كتاب الأم/كتاب الوصايا/باب المرض الذي تكون عطية المريض فيه جائزة، أو غير جائزة
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: المرض مرضان فكل مرض كان الأغلب منه أن الموت مخوف منه فعطية المريض فيه إن مات في حكم الوصايا وكل مرض كان الأغلب منه أنه غير مخوف فعطية المريض فيه كعطية الصحيح، وإن مات منه، فأما المرض الذي الأغلب منه أن الموت مخوف منه فكل حمى بدأت بصاحبها حتى جهدته أي حمى كانت، ثم إذا تطاولت فكلها مخوف إلا الربع فإنها إذا استمرت بصاحبها ربعا كان الأغلب فيها أنها غير مخوفة فما أعطى الذي استمرت به حمى الربع، وهو في حماه فهو كعطية الصحيح وما أعطى من به حمى غير ربع فعطية مريض، فإن كان مع الربع غيرها من الأوجاع وكان ذلك الوجع مخوفا فعطيته كعطية المريض ما لم يبرأ من ذلك الوجع وذلك مثل البرسام والرعاف الدائم وذات الجنب والخاصرة والقولنج وما أشبه هذا وكل واحد من هذا انفرد فهو مرض مخوف، وإذا ابتدأ البطن بالرجل فأصابه يوما أو يومين لا يأتي فيه دم، ولا شيء غير ما يخرج من الخلاء لم يكن مخوفا، فإن استمر به بعد يومين حتى يعجله، أو يمنعه نوما، أو يكون منخرقا فهو مخوف وإن لم يكن البطن منخرقا وكان معه زحير، أو تقطيع فهو مخوف [قال]: وما أشكل من هذا أن يخلص بين مخوفه وغير مخوفه سئل عنه أهل العلم به، فإن قالوا: هو مخوف لم تجز عطيته إذا مات إلا من ثلثه، وإن قالوا: لا يكون مخوفا جازت عطيته جواز عطية الصحيح، ومن ساوره الدم حتى تغير عقله أو تغلبه، وإن لم يتغير عقله، أو المزار فهو في حاله تلك مخوف عليه، وإن تطاول به كان كذلك، ومن ساوره البلغم كان مخوفا عليه في حال مساورته، فإن استمر به فالج فالأغلب أن الفالج يتطاول به وأنه غير مخوف المعاجلة، وكذلك إن أصابه سل فالأغلب أن السل يتطاول، وهو غير مخوف المعاجلة، ولو أصابه طاعون فهذا مخوف عليه حتى يذهب عنه الطاعون، ومن أنفذته الجراح حتى تصل منه إلى جوف فهو مخوف عليه ومن أصابه من الجراح ما لا يصل منه إلى مقتل فإن كان لا يحم عليها، ولا يجلس لها، ولا يغلبه لها وجع، ولا يصيبه فيها ضربان ولا أذى، ولم يأكل ويرم فهذا غير مخوف، وإن أصابه بعض هذا فهو مخوف.
[قال الشافعي]: ثم جميع الأوجاع التي لم تسم على ما وصفت يسأل عنها أهل العلم بها فإن قالوا مخوفة فعطية المعطي عطية مريض، وإن قالوا: غير مخوفة فعطيته عطية صحيح، وأقل ما يكون في المسألة عن ذلك والشهادة به شاهدان ذوا عدل.