البداية والنهاية/الجزء الثامن/معاوية بن أبي سفيان وملكه
قد تقدم في الحديث أن الخلافة بعده عليه السلام ثلاثون سنة، ثم تكون ملكا، وقد انقضت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي؛ فأيام معاوية أول الملك، فهو أول ملوك الإسلام وخيارهم.
قال الطبراني: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أحمد بن يونس، ثنا الفضل بن عياض، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي ثعلبة الخشني، عن معاذ بن جبل، وأبي عبيدة قالوا: قال رسول الله ﷺ: «إن هذا الأمر بدا رحمة ونبوة، ثم يكون رحمة وخلافة، ثم كائن ملكا عضوضا، ثم كائن عتوا وجبرية وفسادا في الأرض، يستحلون الحرير، والفروج، والخمور، ويرزقون على ذلك وينصرون حتى يلقوا الله عز وجل». إسناده جيد.
وقد ذكرنا في دلائل النبوة الحديث الوارد من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر وفيه ضعف عن عبد الملك بن عمير قال: قال معاوية: والله ما حملني على الخلافة إلا قول رسول الله ﷺ لي: «يا معاوية إن ملكت فأحسن».
رواه البيهقي، عن الحاكم، عن الأصم، عن العباس بن محمد، عن محمد بن سابق، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن إسماعيل ثم قال البيهقي: وله شواهد من وجوه أخر.
منها: حديث عمرو بن يحيى بن سعيد بن العاص، عن جده سعيد أن معاوية أخذ الإداوة فتبع رسول الله فنظر إليه فقال له: «يا معاوية إن وليت أمرا فاتق الله واعدل». قال معاوية: فما زلت أظن أني مبتلىً بعمل لقول رسول الله ﷺ.
ومنها: حديث راشد بن سعد، عن معاوية قال: قال رسول الله ﷺ: «إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم».
قال أبو الدرداء: كلمة سمعها معاوية من رسول الله ﷺ فنفعه الله بها.
ثم روى البيهقي من طريق هشيم، عن العوام بن حوشب، عن سليمان بن أبي سليمان، عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «الخلافة بالمدينة، والملك بالشام»، غريب جدا.
وروي من طريق أبي إدريس، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله ﷺ: «بينا أنا نائم رأيت الكتاب احتمل من تحت رأسي، فظننت أنه مذهوب به، فأتبعته بصري فعُمد به إلى الشام، وإن الإيمان حين تقع الفتنة بالشام».
وقد رواه سعيد بن عبد العزيز، عن عطية بن قيس، عن يونس بن ميسرة، عن عبد الله بن عمرو.
ورواه الوليد بن مسلم، عن عفير بن معدان، عن سليمان، عن عامر، عن أبي أمامة.
وروى يعقوب بن سفيان، عن نصر بن محمد بن سليمان السلمي الحمصي، عن أبيه، عن عبد الله بن قيس، سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله ﷺ: «رأيت عمودا من نور خرج من تحت رأسي ساطعا حتى استقر بالشام».
وقال عبد الرزاق: عن معمر، عن الزهري، عن عبد الله بن صفوان قال: قال رجل يوم صفين: اللهم العن أهل الشام، فقال له علي: لا تسب أهل الشام فإن بها الأبدال فإن بها الأبدال، فإن بها الأبدال.
وقد روى هذا الحديث من وجه آخر مرفوعا.