مقالات مجلة المنار/السفر الجميل في أبناء الخليل
( بسم الله الرحمن الرحيم )
في إسماعيل، ثُم في إسحاق، ثم دخول المسلمين إلى الشام، وفوائد ( في إسماعيل ) في التكوين بحسب الأصل العبراني 16: 12 آدم برى، يده في الكل، ويد الكل فيه، وأمام جميع إخوته يسكن، وقال قبله لأم إسماعيل: لأن الرب سمع لمذلتك. وكلمة ( يرى ) مثلها بالمضارع في نبوة هوشع 13: 15 يثمر، كما في قاموس الإسرائيلية، والمراد بقوله ( يده في الكل ويد الكل فيه ) النبي ( ع م )؛ لأنه من إسماعيل، وقوله ( أمام جميع إخوته يسكن ) فمحل نزول إسماعيل، وسكنه، ومعه أولاده، وبيان أسمائهم في التكوين 25: 13، وهذه أسماء بني إسماعيل - نبايوت بكر إسماعيل، وقيدار. إلى آخره اثنا عشر - 18، وسكنوا من حويلة إلى شور إلى قوله ( أمام جميع إخوته نزل )، أي: إسماعيل، وحويلة الثاني عشر من بني يقطان تكوين 10: 29، ويقطان بن عابر تكوين باب 10، وإبراهيم، أبو إسماعيل من عابر ( تكوين باب 11، وفي تاريخ سوريا للمطران يوسف الدبس مجلد أول في سكنى ) بني يقطان ( حويلة الثاني عشر من أبناء يقطان استوطنت ذريته في بلاد خولان شمال اليمن على تخوم الحجاز حيث امتدت بعد ذلك ذرية إسماعيل، كما جاء في التكوين فصل 25 عدد 18 ). اهـ. أما فاران ففي كتاب تحفة الأريب قال: ( فاران اسم رجل من ملوك العمالقة الذين اقتسموا الأرض فكان الحجاز وتخومه لفاران )، وقال ياقوت: ( فاران: جبال الحجاز. وفاران: قرية من نواحي صغد من أعمال سمرقند، وفاران والطور: كورتان من كور مصر القبلية ).
ولما هاجرالنبي ( ع م ) من مكة ونزل المدينة، وأهلها الأوس والخزرج، وأصلهم من بني يقطان أسلموا، وأيضا أسلم بنو يقطان الذين هم في اليمن، وغيرهم. ولما قام المسلمون للفتح - بنو عدنان من بني إسماعيل، وبنو يقطان، وغيرهم - قومةً واحدةً انتصروا على الفرس، والرومان، وأخذوا البلاد، وفي تاريخ التمدن الإسلامي لجورجي بك زيدان صاحب الهلال بمصر قال: كان اليهود بالشام يدلون العرب على عوارات المدن ضد الروم، ويدخلونهم إليها، فصارت يد بني عابر يدًا واحدةً، وقوله في إسماعيل في التكوين 16: 12 يده في الكل، ويد الكل فيه، قلنا: إن المراد به النبي ( ع م )؛ لأنه من إسماعيل. وبيانه في نبوة أشعيا 41: 2 بحسب العبراني ( من أنهض من المشرق الصدق يدعوه لقدمه، وفي عدد 25 منه قد أنهضته من الشمال فأتى من مشرق الشمس يدعو باسمي ) فأولا قام النبي من مكة ديار بني إسماعيل إلى المدينة مهاجرًا، ثم قام من المدينة المنورة إلى مكة فاتحًا، ودخلها من أعلاها شرقًا، والمدنية شمال مكة، ومكة شمال حويلة، وحويلة ( خولان ) شمال اليمن على تخوم الحجاز، كما سبق البيان. وفي نبوة أشعيا 42: 1 هوذا عبدي الذي أعضده مختاري -، ثم قال في عدد 6 منه - فامسك بيدك والعبراني ( وأمسكت بيدك )، وترجمة