البداية والنهاية/الجزء الرابع عشر/ثم دخلت سنة خمس وسبعمائة



ثم دخلت سنة خمس وسبعمائة


استهلت والخليفة المستكفي والسلطان الملك الناصر، والمباشرون هم المذكورون فيما مضى، وجاء الخبر أن جماعة من التتر كمنوا لجيش حلب وقتلوا منهم خلقا من الأعيان وغيرهم، وكثر النوح ببلاد حلب بسبب ذلك.

وفي مستهل المحرم حكم جلال الدين القزويني أخو قاضي القضاة إمام الدين نيابة عن ابن صصرى، وفي ثانيه خرج نائب السلطنة بمن بقي من الجيوش الشامية، وقد كان تقدم بين يديه طائفة من الجيش مع ابن تيمية في ثاني المحرم، فساروا إلى بلاد الجرد والرفض والتيامنة.

فخرج نائب السلطنة الأفرم بنفسه بعد خروج الشيخ لغزوهم، فنصرهم الله عليهم وأبادوا خلقا كثيرا منهم ومن فرقتهم الضالة، ووطئوا أراضي كثيرة من صنع بلادهم، وعاد نائب السلطنة إلى دمشق في صحبته الشيخ ابن تيمية والجيش.

وقد حصل بسبب شهود الشيخ هذه الغزوة خير كثير، وأبان الشيخ علما وشجاعة في هذه الغزوة، وقد امتلأت قلوب أعدائه حسدا له وغما.

وفي مستهل جمادى الأولى، قدم القاضي أمين الدين أبو بكر ابن القاضي وجيه الدين عبد العظيم بن الرفاقي المصري من القاهرة على نظر الدواوين بدمشق، عوضا عن عز الدين بن مبشر.

ما جرى للشيخ تقي الدين بن تيمية مع الأحمدية وكيف عقدت له المجالس الثلاثة

وفي يوم السبت تاسع جمادى الأولى حضر جماعة كثيرة من الفقراء الأحمدية إلى نائب السلطنة بالقصر الأبلق، وحضر الشيخ تقي الدين بن تيمية فسألوا من نائب السلطنة بحضرة الأمراء، أن يكف الشيخ تقي الدين إمارته عنهم، وأن يسلم لهم حالهم، فقال لهم الشيخ: هذا ما يمكن، ولا بد لكل أحد أن يدخل تحت الكتاب والسنة قولا وفعلا، ومن خرج عنهما وجب الإنكار عليه.

فأرادوا أن يفعلوا شيئا من أحوالهم الشيطانية التي يتعاطونها في سماعاتهم، فقال الشيخ: تلك أحوال شيطانية باطلة، وأكثر أحوالهم من باب الحيل والبهتان، ومن أراد منهم أن يدخل النار فليدخل أولا إلى الحمام وليغسل جسده غسلا جيدا، ويدلكه بالخل والأشنان، ثم يدخل بعد ذلك إلى النار إن كان صادقا، ولو فرض أن أحدا من أهل البدع دخل النار بعد أن يغتسل، فإن ذلك لا يدل على صلاحه ولا على كرامته؛ بل حاله من أحوال الدجاجلة المخالفة للشريعة إذا كان صاحبها على السنة، فما الظن بخلاف ذلك.

فابتدر شيخ المنيبع الشيخ صالح وقال: نحن أحوالنا إنما تنفق عند التتر ليست تنفق عند الشرع.

فضبط الحاضرون عليه تلك الكلمة، وكثر الإنكار عليهم من كل أحد، ثم اتفق الحال على أنهم يخلعون الأطواق الحديد من رقابهم، وأن من خرج عن الكتاب والسنة ضربت عنقه.

وصنف الشيخ جزءا في طريقة الأحمدية، وبين فيه أحوالهم ومسالكهم وتخيلاتهم، وما في طريقتهم من مقبول ومردود بالكتاب، وأظهر الله السنة على يديه أخمد بدعتهم ولله الحمد والمنة.

