محلى ابن حزم - المجلد الرابع/الصفحة الثانية والعشرون


كتاب البيوع

1492 - مسألة : ومن كان له عند آخر دنانير ، أو دراهم ، أو قمح ، أو شعير ، أو ملح ، أو تمر ، أو غير ذلك ، مما لا يقع فيه الربا أي شيء كان لا تحاش شيئا إما من بيع ، إما من قرض ، أو من سلم ، أو من أي وجه كان ذلك له عنده حالا كان أو غير حال فلا يحل له أن يأخذ منه شيئا من غير ماله عنده أصلا . فإن أخذ دنانير عن دراهم ، أو دراهم عن دنانير ، أو شعيرا عن بر ، أو دراهم عن عرض ، أو نوعا عن نوع لا تحاش شيئا : فهو فيما يقع فيه الربا ربا محض ، وفيما لا يقع في الربا حرام بحت وأكل مال بالباطل . وكل ذلك مفسوخ مردود أبدا محكوم فيه بحكم الغصب ، إلا أن لا يقدر على الانتصاف ألبتة فيأخذ ما أمكنه ، مما يحل ملكه ، لا تحاش شيئا ، بمقدار حقه ، ولا مزيد ، فهذا حلال له . برهان ذلك : ما ذكرنا قبل من تحريم النبي الذهب ، والفضة ، والبر ، والتمر ، والشعير ، والملح إلا مثلا بمثل عينا بعين ، ثم قال عليه السلام : { فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد } والعمل الذي وصفنا ليس يدا بيد ، بل أحدهما غائب ولعله لم يخرج من معدنه بعد ، فهو محرم بنص كلامه عليه السلام . وأيضا : فروينا من طريق مسلم أنا محمد بن رمح أنا الليث بن سعد عن نافع أنه سمع { أبا سعيد الخدري يقول : أبصرت عيناي وسمعت أذناي رسول الله يقول : لا تبيعوا الذهب بالذهب ، ولا تبيعوا الورق بالورق ، إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضه على بعض ، ولا تبيعوا شيئا غائبا منه بناجز ، إلا يدا بيد } ومن طريق البخاري أنا حفص بن عمر هو الحوضي أنا شعبة أخبرني حبيب بن أبي ثابت قال : سمعت أبا المنهال قال : سألت البراء بن عازب ، وزيد بن أرقم ، عن الصرف ؟ فكلاهما يقول : { نهى رسول الله عن بيع الذهب بالورق دينا } وذهب مالك ، وأبو حنيفة ، والشافعي في أحد قوليه ، وأصحابنا ، إلى جواز أخذ الذهب من الورق ، والورق من الذهب واحتجوا في ذلك : بما رويناه من طريق قاسم بن أصبغ أنا جعفر بن محمد أنا عفان بن مسلم أنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن { ابن عمر قال : قلت : يا رسول الله أبيع الإبل بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير ، وآخذ هذه من هذه ؟ فقال : لا بأس أن تأخذها بسعر يومها } قال أبو محمد : وهذا خبر لا حجة فيه ، لوجوه : أحدها - أن سماك بن حرب ضعيف يقبل التلقين شهد عليه بذلك شعبة وأنه كان يقول له : حدثك فلان عن فلان ؟ فيقول : نعم ، فيم سئل عنه . وثانيها - أنه قد جاء هذا الخبر بهذا السند ببيان غير ما ذكروا كما روينا من طريق أحمد بن شعيب أنا قتيبة أنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن { ابن عمر قال : كنت أبيع الذهب بالفضة أو الفضة بالذهب ، فأتيت رسول الله فأخبرته بذلك ؟ فقال : إذا بايعت صاحبك فلا تفارقه وبينك وبينه لبس } وهذا معنى صحيح ، وهو كله خبر واحد . وثالثها - أنه لو صح لهم كما يريدون لكانوا مخالفين له ؛ لأن فيه اشتراط أخذها بسعر يومها ، وهم يجيزون أخذها بغير سعر يومها ، فقد اطرحوا ما يحتجون به . ومما يبطل قولهم ههنا أنه قد صح النهي عن بيع الغرر ، وهذا أعظم ما يكون من الغرر ؛ لأنه بيع شيء لا يدري أخلق بعد أم لم يخلق ؟ ولا أي شيء هو ؟ والبيع لا يجوز إلا في عين معينة بمثلها ، وإلا فهو بيع غرر ، وأكل مال بالباطل ، والسلم لا يجوز إلا إلى أجل : فبطل أن يكون هذا العمل بيعا أو سلما فهو أكل مال بالباطل . وأيضا فإن هذا الخبر إنما جاء في البيع ، فمن أين أجازوه في القرض ؟ وقد فرق بعض القائلين به بين القرض في البيع في ذلك واحتجوا من فعل السلف في ذلك : بما روينا من طريق وكيع أنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن سعيد مولى الحسن ، قال : أتيت ابن عمر أتقاضاه ؟ فقال لي : إذا خرج خازننا أعطيناك ، فلما خرج بعثه معي إلى السوق وقال : إذا قامت على ثمن فإن شاء أخذها بقيمتها أخذها : ومن طريق الحجاج بن المنهال أنا أبو عوانة أنا إسماعيل السدي عن عبد الله البهي عن يسار بن نمير قال : كان لي على رجل دراهم فعرض علي دنانير فقلت : لا آخذها حتى أسأل عمر فسألته ؟ فقال : ائت بها الصيارفة فأعرضها ، فإذا قامت على سعر ، فإن شئت فخذها ، وإن شئت فخذ مثل دراهمك وصحت إباحة ذلك عن الحسن البصري والحكم وحماد ، وسعيد بن جبير باختلاف عنه ، وطاوس والزهري ، وقتادة ، والقاسم بن محمد واختلف فيه عن إبراهيم ، وعطاء قال أبو محمد : وروينا المنع من ذلك عن طائفة من السلف : روينا من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر قال : إن عمر بن الخطاب قال : لا تبيعوا الذهب بالورق أحدهما غائب والآخر ناجز هذا صحيح . ومن طريق وكيع عن عبد الله بن عوف عن ابن سيرين عن عبد الله بن مسعود أنه كان يكره اقتضاء الذهب من الورق ، والورق من الذهب . ومن طريق سعيد بن منصور أنا هشيم أنا الشيباني هو أبو إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس : أنه كره اقتضاء الذهب من الورق من الذهب وهذا صحيح . ومن طريق سفيان بن عيينة عن سعد بن كدام قال : حلف لي معن هو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود أنه وجد في كتاب أبيه بخطه قال عبد الله بن مسعود : معاذ الله أن نأخذ دراهم مكان دنانير أو دنانير مكان دراهم . ومن طريق عبد الرزاق أنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار أخبرني أبو المنهال عبد الرحمن بن مطعم أن عبد الله بن عمر قال له : نهانا أمير المؤمنين يعني أباه أن نبيع الدين بالعين وهذا في غاية الصحة . ومن طريق حماد بن زيد أنا أيوب السختياني عن محمد بن سيرين : أن زينب امرأة ابن مسعود باعت جارية لها إما بذهب وإما بفضة فعرض عليها النوع الآخر فسئل عمر ؟ فقال : لتأخذ النوع الذي باعت به . ومن طريق سعيد بن منصور أنا خالد بن عبد الله هو الطحان عن الشيباني هو أبو إسحاق عن محمد بن زيد عن ابن عمر فيمن باع طعاما بدراهم ، أيأخذ بالدراهم طعاما ؟ فقال : لا ، حتى تقبض دراهمك ولم يقل ابن عمر بإباحة ذلك في غير الطعام . ومن طريق ابن أبي شيبة أنا علي بن مسهر عن أبي إسحاق الشيباني عن محمد بن زيد عن ابن عمر فيمن أقرض دراهم أيأخذ بثمنها طعاما ؟ فكرهه ومن طريق محمد بن المثنى أنا مؤمل بن إسماعيل أنا سفيان الثوري عن الزبير بن عدي عن إبراهيم النخعي أنه كره اقتضاء الدنانير من الدراهم ، والدراهم من الدنانير ، ومن طريق أحمد بن شعيب أنا محمد بن بشار أنا وكيع أنا موسى بن نافع عن سعيد بن جبير أنه كره أن يأخذ الدنانير من الدراهم والدراهم من الدنانير ومن طريق ابن أبي شيبة أنا ابن علية عن يونس وهو ابن عبيد عن أنس بن سيرين ، قال : قال لي أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود : لا تأخذ الذهب من الورق يكون لك على الرجل ولا تأخذن الورق من الذهب ومن طريق ابن أبي شيبة أنا وكيع بن علي بن المبارك عن يحيى هو ابن أبي كثير عن أبي سلمة هو بن عبد الرحمن بن عوف أنه كره أن يكون لك عند آخر قرض دراهم فتأخذ منه دنانير . ومن طريق ابن أبي شيبة أنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين فيمن كانت له على آخر دراهم فأخذ منها ثم أراد أن يأخذ بقيمتها دنانير فكرهه ومن طريق ابن أبي شيبة أنا مروان بن معاوية هو الفزاري عن موسى بن عبيدة أخبرني عطاء مولى عمر بن عبد العزيز أنه ابتاع من برد مولى سعيد بن المسيب ناقة بأربعة دنانير فجاء يلتمس حقه ؟ فقلت : عندي دراهم ليس عندي دنانير ؟ فقال : حتى أستأمر سعيد بن المسيب فاستأمره ؟ فقال له سعيد : خذ منه دنانير عينا ، فإن أبى فموعده الله ، دعه . ومن طريق ابن أبي شيبة أنا يحيى بن سعيد القطان عن ابن حرملة قال : بعت جزورا بدراهم إلى الحصاد ، فلما حل قضوني حنطة ، وشعيرا ، وسلتا ، فسألت سعيد بن المسيب ؟ فقال : لا يصلح ، لا تأخذ إلا الدراهم . فهؤلاء : عمر ، وابن عباس ، وابن مسعود ، وابن عمر ، والنخعي وسعيد بن جبير ، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن وابن سيرين ، وابن المسيب وهذا مما تركوا فيه القرآن في تحريمه أكل المال بالباطل لخبر ساقط مضطرب وقولنا هو أحد قولي الشافعي ، وقول ابن شبرمة وأما إذا لم يقدر على الانتصاف فقد قال تعالى : { وجزاء سيئة سيئة مثلها } قال تعالى : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } فهذا عموم لكل ما أمكن الممنوع حقه أن ينتصف به ، أو بأن يوكل غريمه على بيع ماله عنده ، وبأن يبتاع له ما يريد : فهذا جائز وبالله تعالى التوفيق .

