محلى ابن حزم - المجلد الرابع/الصفحة الحادية والعشرون


كتاب البيوع

1485 - مسألة : وجائز بيع الذهب بالفضة ، سواء في ذلك الدنانير بالدراهم ، أو بالحلي ، أو بالنقار ، وبالدراهم بحلي الذهب وسبائكه ، وتبره ، والحلي من الفضة بحلي الذهب وسبائكه ، وسبائك الذهب وتبره بنقار الفضة يدا بيد ولا بد ، عينا بعين ولا بد ، متفاضلين ومتماثلين ، وزنا بوزن ، وجزافا بجزاف ، ووزنا بجزاف في كل ذلك لا تحاش شيئا - ولا يجوز التأخير في ذلك طرفة عين ، لا في بيع ولا في سلم . ويباع الذهب بالذهب سواء كان دنانير ، أو حليا ، أو سبائك ، أو تبرا ، وزنا بوزن ، عينا بعين يدا بيد ، لا يحل التفاضل في ذلك أصلا ، ولا التأخير طرفة عين ، لا بيعا ولا سلما . وتباع الفضة بالفضة ، دراهم أو حليا أو نقارا ، وزنا بوزن ، عينا بعين ، يدا بيد ، ولا يجوز التفاضل في ذلك أصلا ، ولا التأخير طرفة عين ، لا بيعا ولا سلما . ولا تجوز برادة أحدهما مثلها من نوعها كيلا أصلا ، لكن بوزن ولا بد ، ولا نبالي كان أحد الذهبين أجود من الآخر بطبعه أو مثله . وكذلك في الفضتين ؛ وهذا مجمع عليه ، إلا ما ذكرنا عن طلحة بن عبيد الله وإلا بيع الفضة بالفضة ، أو الذهب بالذهب ، فإن ابن عباس ، وابن مسعود ، ومن وافقهما : أجازوا فيهما التفاضل يدا بيد - وإلا أن أبا حنيفة ، والشافعي : أجازا بيع كل ذلك بغير عينه - وأجازا تأخير القبض ما لم يتفرقا بأبدانهما ، وقد ذكرناه عن عمر قبل هذا بخلاف قولهم وإلا أن مالكا لا يجيز الجزاف في الدنانير ، ولا في الدراهم ، بعضها ببعض ، ويجيزه في المصوغ من أحدهما بالمصوغ من الآخر ، ويجيز إعطاء درهم بدرهم أو وزن منه ، على سبيل المكارمة . فأما قول مالك هذا ، وقول أبي حنيفة ، والشافعي ، فلا حجة لشيء منها ، لا من قرآن ، ولا من سنة ، ولا من رواية سقيمة ، ولا من قياس ، ولا من قول صاحب ، بل هو خلاف أمر رسول الله الذي ذكرنا آنفا من أمره عليه السلام أن نبيع الفضة بالذهب كيف شئنا يدا بيد . وأما قول ابن عباس ، فإنه احتج بما رويناه من طريق أحمد بن شعيب أنا محمد بن منصور عن سفيان الثوري عن عمرو بن دينار { عن أبي المنهال قال : باع شريك لي ورقا بنسيئة فجاءني فأخبرني فقلت : هذا لا يصلح فقال : قد والله بعته في السوق وما عابه علي أحد ، فأتيت البراء بن عازب فسألت ؟ فقال : قدم علينا رسول الله المدينة ونحن نبيع هذا البيع ، فقال : ما كان يدا بيد فلا بأس به ، وما كان نسيئة فهو ربا ثم قال لي : ائت زيد بن أرقم فأتيت زيد بن أرقم فسألته ؟ فقال : مثل ذلك } . ومن طريق أحمد بن شعيب أنا قتيبة أنا سفيان - هو ابن عيينة - عن عمرو - هو ابن دينار - عن أبي صالح السمان : أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول في حديث : إن ابن عباس قال له : أسامة بن زيد أخبرني : أن رسول الله قال : { إنما الربا في النسيئة } . ومن طريق سعيد بن منصور حدثني أبو معاوية - هو محمد بن خازم الضرير - عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد قال : قال عبد الله بن مسعود ، لا ربا في يد بيد ، والماء من الماء . وصح عن ابن عمر أنه قال بقول ابن عباس ، ثم رجع عنه . وروينا من طريق حجاج بن المنهال أنا جرير بن حازم قال : سألت عطاء بن أبي رباح عن الصرف ؟ فقال : يا بني إن وجدت مائة درهم بدرهم نقدا فخذه . قال أبو محمد : حديث عبادة ، وأبي هريرة ، وعمر ، وأبي سعيد ، في أن الأصناف الستة كل صنف منها بصنفه : ربا إن كان في أحدهما زيادة على وزن الآخر : هو زائد حكما على حديث أسامة ، والبراء ، وزيد - والزيادة لا يحل تركها - وبالله تعالى التوفيق .

