البداية والنهاية/الجزء الخامس/فصل خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر
وقد خطب رسول الله ﷺ في هذا اليوم الشريف خطبة عظيمة تواترت بها الأحاديث، ونحن نذكر منها ما يسره الله عز وجل.
قال البخاري - باب الخطبة أيام منى -: حدثنا علي بن عبد الله، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا فضيل بن غزوان، ثنا عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ خطب الناس يوم النحر فقال: «ياأيها الناس أي يوم هذا؟»
قالوا: يوم حرام.
قال: «فأي بلد هذا؟»
قالوا: بلد حرام.
قال: «فأي شهر هذا؟»
قالوا: شهر حرام.
قال: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا».
قال: فأعادها مرارا ثم رفع رأسه.
فقال: «اللهم هل بلغت اللهم قد بلغت».
قال ابن عباس: فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته، فليبلغ الشاهد الغائب لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض.
ورواه الترمذي عن الفلاس، عن يحيى القطان به.
وقال: حسن صحيح.
وقال البخاري أيضا: حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أبو عامر، ثنا قرة عن محمد بن سيرين، أخبرني عبد الرحمن ابن أبي بكرة عن أبيه، ورجل أفضل في نفسي من عبد الرحمن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله ﷺ يوم النحر فقال: «أتدرون أي يوم هذا؟».
قلنا: الله ورسوله أعلم.
فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: «أليس هذا يوم النحر؟».
قلنا: بلى!
قال: «أي شهر هذا؟»
قلنا: الله ورسوله أعلم.
فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: «أليس ذو الحجة؟».
قلنا: بلى!
قال: «أي بلد هذا؟».
قلنا: الله ورسوله أعلم.
فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: «أليس بالبلدة الحرام؟».
قلنا: بلى!
قال: «فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلغت؟».
قالوا: نعم.
قال: «اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض».
ورواه البخاري ومسلم من طرق عن محمد بن سيرين به.
ورواه مسلم من حديث عبد الله بن عون عن ابن سيرين، عن عبد الرحمن ابن أبي بكرة، عن أبيه فذكره.
وزاد في آخره: ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما، وإلى جذيعة من الغنم فقسمها بيننا.
وقال الإمام: أحمد ثنا إسماعيل، أنبأنا أيوب عن محمد بن سيرين، عن أبي بكرة أن رسول الله ﷺ خطب في حجته فقال: «ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثني عشر شهرا منها أربعة حرم؛ ثلاثة متواليات ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان».
ثم قال: «ألا أي يوم هذا؟».
قلنا: الله ورسوله أعلم.
فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه.
قال: «أليس يوم النحر؟».
قلنا: بلى!
ثم قال: «أي شهر هذا؟».
قلنا: الله ورسوله أعلم.
فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه.
قال: «أليس ذا الحجة؟».
قلنا: بلى!
ثم قال: «أي بلد هذا؟»
قلنا: الله ورسوله أعلم.
فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه.
قال: «أليست البلدة؟»
قلنا: بلى!
قال: «فإن دماءكم وأموالكم - لأحبسه - قال: «وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ألا لا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا هل بلغت، ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل من يبلغه يكون أوعى له من بعض من سمعه».
هكذا وقع في مسند الإمام أحمد عن محمد بن سيرين، عن أبي بكرة.
وهكذا رواه أبو داود عن مسدد، والنسائي عن عمرو بن زرارة، كلاهما عن إسماعيل - وهو ابن علية - عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي بكرة به.
وهو منقطع لأن صاحبا الصحيح أخرجاه من غير وجه عن أيوب، وغيره عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن ابن أبي بكرة، عن أبيه به.
وقال البخاري أيضا: ثنا محمد بن المثنى، ثنا يزيد بن هارون، أنبأنا عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه، عن ابن عمر قال: قال النبي ﷺ بمنى: «أتدرون أي يوم هذا؟».
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: «فإن هذا يوم حرام، أفتدرون أي بلد هذا؟».
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: «بلد حرام».
قال: «أفتدرون أي شهر هذا؟».
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: «شهر حرام، فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا».
وقد أخرجه البخاري في أماكن متفرقة من صحيحه، وبقية الجماعة إلا الترمذي من طرق عن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، عن جده عبد الله بن عمر، فذكره.
