الروح/المسألة الحادية والعشرون/فصل النفس اللوامة

ملاحظات: فصل النفس اللوامة


و أما النفس اللوّامة وهي التي أقسم بها سبحانه في قوله: ﴿وَلَاۤ أُقۡسِمُ بِٱلنَّفۡسِ ٱللَّوَّامَةِ ۝٢ [القيامة:2] فاختلف فيها. فقالت طائفة هي التي لا تثبت على حال واحدة، أخذوا اللفظة من التلوم وهو التردد فهي كثيرة التقلب والتلون وهي من أعظم آيات اللّه فإنها مخلوق من مخلوقاته تتقلب وتتلون في الساعة الواحدة فضلا عن اليوم والشهر والعام والعمر ألوانا متلونة فتذكر وتغفل وتعرض وتلطف وتكشف وتنيب وتجفو وتحب وتبغض وتفرح وتحزن. وترضى وتغضب وتطيع وتتقي وتفجر، إلى أضعاف أضعاف ذلك من حالاتها وتلونها فهي تتلون كل وقت ألوانا كثيرة فهذا قول.
و قالت طائفة: اللفظة مأخوذة من اللوم ثم اختلفوا فقالت فرقة هي نفس المؤمن، وهذا من صفاتها المجردة. قال الحسن البصري: إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه دائما يقول ما أردت بهذا؟ لم فعلت هذا؟ كان غير هذا أولى، أو نحو هذا من الكلام.
و قال غيره: هي نفس المؤمن توقعه في الذنب ثم تلومه عليه فهذا اللوم من الإيمان بخلاف الشقي فإنه لا يلوم نفسه على ذنب بل يلومها وتلومه على فواته.
و قالت طائفة: بل هذا اللوم للنوعين فإن كل أحد يلوم نفسه برا كان أو فاجرا، فالسعيد يلومها على ارتكاب معصية اللّه وترك طاعته، والشقي لا يلومها إلا على فوات حظها وهواها.
و قالت فرقة أخرى: هذا اللوم يوم القيامة فإن كل أحد يلوم نفسه إن كان مسيئا على إساءته وإن كان محسنا على تقصيره.
و هذه الأقوال كلها حق، ولا تنافي بينها، فإن النفس موصوفة بهذا كله باعتباره سميت لوّامة، لكن اللوّامة نوعان:
لوّامة ملومة: وهي النفس الجاهلة الظالمة التي يلومها اللّه وملائكته.
و لوّامة غير ملومة: وهي التي لا تزال تلوم صاحبها على تقصيره طاعة اللّه مع بذله جهده فهذه غير ملومة، وأشرف النفوس من لامت نفسها في طاعة اللّه واحتملت ملام اللائمين في مرضاته فلا تأخذها فيه لومة لائم فهذه قد تخلصت من لوم اللّه، وأما من رضيت بأعمالها ولم تلم نفسها ولم تحتمل في اللّه ملام اللوام، فهي التي يلومها اللّه عز وجل.


هامش


المسألة العشرون
هل النفس واحدة أم ثلاث | فصل الطمأنينة | فصل | فصل | فصل | فصل النفس اللوامة | فصل النفس الأمّارة | فصل | فصل | فصل | فصل | فصل الفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق | فصل شرف النفس | فصل الفرق بين الحمية والجفاء | فصل الفرق بين التواضع والمهانة | فصل | فصل الفرق بين الجواد والمسرف | فصل الفرق بين المهابة والكبر | فصل الفرق بين الصيانة والتبكر | فصل الفرق بين الشجاعة والجرأة | فصل الفرق بين الحزم والجبن | فصل الفرق بين الاقتصاد والشح | فصل الفرق بين الاحتراز وسوء الظن | فصل الفرق بين الفراسة والظن | فصل الفرق بين النصيحة والغيبة | فصل الفرق بين الهدية والرشوة | فصل الفرق بين الصبر والقسوة | فصل الفرق بين العفو والذل | فصل الفرق بين سلامة القلب والبله والغفل | فصل الفرق بين الثقة والغرّة | فصل الفرق بين الرجاء والتمني | فصل الفرق بين التحدث بنعم اللّه والفخر بها | فصل الفرق بين فرح القلب وفرح النفس | فصل فرحة المؤمن عند مفارقته الدنيا إلى اللّه | فصل الفرق بين رقة القلب والجزع | فصل الفرق بين الموجدة والحقد | فصل الفرق بين المنافسة والحسد | فصل الفرق بين حب الرئاسة وحب الإمارة | فصل الفرق بين الحب في اللّه والحب مع اللّه | فصل الفرق بين التوكل والعجز | فصل الفرق بين الاحتياط والوسوسة | فصل الفرق بين إلهام الملك وإلقاء الشيطان | فصل الفرق بين الاقتصاد والتقصير | فصل الفرق بين النصيحة والتأنيب | فصل الفرق بين المبادرة والعجلة | فصل الفرق بين الأخبار بالحال وبين الشكوى | فصل الفروق الطول | فصل الفروق بين الأمور | فصل الفرق بين تنزيه الرسل وتنزيه المعطلة | فصل الفرق بين إثبات حقائق الأسماء والصفات وبين التشبيه والتمثيل | فصل الفرق بين تجريد التوحيد وبين هضم أرباب المراتب | فصل الفرق بين تجريد متابعة المعصوم صلى اللّه عليه وآله وسلم وإهدار أقوال العلماء وإلغائها | فصل الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان | فصل الفرق بين الحال الإيماني والحال الشيطاني | فصل الفرق بين الحكم المنزل والحكم المؤول


الروح
المقدمة | المسألة الأولى | المسألة الثانية | المسألة الثالثة | المسألة الرابعة | المسألة الخامسة | المسألة السادسة | المسألة السابعة | المسألة الثامنة | المسألة التاسعة | المسألة العاشرة | المسألة الحادية عشرة | المسألة الثانية عشرة | المسألة الثالثة عشرة | المسألة الرابعة عشرة | المسألة الخامسة عشرة | المسألة السادسة عشرة | المسألة السابعة عشرة | المسألة الثامنة عشرة | المسألة التاسعة عشرة | المسألة العشرون | المسألة الحادية والعشرون