1493 - مسألة : واستدركنا مناقضات لهم يعارضون بها أن شنعوا علينا ببيع القمح بدقيقه ودقيق غيره متفاضلا ، وتسليم أحدهما في الآخر ، وكذلك دقيق القمح بدقيق القمح ، وبالخبز والزيت بالزيتون وبالزيت ، واللبن باللبن ، وبالجبن والسمن وكل شيء ، ما عدا ما ورد به النص من السنة . ولا شنعة في شيء منه ؛ لأننا لم نتعد حدود الله تعالى ، ولا حرمنا ما لم يحرمه الله تعالى ولا رسوله عليه السلام ، وإنما الشنيع فيما نذكره إن شاء الله تعالى : قال مالك : يجوز بيع الدقيق من القمح بالقمح كيلا بكيل ، مثلا بمثل يدا بيد ، قال : ولا يجوز دقيق القمح بدقيق القمح كيلا بكيل ، لكن وزنا بوزن ، مثلا بمثل . قال علي فإن كان دقيق القمح نوعا واحدا مع القمح ؟ فما يحل أن يبيع دقيق قمح بدقيق قمح إلا كيلا بكيل كما يبيع الدقيق بالقمح ؛ لأنهما قمح معا وإن كان دقيق القمح صنفا غير القمح ، فواجب أن يجيزه بالقمح متفاضلا ، وأجاز القمح بسويق القمح متفاضلا ؟ فأي فرق بين دقيق قمح وبين سويق قمح بقمح ؟ وأعجب من هذا احتجاجهم في ذلك : بأن السويق دخلته صنعة ؟ فقلنا : فكان ماذا ؟ ومن أين وقع لكم الفرق بأنه دخلته صنعة ؟ نعم ، والدقيق أيضا دخلته ، صنعة ولا فرق . وقالوا أيضا : إنما يراعى تقارب المنافع ؟ فقلنا : وهذا أيضا من أين وقع لكم ؟ ومن أين وجب لكم أن تراعوا تقارب المنافع ؟ وهل هي إلا دعوى بلا برهان ؟ وقول لم تسبقوا إليه ، وتعليل فاسد . وأيضا : فإن المنافع في جميع المأكولات واحدة لسنا نقول : متقاربة ، بل شيء واحد ، وهو طرد الجوع ، أو التأدم ، أو التفكه ، أو التداوي ، ولا مزيد . ومنعوا من الحنطة المبلولة باليابسة ، وأجازوا الحنطة المقلية باليابسة وكلتاهما مختلفة مع الأخرى . ومنعوا من الدقيق بالعجين وقد دخلت العجين صنعة . وأباحوا القمح بالخبز من القمح متفاضلا . ومنعوا من اللبن بالسمن جملة ؟ نعم ، ومنعوا من اللبن بالجبن وهل الجبن من اللبن إلا كالخبز من القمح ؟ ومنعوا من بيع لبن شاة بشاة لبون ، إلا أنه لا لبن الآن في ضرعها ؛ لأنه قد استنفذ بالحلب . وأجازوا بيع النخل بالتمر إذا كانت لا تمر فيها . واحتجوا بأن اللبن يخرج من ضرع الشاة ، وأن السمن يعمل من اللبن ؟ فقلنا : والتمر يخرج من النخل ، والخبز يعمل من القمح . ومنعوا من بيع العنب بالعصير ، وأجازوه بالخل وهذه عجائب لا نظير لها ، لو تقصيناها لا تسع الأمر في ذلك ، وفيما ذكرناه كفاية ، وهو كله كما ذكرنا لا يعرف عن أحد قبل مالك ، وكذلك لا يحفظ عن أحد قبل مالك المنع من بيع الزيت بالزيتون يدا بيد متفاضلا ومتماثلا . وأما الحنفيون : فإنهم أباحوا الربا المنصوص عليه جهارا فأحلوا بيع تمرة بتمرتين ، وحرموا بيع رطل كتان أسود أخرش لا يصلح إلا لقلفة المراكب برطل كتان أبيض مصري أملس كالحرير وكذلك حرموا بيع رطل قطن طيب غزلي برطل قطن خشن لا يصلح إلا للحشو ، وقالوا : القطن كله صنف واحد ، والكتان كله صنف واحد . قالوا : وأما الثياب المعمولة من القطن فأصناف مختلفة يجوز في بعضها ببعض التفاضل والنسيئة فأجازوا بيع ثوب قطن مروي خراساني بثوبي قطن مروي بغدادي نقدا ونسيئة قالوا : وأما غزل القطن في كل ذلك فصنف واحد لا يجوز فيه التفاضل ولا النسيئة . قالوا : شحم بطن الكبش صنف ، وشحم ظهره وشحم سائر جسده صنف آخر ، فأجازوا بيع رطلين من شحم بطنه برطل من شحم ظهره نقدا . قالوا : وألية الشاة صنف ، وسائر لحمها صنف آخر ، فجائز بيع رطل من أليتها برطلين