محلى ابن حزم - المجلد الرابع/الصفحة السادسة والعشرون


كتاب البيوع

1517 - مسألة: ولا يجوز البيع على الرقم، ولا أن يغر أحدا بما يرقم على سلعته، لكن يسوم ويبين الزيادة التي يطلب على قيمة ما يبيع، ويقول: إن طابت نفسك بهذا، وإلا فدع.


1518 - مسألة: ولا يحل بيعتان في بيعة، مثل: أبيعك سلعتي بدينارين على أن تعطيني بالدينارين كذا وكذا درهما. أو كمن ابتاع سلعة بمائة درهم على أن يعطيه دنانير كل دينار بعدد من الدراهم ومثل: أبيعك سلعتي هذه بدينارين نقدا أو بثلاثة نسيئة. ومثل أبيعك سلعتي هذه بكذا وكذا على أن تبيعني سلعتك هذه بكذا وكذا. فهذا كله حرام مفسوخ أبدا محكوم فيه بحكم الغصب.

برهان ذلك: ما روينا من طريق قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا هشيم عن يونس بن عبيد عن نافع، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله عن بيعتين في بيعة.

وروينا عن الشعبي، ومحمد بن علي: أنهما كرها ذلك وما نعلم للمالكيين حجة إلا أنهم قالوا: البيعة الأولى لغو فهذا الأحتجاج أفسد من القول الذي احتجوا له به، وأفقر إلى حجة؛ لأنه دعوى مجردة، على أنهم أتوا بعظائم طردا منهم لهذا الأصل الفاسد: فأجازوا بيع هذه السلعة بخنزير، أو بقسط خمر، على أن يأخذوا بالخنزير، أو الخمر: دينارين وهذه عظيمة تملا الفم، ويكفي ذكرها عن تكلف الرد عليهم، وما الديانة كلها إلا بأسمائها وأعمالها، لا بأحد الأمرين دون الآخر. ونحن نجد المستقرض يقول: أقرضني دينارين على أن أرد لك دينارين إلى شهر لكان قولا حسنا، وعملا صحيحا، فلو قال له يعني دينارين بدينارين إلى شهر لكان قولا خبيثا، وعملا فاسدا، حراما، والعمل واحد والصفة واحدة وما فرق بينهما إلا اللفظ. ولو قال امرؤ لأخر: أبحني وطء ابنتك بدينار ما شئت فقال له: نعم لكان قولا حراما: وزنا مجردا، فلو قال له: زوجنيها بدينار، لكان قولا صحيحا، وعملا صحيحا، والصفة واحدة، والعمل واحد، وإنما فرق بينهما الأسم. وقولهم هذا جمع وجوها من البلاء، وأنواعا من الحرام: منها: تعدي حدود الله تعالى، وشرط ليس في كتاب الله تعالى، وبيعتين في بيعة، وبيع ما لا يحل وابتياعه معا، وبيع غائب بناجز فيما يقع فيه الربا وبيع الغرر ونعوذ بالله من مثل هذا.

فإن قيل: تقولون فيما رويتم من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا وقد أخذ بهذا شريح: كما حدثنا حمام، حدثنا عياش بن أصبغ، حدثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا حماد عن قتادة، وأيوب السختياني، ويونس بن عبيد، وهشام بن حسان، كلهم عن محمد بن سيرين، قال: شرطين في بيع أبيعك إلى شهر بعشرة، فإن حبسته شهرا فتأخذ عشرة، قال شريح: أقل الثمنين، وأبعد الأجلين أو الربا قال عبد الله: فسألت أبي فقال: هذا بيع فاسد.

قال أبو محمد: يريد فإن حبسته شهرا آخر فتأخذ عشرة أخرى.

قال أبو محمد: فنقول: هذا خبر صحيح إلا أنه موافق لمعهود الأصل، وقد كان الربا، وبيعتان في بيعة، والشروط في البيع: كل ذلك مطلقا غير حرام إلى أن حرم كل ذلك، فإذ حرم كل ما ذكرنا فقد نسخت الإباحة بلا شك، فهذا خبر منسوخ بلا شك بالنهي عن بيعتين في بيعة بلا شك، فوجب إبطالهما معا؛ لأنهما عمل منهي عنه وبالله تعالى التوفيق.

1519 - مسألة: وكل صفقة جمعت حراما وحلالا فهي باطل كلها، لا يصح منها شيء مثل: أن يكون بعض المبيع مغصوبا، أو لا يحل ملكه، أو عقدا فاسدا وسواء كان أقل الصفقة، أو أكثرها، أو أدناها، أو أعلاها، أو أوسطها

وقال مالك: إن كان ذلك وجه الصفقة بطلت كلها، وإن كان شيئا يسيرا بطل الحرام، وصح الحلال.

