[أخبرنا الربيع]: قال: [قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وجماع الكتابة أن يكاتب الرجل عبده أو عبيده على نجمين فأكثر بمال صحيح يحل بيعه وملكه، كما تكون البيوع الصحيحة بالحلال إلى الآجال المعلومة، فإذا كان هكذا وكان ممن تجوز كتابته من المالكين وممن تجوز كتابته من المملوكين كانت الكتابة صحيحة ولا يعتق المكاتب حتى يقول في المكاتبة: فإذا أديت إلي هذا ويصفه فأنت حر، فإن أدى المكاتب ما شرط عليه، فهو حر بالأداء، وكذلك إذا أبرأه السيد مما شرط عليه بغير عجز من المكاتب فهو حر؛ لأن مانعه من العتق أن يبقى لسيده عليه دين من الكتابة، فإن قال: قد كاتبتك على كذا ولم يقل له: إذا أديته فأنت حر لم يعتق إن أداه، فإن قال قائل: فإن الله عز وجل يقول: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} قيل: هذا مما أحكم الله عز وجل جملته إباحة الكتابة بالتنزيل فيه وأبان في كتابه أن عتق العبد إنما يكون بإعتاق سيده إياه فقال: {فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة} فكان بينا في كتاب الله عز وجل أن تحريرها إعتاقها، وأن عتقها إنما هو بأن يقول للمملوك: أنت حر كما كان بينا في كتاب الله عز وجل: {إذا نكحتم المؤمنات، ثم طلقتموهن} أن الطلاق إنما هو بإيقاعه بكلام الطلاق المصرح لا التعريض ولا ما يشبه الطلاق هكذا عامة من جمل الفرائض أحكمت جملها في آية وأبينت أحكامها في كتاب أو سنة، أو إجماع، فإذا كاتب الرجل عبده ولم يقل: إن أديت إلي فأنت حر وأدى فلا يعتق، وذلك خراج أداه إليه، وكل هذا إذا مات السيد، أو خرس ولم يحدث بعد الكتابة ولا معها قولا، إن قولي قد كاتبتك إنما كان معقودا على أنك إذا أديت فأنت حر، فإذا قال: هذا فأدى فهو حر؛ لأنه كلام يشبه العتق كما لو قال له: اذهب، أو اعتق نفسك يعني به الحرية عتق، وكما لو قال لامرأته: اذهبي أو تقنعي يعنى به الطلاق وقع الطلاق، ولا يقع في التعريض طلاق ولا عتاق إلا بأن يقول: قد عقدت القول على نية الطلاق والعتاق.