من سائر لحمها . قالوا : ولا يجوز بيع رطل من لحم كبش إلا برطل من لحمه ولا مزيد ، وزنا بوزن نقدا ، ولا بد وأجازوه برطلين من لحم الثور نقدا ولا بد . وأما لحم الإوز ، ولحم الدجاج ، فيجوز من كل واحد منهما رطل برطلين من نوعه فأجازوا رطل لحم دجاج برطلين من لحم دجاج نقدا أو برطلين من لحم الإوز نقدا ونسيئة . وقالوا : النسيئة في كل ما يقع فيه الربا من التمر والبر والشعير ، وغير ذلك ، إنما هي ما اشترط فيه الأجل في حين العقد ، وأما ما تأخر قبضه إلى أن تفرقا ولم يكن اشترط فيه التأخير ، فلا يضر البيع في ذلك شيئا ، إلا في الذهب ، والفضة فقط ، فإن تأخر القبض فيهما ربا اشترط أو لم يشترط . ومن عجائب الدنيا إجازته الرطب بالتمر ، ومنعه من الدقيق أو السويق بالقمح جملة ، فلم يجزه أصلا ، فلو عكس قوله لأصاب . وهذه كلها وساوس ، وسخافات ، ومناقضات ، لا دليل عليها ، وأقوال لا تحفظ من أحد قبله ونسأل الله العافية . وأما الشافعيون : فإنهم منعوا من رطل سقمونيا برطلين من سقمونيا ؛ لأنها عندهم من المأكولات ، وأباحوا وزن درهم زعفران بوزن درهمين منه نقدا ونسيئة ؛ لأنه لا يؤكل عندهم . ولم يجيزوا بيع عسل مشتار بشمعه كما هو بعسل مشتار بشمعه كما هو أصلا ، إلا حتى يصفى كلاهما وأجازوا بيع الجوز بقشره بالجوز بقشره . واحتجوا في ذلك بأن إخراج العسل من شمعه صلاح له ، وإخراج الجوز واللوز من قشره ، ونزع النوى من التمر فساد له . فقلنا : كلا ، ما الصلاح فيما ذكرتم إلا كالفساد فيما وصفتم ، وما في ذلك صلاح ، ولا في هذا فساد ، ولو كان فسادا لما حل أصلا ؛ لأن الله تعالى يقول : { والله لا يحب الفساد } وهذه أيضا مناقضات ظاهرة ، وأقوال لا نعلم أحدا سبقهم إليها وبالله تعالى التوفيق ولا نعلم أحدا قبل أبي حنيفة منع من بيع الزيت بالزيتون يدا بيد ، سواء كان أكثر ما في الزيتون من الزيت ، أو مثله أو أقل . قال أبو محمد : والحقيقة التي تشهد لها اللغة ، والشريعة ، والحس ، فهو أن الدقيق ليس قمحا ولا شعيرا ، لا في اسمه ، ولا في صفته ، ولا في طبيعته . فهذه الدواب تطعم الدقيق والخبز فلا يضرها بل ينفعها ، وتطعم القمح فيهلكها ، والدبس ليس تمرا ، لا في لغة ، ولا في شريعة ، ولا في مشاهدة . ولا في اسمه ، ولا في صفاته . والماء ليس ملحا ؛ لأنه يجوز الوضوء بالماء ، ولا يجوز بالملح . وليس توليد الله تعالى شيئا من شيء بموجب أن المتولد هو الذي عنه تولد ، فنحن خلقنا من تراب ، ونطفة ، وماء ، ولسنا نطفة ، ولا ترابا ، ولا ماء . والخمر متولدة من العصير وهي حرام والعصير حلال . واللبن متولد عن الدم واللبن حلال والدم حرام . والعذرة تستحيل ترابا حلالا طيبا . والدجاجة تأكل الميتة والدم فيصيران فيها لحما حلالا طيبا . والخل متولد من الخمر وهو حلال وهي حرام . وأما حلي الذهب والفضة فهما ذهب وفضة باسميهما وصفاتهما وطبيعتهما في اللغة وفي الشريعة [ واحد ] { ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه }

1494 - مسألة : ومن باع ذهبا بذهب بيعا حلالا ، أو فضة بفضة كذلك ، أو فضة بذهب كذلك ، مسكوكا بمثله أو مصوغين ، أو مصوغا بمسكوك ، أو تبرا أو نقارا ، فوجد أحدهما بما اشترى من ذلك عيبا قبل أن يتفرقا بأبدانهما ، وقبل أن يخير أحدهما الآخر فهو بالخيار إن شاء فسخ البيع ، وإن شاء استبدل ؛ لأنه لم يتم بينهما بيع بعد ، فإنما هو مستأنف لبيع عن تراض أو تارك على ما ذكرنا قبل وبالله تعالى التوفيق .