قال علي: وهذا قول فاسد لا دليل على صحته، لا من قرآن، ولا من سنة، ولا رواية سقيمة، ولا قول صاحب، ولا قياس. ومن العجائب احتجاجهم لذلك بأن قالوا: إن وجه الصفقة هو المراد والمقصود .

فقلنا لهم: فكان ماذا ومن أين وجب بذلك ما ذكرتم وما هو إلا قولكم احتججتم له بقولكم، فسقط هذا القول. وقال آخرون: يصح الحلال قل أو كثر ويبطل الحرام قل أو كثر.

قال أبو محمد: فوجدنا هذا القول يبطله قول الله عز وجل: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} فهذان لم يتراضيا ببعض الصفقة دون بعض، وإنما تراضيا بجميعها، فمن ألزمهما بعضها دون بعض فقد ألزمهما ما لم يتراضيا به حين العقد، فخالف أمر الله تعالى، وحكم بأكل المال بالباطل وهو حرام بالقرآن، فإن تراضيا الآن بذلك لم نمنعهما، ولكن بعقد مجرد برضاهما معا؛ لأن العقد الأول لم يقع هكذا.

وأيضا: فإن الصحيح من تلك الصفقة لم يتعاقدا صحته إلا بصحة الباطل الذي لا صحة له، وكل ما لا صحة له إلا بصحة ما لا يصح أبدا فلا صحة له أبدا

وهو قول أصحابنا وبالله تعالى التوفيق.


1520 - مسألة: ولا يحل بيع الحر. برهان ذلك: ما روينا من طريق البخاري، حدثنا بشر بن مرحوم، حدثنا يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي قال: قال الله عز وجل: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره

قال علي: وفي هذا خلاف قديم وحديث، نورد إن شاء الله تعالى منه ما يسر لأيراده، ليعلم مدعي الإجماع فيما هو أخفى من هذا أنه كاذب: روينا من طريق محمد بن المثنى، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ومعاذ بن هشام الدستوائي، قال عبد الرحمن: حدثنا همام بن يحيى، وقال معاذ: نا أبي ثم اتفق هشام، وهمام، كلاهما: عن قتادة عن عبد الله بن بريدة: أن رجلا باع نفسه، فقضى عمر بن الخطاب بأنه عبد كما أقر نفسه، وجعل ثمنه في سبيل الله عز وجل هذا لفظ همام وأما لفظ هشام فإنه أقر لرجل حتى باعه، واتفقا فيما عدا ذلك، والمعنى واحد في كلا اللفظين، ولا بد. ومن طريق ابن أبي شيبة، حدثنا شريك عن جابر عن عامر الشعبي عن علي بن أبي طالب قال: إذا أقر على نفسه بالعبودية فهو عبد.

ومن طريق سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، حدثنا المغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي فيمن ساق إلى امرأته رجلا حرا فقال إبراهيم: هو رهن بما جعل فيه حتى يفتك نفسه. وعن زرارة بن أوفى قاضي البصرة من التابعين: أنه باع حرا في دين. وقد روينا هذا القول عن الشافعي وهي قولة غريبة لا يعرفها من أصحابه إلا من تبحر في الحديث والآثار.

قال علي: هذا قضاء عمر وعلي، بحضرة الصحابة، رضي الله عنهم،، ولا يعترضهم في ذلك منهم معترض، فإن شنعوا هذا قلنا: يا هؤلاء لا عليكم، والله لقد قلتم بأشنع من هذا وأشد، وفي هذه المسألة نفسها. أليس الحنفيون يقولون: إن ارتد الحسني، أو الحسيني، أو العباسي، أو المنافي، أو القرشي، فلحق بأرض الحرب فإن ولد ولده يسترقون، وإن أسلموا كانوا عبيدا، وأن القرشية إن ارتدت ولحقت بدار الحرب سبيت وأرقت، فإن أسلمت كانت مملوكة تباح ويستحل فرجها بملك اليمين، وإن لم تسلم تركت على كفرها، وجاز أن يسترقها اليهودي والنصراني أو ليس ابن القاسم صاحب مالك يقول: إن تذمم أهل الحرب وفي أيديهم أسرى مسلمون، ومسلمات أحرار، وحرائر، فإنهم يقرون عبيدا لهم. وأما يتملكونهم ويتبايعونهم، فأف لهذين القولين وتف، فأيهما أشنع مما لم يقلدوا فيه عمر، وعليا رضي الله عنهما.

