البداية والنهاية/الجزء الثامن/سنة أربع وخمسين
ففيها: كان شتى محمد بن مالك بأرض الروم، وغزا الصائفة معن بن يزيد السلمي.
وفيها: عزل معاوية سعيد بن العاص عن إمرة المدينة ورد إليها مروان بن الحكم، وكتب إليه أن يهدم دار سعيد بن العاص، ويصطفي أمواله التي بأرض الحجاز، فجاء مروان إلى دار سعيد ليهدمها فقال سعيد: ما كنت لتفعل ذلك، فقال: إن أمير المؤمنين كتب إليّ بذلك، ولو كتب إليك في داري لفعلته.
فقام سعيد فأخرج إليه كتاب معاوية إليه حين ولاه المدينة أن يهدم دار مروان ويصطفي ماله، وذكر أنه لم يزل يحاجف دونه حتى صرف ذلك عنه، فلما رأى مروان الكتاب إلى سعيد بذلك، ثناه ذلك عن سعيد، ولم يزل يدافع عنه حتى تركه معاوية في داره وأقرّ عليه أمواله.
وفيها: عزل معاوية سمرة بن جندب عن البصرة، وكان زياد استخلفه عليها فأقره معاوية ستة أشهر، وولى عليها عبد الله بن عمرو بن غيلان.
وروى ابن جرير وغيره عن سمرة أنه قال لما عزله معاوية: لعن الله معاوية لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذبني أبدا. وهذا لا يصح عنه.
وأقر عبد الله بن خالد بن أسيد على نيابة الكوفة، وكان زياد قد استخلفه عليها فأبقاه معاوية.
وقدم في هذه السنة عبيد الله بن زياد على معاوية فأكرمه وسأله عن نواب أبيه على البلاد فأخبره عنهم، ثم ولاه إمرة خراسان وهو ابن خمس وعشرين سنة.
فسار إلى مقاطعته وتجهز من فوره غاديا إليها، فقطع النهر إلى جبال بخارا، ففتح رامس ونصف بيكند - وهما من معاملة بخارا - ولقي الترك هناك فقاتلهم قتالا شديدا وهزمهم هزيمة فظيعة بحيث إن المسلمين أعجلوا امرأة الملك أن تلبس خفيها.
فلبست واحدة وتركت أخرى، فأخذها المسلمون فقوموا جواهرها بمائتي ألف درهم، وغنموا مع ذلك غنائم كثيرة، وأقام عبيد الله بخراسان سنتين.
وفي هذه السنة: حج بالناس مروان بن الحكم نائب المدينة.
وكان على الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد.
وقيل: بل كان عليها الضحاك بن قيس، وكان على البصرة عبد الله بن غيلان.
ذكر من توفي فيها من الأعيان: