كتاب الأم/كتاب جراح العمد/العبد يقتل بالعبد
[قال الشافعي]: رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: {والعبد بالعبد}.
[قال الشافعي]: فحكم الله عز وجل بين العبيد بالقصاص في الآية التي حكم فيها بين الأحرار بالقصاص ولم أعلم في ذلك مخالفا من أهل العلم في النفس.
[قال الشافعي]: وإذا قتل العبد العبد أو الأمة الأمة أو العبد الأمة أو الأمة العبد عمدا فهم كالأحرار تقتل الحرة بالحرة والحر بالحرة والحرة بالحر فعليهم القصاص معا.
[قال الشافعي]: وتقتل الأعبد بالعبد يقتلونه عمدا، وكذلك الإماء بالعبد يقتلنه عمدا والقول فيهم كالقول في الأحرار، وأولياء العبيد مالكوهم فيخير مالك العبد المقتول أو الأمة المقتولة بين قتل من قتل عبده من العبيد أو أخذ قيمة عبده المقتول بالغة ما بلغت من رقبة من قتل عبده فأيهما اختار فهو له، وإذا قتل العبد عمدا خير سيد العبد المقتول بين القصاص وبين أخذ قيمة عبده وهو ولي دمه دون قرابة لو كانت لعبده؛ لأنه مالكه فإن شاء القصاص فهو له وإن شاء قيمة عبده بيع العبد القاتل فأعطي المقتول عبده قيمة عبده ورد فضل إن كان فيها على مالك العبد القاتل وإذا لم يكن به فضل لم يكن ثم شيء يرد عليه فإن نقص ثمنه عن قيمة العبد المقتول فحق ذهب لسيد العبد المقتول ولا تباعة فيه على رب العبد القاتل.
[قال الشافعي]: وإن اختار ولي العبد المقتول قتل بعض العبيد وأخذ قيمة عبده من الباقين لم يكن له على واحد من الباقين من قيمة عبده إلا بقدر عددهم إن كانوا عشرة فله في رقبة كل واحد منهم عشر قيمة عبده. [قال]: وإن قتل عبيد عشرة عبدا عمدا خير سيد المقتول بين قتلهم أو أخذ قيمة عبده من رقابهم فإن اختار قتلهم فذلك له وإن اختار أخذ ثمن عبده فله في رقبة كل منهم عشر قيمة عبده فإن كانوا ثلاثة فله في رقبة كل واحد منهم ثلث قيمة عبده، وأي العبيد مات قبل أن يقتص منه أو يباع له فلا سبيل له على سيده وله في الباقين القتل أو أخذ الأرش منهم بقدر عددهم كما وصفت.
[قال الشافعي]: وإن قتل حر وعبد عبدا فعلى الحر العقوبة ونصف قيمة العبد وللسيد في العبد القصاص أو إتباعه بنصف قيمة عبده في عنقه كما وصفت.
وإذا قتل العبد الحر قتل به ويقاد منه في الجراح إن شاء الحر وإن شاء ورثته في القتل وهو في الجراح يجرحها عمدا كهو في القتل في أن ذلك في عنق العبد كما وصفت.
وإذا كان العبد بين اثنين فقتله عبد عمدا فلا قود حتى يجتمع مالكاه معا على القود وأيهما شاء أخذ حقه من ثمنه كان للآخر مثله ولا قود له إذا لم يجمع معه شريكه على القود.
[قال الشافعي]: ولو كان عبد بين رجلين فقتل فأعتقاه أو أحدهما بعد القتل كان على ملكهما قبل يعتقانه؛ لأن العتق لا يقع على ميت.
[قال الشافعي]: ولو أعتقاه معا في كلمة واحدة أو وكلا من أعتقه وفيه حياة فهو حر وولاة دمه مواليه إن كان مواليه هم ورثته وإن كان له ورثة أحرار كانوا أولى بميراثه من مواليه.
[قال الشافعي]: وإذا كان العبد مرهونا فقتله عبد عمدا فلسيده أخذ القود وليس المرتهن بسبيل من دمه لو عفاه أو أخذه، وذلك أن سيده إن أراد القود فهو له وإن أراد أخذ ثمنه أخذه وثمنه رهن مكانه وإن أراد أن يترك القود وثمنه لم يكن له ذلك ولا أن يدع من ثمنه شيئا إن كان رهنا إلا بأن يقضي المرتهن حقه أو يعطيه مثل ثمنه رهنا مكانه أو يرضى ذلك المرتهن. وإذا قتل العبد المرهون أو قتل فسيده ولي دمه وله أن يقتص له إذا كان مقتولا وإن كره ذلك المرتهن ولا يأخذ بأن يعطيه رهنا مكانه وكذلك إن جنى العبد المرهون فسيده الخصم ويباع منه في الجناية بقدر أرشها إلا أن يفديه سيده متطوعا فإن فعل فهو على الرهن. وإن فداه المرتهن فهو متطوع لا يرجع بما فداه به على سيده إلا أن يكون أمره أن يفديه.
[قال الشافعي]: وإذا قتل العبد المرهون عمدا فلسيده القتل والعفو بلا مال؛ لأنه لا يملك المال بقتل العمد إلا أن يشاء ولو قتل خطأ أو قتل من يلزمه له قصاص لم يكن له أن يعفو ثمنه عنه إلا أن يعطي المرتهن حقه أو مثل ثمنه رهنا مكانه. [قال الربيع]: وللشافعي قول آخر إذا كان العبد مرهونا فقتل عمدا فلسيده القصاص إن عفا القصاص وجب له مال فليس له أن يعفوه؛ لأن قيمته ثمن لبدنه وليس له أن يتلف على المرتهن ما كان ثمنا لبدن المرهون.
[قال الشافعي]: فأما المدبر والأمة قد ولدت من سيدها فمماليك حالهم في جنايتهم والجناية عليهم حال مماليك.
[قال الشافعي]: وإذا جنى على المكاتب فأتى على نفسه فقد مات رقيقا وهو كعبد الرجل غير مكاتب جني عليه وإذا جني عليه فيما دون النفس عمدا فله القصاص إن جنى عليه عبد وإن أراد ترك القصاص وأخذ المال كان له وإن أراد ترك المال لم يكن له؛ لأنه ليس بمسلط على ماله تسليط الحر عليه وقد قيل له عفو المال في العمد؛ لأنه لا يملكه إلا أن يشاء وإذا لم يملك بالجناية قصاصا مثل أن يجني عليه حر أو عبد مغلوب على عقله أو صغير فليس له عفو الجناية بحال؛ لأنه مال يملكه وليس له إتلاف ماله. [قال الربيع]: ولو جني على العبد المكاتب فيما دون النفس فلا قصاص.