قال البخاري، وقال هشام بن الغاز أخبرني نافع عن ابن عمر: وقف النبي ﷺ يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج بهذا.
وقال: «هذا يوم الحج الأكبر».
فطفق النبي ﷺ يقول: «اللهم اشهد» وودع الناس.
فقالوا: هذه حجة الوداع.
وقد أسند هذا الحديث أبو داود عن مؤمل بن الفضل، عن الوليد بن مسلم.
وأخرجه ابن ماجه عن هشام بن عمار، عن صدقة بن خالد، كلاهما عن هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي أبي العباس الدمشقي به.
وقيامه عليه السلام بهذه الخطبة عند الجمرات يحتمل أنه بعد رميه الجمرة يوم النحر وقبل طوافه.
ويحتمل أنه بعد طوافه، ورجوعه الى منى ورميه بالجمرات.
لكن يقوي الأول ما رواه النسائي حيث قال: حدثنا عمرو بن هشام الحراني، ثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم، عن زيد ابن أبي أنيسة، عن يحيى بن حصين الأحمسي، عن جدته أم حصين قالت: حججت في حجة النبي ﷺ فرأيت بلالا آخذا بقود راحلته، وأسامة بن زيد رافع عليه ثوبه يظله من الحر، وهو محرم حتى رمى جمرة العقبة ثم خطب الناس، فحمد وأثنى عليه، وذكر قولا كثيرا.
وقد رواه مسلم من حديث زيد ابن أبي أنيسة عن يحيى بن الحصين، عن جدته أم الحصين قالت: حججت مع رسول الله ﷺ حجة الوداع فرأيت أسامة، وبلالا أحدهما آخذ بخطام ناقة رسول الله، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة.
قالت: فقال رسول الله قولا كثيرا، ثم سمعته يقول: «إن أمر عليكم عبد مجدع - حسبتها قالت: أسود - يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوه».
وقال الإمام أحمد: ثنا محمد بن عبيد الله، ثنا الأعمش عن أبي صالح - وهو ذكوان السمان - عن جابر.
قال: خطبنا رسول الله ﷺ يوم النحر فقال: «أي يوم أعظم حرمة؟».
قالوا: يومنا هذا.
قال: «أي شهر أعظم حرمة؟».
قالوا: شهرنا هذا.
قال: «أي بلد أعظم حرمة؟».
قالوا: بلدنا هذا.
قال: «فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، هل بلغت؟».
قالوا: نعم.
قال: «اللهم اشهد».
انفرد به أحمد من هذا الوجه وهو على شرط الصحيحين.
ورواه أبو بكر ابن أبي شيبة عن أبي معاوية، عن الأعمش به.
وقد تقدم حديث جعفر بن محمد عن أبيه، عن جابر في خطبته عليه السلام يوم عرفة، فالله أعلم.
قال الإمام أحمد: ثنا علي بن بحر، ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ في حجة الوداع فذكر معناه.
وقد رواه ابن ماجه عن هشام بن عمار، عن عيسى بن يونس به، وإسناده على شرط الصحيحين، فالله أعلم.
وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا أبو هشام، ثنا حفص عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة وأبي سعيد أن رسول الله ﷺ خطب فقال: «أي يوم هذا؟».
قالوا: يوم حرام.
قال: «فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا».
ثم قال البزار: رواه أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة وأبي سعيد، وجمعهما لنا أبو هشام عن حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة وأبي سعيد.
قلت: وتقدم رواية أحمد له عن محمد بن عبيد الطنافسي، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن جابر بن عبد الله فلعله عند أبي صالح عن الثلاثة، والله أعلم.
وقال هلال بن يساف عن سلمة بن قيس الأشجعي قال: قال رسول الله ﷺ في حجة الوداع: «إنما هن أربع: لا تشركوا بالله شيئا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تزنوا، ولا تسرقوا».
قال: فما أنا بأشج عليهن مني حين سمعتهن من رسول الله ﷺ.
وقد رواه أحمد والنسائي من حديث منصور عن هلال بن يساف.
وكذلك رواه سفيان بن عيينة والثوري عن منصور.
