تلبيس إبليس/الباب العاشر/نقد مسالك الصوفية في السماع
نقد مسالك الصوفية في السماع
عدلقال المصنف رحمه الله: وقد كان جماعه من قدماء الصوفية ينكرون على المبتدئ السماع لعلمهم بما يثير من قلبه أخبرنا عمر بن ظفر المقري نا جعفر بن أحمد نا عبد العزيز بن علي الأزجي ثنا بن جهضم ثني أبو عبد الله المقري ثنا عبد الله بن صالح قال: قال لي جنيد: إذا رأيت المريد يسمع السماع فاعلم أن فيه بقايا من اللعب
أخبرنا أبو بكر بن حبيب نا أبو سعيد بن أبي صادق نا أبو عبد الله بن باكويه قال: سمعت أحمد بن محمد البردعي يقول: سمعت أبا الحسين النوري يقول لبعض أصحابه: إذا رأيت المريد يسمع القصائد ويميل إلى الرفاهية فلا ترج خيره
قال المصنف رحمه الله: هذا قول مشايخ القوم وإنما ترخص المتأخرون حب اللهو فتعدى شرهم من وجهين: أحدهما سوء ظن العوام بقدمائهم لأنهم يظنون أن الكل كانوا هكذا والثاني أنهم جرأوا العوام علىاللعب فليس للعامي حجة في لعبه إلا أن يقول فلان يفعل كذا ويفعل كذا
فصل
عدلقال المصنف رحمه الله: وقد نشب السماع بقلوب خلق منهم فآثروه على قراءة القرآن ورقت قلوبهم عنده بما لا ترق عند القرآن وما ذاك إلا لتمكن هوى باطن تمكن منه وغلبة طبع وهم يظنون غير هذا أخبرنا أبو منصور القزاز نا أبو بكر الخطيب نا عبد الكريم بن هوازن وأنبأنا عبد المنعم بن عبد الكريم ثنا أبي وقال سمعت أبا حاتم محمد بن أحمد بن يحيى السجستاني قال سمعت أبا نصر السراج يقول: حكى لي بعض أخواني عن أبي الحسين الدراج قال: قصدت يوسف بن الحسين الرازي من بغداد فلما دخلت الري سألت عن منزله وكل من أسأله عنه يقول إيش تفعل بذلك الزنديق؟ فضيقوا صدري حتى عزمت على الانصراف فبت تلك الليلة في مسجد ثم قلت جئت إلى هذه البلدة فلا أقل من زيارته فلم أزل أسأل عنه حتى دفعت إلى مسجده وهو قاعد في المحراب بين يديه رجل على يديه مصحف وهو يقرأ فدنوت فسلمت فرد السلام وقال: من أين؟ قلت: من بغداد قصدت زيارة الشيخ فقال: تحسن أن تقول شيئا؟ فقلت: نعم وقلت:
( رأيتك تبني دائما في قطيعتي ولو كنت ذا حزم لهدمت ما تبني )
فأطبق المصحف ولم يزل يبكي حتى ابتلت لحيته وثوبه حتى رحمته من كثرة بكائه ثم قال لي: يا بني تلوم أهل الري على قولهم يوسف بن الحسين زنديق ومن وقت الصلاة هو ذا أقرأ القرآن لم تقطر من عيني قطرة وقد قامت علي القيامة بهذا البيت
وأنبأنا عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن نا أبي قال سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: فأخرجت إلى مرو في حياة الأستاذ أبي سهل الصعلوكي وكان له قبل خروجي أيام الجمع بالغدوات مجلس درس القرآن والختمات فوجدته عند خروجي قد رفع ذلك المجلس وعقد لابن الفرعاني وفي ذلك الوقت مجلس القوال يعني المغني فتداخلني من ذلك شيء فكنت أقول قد استبدل مجلس الختمات بمجلس القوال فقال لي يوما: أي شيء تقول للناس؟ فقلت: يقولون رفع مجلس القرآن ووضع مجلس القول فقال: من قال لأستاذه لم لم يفلح
قال المصنف رحمه الله: هذه دعاة الصوفية يقولون الشيخ يسلم له حاله وما لنا أحد يسلم إليه حاله فإن الآدمي يرد عن مراداته بالشرع والعقل والبهائم بالسوط