قال أبو محمد: كل من صار حرا بعتق، أو بأن كان ابن حر من أمة له، أو بأن حملت به حرة، أو بأن أعتقت أمة وهي حامل به، ولم يستثنه المعتق، فإن الحرية قد حصلت له، فلا تبطل عليه، ولا عمن تناسل منه من ذكر أو أنثى على هذه السبيل من الولادة التي ذكرنا أبدا، لا بأن يرتد، ولا بأن ترتد، ولا بأن يسبى، ولا بأن يرتد أبوه أو جده وإن بعد، أو جدته وإن بعدت، ولا بلحاق بأرض الحرب من أحد أجداده، أو جداته أو منه أو منها: ولا بإقراره بالرق، ولا بدين، ولا ببيعه نفسه، ولا بوجه من الوجوه أبدا لأنه لم يوجب ذلك قرآن، ولا سنة، وقد جاء أثر بأن الحر كان يباع في الدين في صدر الإسلام إلى أن أنزل الله تعالى: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} وبالله تعالى التوفيق.


1521 - مسألة: ولا يحل بيع أمة حملت من سيدها، لما حدثنا يوسف بن عبد الله، حدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا مصعب بن سعيد، حدثنا عبد الله بن عمرو الرقي عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما ولدت مارية إبراهيم قال رسول الله : أعتقها ولدها وهذا خبر صحيح السند والحجة به قائمة.

فإن قيل: الثابت، عن ابن عباس القول بجواز بيع أمهات الأولاد، وهذا الخبر من روايته، فما كان ليترك ما روي إلا لضعفه عنده، ولما هو أقوى عنده. قلنا: لسنا نعارض معشر الظاهريين بهذا الغثاء من القول، ولا يعترض بهذا علينا إلا ضعاف العقل؛ لأن الحجة عندنا في الرواية، لا في الرأي، يعارض بهذا من يتعلق به إذا عورض بالسنن الثابتة. وهو مخالف لها من الحنفيين، والمالكيين، الذين لا يبالون بالتناقض في ذلك، مرة هكذا ومرة هكذا، والذين لا يبالون بأن يدعوا ههنا الإجماع ثم لا يبالون بأن يجعلوا: ابن مسعود، وزيد بن ثابت وعلي بن أبي طالب، وابن عباس، مخالفين للإجماع فهذه صفة علمهم بالسنن، وهذا مقدار علمهم بالإجماع وحسبنا الله ونعم الوكيل.

قال أبو محمد: إذا وقع مني السيد في فرج أمته فأمرها مترقب، فإن بقي حتى يصير خلقا يتبين أنه ولد فهي حرام بيعها من حين سقوط المني في فرجها ويفسخ بيعها إن بيعت، وإن خرج عنها قبل أن يصير خلقا يتبين أنه ولد، فلم يحرم بيعها قط.

وبرهان صحة هذا القول: أنه لو لم يستحق المنع من البيع في الحال التي ذكرنا لكان بيعها حلالا، لو كان بيعها حلالا لحل فرجها لمشتريها قبل أن يصير المني ولدا وهذا خلاف النص المذكور. وهكذا القول في الميت إثر كون منيه في فرج امرأته أنه مترقب أيضا، فإن ولد حيا علمنا أنه قد وجب ميراثه بموت أبيه، وإن ولد ميتا علمنا أنه لم يجب له قط ميراث، إذ لو كان غير هذا لما حدث له حق في ميراث قد استحقه غيره وبالله تعالى التوفيق.


1522 - مسألة: ولا يحل بيع الهواء أصلا، كمن باع ما على سقفه وجدرانه للبناء على ذلك، فهذا باطل مردود أبدا؛ لأن الهواء لا يستقر فيضبط بملك أبدا، وإنما هو متموج يمضي منه شيء ويأتي آخر أبدا، فكان يكون بيعه أكل مال بالباطل؛ لأنه باع ما لا يملك، ولا يقدر على إمساكه، فهو بيع غرر، وبيع ما لا يملك، وبيع مجهول. فإن قيل: إنما بيع المكان لا الهواء. قلنا: ليس هناك مكان أصلا غير الهواء، فلو كان ما قلتم لكان لم يبع شيئا أصلا؛ لأنه عدم، فهو أكل مال بالباطل حقا.

فإن قيل: إنما باع سطح سقفه وجدرانه. قلنا: هذا باطل وهو أيضا شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل؛ لأنه شرط له أن يهدم شيئا من سقفه، ولا من رءوس جدرانه، وهذا شرط لم يأت النص بإباحته فهو باطل حرام مفسوخ أبدا وقد روينا هذا القول عن الشافعي، وقد ذكرناه في " كتاب القسمة " وأنه لا يحل ألبتة أن يملك أحد شيئا ويملك غيره العلو الذي عليه ومن باع سقفه فقط فحلال، ويؤخذ المشتري بإزالة ما اشترى عن مكان ملكه لغيره وبالله تعالى التوفيق.


