كتاب الأم/كتاب جراح العمد/تحول حال المجني عليه بالعتق والجاني يعتق بعد رق
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا جنى الرجل على العبد جناية عمدا ثم أعتق العبد بعد الجناية ثم مات فلا قود على الجاني إذا كان حرا مسلما أو ذميا أو مستأمنا، وعلى القاتل دية حر حالة في ماله دون عاقلته.
[قال الشافعي]: فإن كانت الجناية قطع يد فمات منها غرم القاطع دية العبد تاما فكان لسيد العبد منها نصف قيمة العبد يوم جني عليه بالغة ما بلغت والبقية من الدية لورثة العبد الأحرار؛ لأن العبد أعتق قبل الموت.
[قال الشافعي]: وهكذا لو كانت موضحة أو غيرها جعلت له ما ملك بالجناية وهو مملوك ولم أجعل له ما ملك بالجناية بالموت وهو خارج من ملكه.
[قال الشافعي]: ولو كانت الجناية فقء عيني العبد أو إحداهما وكانت قيمة العبد مائتين من الإبل أو ألفي دينار تسوي مائتين من الإبل لم يكن فيه إلا دية حر؛ لأن الجناية تتم بموته منها إذا مات حرا لا مملوكا وكانت الدية كلها لسيده دون ورثته؛ لأن السيد ملك الدية كلها أو أكثر منها بالجناية دون الموت إلا أن الأكثر سقط بموت العبد المجني عليه حرا.
[قال الشافعي]: وإنما ضمنت الجاني دية حر؛ لأن العبد كان ممنوعا بكل حال من أن يجني عليه فضمنته ما حدث في الجناية الممنوعة كما وصفت في الباب قبله.
[قال الشافعي]: ولو جنى رجل على عبد فقطع يده وقيمة العبد مائة من الإبل، ثم عتق فجنى عليه وهو حر أو غيره فقطع رجله، ثم مات من الجنايتين ضمنا معا إن كانا اثنين دية حر، وكذلك إن كان الجاني واحدا ضمن دية حر فنصف قيمة العبد منها لسيده الذي أعتقه وما بقي لورثة المقتول المعتق ما كانت نصف قيمته مملوكا ما بينه وبين نصف دية حر أو أقل فإن زادت على نصف ديته لم يجز - والله أعلم - إلا أن يرد إلى نصف دية حر من قبل أنا لو أعطيناه أكثر من نصف ديته حرا أبطلنا الجناية الثانية على العبد بعد أن صار حرا أو بعضها وهو إنما مات منهما معا فلا يجوز أن يكون للسيد منها إلا نصف دية حر أو أقل إذا كانت جنايتين.
[قال الشافعي]: ولو جنى عليه واحد قبل الحرية فقطع يده وثان بعد الحرية فقطع رجله وثالث بعد الحرية فقطع رجله كان على الجاني الأول ثلث ديته حرا؛ لأني أضمنه دية حر ولو كان من جني عليه عبدا ثم أعتق فمات وهو قاتل مع اثنين فعليه ثلث الدية وفيما لسيده من الدية قولان: أحدهما أن له عليه الأقل من نصف قيمته عبدا أو ثلث الدية لا أجعل له أكثر من نصف قيمته عبدا ولو كانت لا تبلغ بعيرا من قبل أنه لم يكن في ملكه جناية غيرها ولا أجاوز به ثلث ديته حرا لو كانت نصف قيمته عبدا تبلغ مائة بعير من أجل أنها قد تنقص بالموت وأن حظ الجاني عليه عبدا من ديته ثلثها، والقول الثاني أن لسيده الأقل من ثلث قيمته عبدا أو ثلث ديته حرا؛ لأنه مات من جناية ثلاثة وإنما قلت ثلث ديته حرا على قاطع يده؛ لأن الدية صارت دية حر وكان الجانون ثلاثة على كل واحد ثلث ديته ولا يختلف، ولو كان مات مملوكا كان الجواب فيها مخالفا.
[قال الشافعي]: وهكذا لو جنى عليه أربعة أو عشرة أو أكثر جعلت على الجاني عليه عبدا إذا مات حرا حصته من دية حر ولسيده الأقل مما لزم الجاني عليه عبدا من الدية أو أرش جرحه عبدا إذا مات كأن جرحه جرحا فيه حكومة بعير وهو عبد ولزمه عشر من الإبل أو أكثر بالحرية والموت من الجرح ومن جرح غيره فلا يأخذ سيده إلا البعير الذي لزم بالجرح وهو عبده [قال]: ولو جرحه اثنان أو أكثر عبدا ومن بقي حرا كان هكذا.
[قال الشافعي]: ولو قطع رجل يد عبد ثم أعتقه سيده، ثم ارتد العبد المقطوع عن الإسلام، ثم مات ضمن الجاني عليه نصف قيمته عبدا إلا أن يجاوز نصف قيمته عبدا ديته حرا مسلما فيرد إلى دية حر مسلم ويعطى ذلك كله سيده.
[قال الشافعي]: وإنما أعطيت ذلك سيده؛ لأن أرش الجناية كانت لسيده تامة وهو مملوك مسلم ممنوع بالإسلام فلما عتق كانت زيادة لو كانت على الأرش لورثة الميت لو كان الموت يوم كان مسلما لم يكن له إلا دية حر فكانت دية حر تنقص من أرش اليد مملوكا نقص سيده فلما مات مرتدا أبطل حقه في الموت بالردة فلم يجز إلا أن نبطل الجناية الثانية بالردة ولا نجاوز بها دية حر وهو لو مات مسلما لم يكن له أكثر منه.