[أخبرنا الربيع] قال: [قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا كاتب الرجل عبده كتابة معلومة إلى سنين معلومة فأراد المكاتب أن يعجل للسيد الكتابة قبل محل السنين، وامتنع السيد من قبولها فإن كانت الكتابة دنانير أو دراهم جبر السيد على أخذها منه وعتق المكاتب، وهكذا إن كاتبه ببلد ولقيه ببلد غيره فقال لا أقبض منك في هذا البلد جبر على القبض منه حيث كان إلا أن يكون في طريق فيه حرابة أو في بلد فيه نهب فلا يجبر على أخذها منه في هذين الموضعين إذا لم يكونا بالبلد الذي كاتبه فيه فإذا كانا بالبلد الذي كاتبه فيه جبر على أخذها منه في هذين الموضعين ولا يكلف المكاتب أن يعطيه ذلك بغير البلد الذي كاتبه فيه.
[قال الشافعي]: وهكذا ورثة الرجل يكاتب عبده فيموت يقومون مقامه فيما لزم المكاتب له ولزمه للمكاتب من الأداء.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ولو كاتبه على عرض من العروض فإن كان لا يتغير على طول الحبس كالحديد والنحاس والرصاص والحجارة وغيرها مما لا يتغير على طول الحبس كالدنانير والدراهم يلزم السيد أن يقبله منه بالبلد الذي كاتبه فيه أو شرط دفعه به ولا يلزمه أن يقبله ببلد غيره؛ لأن لحمولته مؤنة وليس كالدنانير والدراهم التي لا مؤنة لحملها في هذا الوجه، وما كنت جابرا عليه الرجل له على الرجل الدين أن يأخذه جبرت عليه سيد المكاتب، وما لم أجبر عليه الرجل لم أجبر عليه سيد المكاتب على قبضه وكل ما شككت فيه أيتغير أم لا يسأل أهل العلم به فإن كان لا يتغير من طول الحبس فهو كالحديد والرصاص وما وصفت وإن كان يتغير لم يلزم السيد أن يقبضه منه إلا بعد ما يحل على المكاتب وذلك الحنطة والشعير والأرز والحيوان كله مما يتغير في نفسه بالنقص فمتى حل من هذا شيء فتأخر سنة أو أكثر ولم يعجز سيد المكاتب، ثم قال سيده: لا أقبضه؛ لأنه في غير وقته جبر على قبضه إلا أن يبرئه منه؛ لأنه حال، وإنما يأخذه قضاء قال: هذا مكتوب في كتاب البيوع إلى الآجال. فإن قال قائل فهل بلغك في أن يلزم سيد المكاتب أن يتعجل منه الكتابة إذا تطوع بها المكاتب قبل محلها؟ قيل: نعم روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن مكاتبا لأنس جاءه فقال إني أتيت بمكاتبتي إلى أنس فأبى يقبلها فقال: إن أنسا يريد الميراث، ثم أمر أنسا أن يقبلها أحسبه قال فأبى فقال: آخذها فأضعها في بيت المال فقبلها أنس وروي عن عطاء بن أبي رباح أنه روى شبيها بهذا عن بعض الولاة وكأنه أعجبه.
والمكاتب الصحيح والمعتوه في هذا سواء إذا كاتب الرجل عبده، ثم عتق جبر وليه على أخذ ما يجبر عليه سيد المكاتب الصحيح وكذلك نجبر ورثة السيد البالغين على ما يجبر عليه السيد، وأولياء المحجورين على ذلك.
وإذا تداول على المكاتب نجمان أو أكثر ولم يعجزه السيد، ثم قال: أنا أعجزه لم يكن ذلك له حتى يقال للمكاتب: أد جميع ما حل عليك قديما وحديثا فإن فعل فهو على الكتابة، وإن عجز عن شيء من ذلك قديم أو حديث فهو عاجز.