1523 - مسألة: ولا يجوز بيع من لا يعقل لسكر، أو جنون، ولا يلزمهما؛ لقول الله تعالى: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون}. فشهد عز وجل بأن السكران لا يدري ما يقول، والبيع قول، أو ما يقوم مقام القول: ممن لا يقدر على القول ممن به آفة من الخرس، أو بفمه آفة، فمن لا يدري ما يقول فلم يبع شيئا، ولا ابتاع شيئا وأجازه قوم، ولا نعلم لهم حجة أصلا أكثر من أن قالوا: هو عصى الله تعالى وعز وجل وأدخل ذلك على نفسه .

فقلنا نعم، وحقه على ذلك الحد في الدنيا، والنار في الآخرة إلا أن يغفر الله تعالى له، وليس ذلك بموجب إلزامه حكما زائدا لم يلزمه الله تعالى إياه، وهم لا يختلفون في سكران عربد فوقع فانكسرت ساقه، فإن له من الرخصة في الصلاة قاعدا كالذي أصابه ذلك في سبيل الله تعالى، ولا فرق.

وكذلك التيمم إذا جرح جراحات تمنعه من الوضوء والغسل وهذا تناقض سمج وبالله تعالى التوفيق. ويقولون فيمن تناول البلاذر عمدا فذهب عقله: أن حكمه حكم المجنون الذي لم يدخل ذلك على نفسه في البيع، والطلاق وغير ذلك، فأي فرق بين الأمرين، وأما المجنون فلا يختلفون معنا في ذلك. فإن قالوا: ومن يدري أنه سكران. قلنا: ومن يدري أنه مجنون ولعله قد تحامق، وإنما القول فيمن علم كلا الأمرين منه بالمشاهدة وقد صح عن النبي : رفع القلم عن ثلاث فذكر المبتلى حتى يفيق والصبي حتى يبلغ.

1524- مسألة: ولا يحل بيع من لم يبلغ، إلا فيما لا بد له منه ضرورة، كطعام لأكله، وثوب يطرد به عن نفسه البرد والحر، وما جرى هذا المجرى إذا أغفله أهل محلته وضيعوه.

برهان ذلك: قول رسول الله الذي ذكرنا، فإذا ضيعه أهل محلته فاشترى ما ذكرنا بحقه، فقد وافق الواجب، وعلى أهل محلته إمضاؤه، فلا يحل لأحد رد الحق وتكون مبايعته حينئذ إن كان جائز الأمر هو الذي عقد ذلك العقد عليه، فهو عقد صحيح، فإن كان أيضا غير جائز الأمر فهو كما ذكرنا عمل وافق الحق الواجب فلا يجوز رده وبالله تعالى التوفيق.

وأما بيع من لم يبلغ لغيره بأمر ذلك الآخر، وابتياعه له بأمره فهو نافذ جائز؛ لأن يده وعقده إنما هما يد الآمر وعقده فهو جائز، وبالله تعالى التوفيق.


1525 - مسألة: ولا يجوز بيع نصف هذه الدار، ولا هذا الثوب أو هذه الأرض، أو هذه الخشبة من هذه الجهة،

وكذلك ثلثها أو ربعها أو نحو ذلك، فلو علم منتهى كل ذلك جاز؛ لأنه ما لم يعلم بيع مجهول، وبيع المجهول لا يجوز؛ لأن التراضي لا يقع على مجهول وبالله تعالى التوفيق.


1526 - مسألة: لا يجوز بيع دار أو بيت أو أرض لا طريق إليها لأنه إضاعة للمال، ولا يجوز أن يلزم طريقا لم يبعه، فلو كان ذلك متصلا بمال المشتري جاز ذلك البيع؛ لأنه يصل إلى ما اشترى فلا تضييع، فلو استحق مال المشتري بطل هذا الشراء؛ لأنه وقع فاسدا إذا كان لا طريق له إليه ألبتة.


1527 - مسألة: ولا يحل بيع جملة مجهولة القدر على أن كل صاع منها بدرهم، أو كل رطل منها بدرهم، أو كل ذراع منها بدرهم، أو كل أصل منها، أو كل واحد منها بكذا وكذا وهكذا في جميع المقادير والأعداد، فإن علما جميعا مقدار ما فيها من العدد، أو الكيل، أو الوزن أو الذرع، وعلما قدر الثمن الواجب في ذلك: جاز ذلك، فإن بيعت الجملة كما هي، ولا مزيد، فهو جائز.

وكذلك لو بيعت جملة على أن فيها كذا وكذا من الكيل، أو من الوزن، أو من الذرع، أو من العدد، فهو جائز فإن وجدت كذلك صح البيع، وإلا فهو مردود.