الكاتوليك، وأخذت بيدك أي: أمسكت بيدك بيانًا لما في التكوين في إسماعيل 16: 12 ( يده في الكل )، ثم بعد قوله: وأمسكت بيدك في نبوة أشعيا باب 42 ذكر في عدد 11 ذكر ديار قيدار، وتمجيدهم للرب من رؤوس الجبال إشارةً للحج الإسلامي، وفي عدد 12 خروج الرب كرجل حروب ) كنايةً عن إعانة الرب، وعنايته للمسلمين في جهادهم، وتأييدهم من الرب، وقيدار بن إسماعيل تكوين 25: 13 ) ( تنبيه أول ) في خروج إسماعيل إلى الحجاز بحث؛ لأن وقت فطام إسحاق كان عمر إسماعيل 17 سنة، كما في شرح الإسرائيلية القرابين، فكيف يقال في إسماعيل عندما كان مع أمه: طرحت الولد قومي احملي الغلام؟ وسنه قدر سن يوسف بن يعقوب لما كان يرعى ( 17 سنة ) كما في التكوين 37: 2 فالإسرائيلية اختصروا في القصة، فوقع فيها الارتباك. وسننشر كتابًا إن شاء الله تعالى، ونكمله من التاريخ والكتاب ( تنبيه ثان ) بعد ولادة إسماعيل لإبراهيم من هاجر بحسب العبراني قال الرب لإبراهيم: ( يكون اسمك إبراهيم؛ لأني جعلتك أبًا لجمهور أمم ) إشارةً إلى نسل إسماعيل، ولنسل إسحاق الذي سيأتي قال الرب له: ( وأجعلك أممًا )، وأمره بالختان، وجعله عهدًا أبديًّا، وعاهده أيضا على إعطائه أرض كنعان بالشام، ثم بشره بأنه سيعطيه ابنًا أيضا من سارة، فقال إبراهيم في قلبه: هل يولد لابن مئة سنة؟ وهل تلد سارة وهي بنت تسعين سنةً؟ وقال إبراهيم لله: ليت إسماعيل يعيش أمامك، فقال الله له: حقًّا سارة تلد لك ابنًا، وتدعو اسمه إسحاق، وأقيم عهدي معه لنسله من بعده، أما إسماعيل فقد سمعت لك فيه ها أنا باركته، وأثمرته، وأكثرته - إلى قوله - وعهدي أقيم مع إسحاق ) كل ذلك في التكوين باب 17، وترجمة النصارى هنا خلاف العبراني الذي اعترفوا بالنقل عنه ( والأصل ما ذكرنا ) وفي شرح الإسرائيلية الربانيين العهد لإسحاق الختان، وبنو إسماعيل مع إسحاق ا هـ؛ لأن إسماعيل ختن قبل ميلاد إسحاق، وأيضا العهد لإسحاق بأرض كنعان بالشام كما في سفر الخروج 6: 3 ومزمور 105: 9 الذي عاهد به إبراهيم، وقسمه لإسحاق 10 فثبته ليعقوب إلى قوله قائلا: ( أعطي لك أرض كنعان ) فجعل الرب لبني إسماعيل اليد في الكل، وجعل لبني إسحاق أرض كنعان بالشام.
( ملحق ): إن الله - تعالى - بارك إسماعيل لأجل إبراهيم، كما في التكوين باب 17 وبارك إسحاق أيضا لأجل إبراهيم، كما في التكوين باب 26، وفي نبوة أشعيا من قول الرب 41: 8 ( إبراهيم خليلي )، فالكل لأجل إبراهيم، وسمع الرب ذل هاجر، فجعل إسماعيل ابنها يده في الكل، تكوين 16: 12 والله - سبحانه وتعالى - لا يخلف وعده، وهو على كل قديراهـ، وفي سفر أيوب 22: 21 تعرف به وأسلم )، أي: تعرف بالرب وأسلم له، والعبراني ( وشلام )، وأيوب كان قبل موسى، كما في حاشية الكاتوليك وقبل إبراهيم، كما في مرشد الطالبين للبروتستان فالأصل ( الإسلام ) ا هـ.