1495 - مسألة : فإن وجد العيب بعد التفرق بالأبدان ، أو بعد التخيير واختار المخير إتمام البيع فإن كان العيب من خلط وجده من غير ما اشترى ، لكن كفضة أو صفر في ذهب ، أو صفر أو غيره في فضة ، فالصفقة كلها مفسوخة ، مردودة ، كثرت أم قلت ، قل ذلك الخلط أم كثر ؛ لأنه ليس هو الذي اشترى ، ولا الذي عقد عليه الصفقة ، فليس هو الذي تراضى بالعقد عليه وقد تفرقا قبل صحة البيع . ولا يجوز فيما يقع فيه الربا إلا صحة البيع بالتفرق ، ولا خيار في إمضائها ؛ لأنه لم يأت بذلك نص وبالله تعالى التوفيق .

1496 - مسألة : وكذلك لو استحق بعض ما اشترى أقله أو أكثره ، أو لو تأخر قبض شيء مما تبايعا قل أو كثر لأن العقد لم يتم صحيحا وما لم يصح فهو فاسد ، وكل عقد اختلط الحرام فيه بالحلال فهو عقد فاسد ، لأنه لم يعقد صحة الحلال منه إلا بصحة الحرام ، وكل ما لا صحة له إلا بصحة ما لا يصح ، فلا صحة له ، ولا يحل أن يلزم ما لم يرض به وحده . دون غيره .

1497 - مسألة : فإن كان العيب في نفس ما اشترى ككسر ، أو كان الذهب ناقص القيمة بطبعه ، والفضة كذلك ، كالذهب الأشقر والأخضر بطبعه . فإن كان اشترط السلامة فالصفقة كلها مفسوخة ؛ لأنه وجد غير ما اشترى ، فلا يحل له مال غيره مما لم يعقد عليه بيعا . وإن كان لم يشترط السلامة فهو مخير بين إمساك الصفقة كما هي ولا رجوع له بشيء ، وإما فسخها كلها ولا بد ؛ لأنه اشترى العين ، فهو عقد صحيح ثم وجد غبنا ، والغبن إذا رضيه البائع وعرف قدره جائز لا كراهية فيه على ما قدمنا قبل . ولا يحل له تبعيض الصفقة ؛ لأنه لم يتراض البيع من صاحبه إلا على جميعها ، فليس له غير ما تراضيا به معا ، لقول الله تعالى { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } وقال رسول الله  : { إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } فلا يحل له من مال غيره إلا ما تراضيا به معا . قال أبو محمد : وهذا مكان اختلف فيه الخلف والسلف : فروينا من طريق الحجاج بن المنهال أنا حفص بن غياث بن الأشعث الحراني عن عكرمة عن ابن عباس فيمن يشتري الدراهم ويشترط إن كان فيها زائف أن يرده : أنه كره الشرط ، وقال : ذلك له إن لم يشترط . قال علي : ظاهر هذا رد البيع ؛ لأنه لو أراد رد الزائف وحده لذكر بطلان ما قابله ، وصحة العقد في سائر الصفقة ، أو لذكر الاستدلال ، ولم يذكر من ذلك كله شيئا ، فلا يجوز أن يقول ما لم يقل فقول ابن عباس هو قولنا . ومن طريق الحجاج بن المنهال أنا همام هو ابن يحيى قال : زعم ابن جريج : أن ابن عمر اشترى دراهم بدنانير فأخطئوا فيها بدرهم ستوق فكره أن يستبدله وهذا منقطع ، ولا نعلم أحدا من الحاضرين قال به ، ولا نعلم الآن عن الصحابة رضي الله عنهم غير ما ذكرنا . وقال