الروح/المسألة الحادية والعشرون/فصل الفرق بين الاحتراز وسوء الظن
والفرق بين الاحتراز وسوء الظن، أن المحترز بمنزلة رجل قد خرج بماله ومركوبه مسافرا فهو يحترز بجهده من كل قاطع للطريق وكل مكان يتوقع منه الشر وكذلك يكون مع المتأهب والاستعداد وأخذ الأسباب التي بها ينجو من المكروه، فالمحترز كالمتسلح المتدرع الذي قد تأهب للقاء عدوه، وأعد له عدته فهمه في تهيئة أسباب النجاة، ومحاربة عدوه قد أشغلته عن سوء الظن به وكلما ساء به الظن أخذ في أنواع العدة والتأهب.
وأما سوء الظن: فهو امتلاء قلبه بالظنون السيئة بالناس حتى يطفح على لسانه وجوارحه، فهم معه أبدا في الهمز واللمز والطعن والعيب والبغض ببغضهم ويبغضونه، ويلعنهم ويلعنونه، ويحذرهم ويحذرون منه، فالأول يخالطهم ويحترز منهم، والثاني يتجنبهم ويلحقه أذاهم، الأول داخل فيهم بالنصيحة والإحسان مع الاحتراز، والثاني خارج منهم مع الغش والدغل والبغض.
هامش