( في إسحاق ) بركة الرب لإسحاق في الأرض المقدسة، كما في التكوين باب 26 تنتقل من بعده إلى يعقوب، ثم إلى داود، ثم إلى المسيح في أخوته، وبيانه في دعاء إسحاق ليعقوب بالوحي الإلهي، كما في التكوين 27: 28 فليعطك الله من ندى السماء، ومن دسم الأرض، وكثرة حنطة، ونبيذ 29 ليستعبد لك شعوب، وتسجد لك قبائل. كن سيدًا لإخوتك، وليسجد لك بنو أمك، لاعنك ملعون، ومباركك مبارك ) فقول إسحاق ليعقوب: يستعبد لك شعوب، وتسجد لك قبائل، هذا تم لداود في أرض الشام؛ لأن يعقوب لم يخضع له شعوب بل لداود الذي هو من يعقوب، وسلطنته في بلاد الشام، وبيانه من قول داود في مزمور 18: 47 الإله المنتقم لي، والذي يخضع الشعوب تحتي. والعبراني ( يخضع شعوب تحتي ) ثم قول إسحاق ليعقوب: ( كن سيدًا لإخوتك، وليسجد لك بنو أمك لاعنك ملعون ومباركك مبارك )، وهذا المراد به المسيح؛ لأنه من داود، وداود من يعقوب فهو نفس يعقوب أيضا، وفي نبوة أشعيا خطابًا لشعب إسرائيل 51: 2 ( انظروا إلى إبراهيم أبيكم، وإلى سارة التي ولدتكم؛ لأني دعوته، وهو واحد، وباركته، وأكثرته )، فالمسيح في مجيئه الثاني يكون كبيرًا لإخوته بني إسماعيل من أبيه إبراهيم، ويخضع له بنو أمه، وهم بنو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم من سارة، والسجود بمعنى الخضوع، والخضوع يسبقه العناد ابتداءً، والخضوع انتهاء، وفي شرح الإسرائيلية الربانيين في قول إسحاق ليعقوب: ( كن سيدًا لإخوتك ) قالوا: كبير على بني إسماعيل، وبني قطورا، يعني: من إبراهيم، وفي قوله: (وليسجد لك بنو أمك ) قالوا: بنو يعقوب ا هـ؛ لأن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم من زوجته سارة، ولا يقال في قول إسحاق ليعقوب: ( كن سيدًا لإخوتك، وليسجد لك بنو أمك ) المراد به داود أيضا؛ لأن داود لم يكن رئيسًا على بني إسماعيل، وفي نبوة أشعيا في المسيح باب 49 بحسب العبراني أنه سمى المسيح فيها إسرائيل وإسرائيل هو يعقوب، وفيها أن للمسيح مجيئين: الأول لم يقبل اليهود منه، ومجيئه الثاني يكون في وقت رضاء، ويجمعهم ويقيم الأرض، وهي بيان لقول إسحاق في أمر المسيح مع بني إسرائيل بني أمه سارة جدة يعقوب، وقول إسحاق ليعقوب بعد قوله له كن سيدًا لإخوانك وليسجد لك بنو أمك - والمراد المسيح كما توضح - قال ( لاعنك ملعون ومباركك مبارك ) فلاعن المسيح ملعون، ومباركه مبارك حسب قول إسحاق، فلا يتأتى للنصارى إذا كانوا تابعين للمسيح - كما يقولون - أن يسموا المسيح لعنةً، كما في رسالة بولس إلى أهل غلاطية 3: 13، أو يسموا المسيح ملعونًا، كما في مرشد الطالبين للبروتستان صحيفة 443 طبعة سادسة سنة 1909؛ لأن لاعن المسيح ملعون، ومباركه مبارك حسب قول إسحاق، وكيف يسمون المسيح ملعونًا، ولاعنه ملعون؟ وسيدنا إسحاق من الأنبياء العظام، والمسيح مؤيد لنبوات الأنبياء والناموس، أي: الشريعة، كما في إنجيل متّى 5: 17 فبنو إسماعيل إخوة المسيح لأبيه إبراهيم على هدى ونور من ربهم لإيمانهم بالرب، وبأنبيائه، واعترافهم بالمسيح ( ع م ) بأنه من الأنبياء العظام، وهم ينتظرون نزوله كما أخبرهم نبيهم ( ع م ) في الحديث 1 الشريف الصحيح. يكون المسيح في مجيئه الثاني كبيرًا لهم، فلذلك تقدموا في قول إسحاق ليعقوب، والمراد المسيح بقوله: كن سيدًا لإخوتك، أي: كبيرًا لهم، ولعناد بني إسرائيل، وإنكارهم المسيح، وهم بنو أمه سارة جدة يعقوب والدة أبيه وصفهم إسحاق بقوله: ( وليسجد لك بنو أمك ) إشارةً لخضوعهم إليه انتهاءً، ويلزم من الخضوع العناد ابتداءً، ثم الخضوع انتهاءً، ثم قول إسحاق: ( لاعنك ملعون، ومباركك مبارك ) فقوله: مباركك مبارك يراد به بنو إسماعيل، ومن معهم من المسلمين؛ لأنهم يباركون المسيح، كما في القرآن الشريف يحكي قول المسيح عن الرب { وَجَعَلَنِي مُبَارَكا أَيْنَ مَا كُنتُ } ( مريم: 31 )، ولا يقولون في المسيح أنه لعنة، أو ملعون، بل ينكرون ذلك أشد الإنكار، والهداية من الله تعالى، وبناءً على ما توضح فالمسلمون على هدى ونور من ربهم، والمسيح مع إسحاق، وبقية الأنبياء مؤيدًا لهم، كما في إنجيل متى 5: 17 ( تنبيه ) في الأمثال 8: 30 كنت عندي صانعًا، والعبراني مربيًا ( ملخص ) من نبوات الأنبياء بالوحي الإلهي المبينة لقول إسحاق في أمر المسيح مع بني إسرائيل في قول إسحاق: ( وليسجد لك بنو أمك ).
