مجموع الفتاوى/المجلد الأول/فصل: لا يجوز لأحد أن يستغيث بأحد من المشايخ الغائبين ولا الميتين
فصل: لا يجوز لأحد أن يستغيث بأحد من المشايخ الغائبين ولا الميتين
عدلوإذا تبين ما أمر الله به ورسوله، وما نهى الله عنه ورسوله في حق أشرف الخلق وأكرمهم على الله عز وجل، وسيد ولد آدم وخاتم الرسل والنبيين، وأفضل الأولين والآخرين، وأرفع الشفعاء منزلة وأعظمهم جاها عند الله تبارك وتعالى تبين أن من دونه من الأنبياء والصالحين أولى بألا يشرك به، ولا يتخذ قبره وثنًا يعبد، ولا يدعى من دون الله لا في حياته ولا في مماته.
ولا يجوز لأحد أن يستغيث بأحد من المشايخ الغائبين، ولا الميتين، مثل أن يقول: يا سيدي فلانا أغثني، وانصرني، وادفع عني، أو أنا في حسبك، ونحو ذلك، بل كل هذا من الشرك الذي حرم الله ورسوله، وتحريمه مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام، وهؤلاء المستغيثون بالغائبين والميتين عند قبورهم وغير قبورهم لما كانوا من جنس عباد الأوثان صار الشيطان يضلهم ويغويهم، كما يضل عباد الأوثان ويغويهم، فتتصور الشياطين في صورة ذلك المستغاث به، وتخاطبهم بأشياء على سبيل المكاشفة، كما تخاطب الشياطين الكهان، وبعض ذلك صدق، لكن لا بد أن يكون في ذلك ما هو كذب بل الكذب أغلب عليه من الصدق.
وقد تقضى الشياطين بعض حاجاتهم، وتدفع عنهم بعض ما يكرهونه، فيظن أحدهم أن الشيخ هو الذي جاء من الغيب حتى فعل ذلك، أو يظن أن الله تعالى صور ملكًا على صورته فعل ذلك، ويقول أحدهم: هذا سر الشيخ وحاله! وإنما هو الشيطان تمثل على صورته ليضل المشرك به المستغيث به، كما تدخل الشياطين في الأصنام وتكلم عابديها وتقضى بعض حوائجهم، كما كان ذلك في أصنام مشركى العرب، وهو اليوم موجود في المشركين من الترك والهند وغيرهم، وأعرف من ذلك وقائع كثيرة في أقوام استغاثوا بي، وبغيرى في حال غيبتنا عنهم، فرأوني أو ذاك الآخر الذي استغاثوا به قد جئنا في الهواء ودفعنا عنهم، ولما حدثوني بذلك بينت لهم أن ذلك إنما هو شيطان تصور بصورتى وصورة غيرى من الشيوخ الذين استغاثوا بهم ليظنوا أن ذلك كرامات للشيخ، فتقوى عزائمهم في الاستغاثة بالشيوخ الغائبين والميتين، وهذا من أكبر الأسباب التي بها أشرك المشركون وعبدة الأوثان.
وكذلك المستغيثون من النصارى بشيوخهم الذين يسمونهم العلامس، يرون أيضا من يأتى على صورة ذلك الشيخ النصراني الذي استغاثوا به فيقضى بعض حوائجهم.
وهؤلاء الذين يستغيثون بالأموات من الأنبياء، والصالحين، والشيوخ، وأهل بيت النبي ﷺ، غاية أحدهم أن يجرى له بعض هذه الأمور، أو يحكى لهم بعض هذه الأمور، فيظن أن ذلك كرامة، وخرق عادة بسبب هذا العمل. ومن هؤلاء من يأتى إلى قبر الشيخ الذي يشرك به ويستغيث به فينزل عليه من الهواء طعام، أو نفقة أو سلاح، أو غير ذلك مما يطلبه فيظن ذلك كرامة لشيخه، وإنما ذلك كله من الشياطين. وهذا من أعظم الأسباب التي عبدت بها الأوثان.
