كتاب الأم/كتاب جراح العمد/نكول المدعى عليهم بالدم عن الأيمان
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا لم أجعل لولاة الدم الأيمان فادعى رجل على رجل أنه قتل أباه عمدا أحلف المدعى عليه خمسين يمينا ما قتله فإذا حلف برئ من دمه ولا عقل ولا قود عليه، وإن كان أقر بقتله قتل به إلا أن يشاء الوارث العقل ويأخذه من ماله أو العفو عن العقل والقود وإن لم يقر ونكل عن اليمين قيل للوارث احلف خمسين يمينا لقتله ولك القود كهو بإقراره، وإن كان المدعى عليه القتل معتوها أو صبيا لم يحلف واحد منهما؛ لأنه لو أقر في حاله تلك لم ألزمه إقراره فإن أفاق المعتوه وبلغ الصبي أحلفته على دعوى ولي الدم فإن حلف برئ وإن أقر لم يكن عليه القود وكانت الدية عليه في ماله حالة إن كان القتل عمدا وإن كان القتل خطأ في ثلاث سنين ولا تضمن عاقلته بإقراره وإن نكل المدعى عليه الدم عن اليمين وامتنع الوارث من اليمين فلا شيء على المدعى عليه وهكذا الدعوى فيما دون النفس من جراح العمد والخطأ لا تختلف، ولو كانت الدعوى على رجلين أنهما قتلاه خطأ حلف كل واحد منهما خمسا وعشرين يمينا فإن حلف أحدهما ونكل الآخر عن اليمين حلف الولي خمسين يمينا على الناكل واستحق نصف الدية عليه ولا يستحق إلا بخمسين يمينا ويردد الأيمان على الذي حلف خمسا وعشرين يمينا حتى يتم عليه خمسون يمينا؛ لأنه لم يحلف معه تمام خمسين يمينا، وقد قيل: لا يبرأ واحد منهما لو حلفا معا إلا بخمسين يمينا ولا يحسب له يمين غيره.
[قال الشافعي]: وإذا ادعى على رجل أنه قتله فلم ينكل ولم يحلف أو حلف فلم يتم الأيمان التي يبرأ بها حتى يموت لم يكن لولي الدم أن يحلف ويستحق عليه الدم ولو نكل في حياته عن اليمين كان لولي الدم أن يحلف ويستحق عليه الدم.