( الأول ) من نبوة أشعيا في المسيح باب 49 باتفاقهم مضمونها أن المسيح يرسله الرب إلى بني إسرائيل بأن يرجعوا إلى الرب فلم يقبلوا منه فيخفيه الرب في كنانته كنايةً عن حفظه، وقال له: ( أنت عبدي إسرائيل الذي به أتمجد )، وإسرائيل هو يعقوب إشارةً لقول إسحاق ليعقوب، والمراد المسيح ( وليسجد لك بنو أمك )، والخضوع يلزم منه العناد ابتداءً، ثم الخضوع إليه انتهاءً، وفي نبوة أشعيا هذه مَجِيْئُه الأول يكون في وقت دولة اليهود بفلسطين، وتسلط الكهنة على الشعب، كما في عدد 7 منها ( هكذا قال الرب - لمحتقر النفس لمكروه الأمة لعبد المتسلطين - )، وقد انتهت دولتهم، وتشتتوا، فتعين مجيئه الأول، ولمجيئه الثاني قال: (ينظر ملوك، فيقومون رؤوساء، فيسجدون )، أي: لما ينظرونه يقومون إجلالا له وتعظيمًا ( ويجيبه الرب في وقت رضاء فيعينه في خلاصهم من الأمم ويقيم الأرض أي: بهم، وهذا يتم في مجيئه الثاني. فالمسيحيون ترجموا عدد 6 من باب 49 من نبوة أشعيا هذه بخلاف الأصل، والأصل العبراني، وهو أصل النبوة يحكي قول المسيح عن الرب قال: ( سهل ) أو ( يسير ) أن تكون لي عبدًا لتقيم أسباط يعقوب ورد محصوري إسرائيل وأجعلك نورًا لأمم لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض )، فقالوا بدل ذلك قال: ( قليل أن تكون لي عبدًا لتقيم - أو لإقامة - أسباط يعقوب ورد محفوظي إسرائيل فقد جعلتك نورا للأمم لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض ) بناءً على قول بولس، كما في أعمال الرسل 13: 47 - قد أقمتك نورًا للأمم لتكون أنت خلاصًا إلى أقصى الأرض )، وقصدهم جعل الأمم بدل بني إسرائيل، وهذا خلال الأصل، وتحريف للنبوة عن أصلها، وموضوعها، كأن الرب الذي أرسل المسيح ( ع م ) لم يعرف ما يستحقه المسيح من الوظيفة وقد فاتهم ما ذكر في عدد 8 منه في وقت رضاء أجبتك، وفي يوم خلاص أعنتك وحفظتك - إلى قوله - لتقيم الأرض، أي: الشعب في الأرض، ومعنى نورًا لأمم، أي: موصيًا في مجيئه الثاني، كما في نبوة أشعيا 55: 4 ( هوذا جعلته شارعًا )، والعبراني شاهدًا للشعوب رئيسًا، وموصيًا )، وفي الأمثال 6: 23 ( لأن الوصية مصباح )، أي: نور يعني يوصي بتوحيد الرب، وإطاعته، وأما مجيئه الأول كان رسولا، كما في نبوة أشعيا 49: 5 جابلي من البطن عبدًا له لإرجاع يعقوب، أي: بني يعقوب ا هـ، ولا عبرة بقول النصارى ( رمزي وحرفي )؛ لأن التحريف ممنوع، كما في نبوة أرميا 23: 36 - كلمة كل إنسان تكون وحيه إذ قد حرفتم كلام الإله الحي.
( الثاني ) من نبوة ميخا 5: 2 - أنت يا بيت لحم - يخرج لي الذي يكون حاكمًا على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل، أي: مخارجه في مجيئه الأول منذ 2 القدم بالنسبة لمجيئه الثاني، وحكمه الذي ابتدأ النبوة فيه، ولذلك قال: ( لذلك يسلمهم إلى حين تلد الوالدة )، أي: يتركهم للضيق مثل الوالدة لما تلد، وهذا في مجيئه الأول لعنادهم، ثم في مجيئه الثاني بينه بقوله: ( ثم ترجع بقية إخوته إلى بني إسرائيل 4 ويقف ويرعى بقدرة الرب بعظمة اسم الرب إلهه، ويسكنون؛ لأنه الآن يتعاظم إلى أقاصي الأرض 5 ويكون هذا سلامًا )، أي: ترجع بقية إخوته الذين في الخارج على الموجودين بالشام، ويرعاهم جميعًا بقدرة الرب، ويسكنون، ويكون سلام لان بتعاظمه إلى أقاصي الأرض يسهل رجوع الذين في الخارج إلى الأرض المقدسة بالشام، وهذا معنى ما في نبوة أشعيا 49: 6 لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض، أي لخلاص بني إسرائيل.