1486 - مسألة : وجائز بيع القمح ، والشعير ، والتمر ، والملح بالذهب ، أو بالفضة يدا بيد ونسيئة - وجائز تسليم الذهب أو الفضة بالأصناف التي ذكرنا ؛ لأن النص جاء بإباحة كل ذلك - وبالله تعالى التوفيق .

1487 - مسألة : وأما القرض فجائز في الأصناف التي ذكرنا وغيرها ، وفي كل ما يتملك ، ويحل إخراجه عن الملك ، ولا يدخل الربا فيه ، إلا في وجه واحد فقط ، وهو اشتراط أكثر مما أقرض ، أو أقل مما أقرض ، أو أجود مما أقرض ، أو أدنى مما أقرض ، وهذا مجمع عليه ، وهو في الأصناف الستة منصوص عليه ، كما أوردنا بأنه ربا وهو فيما عداها شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل - ويجوز إلى أجل مسمى ومؤخرا بغير ذكر أجل ، لكن حال في الذمة متى طلبه صاحبه أخذه . وقال مالك : لا يأخذه إلا بعد مدة ينتفع فيها المستقرض بما استقرض - . وهذا خطأ ؛ لأنه لم يأت به قرآن ، ولا سنة ، ولا رواية سقيمة ، ولا قياس ، ولا قول أحد نعلمه قبله . وأيضا : فإنه حد فاسد ؛ لأن الانتفاع لا يكون إلا في ساعة فما فوقها . وقال الله تعالى { : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } والقرض أمانة ففرض أداؤها إلى صاحبها متى طلبها - وبالله تعالى التوفيق .

1488 - مسألة : فإن كان مع الذهب شيء غيره - أي شيء كان من فضة أو غيرها - : ممزوج به ، أو مضاف فيه ، أو مجموع إليه في دنانير ، أو في غيرها : لم يحل بيعه مع ذلك الشيء ، ولا دونه بذهب أصلا ، لا بأكثر من وزنه ولا بأقل ، ولا بمثله ، إلا حتى يخلص الذهب وحده خالصا . وكذلك إن كان مع الفضة شيء غيرها : كصفر ، أو ذهب ، أو غيرهما ، ممزوج بها ، أو ملصق معها ، أو مجموع إليها : لم يحل بيعها مع ذلك الشيء ، ولا دونه بفضة أصلا - دراهم كانت أو غير دراهم - لا بأكثر من وزنها ، ولا بأقل ، ولا بمثل وزنها ، إلا حتى تخلص الفضة وحدها خالصة ، سواء في كل ما ذكرنا : السيف المحلى ، والمصحف المحلى ، والخاتم فيه الفص ، والحلي فيه الفصوص ، أو الفضة المذهبة ، أو الدنانير فيها خلط صفر أو فضة ، أو الدراهم فيها خلط ما ، ولا ربا في غير ما ذكرنا أصلا . وكذلك إن كان في القمح شيء من غيره مخلوط به ، أو مضاف إليه من دغل أو غيره : لم يجز بيعه بذلك الشيء ، ولا دونه بقمح صاف أصلا . وكذلك القول في الشعير - فيه شيء غيره أو معه شيء غيره - : فلا يحل بيعه بشعير محض - وفي التمر يكون معه أو فيه شيء غيره أو معه فلا يحل بيعه بتمر محض . وكذلك القول في الملح يكون فيه أو معه شيء غيره - : فلا يحل بيعه بملح صاف . وإنما هذا كله إذا ظهر أثر الخلط في شيء مما ذكرنا - وأما ما لم يؤثر ولا ظهر له فيه عين ولا نظر أيضا : فحكمه حكم المحض ؛ لأن الأسماء إنما هي موضوعة على حسب الصفات التي بها تنتقل الحدود . برهان ذلك : { أمر النبي أن لا يباع الذهب والفضة بشيء من نوعهما ، إلا عينا بعين ، وزنا بوزن ، وأن لا يباع شيء من الأصناف الأربعة بشيء من نوعه إلا كيلا بكيل عينا بعين } ، فإذا كان في أحد الأنواع المذكورة خلط أو شيء مضاف إليه فلا سبيل إلى بيعه بشيء من نوعه عينا بعين ، ولا كيلا بكيل ، ولا وزنا بوزن ، لأنه لا يقدر على ذلك أصلا . فقال من أجاز ذلك : إذا علمنا وزنه أو كيله : جاز بيعه بشيء من نوعه أكثر وزنا أو كيلا منه ، فيكون مقدار وزنه به ، أو مقدار كيله كذلك ، ويكون الفضل بذلك الشيء - : مثال ذلك : دينار فيه حبة فضة فيباع بدينار ذهب صرف ، فيكون من هذا