كتاب الأحكام الشرعية الكبرى/كتاب العلم/باب ذم الرأي
باب ذم الرأي
مسلم: حدثني حرملة بن يحيى، أنا عبد الله بن وهب، ثتا أبو شريح أن أبا الأسود حدثه، عن عروة بن الزبير قال: " قالت لي عائشة: يا ابن أختي، بلغني أن عبد الله بن عمرو مارا بنا إلى الحج فالقه فسائله فإنه قد حمل عن النبي ﷺ علما كثيرا. قال: فلقيته، فسألته عن أشياء، فذكرها عن النبي ﷺ. قال عروة:: فكان فيما ذكر أن النبي ﷺ قال: إن الله لا ينتزع العلم ولكن يقبض العلماء، فيرفع / العلم معهم، ويبقى في الناس رؤساء جهال يفتونهم بغير علم فيضلون ويضلون. قال عروة: فلما حدثت عائشة بذلك أعظمت ذلك وأنكرته [قالت أحدثك] أنه سمع النبي ﷺ يقول هذا؟ قال عروة: حتى إذا كان قابل قالت له: إن عبد الله بن عمر قد قدم فالقه، ثم فاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم. قال: فلقيته، فسألته، فذكر لي نحو ما حدثني به في مرته الأولى، قال عروة: فلما أخبرتها بذلك قالت: ما أحسبه إلا قد صدق، أراه لم يزد فيه شيئا ولم ينقص ".
البخاري: حدثنا سعيد بن تليد، حدثني ابن وهب، حدثني عبد الرحمن ابن شريح وغيره، عن أبي الأسود، عن عروة قال: " حج علينا عبد الله بن عمرو، فسمعته يقول: سمعت النبي ﷺ يقول: إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاكموه انتزاعا، ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون. فحدثت به عائشة زوج النبي ﷺ، ثم إن عبد الله بن عمرو حج بعد فقالت: يا ابن أختي، انطلق إلى عبد الله بن عمرو فاستثبت لي منه الذي حدثتني عنه. فجئته فسألته، فحدثني به كنحو ما حدثني، فأتيت عائشة فأخبرها، ت فعجبت، فقالت: والله لقد حفظ عبد الله بن عمرو ".
البزار: حدثنا إبراهيم بن زياد، ثنا يحيى بن آدم، ثنا قيس بن الربيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال: قال: رسول الله ﷺ: " لم يزل أمر بني إسرائيل معتدلا حتى بدا فيهم أبناء سبايا الأمم، فأفتوا بالرأي فضلوا وأضلوا ".
أوقفه غير قيس.
قيس بن الربيع هذا هو أبو محمد الكوفي الأسدي، كان شعبة يثني عليه ويحض الناس على السماع منه، ويقول: ارتحلوا إلى قيس قبل أن يموت. وكان يقول: ما رأيت شيخا بالكوفة إلا وجدنا قيسا سبقنا إليه، وكان يسمى قيسا الجوال، وكان سفيان يثني عليه، وكان يقول: ما رأيت أجود حديثا من قيس. وكذلك معاذ بن معاذ كان يحسن الثناء على قيس. وقيل لأبي نعيم: في نفسك من قيس بن الربيع شيء؟ قال: لا. وقيل لأبي داود: تحدث عن قيس؟ فقال: نعم، وددت أنها كانت / أكثر وكان يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي لا يحدثان عنه، وضعفه يحيى بن معين، وقال أحمد بن حنبل: قيس روى أحاديث منكرة. وقال النسائي: قيس بن الربيع لا يكتب حديثه. وقال أبو حاتم: قيس محله الصدق. وذكر شيئا معناه أنه كان اختلط. وكان رجلا صالحا - رحمه الله.
وروى أبو بكر البزار أيضا: عن عمر بن الخطاب، عن نعيم بن حماد، عن عيسى بن يونس، عن جرير بن عثمان، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: " ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحرمون الحلال ويحلون الحرام ".
وهذا الحديث تفرد به نعيم بن حماد، ولم يتابع عليه، ونعيم خرج عنه البخاري وهو من جملة من عيب عليه، وقد روى عنه أبو حاتم، وقال: محله الصدق. وضعفه أبو عبد الرحمن النسائي.
مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي وأبو كامل الجحدري - وتقاربا في اللفظ، وهذا حديث قتيبة - قالا: ثنا أبو عوانة، عن سماك، عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: " مررت مع رسول الله ﷺ بقوم على رءوس النخل، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقالوا: يلحقونه، يجعلون الذكر في الأنثى، فتلقح. فقال
رسول الله
- ما أظن يغني ذلك شيئا. قال: فأخبروا بذلك فتركوه، فأخبر رسول
الله
بذلك، فقال: إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظنا، فلا
تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به، فإني لن أكذب على
الله _ عز وجل ".
مسلم: حدثني عبد الله بن الرومي اليمامي وعباس بن عبد العظيم العنبري
وأحممد بن جعفر المعقري، قالوا: ثنا النضر بن محمد، حدثني عكرمة - وهو ابن عمار - ثنا أبو النجاشي، حدثني رافع بن خديع قال: " قدم نبي الله
المدينة، وهم يأبرون النخل، يقول: يلحقون النخل، فقال: ما يصنعون؟ قالوا:
كنا نصنعه، قال: لعلكم لو لم تفعلوا / لكان خيرا. فتركوه، فنفضت - أو
فنقصت - قال: فذكروا ذلك له، فقال: إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم
فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر " قال عكرمة: أو نحو هذا. قال المعقري: " فنقضت " ولم يشك.
مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد، كلاهما عن الأسود
ابن عامر - قال أبو بكر: ثنا الأسود بن عامر - ثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن
عروة، عن أ [يه، عن عائشة، وعن ثابت، عن أنس، عن النبي
" مر
بقوم يلحقون فقال: لو لم تفعلوا لصلح. قال: فخرج شيصا، فمر بهم، فقال: ما
لنخلكم؟ قالوا: قلت كذا وكذا. قال: أنتم أعلم بأمر دنياكم ".