كتاب الأم/كتاب الجزية/ما أحدث أهل الذمة الموادعون مما لا يكون نقضا
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا أخذت الجزية من قوم فقطع قوم منهم الطريق، أو قاتلوا رجلا مسلما فضربوه، أو ظلموا مسلما، أو معاهدا، أو زنى منهم زان أو أظهر فسادا في مسلم، أو معاهد حد فيما فيه الحد وعوقب عقوبة منكلة فيما فيه العقوبة، ولم يقتل إلا بأن يجب عليه القتل، ولم يكن هذا نقضا للعهد يحل دمه، ولا يكون النقض للعهد إلا بمنع الجزية، أو الحكم بعد الإقرار والامتناع بذلك، ولو قال: أؤدي الجزية، ولا أقر بحكم نبذ إليه، ولم يقاتل على ذلك مكانه وقيل: قد تقدم لك أمان بأدائك للجزية وإقرارك بها، وقد أجلناك في أن تخرج من بلاد الإسلام، ثم إذا خرج فبلغ مأمنه قتل إن قدر عليه، وإن كان عينا للمشركين على المسلمين يدل على عوراتهم عوقب عقوبة منكلة، ولم يقتل ولم ينقض عهده، وإن صنع بعض ما وصفت من هذا، أو ما في معناه موادع إلى مدة نبذ إليه، فإذا بلغ مأمنه قوتل إلا أن يسلم، أو يكون ممن تقبل منه الجزية فيعطيها لقول الله عز وجل: {وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء} الآية.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وأمر في الذين لم يخونوا أن يتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم في قوله {إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا، ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم} الآية.