الدينار الصرف دينار غير حبة بإزاء الذهب الذي في ذلك الدينار الذي فيه حبة فضة ، ويكون ما زاد على ذلك من ذهب هذا الدينار بالحبة الفضة . وكذلك الدرهم يكون فيه ربعه أو ثلثه أو نصفه صفرا فيباع بدرهم فضة محضة ، فيكون ما في هذا الدرهم من الفضة بإزاء وزنه من ذلك الدرهم الآخر من الفضة ، ويكون الصفر الذي مع هذه الفضة بإزاء ما بقي من ذلك الآخر من الفضة - وهكذا في الأربعة الأصناف الباقية . قال أبو محمد : فقلنا : إن كنتم تخلصتم بهذه النية من الوزن ، فلم تتخلصوا من التعيين ؛ لأنه لا يعرف أي فضة هذا الدرهم بعتم بفضة ذلك الآخر ؟ وقد افترض رسول الله  : أنه لا يحل ذلك إلا عينا بعين ، فكيف وقد ورد في هذا نص ؟ كما روينا من طريق مسلم أنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح أنا ابن وهب أخبرني أبو هانئ الخولاني أنه سمع علي بن رباح اللخمي يقول : سمعت فضالة بن عبيد يقول : { أتى رسول الله وهو بخيبر بقلادة فيها ذهب وخرز وهي من المغانم تباع فأمر رسول الله بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ، ثم قال لهم عليه السلام : الذهب بالذهب وزنا بوزن } . ومن طريق أبي داود أنا محمد بن العلاء أنا ابن المبارك عن سعيد بن يزيد - هو أبو شجاع - عن خالد بن أبي عمران عن حنش الصنعاني عن فضالة بن عبيد الأنصاري قال { : أتى رسول الله عام خيبر بقلادة فيها ذهب وخرز ابتاعها رجل بتسعة دنانير فقال رسول الله  : حتى تميز بينه وبينه فقال : إنما أردت الحجارة ؟ فقال عليه السلام : لا ، حتى تميز بينهما ، فرده حتى ميز بينهما } . فهذا رسول الله لم يلتفت إلى نيته في أنه إنما كان غرضه الخرز ويكون الذهب تبعا ، ولا راعى كثرة ثمن من قلته ، وأوجب التمييز والموازنة ولا بد - وفي هذا خلاف نذكر منه طرفا - إن شاء الله تعالى - : روينا من طريق شعبة أنا عمارة بن أبي حفصة عن المغيرة بن حنين سمعت علي بن أبي طالب - وهو يخطب - إذ أتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إن بأرضنا قوما يأكلون الربا ؟ قال علي : وما ذلك ؟ قال : يبيعون جامات مخلوطة بذهب وفضة بورق ، فنكس علي رأسه ، وقال : لا - أي لا بأس به - ومن طريق سعيد بن منصور أنا جرير بن عبد الحميد عن السماك بن موسى عن موسى بن أنس بن مالك عن أبيه : أن عمر أعطاه آنية خسروانية مجموعة بالذهب فقال عمر : اذهب فبعها واشترط رضانا ، فباعها من يهودي بضعف وزنها ، ثم أخبر عمر ، فقال له عمر : اذهب فاردده ، لا ، إلا بزنته . ومن طريق سعيد بن منصور أنا هشيم عن مجالد عن الشعبي : أن عبد الله بن مسعود باع نفاية بيت المال زيوفا بدراهم دون وزنها . ومن طريق ابن أبي شيبة أنا شريك بن عبد الله عن إبراهيم بن مهاجر عن إبراهيم النخعي قال : كان خباب قينا ، وكان ربما اشترى السيف المحلى بالورق . ومن طريق ابن أبي شيبة أنا عبد السلام بن حرب عن يزيد الدالاني عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال : كنا نبيع السيف المحلى بالفضة ونشتريه . ومن طريق ابن أبي شيبة أنا وكيع عن إسرائيل عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لا بأس ببيع السيف المحلى بالدراهم . فهؤلاء : عمر ، وعلي ، وأنس ، وابن مسعود ، وطارق ، وابن عباس ، وخباب ، إلا أن عليا ، وخبابا ، وابن مسعود ، وطارقا ، وابن عباس لم يخصوا بأكثر مما فيها من الفضة ولا أقل - وعمر راعى وزن الفضة وألغى الذهب ، إلا أنه أجاز الصرف بخيار رضاه بعد افتراق المتصارفين - وأنس وحده راعى أكثر من الوزن ، وأجاز الخيار في الصرف . وممن بعدهم روينا من طريق أحمد بن حنبل عن يحيى بن أبي زائدة أخبرني ابن أبي غنية سألت الحكم بن عتيبة ألف درهم وستين درهما بألف درهم وخمسة دنانير ؟ فقال : لا بأس به ألف بألف والفضل بالدنانير . ومن طريق عبد الرزاق أنا معمر ، وسفيان الثوري ، وحي بن عمر قال معمر : عن قتادة عن الحسن البصري ، وقال سفيان : عن المغيرة عن إبراهيم النخعي ، وقال حي : عن عبد الكريم أبي أمية عن الشعبي ، ثم اتفق الحسن ، وإبراهيم ، والشعبي ، قالوا كلهم : لا بأس بالسيف فيه الحلية ، والمنطقة ، والخاتم أن يبتاعه بأكثر مما فيه أو بأقل ونسيئة . ومن طريق عبد الرزاق أنا هشيم عن مغيرة سألت إبراهيم النخعي عن الخاتم أبيعه نسيئة ؟ فقال : أفيه فص ؟ فقلت : نعم ، فكأنه هون فيه . ومن طريق ابن أبي شيبة أنا عثمان بن مطر عن هشام - هو ابن حسان - وسعيد بن أبي عروبة قال هشام : عن ابن سيرين ، وقال سعيد : عن قتادة ثم اتفق ابن سيرين ، وقتادة : أنه لا بأس بشراء السيف المفضض ، والخوان المفضض ، والقدح بالدراهم . ومن طريق شعبة قال : سألت حماد بن أبي سليمان عن السيف المحلى يباع بالدراهم ؟ فقال : لا بأس به - وروي هذا عن سليمان بن موسى ، ومكحول أيضا . ومن طريق سعيد بن منصور أنا هشيم أنا حصين - هو أبو عبد الرحمن - عن الشعبي : أنه كان لا يرى بأسا بالسيف المحلى يشترى نقدا ونسيئة ويقول : فيه الحديد ، والحمائل وروينا من طريق شعبة : أنه سأل الحكم بن عتيبة عن السيف المحلى يباع بالدراهم ؟ فقال : إن كانت الدراهم أكثر من الحلية فلا بأس به . وروينا مثله أيضا عن الحسن ، وإبراهيم - وهو قول سفيان . وروينا عن إبراهيم قولا ثالثا ، كما روينا من طريق سعيد بن منصور أنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم في الذهب والفضة يكونان جميعا ؟ قال : لا يباع إلا بوزن واحد منهما . قال أبو محمد : كأنه يلغي الواحد ، وقال الأوزاعي : إذا كانت الحلية تبعا ، وكان الفضل في النصل : جاز بيعه بنوعه نقدا وتأخيرا . وقال مالك : إن كانت فضة السيف المحلى بالفضة ، أو المصحف كذلك ، أو المنطقة كذلك ، أو خاتم الفضة كذلك : يقع في الثلث من قيمتها مع النصل ، والغمد ، والحمائل ، ومع المصحف ، ومع الفص ، وكان حلي النساء من الذهب ، أو الفضة ، يقع الفضة أو الذهب في ثلث قيمة الجميع مع الحجارة فأقل : جاز بيع كل ذلك بنوعه أكثر مما فيه ومثله ، وأقل نقدا ولا يجوز نسيئة ، فإن كانت أكثر من الثلث لم يجز أصلا . وهذا تناقض عظيم ؛ لأن التفاضل حرام كالتأخير ولا فرق ، فإن منع من أحدهما فليمنع من الآخر - وإن أجاز أحدهما - لأنه تبع فليجز الآخر أيضا ؛ لأنه تبع . وتحديده الثلث عجب آخر ؟ وما عقل قط أحد أن وزن عشرة أرطال فضة تكون ثلث قيمة ما هي فيه يكون قليلا ، ووزن درهم فضة يكون نصف قيمة ما هي فيه يكون كثيرا - وهذا فاسد من القول جدا ، ولا دليل على صحته ، لا من قرآن ، ولا من سنة ، ولا رواية سقيمة ، ولا قول أحد قبله نعلمه ، ولا قياس ، ولا رأي له وجه ، ولا احتياط . وقال أيضا : لا يجوز بيع غير ما ذكرنا يكون فيه فضة أو ذهب بنوع ما فيه منهما - قل أو كثر - كالسكين المحلاة بالفضة أو الذهب ، والسرج كذلك ، وكل شيء كذلك ، إلا أن يكون ما فيه من الفضة أو الذهب إذا نزع لم يجتمع منه شيء له بال ، فلا بأس حينئذ ببيعه بنوع ما فيه من ذلك نقدا وبتأخير ، وكيف شاء . قال أبو محمد : شيء له بال كلام لا يحصل ، وحبة ذهب أو فضة لها بال عند المساكين ، نعم ، وعند التجار ، وعند أكثر الناس ، ولا يحل عنده ولا عندنا تزيدها في الموازنة فيما فيه الربا ، ثم تفريقه بين السيف ، والمصحف ، والخاتم ، والمنطقة ، وحلي النساء في ذلك - وبين السرج واللجام والمهاميز ، والسكين ، وغير ذلك عجب جدا ؟ فإن قالوا : لأن ما ذكرنا قبل مباح اتخاذه ؟ قلنا : والدنانير مباح اتخاذها فأجيزوا بيعها مع غيرها بذهب إذا كانت ثلث القيمة فأقل - وأجاز مالك بدل الدنانير المحضة بالدنانير المغشوشة بالصفر ، أو الفضة - كثر الغش أم قل - كان الثلث ، أو أكثر أو أقل - مثلا بمثل . وكذلك أجاز بدل الدراهم المغشوشة بالصفر وغيره بالدراهم الفضة المحضة ، مثلا بمثل - كان الغش الثلث أو أكثر أو أقل . قال : فإن كان ذلك باسم البيع لم يجز ، وهو يرى في المغشوشة الزكاة إذا بلغ وزنها بغشها مائتي درهم ، أو بلغ وزن الدنانير عشرين دينارا ، وإن كانت الفضة أو الذهب فيهما أقل من العشر . وهذا تناقض آخر ، ولئن كان حكمها حكم الصافية في وجوب الزكاة فيها ، وكانت ورقا ، فإن بيع بعضها ببعض جائز ؛ لأنها شيء واحد ، وورق ولئن كان بيع بعضها ببعض لا يجوز ؛ لأنها ليست شيئا واحدا ، ولا هي ورق ، فإن الزكاة فيها لا تجب لذلك سواء سواء . ثم الفرق بين البدل ، وبين البيع : عجب آخر ما سمعناه عن أحد قبله ولا ندري من أين قاله ؟ ولئن كان للبدل هنا غير حكم البيع ليجوزن الدينار بالدينارين على البدل ، لا على اسم البيع ، وهذه عجائب كما تسمع . وقال أبو حنيفة : كل شيء محلى بفضة أو ذهب فجائز بيعه بنوع ما فيه من ذلك إذا كان الثمن أكثر مما في المبيع من الفضة أو الذهب ، ولا يجوز بمثل ما فيه من ذلك ولا بأقل . قال : ولا بد من قبض ما يقع للفضة أو للذهب من الثمن قبل التفرق ، فكان هذا طريفا جدا ، ومخالفا للسنة كما ذكرنا من قبل . وقال أبو حنيفة في الدراهم المغشوشة : إن كان الثلثان هو الصفر ، وكانت الفضة الثلث ولا يقدر على تخليصها ؛ لأنه لا يدري إن خلصت أيبقى الصفر أم يحترق ؟ فلا بأس يبيعها بوزن جميعها فضة محضة . وبأكثر من وزن جميعها أيضا ، ولا يجوز بيعها بمثل الفضة التي فيها ولا بأقل منها . قال : فإن كان نصفها صفرا أو نصفها فضة ؟ فإن كانت الفضة هي الغالبة : جاز بيعها بوزن جميعها من الفضة المحضة ، ولا تباع بأكثر من ذلك من الفضة وإن لم يكن أحدهما غاليا للآخر جاز بيعها حينئذ بمثل وزن جميعها فضة محضة ، وبأكثر وبأقل بعد أن يكون فضة الثمن أكثر من الفضة التي في الدراهم فإن لم يدر أي الفضتين أكثر التي هي ثمن أم التي في الدراهم ؟ فالبيع فاسد . قال : فإن كان ثلثا الدراهم وثلثها صفرا لم يجز أن تباع بالفضة المحضة إلا مثلا بمثل ، لا بأقل ولا بأكثر . وهذه وساوس لو قالها صبي في أول فهمه ليئس من فلاحه ، ولوجب أن يستعد له بغل ونعوذ بالله من البلاء ، وما لهذه الأحكام وجه أصلا ، لا من قرآن ، ولا من سنة ، ولا رواية سقيمة ، ولا قياس ، ولا رأي سديد ، ولا احتياط ، ولا سمعت عن أحد قبله وحسبنا الله ونعم الوكيل . والعجب : أنه مرة رأى الثلث ههنا قليلا . ومرة رأى الربع كثيرا ، فيما ينكشف من بطن الحرة في الصلاة . ومرة رأى مقدار الدرهم البغلي كثيرا فيما ينكشف من فخذها أو دبرها . ومرة رأى النصف قليلا . ومرة رأى مقدار ثلاثة أصابع من جميع الرأس كثيرا . وهذه تخاليط لا تعقل ، وتحكم في دين