( الثالث ) من نبوة هوشع 3: 4؛ لأن بني إسرائيل سيقعدون أيامًا كثيرةً بلا ملك، وبلا رئيس - إلى قوله - وبعد ذلك يعود، والعبراني يرجع بنو إسرائيل، ويطلبون الرب إلههم، وإلى داود ملكهم - إلى قوله في آخر الأيام )، والمراد بداود: ملكهم المسيح؛ لأنه من داود، وداود من يعقوب. المعنى أن بني إسرائيل يقعدون أيامًا كثيرةً حيارى بلا رئيس، وبعد ذلك يرجعون عن العناد، ويطلبون الرب إلههم، ويرجعون إلى داود ملكهم، ويلزم من رجوعهم إليه عنادهم ابتداءً معه فالنصارى تركوا ( إلى ) في قوله إلى داود ملكهم، فقالوا وداود ملكهم تحريفًا بالنقصان ا هـ.
( ملحق ) نقول لأهل الكتاب لا تستغربوا أن للمسيح مجيئين حسب نص نبوات الأنبياء المقدسة عندكم، والله على كل شيء قدير بأن يحفظ المسيح من الأعداء، ويأتي به حسب ما تقتضيه حكمته، ومثل ذلك إيليا رفعه الله إلى السماء كما في ملوك ثاني 2: 11 - فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء )، وفي نبوة ملاخي من قول الرب 4: 5 ( هأنذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب اليوم، العظيم، والمخوف )، العبراني هنا ( إلياهو )، وفي حاشية اليكاتوليك على نبوة ملاخي قالت: التقليد الراهن، والمتفق عليه عند عموم اليهود، والمسيحيين أن إيليا النبي يجيء بشخصه في منتهى العالم لمقاومة الدجال، وقد صرح بذلك السيد المسيح نفسه ( متى 17: 11 ومرقس 19: 1 ) ا هـ، وقولهم: ( في منتهى العالم ) نص النبوة قبل مجيء ( يوم الرب )، وفي شرح الإسرائيلية الربانيين قال: قبل مجيء اليوم العظيم ا هـ، فإذا كنتم يا أهل الكتاب مصدقين بكتابكم يلزم أن تصدقوا بجميعه خصوصًا نبوات الأنبياء، لا أن تصدقوا البعض، وتنكروا البعض الآخر.
( تنبيهات ):
عدل( الأول ): في ترجمة المسيحيين لداود مزمور 22: 16 ( ثقبوا يدي، ورجلي ) الأصل العبراني: كاسد يدي ورجلي، وفي حاشية كتاب البروتستانت، أو كأسد، فقد اعترفوا، وقول داود في مزمور 22: 16 ( كأسد يدي ورجلي ) بناءً على قول يعقوب في يهوذا ابنه، كما في التكوين 49: 9 يهوذا شبل أسد إلى قوله كأسد )، والمراد بيهوذا: داود؛ لأنه من يهوذا، وسلطنته بالشام.
( الثاني ): في نبوة أشعيا باب 53 عدد 8 - أنه ضرب من أجل ذنب شعبي ) والأصل العبراني ( لهم ضربة ) يعني: الشعب، ولفظها العبراني: ( لاموا )، فتركوا ( لهم )، وقالوا: ضرب، وفي عدد 10 منه - أن جعل نفسه ذبيحة إثم، كلمة ذبيحة زادوها، والأصل العبراني: فحسب نفسه آثما، وفاتهم قوله بعدها: ( يرى نسلا )، والمراد: الشعب لا المسيح، وفي عدد 6 - وضع عليه إثم جميعنا - والمراد: الشعب، وبيانه في مراثي النبي أرميا 5: 7 آباؤنا أخطأوا، وليسوا بموجودين، ونحن نحمل آثامهم )، فمراثي أرميا هي بيان لنبوة أشعيا باب 53، وقد اعترف الكاثوليك، والبروتستانت - كما في كتبهم - أنهم يترجمون من الأصل العبراني، وهنا خالفوا، ونسبوه للأصل العبراني.
( الثالث ): نبوة زكريا باب 12، وباب 13 تمت في يهوذا، وأخيه يوناثان من المكابين من بيت هارون )، وعبارتهم في سفر المكابين الأول، وهو من الأسفار القانونية عند الكاتوليك والأورتدكس، والبروتستانت تعتبره تاريخًا لليهود.
