الإعلام بما في دين النصارى/الباب الرابع/مسألة في تقديسهم دورهم وبيوتهم بالملح
مسألة في تقديسهم دورهم وبيوتهم بالملح
عدلقال حفص أما الملح الذي نقدس به الدور والبيوت وأردت فهم ذلك فأنا وجدنا في سير إلياس النبي الذي رفعه الله أن تلميذه اليسع مكث بمدينة أريحا زمانا فقال له أهلها إن عندنا عينا جارية تنفجر منها مياه كثيرة مرة لا نفع فيها فأمر أن يؤتى إليه بإناء جديد فأدخل فيه الملح وقدس به ماء العين فمن هذا السبب صرنا نقدس الدور والبيوت بالملح المقدس بعد مايتلو عليه القساوس آيات من النبوة
فنقول لهم يا هؤلاء المتلاعبون بأديانهم المستمرون على هذيانهم كيف جعلتم مثل هذا دليلا على ثبوت حكم عليكم وليس فيه دليل من وجوه كثيرة لكنا نقتصر من ذلك على نكتة كافية وهي أن اليسع لم يفعل ذلك على جهة بيان أنه حكم وإنما فعل ذلك على جهة إظهار الكرامة والمعجزة فإن ذلك الماء عذب وطاب فظهرت كرامته ومعجزاته كما ظهرت على عيسى حين مس المبروص وبرأ وكذلك مس الأعميين فأبصرا إلى غير ذلك وقد حكيتم في بعض أناجيلكم أن أعمى سأل من عيسى أن يرد عليه بصره فأخذ قطعة من طين فجعلها في عينه فأبصر وهذا بمثابة ما فعل اليسع فكان ينبغي لكم أن تقدسوا دوركم بالتراب والطين كما فعل عيسى وهو أولى بكم إذ هو مفضل عندكم على اليسع وغيره بزعمكم
ومع ذلك فتركتم الإقتداء به وأقتديتم بمن هو دونه وذلك عكس ما كان ينبغي لكم وهذا نتيجة جهلكم ومن سوء فعلكم