برهان ذلك: أن بيعها على أن كل كيل مذكور منها بكذا، أو كل وزن بكذا، أو كل ذرع بكذا، أو كل واحد بكذا، بيع بثمن مجهول لا يدري البائع ما يجب له، ولا المشتري ما يجب عليه حال العقد. وقد قال الله تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} والتراضي لا يمكن إلا في معلوم فهو أكل مال بالباطل، وبيع غرر. وقد صح النهي عن بيع الغرر، فإذا خرج كل ذلك إلى حد العلم منهما معا، وكان ذلك بعد العقد، فمن الباطل أن يبطل العقد حين عقده، ويصح بعد ذلك حين لم يتعاقداه، ولا التزماه، فإذا علما جميعا قدر ذلك عند العقد فهو تراض صحيح لا غرر فيه. فإن بيعت الجملة هكذا فهو بيع شيء مرئي محاط بثمن معروف، فهو تراض صحيح لا غرر فيه، فإن بيعت الجملة بثمن معلوم على أن فيها كذا وكذا، فهذا بيع بصفة، وهو صحيح إن وجد كما عقد عليه، وإلا فإنما وجد غير ما عقد عليه، فلم يعقد قط على الذي وجد، فهو أكل مال بالباطل.

روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري قال: إذا قلت: أبتاع منك ما في هذا البيت ما بلغ، كل جزء كذا بكذا، فهو بيع مكروه.

وقال أبو حنيفة: إذا باع هذه الصبرة قفيزا بدرهم لم يلزمه منها إلا قفيز واحد بدرهم فقط وقال محمد بن الحسن: يلزمه كلها كل قفيز بدرهم وهذان رأيان فاسدان؛ لما ذكرنا وبالله تعالى التوفيق.

1528 - مسألة: ولا يحل بيع الولاء، ولا هبته: لما روينا من طريق شعبة، وعبيد الله بن عمر، ومالك، وسفيان بن عيينة، كلهم: عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله عن بيع الولاء وهبته. وقد اختلفت الأمة في هذا، وسنذكره إن شاء الله تعالى " في العتق " من ديواننا هذا، ولا حول، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولا حجة في أحد مع رسول الله .

1529 - مسألة: ولا يحل بيع من أكره على البيع، وهو مردود لقول رسول الله : إن الله عفا لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه؛ ولقوله تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} فصح أن كل بيع لم يكن عن تراض فهو باطل، إلا بيعا أوجبه النص، كالبيع على من وجب عليه حق وهو غائب، أو ممتنع من الإنصاف؛ لأنه مأمور بإنصاف ذي الحق قبله، ونحن مأمورون بذلك. وبمنعه من المطل الذي هو الظلم، وإذ لا سبيل إلى منعه من الظلم إلا ببيع بعض ماله، فنحن مأمورون ببيعه. ولو أن القاضي قضى للغريم بما يمكن انتصاف ذي الحق منه من عين مال الممتنع، أو الغائب، ثم باعها المقضي له بأمر الحاكم لتوصيله إلى مقدار حقه، فإن فضل فضل رد إلى المقضي عليه لكان أولى، وأصح وأبعد من كل اعتراض

وقد وافقنا الحنفيون، والمالكيون، والشافعيون، على إبطال بيع المكره على البيع وبالله تعالى التوفيق.


1530 - مسألة: وأما المضطر إلى البيع، كمن جاع وخشي الموت فباع فيما يحيي به نفسه وأهله، وكمن لزمه فداء نفسه أو حميمه من دار الحرب أو كمن أكرهه ظالم على غرم ماله بالضغط ولم يكرهه على البيع، لكن ألزمه المال فقط، فباع في أداء ما أكره عليه بغير حق فقد اختلف الناس في هذا: فروينا من طريق سعيد بن منصور، حدثنا هشيم أنا صالح بن رستم، حدثنا شيخ من بني تميم قال: خطبنا علي، أو قال: قال علي: " سيأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر على ما في يديه، ولم يؤمر بذلك، قال: ولا تنسوا الفضل بينكم وينهد الأشرار، ويستذل الأخيار، ويبايع المضطرون وقد نهى رسول الله عن بيع المضطر، وعن بيع الغرر، وعن بيع الثمر قبل أن يطعم.

وبه إلى هشيم عن كوثر بن حكيم عن مكحول، قال: بلغني عن حذيفة أنه حدث عن رسول الله ، أنه قال: إن بعد زمانكم هذا زمانا عضوضا يعض الموسر على ما في يديه، ولم يؤمر بذلك، قال الله تعالى {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} وينهد شرار خلق الله تعالى يبايعون كل مضطر، ألا إن بيع المضطرين حرام، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخونه، وإن كان عندك خير فعد به على أخيك، ولا تزده هلاكا إلى هلاكه.

قال أبو محمد: لو استند هذان الخبران لقلنا بهما مسارعين، لكنهما مرسلان، ولا يجوز القول في الدين بالمرسل. ولقد كان يلزم من رد السنن الثابتة برواية شيخ من بني كنانة، ويقول: المرسل كالمسند من الحنفيين، والمالكيين أن يقول بهذين الخبرين شيخ من بني تميم، وشيخ من بني كنانة، وهذه الرواية أمكن وأوضح، ثم هي عن علي، وعن رسول الله ثم عن حذيفة، ولكنهم قوم مضطربون.