( الرابع ): في نبوة أشعيا 7: 14 - ( ها العذراء تحبل، وتلد ابنًا، وتدعو اسمه عمانوئيل ) الأصل العبراني: الفتاة حبلى، والكلمة العبرانية مثلها حرفيًّا في هاجر لما كانت حاملةً بإسماعيل، كما في التكوين 16: 11 - ها أنت ( حبلى )، وفي قاموس البروتستانت للكتاب ( عمانوئيل ) اسم ولد في أيام أشعيا إلخ.
( الخامس ): في نبوة أشعيا 9: 6؛ لأنه يولد لنا ولد، ونعطى ابنا إلى قوله مشيرًا إلها إلخ، وترجمة الكاتوليك؛ لأنه قد ولد لنا ولد أعطي لنا ابن إلى قوله مشيرًا إلها إلخ مثل العبراني في شرح الإسرائيلية الربانيين هو حزقيا؛ أي: ملك يهوذا ا هـ. ويطلق عند الإسرائيلية على القضاة، والرؤساء آلهة، كما في سفر الخروج في العبد الذي يعتق 21: 6 يقدمه سيده إلى الله، والعبراني إلى الآلهة، وترجمة الكاثوليك يقدمه مولاه إلى الآلهة )، وفي حاشيتهم، أي: القضاة وفي سفر الخروج 7: 1 فقال الرب لموسى: أنا جعلتك إلها لفرعون، العبراني: جعلتك آلهةً لفرعون ) فيطلب الجمع، ويراد به المفرد من باب التعظيم، ومثله في صموئيل أول 28: 13.
( السادس ): في إنجيل يوحنا من قول المسيح لليهود 7: 34 ستطلبونني، ولا تجدونني )، وفي إنجيل يوحنا 12: 34 - نحن سمعنا من الناموس أن المسيح يبقى إلى الأبد - 35 فقال لهم يسوع: ( النور معكم - فسيروا ما دام لكم النور) والناموس نور، كما في مزمور 9: 7 ناموس الرب كامل إلى قوله: ينير العينين، ومثله في مزمور 119: 105 سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي )، والمسيح مؤيد للناموس والأنبياء، كما في إنجيل متى 5: 17.
( فصل في ميلاد المسيح ): من قول يعقوب بالوحي في يهوذا ابنه، كما في التكوين 49: 10 لا يزول قضيب من يهوذا، ومشترع من بين رجليه إلخ، معنى المشترع: معطي الشريعة، ومحققها، فالمراد بيهوذا: داود؛ لأنه من يهوذا، وسلطنته بالشام، والمشترع من بين رجليه، أي: مبين الشريعة، وهو المسيح؛ لأنه ولد من أنثى من نسل داود من بين رجليها، والكلمة مثلها في التثنية 28: 57 بمشيمتها الخارجة من بين رجليها، كما في القاموس العبراني، والمشيمة: غشاء المولود، وبيانه في نبوة أرميا 31: 22؛ لأن الرب قد خلق شيئًا حديثًا، أي: جديدًا في الأرض، أنثى تحيط برجل 23 هكذا قال رب الجنود - سيقولون بعد هذه الكلمة، أو القول في أرض يهوذا، ومدنها عندما أرد سبيهم: يباركك الرب يا مسكن البريا أيها الجبل المقدس 24، فيسكن فيه ( والعبراني ويسكن ) فيه يهوذا وكل مدته معًا )، أي: عندما يرد الرب سبيهم، ويسكنون يولد المسيح من غير أب بخلق الله - تعالى - لذلك - كما توضح - فكما خلق الرب حواء من آدم من ضلع من أضلاعه، كما في التكوين 2: 21 و 22 و 23 خلق المسيح من أمه كما توضح من قول يعقوب ونبوة أرميا، وقول الإسرائيلية في شروحهم على نبوة أرميا هذه: ( إن المراد بالأنثى أورشليم، أو الأرض، والرجل: الشعب. لم يذكر في الكتاب أنثى، ويراد بها أورشليم، أو الأرض، وإنما ورد أنثى، ويراد بها أمنا حواء كما في التكوين 1: 27 - ذكر وأنثى خلقهم )، أي: آدم وحواء وأم المسيح مثل أمها حواء، وإنما اليهود أخفوا نبوة أرميا هذه عن النصارى، وأبدلوها بشكل آخر، وترجموا في السبعينية اليونانية بما يأتي، وجعلوا باب 31 