سفيان الثوري : هو مخير بين أن يستبدله وبين أن ينقض الصرف في مقدار ما وجد رديئا فقط قال الأوزاعي ، والليث ، والحسن بن حي : يستبدل كل ما وجد زائفا قل أو كثر قال ابن حي والستوق كذلك . قال علي : الستوق هو المغشوش بشيء غيره ، مثل أن يكون الدرهم كله رصاصا ، أو يكون الدينار كله فضة أو نحاسا . والزائف الرديء من طبعه الذي فيه غش وقال أبو حنيفة : إن وجد بعد التفرق نصف الجميع فأكثر زيوفا فليس له أن يستبدل ألبتة ، لكن إن رد الزيوف بطل الصرف في مقدارها من الصفقة وصح فيما سواها . وظاهر قوله أن له أن لا يرد ، فإن وجدها أقل من النصف فله أن يمسك وله أن يستبدل ما وجد زائفا فقط ، ولا يفارقه حتى يقبض البدل ، فإن فارقه قبل القبض انتقض الصرف فيما لم يقبض ولو أنه درهم أو أكثر وصح فيما قبض ولو أنه درهم أو أقل . فإن كان الذي وجد ستوقا انتقض الصرف فقط لو لم يكن إلا درهما واحدا فأكثر وصح في باقي الصفقة ويكون هو والبائع شريكين في الدينار الذي انتقض الصفر في بعضه . قال أبو محمد : ليت شعري ، أي بعض منه انتقض فيه الصرف ، وأي بعض ، منه صح فيه الصرف هذا المجهول والغرر بعينه ، وروي عنه : أنه حد ما يستبدله مما لا يجوز فيه الاستبدال بالثلث وهذا قول لا نعلمه عن أحد قبله ، وتقسيم في غاية الفساد بلا برهان ، وحكم الحرام والحلال في الكثير والقليل منهما سواء ، إلا أن يأتي قرآن أو سنة بفرق وتحديد فالسمع والطاعة وقال أبو يوسف ، ومحمد بن الحسن : يستبدل ما وجد زائدا أو ستوقا ، قل أو كثر . قال علي : هذا باطل ؛ لأنه يصير ذهبا بفضة ، أو بذهب ، أو فضة بفضة غير يد بيد ، وهذا الربا المحض وقال زفر : ينتقض الصرف ولا بد فيما وجد قل أو كثر ويصح في السالم قل أو كثر . قال علي : هذا تبعيض صفقة لم يقع العقد قط على بعضها دون بعض ، فهو أكل مال بالباطل وقال مالك : إن وجد ستوقا أو زائفا فإن كان درهما أو أكثر ما لم يتجاوز صرف دينار انتقض الصرف في دينار واحد ، وصح سائر الصفقة ، فإن وجد من ذلك ما يكون صرفه أكثر من دينار أو دينارين أو دنانير : انتقض الصرف فيما قابل ما وجده فإن شرع الانتقاض في دينار انتقض ذلك الدينار . قال علي : ليت شعري أي دينار هو الذي ينتقض ، أيها هو الذي لا ينتقض ؟ هذا بيع الغرر ، والمجهول وأكل المال بالباطل . ثم عجب آخر وهو إجازته بعض الصفقة دون بعضها وإبطاله صرف جميع الدينار الذي شرع الانتقاض في بعضه وهذا تناقض ظاهر ، وكلاهما تبعيض لما لم يتراضيا بتبعيضه في العقد ، وقول لا نعلمه عن أحد قبله . وللشافعي قولان أحدهما : أن الصرف كله ينتقض ، والثاني : أنه يستبدل ، كقول الليث والأوزاعي ، والحسن بن حي وهذا مما خالفوا فيه قول صاحبين ، لا يعرف لهما مخالف من الصحابة رضي الله عنهم .

