كتاب الأحكام الشرعية الكبرى/كتاب العلم/باب من لم يدن من العالم ولا سأله حتى استأذنه
باب من لم يدن من العالم ولا سأله حتى استأذنه
عدلالبزار: حدثنا يوسف بن موسى، ثنا جرير، عن أبي فرة الهمداني، عن أبي زرعة بن عمر بن جرير، عن أبي ذر وأبي هريرة قالا: " كان رسول الله ﷺ يجلس بين ظهراني أصحابه، فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو، فكلمنا رسول الله ﷺ في أن نتخذ له شيئا يعرفه الغريب إذا أتاه، فبنينا له دكانا من طين، فكان يجلس عليه - أحسبه قال: وكنا نجلس حوله - فإنا لجلوس / ورسول الله ﷺ في مجلسه، إذ أقبل رجل من أحسن الناس وجها وأطيب الناس ريحا، وأنقى الناس ثوبا، كأن ثيابه لم يمسها دنس، فيسلم من طرف البساط، فقال: السلام عليك يا محمد. قال: عليك السلام. قال: أدنو يا محمد؟ قال: ادن: فما زال يقول: أدنو يا محمد؟ ويقول له النبي ﷺ مرارا حتى وضع يده على ركبة رسول الله ﷺ، فقال: يا محمد، ما الإسلام؟ قال: أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت، وتصوم رمضان. قال: فإذا فعلت هذا قفد أسلمت؟ قال: نعم. قال: صدقت. فلما سمعنا قول الرجل لرسول الله ﷺ صدقت أنكرناه، ثم قال: فأخبرني ما الإيمان؟ قال: الإيمان بالله، والملائكة، والكتاب، والنبين، وتؤمن بالقدر كله. قال: فإذا فعلت ذلك فقد آمنت؟ قال: نعم. قال: صدقت. قال: يا محمد، أخبرني ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: صدقت. قال: فأخبرني يا محمد متى الساعة؟ فلم يجبه شيئا. ثم أعاد، فلم يجبه مرة أخرى، ثم أعاد، فلم يجبه، ثم رفع رأسه، فحلف له بالله - أو قال: والذي بعثه بالهدى ودين الحق - ما المسئول بأعلم من السائل، ولكن لها علامات: إذا رأيت رعاء البهم يتطاولون في البنيان، ورأيت الحفاة العراة ملوك الأرض، ورأيت المرأة تلد ربها، في خمس لا يعلمهن إلا الله: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير} ثم سطع إلى السماء، فقال رسول الله ﷺ: والذي بعث محمدا بالحق ما كنت بأعلم به من رجل منكم، وإنه لجبريل ﷺ وإنه لفي صورة دحية الكلبي ".
وقد تقدم في أول الكتاب من طريق أبي داود الطيالسي قول جبريل للنبي ﷺ في هذا الحديث " أدنو منك يا رسول الله؟ قال: ادن. ثم قال: أسألك يا رسول الله؟ قال: سل ".