عبرانية لنبوة أرميا باب 38 سبعينية، وقالوا في السبعينية بدل قوله: خلق الرب شيئًا جديدًا في الأرض أنثى تحيط برجل إلخ، قالوا: الرب خلق خلاصًا لغرس جديد أن الناس سيدورون في الخلاص؛ لأنه هكذا يقول الرب إلخ، والترجمة السبعينية موجودة، ومطبوعة باليوناني، وبالإنكليزي عن اليوناني ( تنبيه ) في الترجمة السبعينية التي كان عليها النصارى أولا، ثم من بعد أزمنة قالوا: ترجمنا العهد القديم من الأصل العبراني، كما في كتبهم، وقالوا: كتاب الأناجيل أخذوا من السبعينية انظر المجلد الثالث من كتاب الكاتوليك، ومرشد الطالبين للبروتستان، وفي كتاب ذخيرة الألباب في بيان الكتاب للكاتوليك طبع بيروت قال في الترجمة السبعينية: لم يترجم فيها إلا الأسفار الخمسة الأولى، أما بقية العهد العتيق فقد ترجم في أعصار مختلفة، ثم ذكر أن الترجمة السبعينية دخلها أغلاط إلى أن قال: إن إيرنيموس الذي كان يعرف العبرانية ترجم العهد العتيق من العبرانية، وإيرنيموس الذي تعلم العبرانية كان في أواخر القرن الرابع، وفي مرشد الطالبين للبروتستان أن إيرنيموس ترجم في أوائل القرن الخامس، والتوراة عند اليهود تطلق على الأسفار الخمسة الأولى، وبقية العهد القديم، وإن كان عندهم مقدسًا لا يطلقون عليه توراةً، والنصارى يطلقون التوراة على كل العهد القديم ( في الأناجيل ) في قاموس الكتاب للبروتستان قال في الأناجيل: إنها كانت مستعملةً في الكنائس قبل سنة 200 مائتين وربما قبل سنة 150، أي: بعد الميلاد، فقوله: ( ربما ) شك منهم، وفي مقتطف مارس سنة 1912 تقريظ رسالة في الأناجيل للأب أنطون رباط اليسوعي قال عليها: إن الأدلة التاريخية التي أوردها يرتقي بعضها إلى أواسط القرن الثاني، وكانت كما هي عليه الآن منذ أواخر القرن الثالث ا هـ، والحواريون ماتوا قبل أواسط القرن الثاني، أي: قبل سنة 150 فعلى ذلك الأناجيل ليست من تصنيف الحواريين أتباع المسيح، وإنما هي روايات فيها، وفيها، فالذي يوافق منها نبوات الأنبياء حرفيًّا في الموضوع بدون زيادة، أو نقصان، أو تغيير حسب الأصل العبراني الذي اعتمدوه أخيرًا يصح قبوله؛ لأن المسيح مع الأنبياء اهـ.
( فصل في دخول المسلمين إلى الشام ): النصوص كثيرة إنما نذكر منها ما يأتي في نبوة حجي بحسب العبراني من قول الرب 2: 6 بعد قليل فأزلزل السماوات والأرض - 7، وأزلزل كل الأمم، ويأتون أحسن كل الأمم أو أفخر كل الأمم فأملأ هذا البيت مجدًا 9 - وفي هذا المكان أعطي السلام - ) فقد أتت أمة الإسلام، وهي أحسن كل الأمم؛ لأنها على التوحيد، وتعظيم الرب، والإيمان بأنبيائه، واحترامهم، وأعطت السلام، والأمان، وبنت بيت الرب في المدينة المقدسة بعدما كان البيت خرابًا، وامتلأ البيت مجدًا لعبادة الرب فيه، أما ترجمة النصارى هنا في قولها: ( ويأتي مشتهى كل الأمم ) خلاف الأصل العبراني، والعبراني بالجمع ( ويأتون )، وفي عدد 20 منه، وصارت كلمة الرب ثانية - كلم زربابل وإلى يهوذا قائلا: ( إني أزلزل السماوات، والأرض 22، وأقلب كرسي الممالك 23 - في ذلك اليوم - آخذك يا زربابل عبدي-، وأجعلك كخاتم )، والمراد به: المسيح في مجيئه الثاني، وحكمه؛ لأنه من زربابل، والخاتم الذي يوضع في اليد كنايةً عن السلطنة انظر نبوة أرميا 22: 24.