وفي العشر الأوسط من هذا الشهر خلع علي جلال الدين بن معبد، وعز الدين خطاب، وسيف الدين بكتمر مملوك بكتاش الحسامي بالأمرة ولبس التشاريف، وركبوا بها وسلموا لهم جبل الجرد والكسروان والبقاع.

وفي يوم الخميس ثالث رجب خرج الناس للاستسقاء إلى سطح المزة، ونصبوا هناك منبرا، وخرج نائب السلطنة، وجميع الناس من القضاة والعلماء والفقراء، وكان مشهدا هائلا وخطبة عظيمة بليغة، فاستسقوا فلم يسقوا يومهم ذلك

أول المجالس الثلاثة لشيخ الإسلام ابن تيمية

وفي يوم الاثنين ثامن رجب حضر القضاة والعلماء، وفيهم الشيخ تقي الدين بن تيمية عند نائب السلطنة بالقصر، وقرئت عقيدة الشيخ تقي الدين الواسطية، وحصل بحث في أماكن منها، وأخرت مواضع إلى المجلس الثاني.

فاجتمعوا يوم الجمعة بعد الصلاة ثاني عشر الشهر المذكور وحضر الشيخ صفي الدين الهندي، وتكلم مع الشيخ تقي الدين كلاما كثيرا، ولكن ساقيته لاطمت بحرا، ثم اصطلحوا على أن يكون الشيخ كمال الدين بن الزملكاني هو الذي يحاققه من غير مسامحة، فتناظرا في ذلك، وشكر الناس من فضائل الشيخ كمال الدين بن الزملكاني وجودة ذهنه وحسن بحثه حيث قاوم ابن تيمية في البحث، وتكلم معه.

ثم انفصل الحال على قبول العقيدة، وعاد الشيخ إلى منزله معظما مكرّما، وبلغني أن العامة حملوا له الشمع من باب النصر إلى القصاعين على جاري عادتهم في أمثال هذه الأشياء، وكان الحامل على هذه الاجتماعات كتاب ورد من السلطان في ذلك، كان الباعث على إرساله قاضي المالكية ابن مخلوف، والشيخ نصر المنبجي شيخ الجاشنكير وغيرهما من أعدائه.

وذلك أن الشيخ تقي الدين بن تيمية كان يتكلم في المنبجي وينسبه إلى اعتقاد ابن عربي، وكان للشيخ تقي الدين من الفقهاء جماعة يحسدونه لتقدمه عند الدولة، وانفراده بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطاعة الناس له ومحبتهم له وكثرة أتباعه وقيامه في الحق وعلمه وعمله، ثم وقع بدمشق خبط كثير وتشويش بسبب غيبة نائب السلطنة، وطلب القاضي جماعة من أصحاب الشيخ وعزر بعضهم، ثم اتفق أن الشيخ جمال الدين المزي الحافظ قرأ فصلا بالرد على الجهمية من كتاب (أفعال العباد) للبخاري تحت قبة النسر بعد قراءة ميعاد البخاري بسبب الاستسقاء.

فغضب بعض الفقهاء الحاضرين وشكاه إلى القاضي الشافعي ابن صصرى، وكان عدو الشيخ فسجن المزي، فبلغ الشيخ تقي الدين فتألم لذلك وذهب إلى السجن فأخرجه منه بنفسه، وراح إلى القصر فوجد القاضي هنالك، فتقاولا بسبب الشيخ جمال الدين المزي، فحلف ابن صصرى لا بد أن يعيده إلى السجن وإلا عزل نفسه، فأمر النائب بإعادته تطييبا لقلب القاضي فحبسه عنده في القوصية أياما ثم أطلقه.

ولما قدم نائب السلطنة ذكر له الشيخ تقي الدين ما جرى في حقه وحق أصحابه في غيبته، فتألم النائب لذلك ونادى في البلد أن لا يتكلم أحد في العقائد، ومن عاد إلى تلك حل ماله ودمه، ورتبت داره وحانوته، فسكنت الأمور.

