك ما توليت ".
أبو داود: حدثنا محمد بن العلاء، ثنا حفص، ثنا الأعمش، عن سلمة ابن كهيل، عن ابن أبزى، عن عمار بن ياسر في هذا الحديث " فقال: يا عمار، إنما كان يكفيك هكذا، ثم ضرب بيديه إلى الأرض، ثم ضرب إحداهما على الأخرى، ثم مسح وجهه والذراعين إلى نصف الساعد ولم يبلغ المرفقين ضربة واحدة ".
قال أبو داود: رواه وكيع، عن الأعمش، عن سلمة بن كهيل، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه.
أبو مالك اسمه غزوان وهو كوفي ثقة. قاله يحيى بن معين، ذكره عنه ابن أبي حاتم.
أبو داود: حدثنا علي بن سهل الرملي، حدثنا حجاج، حدثني شعبة يعني عن سلمة، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن عمار في هذه القصة قال: " ثم نفخ فيها ومسح بها وجهه وكفيه إلى المرفقين أو الذراعين ".
قال شعبة: كان سلمة يقول: " الكفين والوجه والذراعين " فقال له منصور ذات يوم: انظر ما تقول ؛ فإنه لا يذكر الذراعين غيرك.
وروى أبو داود قال: ثنا أحمد بن صالح، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، حدثه عن عمار بن ياسر " أنه كان يحدث أنهم تمسحوا وهم مع رسول الله ﷺ بالصعيد لصلاة الفجر، فضربوا بأكفهم الصعيد، ثم مسحوا بوجوههم مسحة واحدة، ثم عادوا فضربوا بأكفهم الصعيد مرة أخرى فمسحوا بأيديهم كلها إلى المناكب والآباط من بطون أيديهم ".
قال أبو عيسى: قال إسحاق: حديث عمار بن ياسر في التيمم للوجه والكفين هو حديث صحيح وحديث عمار: " تيممنا مع النبي ﷺ إلى المناكب والآباط " ليس مخالف لحديث الوجه والكفين ؛ لأن عمارا لم يذكر أن النبي ﷺ أمرهم بذلك، وإنما قال: فعلنا كذا وكذا، فلما سأل النبي ﷺ أمره بالوجه والكفين، والدليل على ذلك ما أفتى به عمار بعد النبي ﷺ في التيمم أنه قال: الوجه والكفين. ففي هذا دلالة أنه انتهى إلى ما علمه النبي ﷺ.