السيرة الحلبية/باب سراياه وبعوثه



باب سراياه وبعوثه


لا يخفى أن ما كان فيه رسول الله يقال له غزوة، وما خلا عنه يقال له سرية إن كان طائفة اثنين فأكثر، فإن كان واحدا قيل له بعث، وربما سموا بعض السرايا غزوة كما في مؤتة، حيث قالوا غزوة مؤتة، وكما في سرية الرجيع حيث عبر عنها السيوطي في الخصائص بغزوة الرجيع، وعن سرية ذات السلاسل بغزوة ذات السلاسل، وعن سرية سيف البحر بغزوة سيف البحر، وربما سموا الواحد سرية وهو في الأصل كثير، وربما سموا الاثنين فأكثر بعثا، ومنه قول الأصل كالبخاري بعث الرجيع، وظاهر كلامهم أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون إرسال ذلك لقتال، أو لغير قتال كتجسس الأخبار، أو لتعليمهم الشرائع كما في بئر معونة والرجيع، أو للتجارة كما في سرية زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنهما حيث ذهب مع جمع بالتجارة للشام فلقيه بنو فزارة فضربوه وضربوا أصحابه وأخذوا ما كان معهم كما سيأتي.

والسرية في الأصل الطائفة من الجيش تخرج منه، ثم تعود إليه خرجت ليلا أو نهارا، وقيل السرية هي التي تخرج ليلا. والسارية هي التي تخرج نهارا، وهي من مائة إلى خمسمائة، وقيل إلى أربعمائة: أي وفي القاموس: السرية من خمسة أنفس إلى ثلثمائة أو أربعمائة، وعليه فما دون ذلك لا يقال له سرية، فما زاد على الثلاثمائة أو أربعمائة إلى ثمانمائة يقال له بنسر بالنون، فإن زاد على ذلك إلى أربعة آلاف قيل له جيش، أي وقيل الجيش من ألف إلى أربعة آلاف، فإن زاد على ذلك قيل له جحفل وجيش جرار أي إلى اثني عشر ألفا.

والبعث في الأصل: الطائفة تخرج من السرية، ثم تعود إليها، وهو من عشرة إلى أربعين يقال له حفيرة، ومن أربعين إلى ثلاثمائة يقال له معتقب، وما زاد على ذلك يسمى حمزة: قال بعضهم: والكتيبة ما اجتمع ولم ينتشر، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله: «خير الأصحاب أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، وما هزم قوم بلغوا اثني عشر ألفا من قلة إذا صدقوا وصبروا» أي فلا يرد انهزام القدر المذكور يوم حنين. قال في الأصل: وكانت سراياه التي بعث بها سبعا وأربعين سرية، وهو في ذلك موافق لما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب. قال الشمس الشامي: والذي وقفت عليه من السرايا والبعوث لغير الزكاة يزيد على السبعين ا هـ.

أي وكان إذا أمر أميرا على سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: اغزوا بسم الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا، والوليد الصبي، أي ما لم يقاتل كالنساء وإلا قتلوا.

وفي رواية: «لا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا صغيرا، ولا امرأة»، وهذا عند العمد، فلا ينافي أنه يجوز الإغارة على المشركين ليلا وإن لزم على ذلك قتل الصبيان والنساء والشيوخ.

فقد روى الشيخان: «سئل عن المشركين يبيتون، أي يغار عليهم ليلا فيصيبون من نسائهم وذراريهم؟ فقال: هم منهم» وكان يقول: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ولا سمع ولا طاعة في معصية الله» وكان يعتذر عن تخلفه عن تلك السرايا ويقول: «والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب نفوسهم أن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده، لوددت أن أقتل في سبيل الله ثم أحيا، ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل».

ومن جملة وصيته لمن يوليه على سرية «وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام، فإن هم أبوا فاسألهم الجزية، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم».

ومن جملة قوله للسرايا: «بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا» ولما بعث معاذ بن جبل وأبا موسى رضي الله تعالى عنهما إلى اليمن قال لهما: «يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا».