وقد قال الخليل عليه السلام: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ} 1 كما قال نوح عليه السلام. ومعلوم أن الحجر لا يضل كثيرًا من الناس إلا بسبب اقتضى ضلالهم، ولم يكن أحد من عُبَّاد الأصنام يعتقد أنها خلقت السموات والأرض، بل إنما كانوا يتخذونها شفعاء ووسائط لأسباب:
منهم من صورها على صور الأنبياء والصالحين.
ومنهم من جعلهم تماثيل وطلاسم للكواكب والشمس والقمر.
ومنهم من جعلها لأجل الجن.
ومنهم من جعلها لأجل الملائكة. فالمعبود لهم في قصدهم: إنما هو الملائكة والأنبياء والصالحون أو الشمس، أو القمر. وهم في نفس الأمر يعبدون الشياطين: فهى التي تقصد من الإنس أن يعبدوها وتظهر لهم ما يدعوهم إلى ذلك، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ} 2.
وإذا كان العابد ممن لا يستحل عبادة الشياطين أوهموه أنه إنما يدعوالأنبياء والصالحين والملائكة وغيرهم ممن يحسن العابد ظنه به، وأما إن كان ممن لا يحرم عبادة الجن عرفوه أنهم الجن.
وقد يطلب الشيطان المتمثل له في صورة الإنسان أن يسجد له، أو أن يفعل به الفاحشة، أو أن يأكل الميتة ويشرب الخمر أو أن يقرب لهم الميتة، وأكثرهم لا يعرفون ذلك، بل يظنون أن من يخاطبهم إما ملائكة وإما رجال من الجن يسمونهم رجال الغيب، ويظنون أن رجال الغيب أولياء الله غائبون عن أبصار الناس، وأولئك جن تمثلت بصور الإنس، أو رؤيت في غير صور الإنس، وقال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} 3. كان الإنس إذا أنزل أحدهم بواد يخاف أهله قال: أعوذ بعظيم هذا الوادى من سفهائه، وكانت الإنس تستعيذ بالجن، فصار ذلك سببًا لطغيان الجن، وقالت: الإنس تستعيذ بنا!
وكذلك الرقى، والعزائم الأعجمية، هى تتضمن أسماء رجال من الجن يدعون؛ ويستغاث بهم ويقسم عليهم بمن يعظمونه فتطيعهم الشياطين بسبب ذلك في بعض الأمر. وهذا من جنس السحر والشرك قال تعالى: { وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} 4.
وكثير من هؤلاء يطير في الهواء وتكون الشياطين قد حملته وتذهب به إلى مكة وغيرها، ويكون مع ذلك زنديقًا، يجحد الصلاة وغيرها مما فرض الله ورسوله، ويستحل المحارم التي حرمها الله ورسوله، وإنما يقترن به أولئك الشياطين لما فيه من الكفر والفسوق والعصيان، حتى إذا آمن بالله ورسوله وتاب والتزم طاعة الله ورسوله، فارقته تلك الشياطين، وذهبت تلك الأحوال الشيطانية من الإخبارات والتأثيرات. وأنا أعرف من هؤلاء عددا كثيرًا بالشام ومصر والحجاز واليمن، وأما الجزيرة والعراق وخراسان والروم ففيها من هذا الجنس أكثر مما بالشام وغيرها، وبلاد الكفار من المشركين وأهل الكتاب أعظم.
وإنما ظهرت هذه الأحوال الشيطانية التي أسبابها الكفر والفسوق والعصيان بحسب ظهور أسبابها، فحيث قوى الإيمان والتوحيد ونور الفرقان والإيمان وظهرت آثار النبوة والرسالة ضعفت هذه الأحوال الشيطانية، وحيث ظهر الكفر والفسوق والعصيان قويت هذه الأحوال الشيطانية، والشخص الواحد الذي يجتمع فيه هذا وهذا، الذي تكون فيه مادة تمده للإيمان ومادة تمده للنفاق، يكون فيه من هذا الحال وهذا الحال.
