مجموع الفتاوى/المجلد الحادي عشر/فصل في حكم سماع المكاء والتصدية
فصل في حكم سماع المكاء والتصدية
وأما سماع المكاء والتصدية: وهو الإجتماع لسماع القصائد الربانية، سواء كان بكف، أو بقضيب، أو بدف، أو كان مع ذلك شبابة، فهذا لم يفعله أحد من الصحابة، لا من أهل الصفة ولا من غيرهم؛ بل ولا من التابعين، بل القرون المفضلة التي قال فيها النبي ﷺ: «خير القرون الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» لم يكن فيهم أحد يجتمع على هذا السماع، لا في الحجاز ولا في الشام ولا في اليمن، ولا العراق ولامصر، ولاخراسان ولا المغرب. وإنما كان السماع الذي يجتمعون عليه سماع القرآن، وهو الذي كان الصحابة من أهل الصفة وغيرهم يجتمعون عليه، فكان أصحاب محمد ﷺ إذا اجتمعوا أمروا واحدًا منهم يقرأ، والباقي يستمعون، وقد روى «أن النبي ﷺ خرج على أهل الصفة وفيهم قارئ يقرأ فجلس معهم» وكان عمر بن الخطاب يقول لأبي موسى: يا أبا موسى، ذكرنا ربنا، فيقرأ وهم يستمعون. وكان وجدهم على ذلك، وكذلك إرادة قلوبهم وكل من نقل أنهم كان لهم حاد ينشد القصائد الربانية بصلاح القلوب، أو أنهم لما أنشد بعض القصائد تواجدوا على ذلك. أو أنهم مزقوا ثيابهم، أو أن قائلًا أنشدهم:
قد لسعت حية الهوى كبدي**فلا طبيب لها ولا راقي
إلا الطبيب الذي شغفت به**فعنده رقيتي وترياقي
أو أن النبي ﷺ لما قال: «إن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم» أنشدوا شعرا وتواجدواعليه، فكل هذا وأمثاله إفك مفترى، وكذب مختلق باتفاق أهل الاتفاق من أهل العلم والإيمان، لا ينازع في ذلك إلاجاهل ضال، وإن كان قد ذكر في بعض الكتب شيء من ذلك فكله كذب باتفاق أهل العلم والإيمان.
هامش