قال أبو محمد: فإذا لم يصح هذان الخبران فلنطلب هذا الحكم من غيرهما: فوجدنا كل من يبتاع قوت نفسه وأهله للأكل واللباس فإنه مضطر إلى ابتياعه بلا شك، فلو بطل ابتياع هذا المضطر لبطل بيع كل من لا يصيب القوت من ضيعته وهذا باطل بلا خلاف، وبضرورة النقل من الكواف وقد ابتاع النبي أصوعا من شعير لقوت أهله، ومات عليه السلام ودرعه مرهونة في ثمنها

فصح أن بيع المضطر إلى قوته وقوت أهله، وبيعه ما يبتاع به القوت بيع صحيح لازم، فهو أيضا بيع تراض لم يجبره أحد عليه، فهو صحيح بنص القرآن. ثم نظرنا فيمن باع في إنقاذ نفسه، أو حميمه، من يد كافر أو ظلم ظالم: فوجدنا الكافر والظالم لم يكرها فادي الأسير، ولا الأسير، ولا المضغوط على بيع ما باعوا في استنقاذ أنفسهم، أو من يسعون لأستنقاذه وإنما أكرهوهم على إعطاء المال فقط، ولو أنهم أتوهما بمال من قرض، أو من غير البيع ما ألزموهما البيع فصح أنه بيع تراض. والواجب على من طلب بباطل أن يدفع عن نفسه، وأن يغير المنكر الذي نزل به لا أن يعطي ماله بالباطل: فصح أن بيعه صحيح لازم له، وأن الذي أكره عليه من دفع المال في ذلك هو الباطل الذي لا يلزمه، فهو باق في ملكه، كما كان يقضي له به متى قدر على ذلك، ويأخذه من الظالم، ومن الحربي الكافر، متى أمكنه، أو متى وجده في مغنم قبل القسمة، وبعد القسمة، من يد من وجده في يده، من مسلم، أو ذمي، أو من يد ذلك الكافر، لو تذمم، أو أسلم أبدا هذا إذا وجد ذلك المال بعينه؛ لأنه ماله كما كان، ولا يطلب الكافر بغيره بدلا منه؛ لأن الحربي إذا أسلم أو تذمم غير مؤاخذ بما سلف من ظلم أو قتل.

وأما المسلم الظالم فيتبعه به أبدا، أو بمثله، أو قيمته، سواء كان خارجيا أو محاربا، أو باغيا، أو سلطانا، أو متغلبا؛ لأنه أخذ منه بغير حق، والله تعالى يقول: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}.

1531 - مسألة: ولا يحل بيع الحيوان إلا لمنفعة، إما لأكل، وأما لركوب، وأما لصيد، وأما لدواء. فإن كان لا منفعة فيه لشيء من ذلك لم يحل بيعه، ولا ملكه؛ لأنه إضاعة مال من المبتاع، وأكل مال بالباطل من البائع. فإن كان فيه منفعة لشيء مما ذكرنا، أو لغيره جاز بيعه؛ لأنه بيع عن تراض، وأحل الله البيع وليس إضاعة مال، ولا أكل مال بالباطل وبالله تعالى التوفيق.


1532 - مسألة: ولا يصح البيع بغير ثمن مسمى، كمن باع بما يبلغ في السوق، أو بما اشترى فلان، أو بالقيمة، فهذا كله باطل؛ لأنه بيع غرر، وأكل مال بالباطل؛ لأنه لم يصح فيه التراضي، ولا يكون التراضي إلا بمعلوم المقدار، وقد يرضى؛ لأنه يظن أنه يبلغ ثمنا ما فإن بلغ أكثر لم يرض المشتري، وإن بلغ أقل لم يرض البائع.

ومن عجائب الدنيا قول أبي حنيفة: من باع بالربح، أو بالكعبة، أو بلا ثمن، فإنه لا يملكه بالقبض، فإن باع بالميتة، أو بالدم فكذلك أيضا. ولا يجوز عتقه له وإن قبضه بإذن بائعه فإن باعه بثمن لم يسمياه، أو باعه بخمر، أو خنزير فقبضه بإذن بائعه فأعتقه: جاز عتقه له.

قال علي: ما في الجنون أكثر من هذا الكلام ونعوذ بالله من الضلال. فإن قال: إن في الناس من يتملك الخمر، والخنزير وهم الكفار من النصارى.قلنا: إنهم يتملكون أيضا الميتة، والدم كذلك، والمجوس أيضا كذلك، ولا فرق وبالله تعالى التوفيق.