والمشركون الذين لم يدخلوا في الإسلام مثل: البخشية والطونية والبدى ونحو ذلك من علماء المشركين وشيخوهم الذين يكونون للكفار من الترك والهند والخطا وغيرهم تكون الأحوال الشيطانية فيهم أكثر، ويصعد أحدهم في الهواء ويحدثهم بأمور غائبة، ويبقى الدف الذي يغني لهم به يمشى في الهواء، ويضرب رأس أحدهم إذا خرج عن طريقهم، ولا يرون أحدًا يضرب له، ويطوف الإناء الذي يشربون منه عليهم ولا يرون من يحمله، ويكون أحدهم في مكان فمن نزل منهم عنده ضيفه طعامًا يكفيهم، ويأتيهم بألوان مختلفة. وذلك من الشياطين تأتيه من تلك المدينة القريبة منه أو من غيرها تسرقه وتأتى به. وهذه الأمور كثيرة عند من يكون مشركًا أو ناقص الإيمان من الترك وغيرهم، وعند التتار من هذا أنواع كثيرة.
وأما الداخلون في الإسلام إذا لم يحققوا التوحيد واتباع الرسول، بل دعوا الشيوخ الغائبين واستغاثوا بهم، فلهم من الأحوال الشيطانية نصيب بحسب ما فيهم مما يرضى الشيطان. ومن هؤلاء قوم فيهم عبادة ودين مع نوع جهل، يحمل أحدهم فيوقف بعرفات مع الحجاج من غير أن يحرم إذا حاذى المواقيت ولا يبيت بمزدلفة، ولا يطوف طواف الإفاضة، ويظن أنه حصل له بذلك عمل صالح وكرامة عظيمة من كرامات الأولياء، ولا يعلم أن هذا من تلاعب الشيطان به.
فإن مثل هذا الحج ليس مشروعًا ولا يجوز باتفاق علماء المسلمين، ومن ظن أن هذا عبادة وكرامة لأولياء الله فهو ضال جاهل.
ولهذا لم يكن أحد من الأنبياء والصحابة يفعل بهم مثل هذا، فإنهم أجل قدرًا من ذلك، وقد جرت هذه القضية لبعض من حمل هو وطائفة معه من الإسكندرية إلى عرفة، فرأى ملائكة تنزل وتكتب أسماء الحجاج، فقال: هل كتبتموني؟ قالوا: أنت لم تحج كما حج الناس، أنت لم تتعب ولم تحرم ولم يحصل لك من الحج الذي يثاب الناس عليه ما حصل للحجاج. وكان بعض الشيوخ قد طلب منه بعض هؤلاء أن يحج معهم في الهواء فقال لهم: هذا الحج لا يسقط به الفرض عنكم لأنكم لم تحجوا كما أمر الله ورسوله.
ودين الإسلام مبنى على أصلين: على أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيء، وعلى أن يعبد بما شرعه على لسان نبيه ﷺ، وهذان هما حقيقة قولنا: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله) فالإله هو الذي تألهه القلوب عبادة واستعانة ومحبة وتعظيما وخوفا ورجاء وإجلالا وإكراما، والله عز وجل له حق لا يشركه فيه غيره فلا يعبد إلا الله، ولا يدعى إلا الله، ولا يخاف إلا الله، ولا يطاع إلا الله.
والرسول ﷺ هو المبلغ عن الله تعالى أمره ونهيه وتحليله وتحريمه. فالحلال ما حلله، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه، والرسول ﷺ واسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ أمره ونهيه، ووعده ووعيده، وتحليله وتحريمه؛ وسائر ما بلغه من كلامه.
وأما في إجابة الدعاء، وكشف البلاء، والهداية والإغناء، فالله تعالى هو الذي يسمع كلامهم ويرى مكانهم، ويعلم سرهم ونجواهم، وهو سبحانه قادر على إنزال النعم، وإزالة الضر والسقم، من غير احتياج منه إلى أن يعرفه أحد أحوال عباده، أو يعينه على قضاء حوائجهم.
والأسباب التي بها يحصل ذلك هو خلقها ويسرها. فهو مسبب الأسباب وهو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد. {يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} 5، فأهل السموات يسألونه، وأهل الأرض يسألونه، وهو سبحانه لا يشغله سمع كلام هذا عن سمع كلام هذا، ولا يغلطه اختلاف أصواتهم ولغاتهم، بل يسمع ضجيج الأصوات، باختلاف اللغات، على تفنن الحاجات، ولا يبرمه إلحاح الملحين، بل يحب الإلحاح في الدعاء.