1498 - مسألة : ومن الحلال المحض بيع مدين من تمر أحدهما جيد غاية ، والآخر رديء غاية : بمدين من تمر أجود منهما ، أو أدنى منهما ، أو دون الجيد منهما ، وفوق الرديء منهما ، أو مثل أحدهما ، أو بعضهما جيد والبعض رديء كل ذلك سواء وكل ذلك جائز . وكذلك القول في دنانير بدنانير ، وفي دراهم بدراهم ، وقمح بقمح ، وفي شعير بشعير ، وفي ملح بملح ولا فرق ، لإباحة النبي كل صنف مما ذكرنا بصنفه ، مثلا بمثل ، في المكايلة ، في القمح ، والشعير ، والتمر والملح والموازنة في الذهب والفضة . وقد روينا من طريق مسلم أنا القعنبي أنا سليمان بن بلال عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف : أنه سمع سعيد بن المسيب يحدث : أن أبا هريرة ، وأبا سعيد الخدري حدثاه { أن رسول الله بعث أخا بني عدي الأنصاري فاستعمله على خيبر فقدم بتمر جنيب ، فقال له رسول الله  : أكل تمر خيبر هكذا ؟ قال : لا ، والله يا رسول الله إنا لنشتري الصاع بالصاعين من الجمع ، فقال لي رسول الله  : لا تفعلوا ، ولكن مثلا بمثل ، أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا وكذلك الميزان } فأباح عليه السلام نصا : بيع الجنيب من التمر وهو المتخير كله بالجمع من التمر وهو الذي جمع جيدا ورديئا ووسطا . منع بعض الناس من مدين من تمر أحدهما جيد والآخر رديء بمدين من تمر متوسطين أدنى من الجيد وأجود من الرديء . واحتجوا في ذلك بأن رسول الله أوجب المماثلة في التمر بالتمر . قال أبو محمد لا حجة لهم في هذا ؛ لأنهم موافقون لنا في جواز صاع بصاع تمر رديء بصاع تمر جيد وليس مثله فصح أن النبي إنما أراد المماثلة في الكيل أو في الوزن فقط وهذا ما لا خلاف فيه من أحد . واحتجوا بأحاديث صحاح في الجنيب بالجمع فيها : { بيعوا الجمع واشتروا بثمنه من الجنيب } وهذا لا حجة لهم فيه ؛ لأن الخبر الذي ذكرنا زائد على تلك الأخبار حكما ، ولا يحل ترك زيادة العدل . وعمدة حجتهم أنهم قالوا : إنما رضي البائع ههنا للمدين : اللذين أحدهما جيد والآخر رديء ، بأن يعطي الجيد أكثر من مد من المتوسط ، وأن يعطي الأردأ بأقل من مد من المتوسط : فحصل التفاضل . قال أبو محمد : وهذا في غاية الفساد ؛ لأنه ليس كما قالوا ، وحتى لو أنه أراد ذلك لكان عمله مخالفا لإرادته ، فحصلوا على التكهن ، والظن الكاذب وإنما يراعى في الدين الكلام والعمل ، فإذا جاء كما أمر الله تعالى ورسوله عليه السلام فما نبالي بما في قلوبهما ، قال رسول الله  : { لم أبعث لأشق عن قلوب الناس } فإن قالوا : فقد قال عليه السلام : { الأعمال بالنيات . } قلنا : نعم ، ولكن من لكم بأن هذين نويا ما ذكرتم ، وهذا منكم ظن سوء بمسلم لم يخبركم بذلك عن نفسه ، وليس في الظلم أكثر من أن تفسدوا صفقة مسلم بتوهمكم : أنه أراد الباطل ، وهو لم يخبركم ذلك فقط عن نفسه ، ولا ظهر من فعله إلا الحلال المطلق . ويلزمكم على هذا إذا رأيتم من يشتري تمرا أو تينا أو عنبا أن تفسخوا صفقته وتقولوا له : إنما تنوي فيه عمل الخمر منه ، ومن اشترى ثوبا أن تفسخوه وتقولوا : إنما تريد تلبسه في المعاصي . ومن اشترى سيفا أن تفسخوا وتقولوا : إنما تريد به قتل المسلمين ، وهذا هوس لا نظير له ، ولا فرق بين شيء من هذا وبين ما أفسدتم به المسألة المتقدمة . روينا من طريق الحجاج بن المنهال أنا حماد بن زيد أنا أيوب السختياني قال : كان محمد بن سيرين يأتي بالدراهم السود الجياد ، وبالنفاية : يأخذ بوزنها غلة . قال علي : السود أجود من الغلة ، والنفاية أدنى من الغلة وهذا نفس مسألتنا .

1499 - مسألة : ومن صارف آخر دنانير بدراهم فعجز عن تمام مراده فاستقرض من مصارفه ، أو من غيره ما أتم به صرفه فحسن ، ما لم يكن عن شرط في الصفقة ؛ لأنه لم يمنع من هذا قرآن ، ولا سنة .

