كتاب الأم/كتاب الجزية/الصلح على أموال أهل الذمة



[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: قال: الله عز وجل: {حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} قال: فكان معقولا في الآية أن تكون الجزية غير جائزة والله تعالى أعلم إلا معلوما ثم دلت سنة رسول الله على مثل معنى ما وصفت من أنها معلوم فأما ما لم يعلم أقله، ولا أكثره، ولا كيف أخذ من أخذه من الولاة له، ولا من أخذت منه من أهل الجزية فليس في معنى سنة رسول الله ولا نوقف على حده. ألا ترى إن قال: أهل الجزية نعطيكم في كل مائة سنة درهما وقال: الوالي بل آخذ منكم في كل شهر دينارا لم يقم على أحد هذا، ولا يجوز فيها إلا أن يستن فيها بسنة رسول الله فنأخذ بأقل ما أخذ رسول الله فلا يكون لوال أن يقبل أقل منه، ولا يرده؛ لأن رسول الله أخذها معلومة، ألا ترى أنه أخذها دينارا وازداد فيها ضيافة فأخذ من كل إنسان من أهل اليمن دينارا ومن أهل أيلة مثله وأخذ من أهل نجران كسوة وأعلمني علماء من أهلها أنها تتجاوز قيمة دينار، ولم يجز في الآية إلا أن تكون على كل بالغ لا على بعض البالغين دون بعض من أهل دين واحد فلا يجوز والله تعالى أعلم أن تؤخذ الجزية من قوم من أموالهم على معنى تضعيف الصدقة بلا ثني عليهم فيها وذلك أن ذلك لو جاز كان منهم من لا مال له تجب فيه الصدقة، وإن كان له مال كثير من عروض ودور كغلة وغيرها فيكونون بين أظهرنا مقرين على دينهم بلا جزية، ولم يبح هذا لنا، ولا أن يكون أحد من رجالهم خليا من الجزية. ويجوز أن يؤخذ من الجزية على ما صالحوا عليه من أموالهم تضعيف صدقة، أو عشر أو ربع، أو نصف، أو نصف أموالهم أو أثلاثها، أو ثني أن يقال: من كان له منكم مال أخذ منه ما شرط على نفسه وشرطوا له ما كان يؤخذ منه في السنة تكون قيمته دينارا أو أكثر، فإذا لم يكن له ما يجب فيه ما شرط، أو هو أقل من قيمة دينار فعليه دينار، أو تمام دينار، وإنما اخترت هذا أنها جزية معلومة الأقل وأن ليس منهم خلي منها قال: ولا يفسد هذا؛ لأنه شرط يتراضيان به لا بيع بينهما فيفسد بما تفسد به البيوع كما لم يفسد أن يشترط عليهم الضيافة، وقد تتابع عليهم فتلزمهم وتغب فلا تلزمهم بإغبابها شيء. قال ولعل عمر أن يكون صالح من نصارى العرب على تضعيف الصدقة وأدخل هذا الشرط، وإن لم يحك عنه، وقد روي عنه أنه أبى أن يقر العرب إلا على الجزية فأنفوا منها، وقالوا تأخذها منا على معنى الصدقة مضعفة كما يؤخذ من العرب المسلمين فأبى فلحقت منهم جماعة بالروم فكره ذلك وأجابهم إلى تضعيف الصدقة عليهم فصالحه من بقي في بلاد الإسلام عليها فلا بأس أن يصالحهم عليها على هذا المعنى الذي وصفت من الثني.


كتاب الأم - كتاب الجزية
مبتدأ التنزيل والفرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم على الناس | الإذن بالهجرة | مبتدأ الإذن بالقتال | فرض الهجرة | أصل فرض الجهاد | من لا يجب عليه الجهاد | من له عذر بالضعف والمرض والزمانة في ترك الجهاد | العذر بغير العارض في البدن | العذر الحادث | تحويل حال من لا جهاد عليه | شهود من لا فرض عليه القتال | من ليس للإمام أن يغزو به بحال | كيف تفضل فرض الجهاد | تفريع فرض الجهاد | تحريم الفرار من الزحف | في إظهار دين النبي -صلى الله عليه وسلم- على الأديان | الأصل فيمن تؤخذ الجزية منه ومن لا تؤخذ | من يلحق بأهل الكتاب | تفريع من تؤخذ منه الجزية من أهل الأوثان | من ترفع عنه الجزية | الصغار مع الجزية | مسألة إعطاء الجزية بعدما يؤسرون | مسألة إعطاء الجزية على سكنى بلد ودخوله | كم الجزية ؟ | بلاد العنوة | بلاد أهل الصلح | الفرق بين نكاح من تؤخذ منه الجزية وتؤكل ذبائحهم | تبديل أهل الجزية دينهم | جماع الوفاء بالنذر والعهد ونقضه | جماع نقض العهد بلا خيانة | نقض العهد | ما أحدث الذين نقضوا العهد | ما أحدث أهل الذمة الموادعون مما لا يكون نقضا | المهادنة | المهادنة على النظر للمسلمين | مهادنة من يقوى على قتاله | جماع الهدنة على أن يرد الإمام من جاء بلده مسلما أو مشركا | أصل نقض الصلح فيما لا يجوز | جماع الصلح في المؤمنات | تفريع أمر نساء المهادنين | إذا أراد الإمام أن يكتب كتاب صلح على الجزية كتب: بسم الله الرحمن الرحيم | الصلح على أموال أهل الذمة | كتاب الجزية على شيء من أموالهم | الضيافة مع الجزية | الضيافة في الصلح | الصلح على الاختلاف في بلاد المسلمين | ذكر ما أخذ عمر رضي الله تعالى عنه من أهل الذمة | تحديد الإمام ما يأخذ من أهل الذمة في الأمصار | ما يعطيهم الإمام من المنع من العدو | تفريع ما يمنع من أهل الذمة | الحكم بين أهل الذمة | الحكم بين أهل الجزية