في نبوة دانيال باب 9، مضمونه مقضي على الشعب سبعين 3 أسبوعًا، وبعدها البر الأبدي، وقال في شرح الإسرائيلية، وحاشية الكاثوليك كل أسبوع بسبع سنين تكون المدة 49 سنةً تحسب المدة من حرب الرومان لليهود سنة 132 بعد الميلاد، وبهذه الحرب تشتتوا، وآخر المدة سنة 612 ميلادية، وفيها هاجر النبي ﷺ إلى المدينة، وصار رئيسًا عليها، وبعد 14 سنةً دخل المسلمون الشام، فالأربعة عشر السنة في نظير أخذ دولة فارس للشام من الروم 14 سنة من سنة 614 لغاية سنة 628، ثم دخل المسلمون المدينة المقدسة سنة 636 كما في تواريخ المسيحيين، وفي نبوة دانيال باب 7 رأى في الرؤيا أربعة حيوانات، وأوحى إليه أنها أربع دول تقوم على الأرض، أي: الأرض المقدسة، وبعدهم تكون الأرض للقديسين إلى الأبد، وقد اعترف أهل الكتاب أن الدول الأربع الكلدان والفرس واليونان والرومان ا هـ، فقد انتهوا، وحل المسلمون الأرض المقدسة، وهم فيها للآن، وبمنه تعالى إلى الأبد، وبمثله في نبوة زكريا 1: 18 رآهم بهيئة قرون أربعة في أرض يهوذا، أي: الأرض المقدسة، وانتهى أمرهم، وفي إنجيل يوحنا من قول المسيح 16: 13 - روح الحق، فهو يرشدكم -؛ لأنه لا يتكلم من نفسه، بل بكل ما يسمع يتكلم به - 14 ذاك يمجدني ) فالذي يسمع يكون له صفة السمع، والصفة تقوم بذات، ولا تقوم بصفة، وروح الحق إنسان، كما في رسالة يوحنا الأولى 4: 1 أيها الأحبة لا تصدقوا كل روح - كل روح يعترف بيسوع المسيح - فهو من الله 3، وكل روح لا يعترف بيسوع - فليس من الله 6 - من هذا نعرف روح الحق - )، والنبي ﷺ يؤمن بالمسيح، ويعظمه، ويتكلم بما يوحى إليه ) { يَا أُخْتَ هَارُونَ } ( مريم: 28 ) في الحديث الشريف كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم، والصالحين قبلهم ا هـ. من ابن كثير، وقد سمي المسيح داودًا، كما في نبوة حزقيال 37: 24 ( فصل ) المسيح كان على التوحيد، كما في إنجيل يوحنا من قول المسيح يخاطب الرب 17: 3: وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته، وترجمة الكاثوليك: والذي أرسلته يسوع المسيح -، أي: يعرفون أن الإله الحقيقي واحد، والذي أرسله هو المسيح مثل قول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
هامش
- ↑ قوله في الحديث الشريف أما ما ورد في القرآن الشريف في قوله - تعالى - للمسيح: [ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ ] (آل عمران: 55) الآية، المراد بالتوفي: النوم، ومنه قوله - تعالى -: [ اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسْمًّى ] (الزمر: 42)، فجعل النوم وفاةً، وكان سيدنا عيسى قد نام، فرفعه الله، وهو نائم لئلا يلحقه خوف، فمعنى الآية (منيمك ورافعك) ا هـ. من الخازن، وفي المزمور 37 خطاب للمسيح عدد 34 (انتظر الرب، واحفظ طريقه، فيرفعك لترث الأرض )، ومثله مزمور 91، وفي القرآن الشريف أيضا في المسيح: [ وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدا ] (النساء: 159)، أي: قبل موت المسيح؛ لأن سياق الكلام فيه، وهذا في مجيئه الثاني، وحكمه حين ترجع اليهود إلى الله - تعالى -، وتؤمن لمسيح، ثم ينتقل إلى كرامة الله - تعالى - ومجيئه في آخر الزمان، كما في قوله - تعالى - في المسيح: [ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ ] (الزخرف: 61)، أي: نزوله قرب الساعة، ومثله في نبوة هوشع 3: 5 في آخر الأيام.
- ↑ منذ القدم يطلق على الزمن الماضي القديم قدم، وأزل، كما في مزمور 44: 1 - في أيامهم في أيام القدم، وفي نبوة أشعيا 64: 4 ومنذ الأزل لم يسمعوا).
- ↑ قوله سبعين أسبوعًا سبق بيان هذه النبوة تفصيلا في كتاب البرهان الصريح في بشائر النبي والمسيح، وفي الكتاب أسبوع بسبع سنين، وأسبوع بسنة، وبينا المتشابه إلخ، وأطلق على إبراهيم وإسحاق مسحاء، كما في مزمور 105: 15 (تنبيه) سامرة العبراني شمرون موضعين منها في سفر يشوع 12: 20 شمرون بل سامرة جملة بلاد.