مجموع الفتاوى/المجلد الحادي عشر/فصل عن الشيخ عدي بن مسافر بن صخر


فصل عن الشيخ عدي بن مسافر بن صخر

عدل

وقال رحمه الله:

والشيخ عدى بن مسافر بن صخر 1 كان رجلا صالحًا، وله أتباع صالحون، ومن أصحابه من فيه غلو عظيم، يبلغ بهم غليظ الكفر، وقد رأيت جزءًا أتى بيد أتباعه فيه نسبه وسلسلة طريقه، فرأيت كليهما مضطربًا.

أما النسب فقالوا: عدى بن مسافر بن إسماعيل بن موسى بن مروان بن أحمد بن مروان بن الحكم بن مروان الأموى. وهذا كذب قطعًا فإن يمتنع أن يكون بينه وبين مروان ابن الحكم خمسة أنفس.

وأما الخرقة فقالوا: دخل على الشيخ العارف عقيل المنبجى وألبسه الخرقة بيده، والشيخ عقيل لبس الخرقة من يد الشيخ مسلمة المردجى، والشيخ مسلمة لبس الخرقة من يد الشيخ أبى سعيد الخراز.

قلت: هذا كذب واضح، فإن مسلمة لم يدرك أبا سعيد، بل بينهما أكثر من مائة سنة، بل قريبًا من مائتي سنة.

ثم قالوا: والشيخ أبو سعيد الخراز لبس الخرقة من يد الشيخ أبى محمد العنسى والعنسى لبسها من يد الشيخ على بن عليل الرملى، والشيخ على بن عليل لبسها من يد والده الشيخ عليل الرملى، والشيخ عليل لبس الخرقة من يد الشيخ عمار السعدى، والشيخ عمار السعدى لبس الخرقة من يد الشيخ يوسف الغسانى، والشيخ يوسف الغسانى لبس الخرقة من يد والده الشيخ يعقوب الغساني، والشيخ يعقوب الغساني لبس الخرقة من يد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يوم خطب الناس بالجابية، وعمر بن الخطاب لبس الخرقة من يد رسول الله ، ورسول الله لبس الخرقة من يد جبرائيل، وجبرائيل من الله تعالى.

قلت: لبس عمر للخرقة وإلباسه ولبس رسول الله للخرقة وإلباسه يعرف كل من له أدنى معرفة أنه كذب. وأما الإسناد المذكور ما بين أبى سعيد إلى عمر فمجهول، وما أعرف لهؤلاء ذكرًا لا في كتب الزهد والرقائق، ولا في كتب الحديث والعلم، ومن الممكن أن يكون بعض هؤلاء كانوا شيوخًا، وقد ركب هذا الإسناد عليهم من لم يعرف أزمانهم والله أعلم بحقيقة أمرهم.

ثم ذكروا بعد هذا عقيدته وقالوا: هذه عقيدة السنة من إملاء الشيخ عدى. والعقيدة من كتاب التبصرة للشيخ أبى الفرج المقدسى، بألفاظه، نقل المسطرة، لكن حذفوا منها تسمية المخالفين وأقوالهم، وذكروا ما ذكره من الأدلة، وزادوا فيها من ذكر يزيد وغيره أشياء لم يقلها الشيخ أبو الفرج وفيها أحاديث موضوعة، وقال في آخرها: فهذا اعتقادنا، وما نقلناه عن مشائخنا نقله جبرائيل عن الله، ونقله النبى عن جبرائيل، ونقله الصحابة عن النبى وسمى من سماه اللالكائي في أول كتاب شرح أصول السنة كما ذكروا أن هذا أملاه الشيخ عدي من حفظه، وأمر بكتابته، ورووا ذلك بالسماع عن الشيخ حسن بن عدى بن أبي البركات بسماعه من والده عدى بن أبي البركات بن صخر بن مسافر وهو عدي.


هامش

  1. [عدى بن مسافر بن صخر: هو عدى بن صخر الشامى، وقيل: عدى بن مسافر وهذا أشهر ابن إسماعيل بن موسى الشامى، ثم الهكارى مسكنا. قال الحافظ عبد القادر: ساح سنين كثيرة، وصحب المشايخ، سكن جبال الموصل في موضع ليس به أنيس، ثم أنس الله تلك المواضع به وعمرها ببركته، كان معلما للخير، ناصحًا متشرعًا، شديدًا في الله، كانت له غليلة يزرعها في الجبل ويحصدها ويتقوت، ولا يأكل من مال أحد شيئًا. صحب الشيخ عقيلا المنبجى، والشيخ حماد الدباس وغيرهما، وتوفي سنة 557 وعاش تسعين سنة. سير أعلام النبلاء: 20 342 344 ]


