كتاب الأم/كتاب الوصايا/باب استحداث الوصايا

ملاحظات: باب استحداث الوصايا



[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى في غير آية في قسم الميراث {من بعد وصية توصون بها أو دين} و {من بعد وصية يوصين بها أو دين}.

[قال الشافعي]: فنقل الله تبارك وتعالى ملك من مات من الأحياء إلى من بقي من ورثة الميت فجعلهم يقومون مقامه فيما ملكهم من ملكه وقال الله عز وجل: {من بعد وصية توصون بها أو دين} قال: فكان ظاهر الآية المعقول فيها {من بعد وصية توصون بها أو دين} إن كان عليهم دين.

[قال الشافعي]: وبهذا نقول، ولا أعلم من أهل العلم فيه مخالفا، وقد تحتمل الآية معنى غير هذا أظهر منه وأولى بأن العامة لا تختلف فيه فيما علمت وإجماعهم لا يكون عن جهالة بحكم الله إن شاء الله.

[قال الشافعي]: وفي قول الله عز وجل: {من بعد وصية توصون بها أو دين} معان سأذكرها إن شاء الله تعالى فلما لم يكن بين أهل العلم خلاف علمته في أن ذا الدين أحق بمال الرجل في حياته منه حتى يستوفي دينه وكان أهل الميراث إنما يملكون عن الميت ما كان الميت أملك به كان بينا والله أعلم في حكم الله عز وجل ثم ما لم أعلم أهل العلم فاختلفوا فيه أن الدين مبدأ على الوصايا والميراث فكان حكم الدين كما وصفت منفردا مقدما، وفي قول الله عز وجل " أو دين " ثم إجماع المسلمين أن لا وصية ولا ميراث إلا بعد الدين دليل على أن كل دين في صحة كان أو في مرض بإقرار، أو بينة، أو أي وجه ما كان سواء؛ لأن الله عز وجل لم يخص دينا دون دين.

[قال الشافعي]: وقد روي في تبدئة الدين قبل الوصية حديث عن النبي لا يثبت أهل الحديث مثله أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه (أن النبي قضى بالدين قبل الوصية) وأخبرنا سفيان عن هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس أنه قيل: له كيف تأمرنا بالعمرة قبل الحج والله تعالى يقول {وأتموا الحج والعمرة لله}؟ فقال: كيف تقرءون الدين قبل الوصية، أو الوصية قبل الدين؟ فقالوا الوصية قبل الدين قال: فبأيهما تبدءون؟ قالوا بالدين قال: فهو ذاك.

[قال الشافعي]: يعني أن التقديم جائز، وإذا قضي الدين كان للميت أن يوصي بثلث ماله فإن فعل كان للورثة الثلثان، وإن لم يوص، أو أوصى بأقل من ثلث ماله كان ذلك مالا من مال تركه قال: فكان للورثة ما فضل عن الوصية من المال إن أوصى.

[قال الشافعي]: ولما جعل الله عز ذكره للورثة الفضل عن الوصايا والدين فكان الدين كما وصفت وكانت الوصايا محتملة أن تكون مبدأة على الورثة، ويحتمل أن تكون كما وصفت لك من الفضل عن الوصية وأن يكون للوصية غاية ينتهي بها إليها كالميراث بكل وارث غاية كانت الوصايا مما أحكم الله عز وجل فرضه بكتابه وبين كيف فرضه على لسان رسول الله أخبرنا مالك عن ابن شهاب.

[قال الشافعي]: فكان غاية منتهى الوصايا التي لو جاوزها الموصي كان للورثة رد ما جاوز ثلث مال الموصي قال: وحديث عمران بن حصين يدل على أن من جاوز الثلث من الموصين ردت وصيته إلى الثلث ويدل على أن الوصايا تجوز لغير قرابة؛ لأن رسول الله حين رد عتق المملوكين إلى الثلث دل على أنه حكم به حكم الوصايا والمعتق عربي، وإنما كانت العرب تملك من لا قرابة بينها وبينه والله تعالى أعلم.

كتاب الأم - كتاب الوصايا
باب الوصية وترك الوصية | باب الوصية بمثل نصيب أحد ولده أو أحد ورثته ونحو ذلك وليس في التراجم | باب الوصية بجزء من ماله | باب الوصية بشيء مسمى بغير عينه | باب الوصية بشيء مسمى لا يملكه | باب الوصية بشاة من ماله | باب الوصية بشيء مسمى فيهلك بعينه، أو غير عينه | باب ما يجوز من الوصية في حال، ولا يجوز في أخرى | باب الوصية في المساكين والفقراء | باب الوصية في الرقاب | باب الوصية في الغارمين | باب الوصية في سبيل الله | باب الوصية في الحج | باب العتق والوصية في المرض | باب التكملات | باب الوصية للرجل وقبوله ورده | باب ما نسخ من الوصايا | باب الخلاف في الوصايا | باب الوصية للزوجة | باب استحداث الوصايا | باب الوصية بالثلث وأقل من الثلث وترك الوصية | باب عطايا المريض | باب نكاح المريض | هبات المريض | باب الوصية بالثلث | باب الوصية في الدار والشيء بعينه | باب الوصية بشيء بصفته | باب المرض الذي تكون عطية المريض فيه جائزة، أو غير جائزة | باب عطية الحامل وغيرها ممن يخاف | باب عطية الرجل في الحرب والبحر | باب الوصية للوارث | باب ما يجوز من إجازة الوصية للوارث وغيره وما لا يجوز | باب ما يجوز من إجازة الورثة للوصية وما لا يجوز | باب اختلاف الورثة | الوصية للقرابة | باب الوصية لما في البطن والوصية بما في البطن | باب الوصية المطلقة والوصية على الشيء | باب الوصية للوارث | باب تفريغ الوصايا للوارث | الوصية للوارث | مسألة في العتق | باب الوصية بعد الوصية | باب الرجوع في الوصية | باب ما يكون رجوعا في الوصية وتغييرا لها وما لا يكون رجوعا، ولا تغييرا | تغيير وصية العتق | باب وصية الحامل | صدقة الحي عن الميت | باب الأوصياء | باب ما يجوز للوصي أن يصنعه في أموال اليتامى | الوصية التي صدرت من الشافعي رضي الله عنه