1533 - مسألة: ولا يحل بيع النرد؛ لما روينا من طريق مالك عن موسى بن ميسرة عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى الأشعري " أن رسول الله قال: من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله فهي محرمة فملكها حرام، وبيعها حرام. وقد روينا عن مالك عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان إذا أخذ أحدا من أهله يلعب بالنرد ضربه وكسرها.

ومن طريق مالك عن علقمة عن أمه عن عائشة أم المؤمنين: أنها بلغها أن أهل بيت في دارها كانوا سكانا فيها أن عندهم نردا فأرسلت إليهم لئن لم تخرجوها لاخرجنكم من داري، وأنكرت عليهم.


1534 - مسألة: ولا يحل أن يبيع اثنان سلعتين متميزتين لهما ليسا فيهما شريكين من إنسان واحد بثمن واحد؛ لأن هذا بيع بالقيمة، ولا يدري كل واحد منهما ما يقع لسلعته حين العقد، فهو بيع غرر، وأكل مال بالباطل.

وأما بيع الشريكين، أو الشركاء من واحد، أو من أكثر، أو ابتياع اثنين فصاعدا، من واحد، أو من شريكين: فحلال؛ لأن حصة كل واحد منها معلومة الثمن، محدودته وبالله تعالى التوفيق.


1535 - مسألة: ومن كان في بلد تجري فيه سكك كثيرة شتى، فلا يحل البيع إلا ببيان من أي سكة يكون الثمن، وإن لم يبينا ذلك: فهو بيع مفسوخ، مردود؛ لأنه وقع عن غير تراض بالثمن، وهو أيضا بيع غرر وبالله تعالى التوفيق.


1536 - مسألة: ولا يحل بيع كتابة المكاتب، ولا خدمة المدبر، وهو قول الشافعي، وأبي سليمان، وأبي حنيفة. وأجاز مالك كلا الأمرين: أما المدبر فمن نفسه فقط، وأما المكاتب فمن نفسه ومن غيره، وأجاز بيعهما جملة: الزهري، وابن المسيب.

وروينا مثل قول مالك عن عطاء، وابن سيرين؛ لأن كتابة المكاتب إنما تجب بالنجوم، ولا تجب قبل ذلك، فمن باعها فقد باع ما لا يملك بعد، ولا يدري أيجب له أم لا.وأيضا: فليست عينا معينة، فلا يدري البائع أي شيء باع من نوع ما باع، ولا يدري المشتري ما اشترى، فهو بيع غرر، ومجهول العين، وأكل مال بالباطل. فإن قيل: فقد روي عن جابر أنه أجاز بيعها

قلنا: وكم قصة رويت عن جابر خالفتموها: منها: قوله الذي قد أوردنا أن لا يباع شيء اشتري كائنا ما كان إلا حتى يقبض وقوله: العمرة فريضة، وقوله: لا يحرم أحد قبل أشهر الحج بالحج وقوله: لا يجوز ثمن الهر. وغير ذلك كثير مما لا يعرف له مخالف من الصحابة، رضي الله عنهم، في ذلك، فالآن صار حجة وهنالك لا إن هذا لعجب، ولا حجة في قول أحد دون رسول الله وقولنا هو قول الشافعي.

وأما خدمة المدبر فبيعها ظاهر الفساد والبطلان؛ لأنه لا يدري كم يخدم ولعله سيخدم خمسين سنة، أو لعله يموت غدا، أو بعد ساعة، أو يخرج حرا كذلك فهذا هو الحرام البحت، وأكل المال بالباطل، وبيع الغرر، وبيع ما ليس عينا، وبيع ما لم يخلق بعد، فقد جمع كل بلاء.

فإن قيل: فقد رويتم من طريق محمد بن علي بن الحسين أن رسول الله باع خدمة المدبر.روينا ذلك من طريق شعبة عن الحكم عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين.قلنا: هذا مرسل، والمرسل لا تقوم به حجة.وكذلك لا يجوز بيع خدمة المخدم أصلا،.

لما ذكرنا في خدمة المدبر، ولا فرق وبالله تعالى التوفيق


1537 - مسألة: ولا يجوز بيع السمن المائع يقع فيه الفأر حيا أو ميتا لأمر رسول الله بهرقه وقد ذكرناه في " كتاب الطهارة " من ديواننا هذا وفي " كتاب ما يحل أكله وما يحرم " فأغنى عن إعادته. فإن كان جامدا أو وقع فيه ميتة غير الفأر أو نجاسة فلم تغير لونه، ولا طعمه، ولا ريحه، أو وقع الفأر الميت أو الحي، أو أي نجاسة، أو أي ميتة كانت في مائع غير السمن، فلم تغير طعما، ولا لونا، ولا ريحا: فبيعه حلال، وأكله حلال؛ لأنه لم يمنع من ذلك نص. وقد قال الله تعالى: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم}. وقال تعالى: {وما كان ربك نسيا} وهذا قول أصحابنا، وقد ذكرناه عن بعض السلف في الكتب المذكورة، فإن تغير طعمه أو لونه أو ريحه: جاز بيعه أيضا، كما يباع الثوب النجس. وقد قلنا: إن الطاهر لا ينجس بملاقاته النجس ولو أمكننا أن نفصله من الحرام لحل أكله، ولم يمنع من الأنتفاع به في غير الأكل نص فهو مباح وبالله تعالى التوفيق. وهذا قول أبي حنيفة، يعني ما تغير لونه أو طعمه أو ريحه من المائعات التي حلتها النجاسات؛ لأنه إنما يباع الشيء الذي حلته النجاسة لا النجاسة وبالله تعالى التوفيق.