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم إذا سألوا النبي ﷺ عن الأحكام أمر رسول الله ﷺ بإجابتهم كما قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} 6، {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} 7، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ } 8 إلى غير ذلك من مسائلهم.
فلما سألوه عنه سبحانه وتعالى قال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} 9، فلم يقل سبحانه: (فقل) بل قال تعالى: {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ}. فهو قريب من عباده، كما قال النبي ﷺ في الحديث لما كانوا يرفعون أصواتهم بالذكر والدعاء، فقال: (أيها الناس، ارْبِعُوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنما تدعون سميعا قريبا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته).
وقال النبي ﷺ: (إذا قام أحدكم إلى صلاته فلا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وجهه فإن الله قبل وجهه، ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكا، ولكن عن يساره أو تحت قدمه) وهذا الحديث في الصحيح من غير وجه.
وهو سبحانه فوق سماواته على عرشه، بائن من خلقه، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، وهو سبحانه غني عن العرش وعن سائر المخلوقات، لا يفتقر إلى شيء من مخلوقاته، بل هو الحامل بقدرته العرش وحملة العرش.
وقد جعل تعالى العالم طبقات، ولم يجعل أعلاه مفتقرًا إلى أسفله، فالسماء لا تفتقر إلى الهواء، والهواء لا يفتقر إلى الأرض، فالعلي الأعلى رب السموات والأرض وما بينهما الذي وصف نفسه بقوله تعالى: { وَمَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} 10، أجل وأعظم وأغنى وأعلى من أن يفتقر إلى شيء بحمل أو غير حمل، بل هو الأحد الصمد الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، الذي كل ما سواه مفتقر إليه، وهو مستغن عن كل ماسواه.
وهذه الأمور مبسوطة في غير هذا الموضع، قد بين فيه التوحيد الذي بعث الله به رسوله قولا وعملا، فالتوحيد القولي مثل سورة الإخلاص: {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} 11، والتوحيد العلمي: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} 12، ولهذا كان النبي ﷺ يقرأ بهاتين السورتين في ركعتى الفجر وركعتى الطواف وغير ذلك.
وقد كان أيضا يقرأ في ركعتى الفجر وركعتى الطواف: {قُولُواْ آمَنَّا بِالله وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا} الآية 13. وفي الركعة الثانية بقوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ الله وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شيئا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضا أَرْبَابًا مِّن دُونِ الله فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} 14.
فإن هاتين الآيتين فيهما دين الإسلام، وفيهما الإيمان القولي والعملي، فقوله تعالى: {آمَنَّا بِالله وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ} إلى آخرها 15، يتضمن الإيمان القولي والإسلام. وقوله: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآية إلى أخرها، يتضمن الإسلام والإيمان العملي، فأعظم نعمة أنعمها الله على عباده الإسلام والإيمان، وهما في هاتين الآيتين، والله سبحانه وتعالى أعلم.
فهذا آخر السؤال والجواب الذي أحببت إيراده هنا بألفاظه؛ لما اشتمل عليه من المقاصد المهمة، والقواعد النافعة في هذا الباب، مع الاختصار، فإن التوحيد هو سر القرآن، ولب الإيمان وتنويع العبارة بوجوه الدلالات من أهم الأمور وأنفعها للعباد، في مصالح المعاش والمعاد، والله أعلم.
هامش
عدل- ↑ [إبراهيم: 35، 36]
- ↑ [سبأ: 40، 41]
- ↑ [الجن: 6]
- ↑ [البقرة: 102]
- ↑ [الرحمن: 29]
- ↑ [البقرة: 189]
- ↑ [البقرة 219]
- ↑ [البقرة: 217]
- ↑ [البقرة 186]
- ↑ [الزمر: 67]
- ↑ [الإخلاص]
- ↑ [الكافرون]
- ↑ [البقرة: 136]
- ↑ [آل عمران: 64]
- ↑ [البقرة: 136]