السيرة الحلبية
مقدمة | نسبه الشريف | تزويج عبد الله أبي النبي آمنة أمه وحفر زمزم | حمل أمه به | وفاة والده | مولده | تسميته محمدا وأحمد | رضاعه | وفاة أمه وحضانة أم أيمن له وكفالة جده عبد المطلب إياه | وفاة عبد المطلب وكفالة عمه أبي طالب له | سفره مع عمه إلى الشام | ما حفظه الله به في صغره | رعيته الغنم | حضوره حرب الفجار | شهوده حلف الفضول | سفره إلى الشام ثانيا | تزوجه خديجة بنت خويلد | بنيان قريش الكعبة | ما جاء من أمر رسول الله عن أحبار اليهود ورهبان النصارى والكهان والجان | سلام الحجر والشجر عليه قبل مبعثه | المبعث وعموم بعثته | بدء الوحي | وضوؤه وصلاته أول البعثة | أول الناس إيمانا به | استخفائه وأصحابه في دار الأرقم ودعائه إلى الإسلام جهرة وكلام قريش لأبي طالب في أن يخلي بينهم وبينه | عرض قريش عليه أشياء من خوارق العادات وغير العادات ليكف عنهم لما رأوا المسلمين يزيدون وسؤالهم له أشياء من خوارق العادات وبعثهم إلى أحبار يهود بالمدينة يسألونهم عن صفة النبي | الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة وإسلام عمر بن الخطاب | اجتماع المشركين على منابذة بني هاشم وبني المطلب وكتابة الصحيفة | الهجرة الثانية إلى الحبشة | وفد نجران | وفاة عمه أبي طالب وزوجته خديجة | خروج النبي إلى الطائف | الطفيل بن عمرو الدوسي وإسلامه | الإسراء والمعراج وفرض الصلوات الخمس | عرض رسول الله نفسه على القبائل أن يحموه ويناصروه | الهجرة إلى المدينة | بدء الأذان والإقامة | مغازيه: غزوة بواط | غزوة العشيرة | غزوة سفوان ويقال لها غزوة بدر الأولى | تحويل القبلة | غزوة بدر الكبرى | غزوة بني سليم | غزوة بني قينقاع | غزوة السويق | غزوة قرقرة الكدر | غزوة ذي أمر | غزوة بحران | غزوة أحد | غزوة حمراء الأسد | غزوة بني النضير | غزوة ذات الرقاع | غزوة بدر الآخرة | غزوة دومة الجندل | غزوة بني المصطلق | غزوة الخندق | غزوة بني قريظة | غزوة بن لحيان | غزوة ذي قرد | غزوة الحديبية | غزوة خيبر | غزوة وادي القرى | عمرة القضاء | غزوة مؤتة | فتح مكة | غزوة حنين | غزوة الطائف | غزوة تبوك | سراياه وبعوثه: سرية حمزة بن عبد المطلب | سرية عبيدة بن الحارث | سرية سعد بن أبي وقاص | سرية عبد الله بن جحش | سرية عمير بن عدي الخطمي | سرية سالم بن عمير إلى أبي عفك | سرية عبد الله بن مسلمة إلى كعب بن الأشرف الأوسي | سرية عبد الله بن عتيك لقتل أبي رافع | سرية زيد بن حارثة إلى القردة | سرية أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد | سرية الرجيع | سرية القراء إلى بئر معونة | سرية محمد بن سلمة إلى القرطاء | سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر | سرية محمد بن مسلمة لذي القصة | سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة أيضا | سرية زيد بن حارثة إلى بني سليم | سرية زيد بن حارثة إلى العيص | سرية زيد بن حارثة إلى بني ثعلبة | سرية زيد بن حارثة إلى جذام | سرية أمير المؤمنين أبي بكر الصديق لبني فزارة | سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل | سرية زيد بن حارثة إلى مدين | سرية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر بفدك | سرية عبد الله بن رواحة إلى أُسَير | سرية عمرو بن أمية الضمري وسلمة بن أسلم | سرية سعيد بن زيد | سرية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى طائفة من هوازن | سرية أبي بكر إلى بني كلاب | سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة بفدك | سرية غالب بن عبد الله الليثي | سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى يمن | سرية ابن أبي العوجاء السلمي إلى بني سليم | سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى بني الملوح | سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد | سرية شجاع بن وهب الأسدي إلى بني عامر | سرية كعب بن عمير الغفاري | سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل | سرية الخبط | سرية أبي قتادة إلى غطفان | سرية عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي إلى الغابة | سرية أبي قتادة إلى بطن أضم | سرية خالد بن الوليد إلى العزى | سرية عمرو بن العاص إلى سواع | سرية سعد بن زيد الأشهلي إلى مناة | سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة | سرية أبي عامر الأشعري إلى أوطاس | سرية الطفيل بن عمرو الدوسي إلى ذي الكفين الصنم ليهدمه | سرية عيينة بن حصن الفزاري إلى بني تميم | سرية قطبة بن عامر إلى خثعم | سرية الضحاك الكلابي | سرية علقمة بن مجزز | سرية علي بن أبي طالب | سرية علي بن أبي طالب إلى بلاد مذحج | سرية خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل | سرية أسامة بن زيد بن حارثة إلى أبنى | الوفود التي وفدت عليه | كتبه التي أرسلها إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام | كتابه إلى قيصر | كتابه إلى كسرى | كتابه للنجاشي | كتابه للمقوقس ملك القبط | كتابه للمنذر بالبحرين | كتابه إلى جيفر وعبد ابني الجلندي ملكي عمان | كتابه إلى هوذة | كتابه إلى الحارث الغساني | حجة الوداع | عمَره | معجزاته | خصائصه | أولاده | أعمامه وعماته | أزواجه وسراريه | خدمه الأحرار | الذين أعتقهم | كتّابه | حراسه | من ولي السوق في زمنه | من كان يضحكه | أمناء الرسول | شعراؤه | من كان يضرب الأعناق بين يديه | مؤذنوه | العشرة المبشرون بالجنة | حواريوه | سلاحه | خيله وبغاله وحمره | صفته الظاهرة | صفته الباطنة | مرضه ووفاته | بيان ما وقع من عام ولادته إلى زمان وفاته على سبيل الإجمال