الله تعالى بالباطل . قال أبو محمد : وروي مثل قولنا عن طوائف من السلف : كما روينا من طريق ابن أبي شيبة أنا وكيع عن محمد بن عبد الله الشعيثي عن أبي قلابة عن أنس قال : أتانا كتاب عمر بن الخطاب ونحن بأرض فارس : لا تبيعوا سيوفا فيها حلقة فضة بالدراهم . ومن طريق سعيد بن منصور أنا مهدي بن ميمون عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب حدثني يحيى الطويل عن رجل من همدان قال : سألت علي بن أبي طالب ، فقلت : يا أمير المؤمنين إنه يكسد علي الورق أفأصرفه بالزيادة والنقصان ؟ قال : ذلك الربا العجلان ؟ ومن طريق سعيد بن منصور أنا جرير عن مغيرة بن مقسم عن أبيه عن رجل من السمانين قال : قال علي بن أبي طالب : إذا كان لأحدكم دراهم لا تنفق فليبتع بها ذهبا ، وليبتع بالذهب ما شاء . ومن طريق سعيد بن منصور أنا هشيم عن مجالد عن الشعبي : أن عبد الله بن مسعود باع نفاية بيت المال زيوفا وقسيان بدراهم دون وزنها ؟ فنهاه عمر عن ذلك ، وقال : أوقد عليها حتى يذهب ما فيها من حديد أو نحاس وتخلص ، ثم بع الفضة بوزنها . ومن طريق مسلم بن الحجاج حدثني أبو الطاهر أنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن عامر بن يحيى المعافري أخبرهم { عن حنش بن عبد الله الصنعاني أنه كان مع فضالة بن عبيد في غزوة فطارت لي ولأصحابي قلادة فيها ذهب وورق وجوهر ، فأردت أن أشتريها ، فسألت فضالة بن عبيد ؟ فقال : انزع ذهبها فاجعله في كفة واجعل ذهبك في كفة ، ثم لا تأخذن إلا مثلا بمثل ، فإن رسول الله قال . } . ثم ذكر الحديث . ومن طريق وكيع أنا فضيل بن غزوان عن نافع قال : كان ابن عمر لا يبيع سرجا ولا سيفا فيه فضة حتى ينزعه ثم يبيعه وزنا بوزن : فهؤلاء : عمر ، وعلي ، وابن عمر ، وفضالة بن عبيد ، ومن التابعين : كما روينا عن طريق ابن أبي شيبة أنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن معمر عن الزهري : أنه كان يكره أن يشترى السيف المحلى بفضة ، ويقول : اشتره بالذهب يدا بيد . ومن طريق ابن أبي شيبة أنا إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية عن أيوب السختياني أن محمد بن سيرين : كان يكره شراء السيف المحلى إلا بعرض . ومن طريق سعيد بن منصور أنا هشيم أنا يونس عن ابن سيرين أنه كان يقول : إذا كانت الحلية فضة اشتراها بالذهب ، وإن كانت الحلية ذهبا اشتراها بالفضة ، وإن كانت ذهبا وفضة فلا يشتريها بذهب ولا فضة واشتراها بعرض . ومن طريق سعيد بن منصور أنا هشيم أنا الشيباني هو أبو إسحاق عن الشعبي عن شريح أنه أتى بطوق ذهب فيه جوهر ، فقال شريح : أزيلوا الذهب من الجوهر فبيعوا الذهب يدا بيد وبيعوا الجوهر كيف شئتم . ومن طريق وكيع أنا زكريا هو ابن أبي زائدة عن الشعبي قال : سئل شريح عن طوق ذهب فيه فصوص ، أتباع بدنانير ؟ قال : تنزع الفصوص ثم يباع الذهب بالذهب وزنا بوزن ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري ، وقتادة ، قال قتادة : عن ابن سيرين ، ثم اتفق ابن سيرين ، والزهري ، قالا جميعا : يكره أن يباع الخاتم فيه فضة بالورق . ومن طريق حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أنه كان يكره أن يشترى ذهب ، وفضة بذهب ، وقال حماد : فيمن أراد أن يشتري ألف درهم بمائة دينار ودرهم ؟ فمنع من ذلك وقال : لا ، ولكن اشتر ألف درهم غير درهم بمائة دينار وكل ما قلنا فهو قول الشافعي ، وأحمد وجمهور أصحابنا وبالله تعالى التوفيق .