وقد رأيت فصلا من كلام الشيخ تقي الدين في كيفية ما وقع في هذه المجالس الثلاثة من المناظرات.

ثم عقد المجلس الثالث في يوم سابع شعبان بالقصر واجتمع الجماعة على الرضى بالعقيدة المذكورة، وفي هذا اليوم عزل ابن صصرى نفسه عن الحكم بسبب كلام سمعه من بعض الحاضرين في المجلس المذكور، وهو من الشيخ كمال الدين بن الزملكاني، ثم جاء كتاب السلطان في السادس والعشرين من شعبان فيه إعادة ابن صصرى إلى القضاء، وذلك بإشارة المنبجي.

وفي الكتاب إنا كنا سمعنا بعقد مجلس للشيخ تقي الدين بن تيمية، وقد بلغنا ما عقد له من المجالس، وأنه على مذهب السلف وإنما أردنا بذلك براءة ساحته مما نسب إليه، ثم جاء كتاب آخر في خامس رمضان يوم الاثنين وفيه الكشف عن ما كان وقع للشيخ تقي الدين بن تيمية في أيام جاغان، والقاضي إمام الدين القزويني وأن يحمل هو والقاضي ابن صصرى إلى مصر، فتوجها على البريد نحو مصر، وخرج مع الشيخ خلق من أصحابه وبكوا وخافوا عليه من أعدائه، وأشار عليه نائب السلطنة ابن الأفرم بترك الذهاب إلى مصر، وقال له: أنا أكاتب السلطان في ذلك، وأصلح القضايا. فامتنع الشيخ من ذلك، وذكر له أن في توجهه لمصر مصلحة كبيرة، ومصالح كثيرة.

فلما توجه لمصر ازدحم الناس لوداعه ورؤيته حتى انتشروا من باب داره إلى قرب الجسورة، فيما بين دمشق والكسوة، وهم فيما بين باكٍ وحزين، ومتفرج ومتنزه، ومزاحم متغال فيه.

فلما كان يوم السبت دخل الشيخ تقي الدين غزة فعمل في جامعها مجلسا عظيما، ثم دخلا معا إلى القاهرة والقلوب معه وبه متعلقة، فدخلا مصر يوم الاثنين الثاني والعشرين من رمضان، وقيل إنهما دخلاها يوم الخميس.

فلما كان يوم الجمعة بعد الصلاة عقد للشيخ مجلس بالقلعة اجتمع فيه القضاة وأكابر الدولة، وأراد أن يتكلم على عادته فلم يتمكن من البحث والكلام، وانتدب له الشمس ابن عدنان خصما احتسابا، وادعى عليه عند ابن مخلوف المالكي أنه يقول: إن الله فوق العرش حقيقة، وأن الله يتكلم بحرف وصوت.

فسأله القاضي جوابه فأخذ الشيخ في حمد الله والثناء عليه، فقيل له: أجب، ما جئنا بك لتخطب.

فقال: ومن الحاكم في؟

فقيل له: القاضي المالكي.

فقال له الشيخ: كيف تحكم في وأنت خصمي؟

فغضب غضبا شديدا، وانزعج وأقيم مرسما عليه وحبس في برج أياما، ثم نقل منه ليلة العيد إلى الحبس المعروف بالجب، هو وأخوه شرف الدين عبد الله وزين الدين عبد الرحمن.

وأما ابن صصرى فإنه جدد له توقيع بالقضاء بإشارة المنبجي شيخ الجاشنكير حاكم مصر، وعاد إلى دمشق يوم الجمعة سادس ذي القعدة والقلوب له ماقتة والنفوس منه نافرة، وقرئ تقليده بالجامع وبعده قرئ كتاب فيه الحط على الشيخ تقي الدين ومخالفته في العقيدة، وأن ينادى بذلك في البلاد الشامية، وألزم أهل مذهبه بمخالفته، وكذلك وقع بمصر. قام عليه جاشنكير وشيخه نصر المنبجي، وساعدهم جماعة كثيرة من الفقهاء والفقراء، وجرت فتن كثيرة منتشرة، نعوذ بالله من الفتن، وحصل للحنابلة بالديار المصرية إهانة عظيمة كثيرة، وذلك أن قاضيهم كان قليل العلم مزجى البضاعة، وهو شرف الدين الحراني، فلذلك نال أصحابهم ما نالهم، وصارت حالهم حالهم.