مجموع الفتاوى لابن تيمية: المجلد الحادي عشر - الآداب والتصوف
سئل شيخ الإسلام عن الصوفية | سئل في رجل يقول إن الفقر لم نتعبد به | سئل شيخ الإسلام عن أهل الصفة | فصل في حال أهل الصفة | فصل فيمن قال إن أحدا من الصحابة أهل الصفة أو غيرهم أو التابعين أو تابعي التابعين قاتل مع الكفار | فصل في تخطئة من فضل أهل الصفة على العشرة وغيرهم | فصل في حكم سماع المكاء والتصدية | فصل في تفسير قوله تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي | فصل في الحديث المروي ما من جماعة يجتمعون إلا وفيهم ولي لله | فصل في من هم أولياء الله | فصل في الفقراء | سئل عن قوم يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى باب أهل الصفة فاستأذن | سئل رحمه الله عن قوم يروون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث لا سند لهم بها | سئل عن الفتوة المصطلح عليها إلخ | سئل عن جماعة يجتمعون في مجلس ويلبسون لشخص منهم لباس الفتوة | فصل في الشروط التي تشترطها شيوخ الفتوة | فصل في معنى لفظ الفتى | فصل في بشرية النبي | فصل في المؤاخاة | فصل عن الشيخ عدي بن مسافر بن صخر | سئل هل تخلل أبو بكر بالعباءة وتخللت الملائكة لأجله بالعباءة أو لا | سئل عن معنى قول حب الدنيا رأس كل خطيئة فهل هي من جهة المعاصي أو من جهة جمع المال | سئل عما يذكر من قولهم اتخذوا مع الفقير أيادي فإن لهم دولة وأي دولة | فصل قول القائل نحن في بركة فلان أو من وقت حلوله عندنا حلت البركة | سئل عن رجل متصوف تكلم عن الفقر | سئل عمن قال إن الفقير والغني لا يفضل أحدهما صاحبه إلا بالتقوى | فصل أيهما أفضل الفقير الصابرأو الغني الشاكر | سئل عن الحمد والشكر ما حقيقتهما هل هما معنى واحد أو معنيان | تلخيص مناظرة في الحمد والشكر | العلاقة بين الحمد والشكر | الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان | قاعدة شريفة في المعجزات والكرامات | فصل في الأمور الخارقة | فصل في كلمات الله تعالى | فصل في العلم بالكائنات | فصل في تكلم طائفة من الصوفية في خاتم الأولياء | كلام مردود للحكيم الترمذي في كتاب ختم الولاية | فصل في قول القاضي أبو يعلى في عيون المسائل | سئل أيهما أولى معالجة ما يكره الله من القلب أو الاشتغال بالأعمال الظاهرة | سئل هل قال النبي صلى الله عليه وسلم زدني فيك تحيرا | سئل عن رجل يحب رجلا عالما فإذا التقيا ثم افترقا حصل لذلك الرجل شبه الغشى | سئل ما الحكمة أن المشتغلين بالذكر يفتح عليهم من الكشوفات والكرامات | سئل الشيخ رحمه الله عن قوم داوموا على الرياضة مرة فرأوا أنهم قد تجوهروا | سئل شيخ الإسلام عن الحديث المروي في الأبدال هل هو صحيح أو مقطوع | ما قاله عن البطائحية | موقفه من الذين يصرون على الابتداع في الدين | سئل عن المرشدة كيف كان أصلها وتأليفها | سئل عن رجل تخاطب هو وإنسان على من قرأ المرشدة | سئل عن قوم منتسبين إلى المشائخ | فصل في ذكر غلوهم في الشيوخ | فصل في فساد الأولاد | فصل في النذر للموتى من الأنبياء والمشائخ وغيرهم | فصل في مؤاخاة الرجال النساء الأجانب | فصل في الحلف بغير الله من الملائكة والأنبياء والمشائخ والملوك وغيرهم | فصل في قول القائل لمن أنكر عليه أنت شرعي | فصل في كون الأمر بالمعروف هو الحق الذي بعث الله به رسوله | فصل في لباس الخرقة التي يلبسها بعض المشائخ المريدين | فصل في قول القائل أنت للشيخ فلان وهو شيخك في الدنيا والآخرة | فصل في قول القائل إن الله يرضى لرضا المشائخ ويغضب لغضبهم | فصل في قوله صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحب | سئل عن جماعة اجتمعوا على أمور متنوعة في الفساد | سئل شيخ الإسلام عما أحدثه الفقراء المجردون | ما تقول السادة الأعلام في صفة سماع الصالحين | سئل شيخ الإسلام رحمه الله عن السماع | سئل عمن قال إن السماع على الناس حرام وعلي حلال هل يفسق في ذلك أو لا | سئل عن أقوام يرقصون على الغناء بالدف | سئل شيخ الإسلام عن رجل يحب السماع والرقص | سئل عن الذين يعملون النار والإشارات | سئل عن رجل فلاح لم يعلم دينه ولا صلاته | سئل عن رجل منقطع في بيته لا يخرج ولا يدخل | سئل شيخ الإسلام عن جماعة يجتمعون على قصد الكبائر | فصل في متابعة الكلام في المكاشفات والمشاهدات | فصل في الكون يقظة ومناما | سئل عمن يقول إن بعض المشائخ إذا أقام السماع يحضره رجال الغيب | سئل عن النساء اللاتي يتعممن بالعمائم الكبار | سئل عن الذنوب الكبائر المذكورة في القرآن | سئل رضي الله عنه عن شرب الخمر وفعل الفاحشة | سئل الشيخ عن رجل مدمن على المحرمات | فصل في كل من تاب من أي ذنب كان فإن الله يتوب عليه | فصل في أن التوبة والاستغفار يكون من ترك الواجبات وفعل المحرمات | فصل في المقصود أن الاستغفار والتوبة يكونان من كلا النوعين | فصل في إخبار الله تعالى عن قبح أعمال الكفار قبل أن يأتيهم الرسول | فصل في أمر الله الناس أن يتوبوا ويستغفروا مما فعلوه | فصل فيما يستغفر ويتاب منه | سئل عن قوله ما أصر من استغفر | سئل عن اليهودي أو النصراني إذا أسلم هل يبقى عليه ذنب بعد الإسلام