[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: يروى أن من كاتب عبده على مائة أوقية فأداها إلا عشر أواق فهو رقيق أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن زيد بن ثابت قال في المكاتب هو عبد ما بقي عليه درهم.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وبهذا نأخذ وهو قول عامة من لقيت، وهو كلام جملة، ومعنى قولهم - والله تعالى أعلم -: عبد في شهادته وميراثه وحدوده والجناية عليه وجملة جنايته بأن لا تعقلها عاقلة مولاه، ولا قرابة العبد ولا يضمن أكثر من قيمته في جنايته ما بلغت قيمة العبد وهو عبد في الأكثر من أحكامه وليس كالعبد في أن لسيده بيعه، ولا أخذ ماله ما كان قائما بالكتابة.
ولا يعتق المكاتب إلا بأداء آخر نجومه فلو كاتب رجل عبده على مائة دينار منجمة في كل سنة على أنك متى أديت نجما عتق منك بقدره فأدى نجما عتق كله ورجع عليه سيده بما بقي من قيمته، وكانت هذه الكتابة فاسدة.
ومن قذف مكاتبا كان كمن قذف عبدا، وإذا قذف المكاتب حد حد عبد، وكذلك كل ما أتى المكاتب مما عليه فيه حد فحده حد عبد.
ولا يرث المكاتب، ولا يورث بالنسب وإن مات المكاتب ورث هو بالرق ومثل أن يرث المكاتب بالرق أن يكون له عبد فيموت فيأخذ المكاتب مال عبده كما كان يبيع رقبته؛ لأنه مالك له.
وإذا مات المكاتب وقد بقي عليه من كتابته شيء قل، أو كثر فقد بطلت الكتابة، وإذا كان المكاتب إذا قال في حياته: قد عجزت بطلت الكتابة؛ لأنه اختار تركها أو عجز فعجزه السيد بطلت الكتابة كان إذا مات أولى أن تبطل الكتابة؛ لأن المكاتب ليس بحي فيؤدي إلى السيد دينه عليه وموته أكثر من عجزه ولا مزية للمكاتب تفضل بين المقام على كتابته والعتق.
وإذا مات فخرج من الكتابة أحطنا أنه عبد وصار ماله لسيده كله، وسواء كان معه في الكتابة بنون ولدوا من جارية له أو أم ولد، أو بنون بلغوا يوم كاتب وكاتبوا معه وقرابة له كاتبوا معه فجميع ماله لسيده.
ولو قال سيده بعد موت المكاتب قد وضعت الكتابة عنه، أو وهبتها له أو أعتقته لم يكن حرا، وكان المال ماله بحاله؛ لأنه إنما وهب لميت مال نفسه.
ولو قذفه رجل وقد مات ولم يؤد لم يحد له؛ لأنه مات ولم يعتق.
فإذا مات المكاتب فعلى سيده كفنه وقبره؛ لأنه عبده وكذلك لو كان أحضر المال ليدفعه، ثم مات قبل أن يقبضه سيده، أو دفع المال إلى رسول ليدفعه إلى سيده فلم يقبضه سيده حتى مات عبدا وكذلك لو أحضر المال ليدفعه فمر به أجنبي، أو ابن لسيده فقتله كانت عليه قيمته عبدا، وكذلك لو كان سيده قتله كان ظالما لنفسه، ومات عبدا فلسيده ماله ويعزر سيده في قتله.
ولو وكل المكاتب من يدفع إلى السيد آخر نجومه ومات المكاتب فقال ولد المكاتب الأحرار قد دفعها إليك الوكيل وأبونا حي وقال السيد ما دفعها إلي إلا بعد موت أبيكم فالقول قول السيد المكاتب؛ لأنه ماله، ولو أقاموا بينة على أنه دفعها إليه يوم الاثنين ومات أبوهم يوم الاثنين كان القول قول السيد حتى تقطع البينة على أنه دفعها إليه قبل موت المكاتب أو توقت فتقول: دفعها إليك قبل طلوع الشمس يوم الاثنين، ويقر السيد أن العبد مات بعد طلوع الشمس من ذلك اليوم، أو تقوم بينة بذلك فيكون قد عتق ولو شهد وكيل المكاتب أنه دفع ذلك إلى السيد قبل موت المكاتب لم تقبل شهادته.
ولكن لو وكل السيد رجلا بأن يقبض من المكاتب آخر نجومه فشهد وكيل سيد المكاتب أنه قبضها منه قبل يموت، وقال السيد: قبضها بعد ما مات جازت شهادة وكيل سيد المكاتب عليه وحلف ورثة المكاتب مع شهادته، وكان أبوهم حرا وورثه ورثته الأحرار ومن يعتق بعتقه.