وفي شهر رمضان جاء كتاب من مقدم الخدام بالحرم النبوي يستأذن السلطان في بيع طائفة من قناديل الحرم النبوي لينفق ذلك ببناء مئذنة عند باب السلام الذي عند المطهرة، فرسم له بذلك، وكان في جملة القناديل قنديلان من ذهب زنتهما ألف دينار، فباع ذلك وشرع في بنائها وولي سراج الدين عمر قضاءها مع الخطابة فشق ذلك على الروافض.

وفي يوم الخميس ثاني عشر ذي القعدة وصل البريد من مصر بتولية القضاء لشمس الدين محمد بن إبراهيم بن داود الأذرعي الحنفي قضاء الحنفية، عوضا عن شمس الدين بن الحسيني معزولا وبتولية الشيخ برهان الدين بن الشيخ تاج الدين الفزاري خطابة دمشق، عوضا عن عمه الشيخ شرف الدين توفي إلى رحمة الله، وخلع عليهما بذلك وباشرا في يوم الجمعة ثالث عشر الشهر وخطب الشيخ برهان الدين خطبة حسنة حضرها الناس والأعيان.

ثم بعد خمسة أيام عزل نفسه عن الخطابة وآثر بقاءه على تدريس البادرائية حين بلغه أنها طلبت لتؤخذ منه، فبقي منصب الخطابة شاغرا ونائب الخطيب يصلي بالناس ويخطب، ودخل عيد الأضحى وليس للناس خطيب، وقد كاتب نائب السلطنة في ذلك فجاء المرسوم بإلزامه بذلك.

وفيه: لعلمنا بأهليته وكفايته واستمراره على ما بيده من تدريس البادرائية، فباشرها القيسي جمال الدين بن الرحبي، سعى في البادرائية فأخذها وباشرها في صفر من السنة الآتية بتوقيع سلطاني، فعزل الفزاري نفسه عن الخطابة ولزم بيته، فراسله نائب السلطنة بذلك، فصمم على العزل وأنه لا يعود إليها أبدا، وذكر أنه عجز عنها، فلما تحقق نائب السلطنة ذلك أعاد إليه مدرسته وكتب له بها توقيعا بالعشر الأول من ذي الحجة، وخلع على شمس الدين بن الخطيري بنظر الخزانة عوضا عن ابن الزملكاني.

وحج بالناس الأمير شرف الدين حسن بن حيدر.

من الأعيان:

الشيخ عيسى بن الشيخ سيف الدين الرحبي

ابن سابق بن الشيخ يونس القيسي ودفن بزاويتهم التي بالشرق الشمالي بدمشق غربي الوراقة والعزية يوم الثلاثاء سابع المحرم.

الملك الأوحد ابن الملك تقي الدين شادي بن الملك

الزاهر مجير الدين داود بن الملك المجاهد أسد الدين شيركوه بن ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه بن شادي، توفي بجبل الجرد في آخر نهار الأربعاء ثاني صفر، وله من العمر سبع وخمسون سنة فنقل إلى تربتهم بالسفح، وكان من خيار الملوك والدولة، معظما عند الملوك والأمراء، وكان يحفظ القرآن وله معرفة بعلوم، ولديه فضائل.

الصدر علاء الدين

علي بن معالي الأنصاري الحراني الحاسب، يعرف بابن الزريز، وكان فاضلا بارعا في صناعة الحساب انتفع به جماعة، توفي في آخر هذه السنة فجأة ودفن بقاسيون، وقد أخذت الحساب عن الحاضري عن علاء الدين الطيوري عنه.