1489 - مسألة : فإن كان ذهب وشيء آخر غير الفضة معه أو مركبا فيه جاز بيعه كما هو مع ما هو معه ودونه بالدراهم يدا بيد ولا يجوز نسيئة . وكذلك الفضة معها شيء آخر غير الذهب أو مركبا فيها ، أو هي فيه : جاز بيعها مع ما هي معه أو دونه بالدنانير يدا بيد ، ولا يجوز نسيئة . وكذلك القمح معه تمر أو ملح أو شيء آخر : فجائز بيعه مع الآخر أو دونه بشعير يدا بيد ، ولا يجوز نسيئة . وكذلك الشعير معه تمر أو ملح أو غير ذلك : فجائز بيعه وما معه أو دونه بقمح نقدا ، لا نسيئة وكذلك التمر معه شعير أو ملح أو غير ذلك : فجائز بيعه معه أو دونه بقمح نقدا ، لا نسيئة . وكذلك الملح معه قمح أو شعير أو غير ذلك : فجائز بيعه بالتمر نقدا ، لا بنسيئة برهان ذلك : قول رسول الله  : { فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد } فسقطت الموازنة ، والمكايلة ، والمماثلة ، وبقي النقد فقط وبالله تعالى التوفيق . روينا من طريق حماد بن سلمة أنا الحجاج بن أرطاة عن جعفر بن عمرو بن حريث : أن أباه اشترى من علي بن أبي طالب ديباجة ملحمة بذهب بأربعة آلاف درهم بنساء فأحرقها فأخرج منها قيمة عشرين ألف درهم . وأجاز ربيعة بيع سيف محلى بفضة بذهب إلى أجل . قال علي : لا حجة في قول أحد دون رسول الله وهذا مما تناقض فيه المالكيون : والحنفيون فخالفوا عمل علي وعمرو بن حريث بحضرة الصحابة رضي الله عنهم .

1490 - مسألة : وأما الدراهم المنقوشة والدنانير المغشوشة فإنه إن تبايع اثنان دراهم مغشوشة قد ظهر الغش فيها بدراهم مغشوشة قد ظهر الغش فيها : فهو جائز إذا تعاقدا البيع ، على أن الصفر الذي في هذه بالفضة التي في تلك ، والفضة التي في هذه بالصفر الذي في تلك : فهذا جائز حلال ، سواء تبايعا ذلك متفاضلا ، أو متماثلا ، أو جزافا بمعلوم ، أو جزافا بجزاف ، لأن الصفر بالفضة حلال . وكذلك إن تبايعا دنانير مغشوشة بدنانير مغشوشة قد ظهر الغش في كليهما على هذه الصفة ، فإن تبايعا ذهب هذه بفضة تلك وذهب تلك بفضة هذه : فهذا أيضا حلال متماثلا ، ومتفاضلا ، وجزافا نقدا ولا بد لأنه ذهب بفضة ، فالتفاضل جائز ، والتناقد فرض وبالله تعالى التوفيق .

1491 - مسألة : وجائز بيع القمح بدقيق القمح وسويق القمح وبخبز القمح ودقيق القمح بدقيقه وبسويقه وخبزه ، وسويقه بسويقه وبخبزه ، وخبز القمح بخبز القمح ، متفاضلا كل ذلك ، ومتماثلا ، وجزافا والزيتون بالزيت والزيتون ، والزيت بالزيت ، والعنب بالعنب وبالعصير ، وبخل العنب بالخل ، يدا بيد وأن يسلم كل ما ذكرنا بعضه في بعض . وكذلك دقيق الشعير بالقمح وبالشعير وبدقيق الشعير وبخبزه ، والتين بالتين ، والزبيب بالزبيب ، والأرز بالأرز ، كيف شئت متفاضلا ، ومتماثلا ؛ ويسلم بعضه في بعض . ولا ربا ألبتة ، ولا حرام ، إلا في الأصناف الستة التي قدمنا وفي العنب بالزبيب كيلا ، ويجوز وزنا كيف شئت . وفي الزرع القائم بالقمح كيلا ، فإن كان الزرع ليس قمحا ولا شعيرا ولا سنبل بعد : فقد جاز بيعه بالشعير كيلا وبكل شيء ما عدا القمح كيلا . وأجاز المالكيون السويق من القمح بالقمح متفاضلا . وأجاز الحنفيون خبز القمح بالقمح متفاضلا وكل ذلك أصله القمح ، ولا فرق . برهان ذلك : ما أوردنا قبل من أنه لا ربا ولا حرام إلا ما نص عليه رسول الله قال تعالى : { وأحل الله البيع وحرم الربا } وقال تعالى : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } { وأباح رسول الله السلف في كيل معلوم ، أو وزن معلوم إلى أجل معلوم } وقال الله تعالى : { وقد فصل لكم ما حرم عليكم } فصح بأوضح من الشمس أن كل تجارة ، وكل بيع ، وكل سلف في كيل معلوم ، أو وزن معلوم إلى أجل معلوم : فحلال مطلق لا مرية في ذلك ، إلا ما فصل الله تعالى لنا تحريمه على لسان رسوله عليه السلام . ونحن نشهد بشهادة الله تعالى ونبت ونقطع بأن الله تعالى لم يحرم على عباده شيئا كتمه عنهم ولم يبينه رسوله عليه السلام لهم ، وأنه تعالى لم يكلنا فيما حرم علينا إلى ظنون أبي حنيفة ، ومالك ، الشافعي ، أو غيرهم ، ولا إلى ظنوننا ولا إلى ظن أحد ، ولا إلى دعاوى لا برهان عليها . وما وجدنا عن أحد قبل مالك المنع من بيع الزيتون بالزيت ثم اتبعه عليه الشافعي ، وإن كان لم يصرح به ، وأجازه أبو حنيفة وأصحابه إذا كان الزيت أكثر مما في الزيتون من الزيت وإلا فلا . فإن قالوا : هي مزابنة ؟ قلنا : قلتم الباطل ، قد فسر المزابنة : أبو سعيد الخدري ، وجابر بن عبد الله ، وابن عمر رضي الله عنهم وهم أعلم الناس باللغة وبالدين فلم يذكروا شيئا من هذه الوجوه فيه أصلا فإن قالوا : قسنا ذلك على الرطب بالتمر ، والزبيب بالعنب كيلا ؟ قلنا : القياس كله باطل ، ثم هذه منه عين الباطل ، لأن الزبيب هو عين العنب نفسه ، إلا أنه يبس ، والتمر هو عين الرطب إلا أنه يابس والزيت هو شيء آخر غير الزيتون لكنه خارج منه كخروج اللبن من الغنم ، والتمر من النخل ، وبيع كل ذلك بما يخرج منه : جائز بلا خلاف . فهذا أصح في القياس لو صح القياس يوما ما . وقد ذكرنا أقوالهم المختلفة المتناقضة وكل قول منها يكذب قول الآخر ويبطله ، ويشهد عليه بالخطأ ، كل ذلك بلا برهان والحمد لله رب العالمين على عظيم نعمه علينا كثيرا ، وهذا قول أبي سليمان وأصحابنا . ومن طريق ابن أبي شيبة أنا عبيدة بن حميد عن مطرف هو ابن طريف عن الشعبي : أنه سئل عن السويق بالحنطة ؟ فقال : إن لم يكن ربا فهو ريبة . ومن طريق ابن أبي شيبة أنا جرير عن ليث عن مجاهد قال : لا بأس بالحنطة بالسويق ، والدقيق بالحنطة والسويق ، فلم يشترط المماثلة ، وقد ذكرنا أقوال الصحابة ومن بعدهم في المزابنة فأغنى عن تكراره

محلى ابن حزم - المجلد الرابع/كتاب البيوع
كتاب البيوع (مسأله 1411 - 1414) | كتاب البيوع (مسأله 1415 - 1416) | كتاب البيوع (مسأله 1417) | كتاب البيوع (تتمة مسأله 1417) | كتاب البيوع (مسأله 1418 - 1420) | كتاب البيوع (مسأله 1421) | كتاب البيوع (مسأله 1422) | كتاب البيوع (مسأله 1423 - 1426) | كتاب البيوع (مسأله 1427 - 1428) | كتاب البيوع (مسأله 1429 - 1446) | كتاب البيوع (مسأله 1447) | كتاب البيوع (مسأله 1448 - 1460) | كتاب البيوع (مسأله 1461 - 1464) | كتاب البيوع (مسأله 1465 - 1466) | كتاب البيوع (مسأله 1467 - 1470) | كتاب البيوع (مسأله 1471 - 1474) | كتاب البيوع (مسأله 1475 - 1479) | كتاب البيوع (مسأله 1480) | كتاب البيوع (تتمة مسأله 1480) | كتاب البيوع (مسأله 1481 - 1484) | كتاب البيوع (مسأله 1485 - 1491) | كتاب البيوع (مسأله 1492 - 1500) | كتاب البيوع (مسأله 1501 - 1507) | كتاب البيوع (مسأله 1508 - 1511) | كتاب البيوع (مسأله 1512 - 1516) | كتاب البيوع (مسأله 1517 - 1538) | كتاب البيوع (مسأله 1539 - 1551) | كتاب البيوع (مسأله 1552 - 1556) | كتاب البيوع (مسأله 1557 - 1559) | كتاب البيوع (مسأله 1560 - 1565) | كتاب البيوع (مسأله 1566 - 1567) | كتاب البيوع (مسأله 1568 - 1582) | كتاب البيوع (مسأله 1583 - 1594)