1538 - مسألة: ولا يحل بيع الصور إلا للعب الصبايا فقط، فإن اتخاذها لهن حلال حسن، وما جاز ملكه جاز بيعه إلا أن يخص شيئا من ذلك نص فيوقف عنده. قال الله تعالى: {وأحل الله البيع}. وقال تعالى: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم}.

وكذلك لا يحل اتخاذ الصور إلا ما كان رقما في ثوب: لما روينا من طريق مسلم، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، هو ابن راهويه عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس عن أبي طلحة عن رسول الله قال: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب، ولا صورة.

ومن طريق مالك عن أبي النضر عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه دخل على أبي طلحة يعوده قال: فوجد عنده سهل بن حنيف فأمر أبو طلحة بنزع نمط كان تحته فقال له سهل: لم نزعته قال: لأن فيه تصاوير، وقد قال رسول الله: ما قد علمت قال سهل: ألم يقل إلا ما كان رقما قال: بلى، ولكنه أطيب لنفسي.

قال أبو محمد: حرام علينا تنفير الملائكة عن بيوتنا، وهم رسل الله عز وجل والمتقرب إليه عز وجل بقربهم.

ومن طريق مسلم، أخبرنا يحيى بن يحيى قال: أنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين قالت كنت ألعب بالبنات عند رسول الله وكان يأتيني صواحبي فكن يتقمعن من رسول الله فيسربهن إلي فوجب استثناء البنات للصبايا من جملة ما نهي عنه من الصور.

وأما الصلب فبخلاف ذلك، ولا يحل تركها في ثوب، ولا في غيره: لما روينا من طريق قاسم بن أصبغ، حدثنا بكر بن حماد، أخبرنا مسدد، حدثنا يحيى، هو ابن سعيد القطان عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عمران بن حطان عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله لم يكن يدع في بيته ثوبا فيه تصليب إلا نقضه. وقد صح عن رسول الله أنه كره الستر المعلق فيه التصاوير فجعلت له منه وسادة فلم ينكرها

فصح أن الصور في الستور مكروهة غير محرمة، وفي الوسائد، وغير الستور ليست مكروهة الأستخدام بها.

محلى ابن حزم - المجلد الرابع/كتاب البيوع
كتاب البيوع (مسأله 1411 - 1414) | كتاب البيوع (مسأله 1415 - 1416) | كتاب البيوع (مسأله 1417) | كتاب البيوع (تتمة مسأله 1417) | كتاب البيوع (مسأله 1418 - 1420) | كتاب البيوع (مسأله 1421) | كتاب البيوع (مسأله 1422) | كتاب البيوع (مسأله 1423 - 1426) | كتاب البيوع (مسأله 1427 - 1428) | كتاب البيوع (مسأله 1429 - 1446) | كتاب البيوع (مسأله 1447) | كتاب البيوع (مسأله 1448 - 1460) | كتاب البيوع (مسأله 1461 - 1464) | كتاب البيوع (مسأله 1465 - 1466) | كتاب البيوع (مسأله 1467 - 1470) | كتاب البيوع (مسأله 1471 - 1474) | كتاب البيوع (مسأله 1475 - 1479) | كتاب البيوع (مسأله 1480) | كتاب البيوع (تتمة مسأله 1480) | كتاب البيوع (مسأله 1481 - 1484) | كتاب البيوع (مسأله 1485 - 1491) | كتاب البيوع (مسأله 1492 - 1500) | كتاب البيوع (مسأله 1501 - 1507) | كتاب البيوع (مسأله 1508 - 1511) | كتاب البيوع (مسأله 1512 - 1516) | كتاب البيوع (مسأله 1517 - 1538) | كتاب البيوع (مسأله 1539 - 1551) | كتاب البيوع (مسأله 1552 - 1556) | كتاب البيوع (مسأله 1557 - 1559) | كتاب البيوع (مسأله 1560 - 1565) | كتاب البيوع (مسأله 1566 - 1567) | كتاب البيوع (مسأله 1568 - 1582) | كتاب البيوع (مسأله 1583 - 1594)