البداية والنهاية/الجزء الثالث/فصل قصة فارس والروم
ثم أورد البيهقي قصة فارس والروم ونزول قوله تعالى: { الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [الروم: 1-6] .
ثم روى من طريق سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب، وكان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم لأنهم أهل أوثان، فذكر ذلك المسلمون لأبي بكر فذكره أبو بكر للنبي ﷺ فقال له: «أما أنهم سيظهرون» فذكر أبو بكر ذلك للمشركين.
فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلا إن ظهروا كان لك كذا وكذا، وإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا فذكر ذلك أبو بكر للنبي ﷺ.
فقال: «ألا جعلته أداة».
قال: دون العشر فظهرت الروم بعد ذلك.
وقد أوردنا طرق هذا الحديث في التفسير وذكرنا أن المباحث - أي: المراهن - لأبي بكر أمية بن خلف وأن الرهن كان على خمس قلايص، وأنه كان إلى مدة، فزاد فيها الصديق عن أمر رسول الله ﷺ وفي الرهن.
وأن غلبة الروم على فارس كان يوم بدر - أو كان يوم الحديبية - فالله أعلم.
ثم روى من طريق الوليد بن مسلم حدثنا أسيد الكلابي أنه سمع العلاء بن الزبير الكلابي يحدث عن أبيه.
قال: رأيت غلبة فارس الروم، ثم رأيت غلبة الروم فارس، ثم رأيت غلبة المسلمين فارس والروم وظهورهم على الشام والعراق، كل ذلك في خمس عشرة سنة.