1500 - مسألة : ومن باع من آخر دنانير بدراهم فلما تم البيع بينهما بالتفرق أو التخير اشترى منه ، أو من غيره بتلك الدراهم دنانير تلك ، أو غيرها أقل أو أكثر فكل ذلك حلال ما لم يكن عن شرط ؛ لأن كل ذلك عقد صحيح ، وعمل منصوص على جوازه ، وأما الشرط فحرام ؛ لأنه شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل . ومنع من هذا قوم وقالوا : إنه باع منه دنانير بدنانير متفاضلة ؟ فقلنا : هذا كذب ، وما فعل قط شيئا من ذلك ، بل هما صفقتان ، ولكن أخبرونا : هل له أن يصارفه بعد شهر أو سنة بتلك الدراهم وتلك الدنانير عن غير شرط ؟ فمن قولهم : نعم ؟ فقلنا لهم : فأجزتم التفاضل والنسيئة معا ومنعتم من النقد ، هذا عجب لا نظير له وقد صح عن النبي كما ذكرنا آنفا الأمر ببيع التمر الجمع بسلعة ثم يبتاع بالسلعة جنيبا من التمر وهذا هو الذي منعوا نفسه . ومن طريق الحجاج بن المنهال أنا يزيد بن إبراهيم هو التستري أنا محمد بن سيرين قال : خطب عمر بن الخطاب فقال : ألا إن الدرهم بالدرهم والدينار بالدينار ، عينا بعين ، سواء بسواء ، مثلا بمثل ، فقال له عبد الرحمن بن عوف : تزيف علينا أوراقنا فنعطي الخبيث ونأخذ الطيب ؟ قال عمر : لا ، ولكن ابتع بها عرضا ، فإذا قبضته وكان لك فبعه واهضم ما شئت ، وخذ أي نقد شئت . فهذا عمر بحضرة الصحابة رضي الله عنهم لا مخالف له منهم يأمر ببيع الدراهم أو الدنانير بسلعة ، ثم يبيعها بما شاء من ذلك إثر ابتياعه للعرض ولم يقل من غير من تبتاع منه العرض . روينا من طريق سعيد بن منصور أنا هشيم عن سليمان بن بشير قال : أعطاني الأسود بن يزيد دراهم وقال لي : اشتر لي بها دنانير ، ثم اشتر لي بالدنانير دراهم كذا وكذا ، قال : فبعتها من رجل فقبضت الدنانير ، وطلبت في السوق حتى عرفت السعر ، فرجعت إلى بيعتي فبعتها منه بالدراهم التي أردت ؟ فذكرت ذلك للأسود بن يزيد ، فلم ير به بأسا . قال أبو محمد : وكرهه ابن سيرين وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال : إنما الربا على من أراد أن يربي وينسئ ورويناه من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد عن ابن سيرين عن عمر . قال علي : ومن عجائب حججهم هنا أنهم قالوا : إنما أراد بالربا دراهم بأكثر منها ، فتخيل بأن صرفها بدنانير ، ثم صرف الدنانير بدراهم ؟ فقلت بارك الله فيه من ورع ، خائف لمقام ربه { ولمن خاف مقام ربه جنتان } أراد الربا فتركه وهرب عنه إلى الحلال ، هذا فاضل جدا وعمل جيد لا عدمناه ، فنراكم جعلتم المعروف منكرا ؟ وهل هذا إلا كمن أراد الزنى بامرأة فلم يفعل ، لكن تزوجها ، أو اشتراها إن كانت أمة فوطئها ، أما هذا فحسن مطيع لله تعالى

محلى ابن حزم - المجلد الرابع/كتاب البيوع
كتاب البيوع (مسأله 1411 - 1414) | كتاب البيوع (مسأله 1415 - 1416) | كتاب البيوع (مسأله 1417) | كتاب البيوع (تتمة مسأله 1417) | كتاب البيوع (مسأله 1418 - 1420) | كتاب البيوع (مسأله 1421) | كتاب البيوع (مسأله 1422) | كتاب البيوع (مسأله 1423 - 1426) | كتاب البيوع (مسأله 1427 - 1428) | كتاب البيوع (مسأله 1429 - 1446) | كتاب البيوع (مسأله 1447) | كتاب البيوع (مسأله 1448 - 1460) | كتاب البيوع (مسأله 1461 - 1464) | كتاب البيوع (مسأله 1465 - 1466) | كتاب البيوع (مسأله 1467 - 1470) | كتاب البيوع (مسأله 1471 - 1474) | كتاب البيوع (مسأله 1475 - 1479) | كتاب البيوع (مسأله 1480) | كتاب البيوع (تتمة مسأله 1480) | كتاب البيوع (مسأله 1481 - 1484) | كتاب البيوع (مسأله 1485 - 1491) | كتاب البيوع (مسأله 1492 - 1500) | كتاب البيوع (مسأله 1501 - 1507) | كتاب البيوع (مسأله 1508 - 1511) | كتاب البيوع (مسأله 1512 - 1516) | كتاب البيوع (مسأله 1517 - 1538) | كتاب البيوع (مسأله 1539 - 1551) | كتاب البيوع (مسأله 1552 - 1556) | كتاب البيوع (مسأله 1557 - 1559) | كتاب البيوع (مسأله 1560 - 1565) | كتاب البيوع (مسأله 1566 - 1567) | كتاب البيوع (مسأله 1568 - 1582) | كتاب البيوع (مسأله 1583 - 1594)