البداية والنهاية/الجزء التاسع/وفيها كان بدو دعوة بني العباس
وذلك أن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس - وكان مقيما بأرض انشراة - بعث من جهته رجلا يقال له: ميسرة إلى العراق، وأرسل طائفة أخرى وهم محمد بن خُنَيس وأبو عكرمة السراج، وهو أبو محمد الصادق، وحيان العطار - خال إبراهيم بن سلمة - إلى خراسان، وعليها يومئذ الجراح بن عبد الله الحكمي قبل أن يعزل في رمضان، وأمرهم بالدعاء إليه وإلى أهل بيته، فلقوا من لقوا ثم انصرفوا بكتب من استجاب منهم إلى ميسرة الذي بالعراق، فبعث بها إلى محمد بن علي ففرح بها واستبشر وسره أن ذلك أول مبادئ أمر قد كتب الله إتمامه، وأول رأي قد أحكم الله إبرامه، أن دولة بني أمية قد بان عليها مخايل الوهن والضعف، ولا سيما بعد موت عمر بن عبد العزيز، كما سيأتي بيانه.
وقد اختار أبو محمد الصادق لمحمد بن علي اثني عشر نقيبا، وهم سليمان بن كثير الخزاعي، ولاهز بن قريظ التميمي، وقحطبة بن شبيب الطائي، وموسى بن كعب التميمي، وخالد بن إبراهيم أبو داود من بني عمرو بن شيبان بن ذهل، والقاسم بن مجاشع التميمي، وعمران بن إسماعيل أبو النجم - مولى لآل أبي معيط - ومالك بن الهيثم الخزاعي، وطلحة بن زريق الخزاعي، وعمرو بن أعين أبو حمزة - مولى لخزاعة - وشبل بن طهمان أبو علي الهروي - مولى لبني حنيفة - وعيسى بن أعين - مولى لخزاعة أيضا. واختار سبعين رجلا أيضا. وكتب إليهم محمد بن علي كتابا يكون مثالا وسيرة يقتدون بها ويسيرون بها.
وقد حج بالناس في هذه السنة أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم نائب المدينة، والنواب على الأمصار هم المذكورون في التي قبلها، سوى من ذكرنا ممن عزل وتولى غيره، والله أعلم.
ولم يحج عمر بن عبد العزيز في أيام خلافته لشغله بالأمور، ولكنه كان يبرد البريد إلى المدينة فيقول له: سلم على رسول الله (ﷺ) عني، وسيأتي بإسناده إن شاء الله.
وممن توفي فيها من الأعيان