الخطيب شرف الدين أبو العباس

أحمد بن إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري، الشيخ الإمام العلامة أخو العلامة شيخ الشافعية تاج الدين عبد الرحمن، ولد سنة ثلاثين وسمع الحديث الكثير، وانتفع على المشايخ في ذلك العصر كابن الصلاح وابن السخاوي وغيرهما، وتفقه وأفتى وناظر وبرع وساد أقرانه، وكان أستاذا في العربية واللغة والقراءات وإيراد الأحاديث النبوية، والتردد إلى المشايخ للقراءة عليهم.

وكان فصيح العبارة حلو المحاضرة، لا تمل مجالسته، وقد درّس بالطبية، وبالرباط الناصري مدة، ثم تحول عنه إلى خطابة جامع جراح، ثم انتقل إلى خطابة جامع دمشق بعد الفارقي في سنة ثلاث ولم يزل به حتى توفي يوم الأربعاء عشية التاسع من شوال، عن خمس وسبعين سنة، وصلّي عليه صبيحة يوم الخميس على باب الخطابة، ودفن عند أبيه وأخيه بباب الصغير رحمهم الله، وولي الخطابة ابن أخيه.

شيخنا العلامة برهان الدين الحافظ الكبير الدمياطي

وهو الشيخ الإمام العالم الحافظ شيخ المحدثين شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن بن شرف بن الخضر بن موسى الدمياطي، حامل لواء هذا الفن - أعني صناعة الحديث وعلم اللغة - في زمانه مع كبر السن والقدر، وعلو الإسناد وكثرة الرواية، وجودة الدراية، وحسن التآليف وانتشار التصانيف، وتردد الطلبة إليه من سائر الآفاق، ومولده في آخر سنة ثلاث عشرة وستمائة.

وقد كان أول سماعه في سنة ثنتين وثلاثين بالإسكندرية، سمع الكثير على المشايخ ورحل وطاف وحصل وجمع فأوعى، ولكن ما منع ولا بخل، بل بذل وصنّف ونشر العلم، وولي المناصب بالديار المصرية، وانتفع الناس به كثيرا، وجمع معجما لمشايخه الذين لقيهم بالشام والحجاز والجزيرة والعراق وديار مصر يزيدون على ألف وثلاثمائة شيخ، وهو مجلدان.

وله الأربعون المتباينة الإسناد وغيرها، وله كتاب في الصلاة الوسطى مفيد جدا، ومصنف في صيام ستة أيام من شوال أفاد فيه وأجاد، وجمع ما لم يسبق إليه، وله كتاب (الذكر والتسبيح) عقيب الصلوات، وكتاب (التسلي في الاغتباط بثواب من يقدم من الإفراط)، وغير ذلك من الفوائد الحسان، ولم يزل في إسماع الحديث إلى أن أدركته وفاته وهو صائم في مجلس الإملاء غشي عليه فحمل إلى منزله فمات من ساعته يوم الأحد عاشر ذي القعدة بالقاهرة، ودفن من الغد بمقابر باب النصر وكانت جنازته حافلة جدا رحمه الله تعالى.

البداية والنهاية - الجزء الرابع عشر
698 | 699 | 700 | 701 | 702 | 703 | 704 | 705 | 706 | 707 | 708 | 709 | 710 | 711 | 712 | 713 | 714 | 715 | 716 | 717 | 718 | 719 | 720 | 721 | 722 | 723 | 724 | 725 | 726 | 727 | 728 | 729 | 730 | 731 | 732 | 733 | 734 | 735 | 736 | 737 | 738 | 739 | 740 | 741 | 742 | 743 | 744 | 745 | 746 | 747 | 748 | 749 | 750 | 751 | 752 | 753 | 754 | 755 | 756 | 757 | 758 | 759 | 760 | 761 | 762 | 763 | 764 | 765 | 766 | 767