وقال ابن حزم في حجة الوداع: حدثنا أحمد بن عمر بن أنس العذري، ثنا أبو ذر عبد الله بن أحمد الهروي الأنصاري، ثنا أحمد بن عبدان الحافظ بالأهواز، ثنا سهل بن موسى بن شيرزاد، ثنا موسى بن عمرو بن عاصم، ثنا أبو العوام، ثنا محمد بن جحادة عن زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك قال: شهدت رسول الله في حجة الوداع وهو يخطب وهو يقول: «أمك وأباك وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك».
قال: فجاء قوم فقالوا: يا رسول الله قبلنا بنو يربوع.
فقال رسول الله ﷺ: «لا تجني نفس على أخرى».
ثم سأله رجل نسي أن يرمي الجمار.
فقال: «ارم ولا حرج».
ثم أتاه آخر فقال: يا رسول الله نسيت الطواف.
فقال: «طف ولا حرج».
ثم أتاه آخر حلق قبل أن يذبح.
قال: «اذبح ولا حرج».
فما سألوه يومئذ عن شيء إلا قال: «لا حرج لا حرج».
ثم قال: «قد أذهب الله الحرج إلا رجلا اقترض امرأ مسلما فذلك الذي حرج وهلك».
وقال: «ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء إلا الهرم».
وقد روى الإمام أحمد، وأهل السنن بعض هذا السياق من هذه الطريق.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقال الإمام أحمد: ثنا حجاج، حدثني شعبة عن علي بن مدرك سمعت أبا زرعة يحدث عن جرير - وهو جده - عن النبي ﷺ قال في حجة الوداع: يا جرير استنصت الناس.
ثم قال في خطبته: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض».
ثم رواه أحمد عن غندر، وعن ابن مهدي، كل منهما عن شعبة به.
وأخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة به.
وقال أحمد: ثنا ابن نمير، ثنا إسماعيل عن قيس قال: بلغنا أن جريرا قال: قال رسول الله: استنصت الناس ثم قال عند ذلك: «لا أعرفن بعد ما أرى ترجعون كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض».
ورواه النسائي من حديث عبد الله بن نمير به.
وقال النسائي: ثنا هناد بن السري عن أبي الأحوص، عن ابن غرقدة، عن سليمان بن عمرو، عن أبيه قال: شهدت رسول الله في حجة الوداع يقول: «أيها الناس - ثلاث مرات - أي يوم هذا؟».
قالوا: يوم الحج الأكبر.
قال: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، ولا يجني جان على والده، ألا إن الشيطان قد يئس أن يعبد في بلدكم هذا، ولكن سيكون له طاعة في بعض ما تحتقرون من أعمالكم فيرضى، ألا وإن كل ربا من ربا الجاهلية يوضع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون» وذكر تمام الحديث.
وقال أبو داود - باب من قال خطب يوم النحر -: حدثنا هارون بن عبد الله، ثنا هشام بن عبد الملك، ثنا عكرمة - هو ابن عمار -، ثنا الهرماس بن زياد الباهلي قال: رأيت رسول الله ﷺ يخطب الناس على ناقته العضباء يوم الأضحى بمنى.
ورواه أحمد والنسائي من غير وجه عن عكرمة بن عمار، عن الهرماس قال: كان أبي مردفي فرأيت رسول الله ﷺ يخطب الناس بمنى يوم النحر على ناقته العضباء.
لفظ أحمد وهو من ثلاثيات المسند ولله الحمد.
ثم قال أبو داود: ثنا مؤمل بن الفضل الحراني، ثنا الوليد، ثنا ابن جرير، ثنا سليم بن عامر الكلاعي سمعت أبا أمامة يقول: سمعت خطبة رسول الله ﷺ بمنى يوم النحر.
وقال الامام أحمد: ثنا عبد الرحمن عن معاوية بن صالح، عن سليم بن عامر الكلاعي سمعت أبا امامة يقول: سمعت رسول الله ﷺ وهو يومئذ على الجدعاء واضع رجليه في الغرز يتطاول ليسمع الناس.
فقال بأعلا صوته: «ألا تسمعون؟».
فقال رجل من طوائف الناس: يا رسول الله ماذا تعهد إلينا؟.
فقال: «اعبدوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأطيعوا إذا أمرتم، تدخلوا جنة ربكم».
فقلت: يا أبا أمامة مثل من أنت يومئذ.
قال: أنا يومئذ ابن ثلاثين سنة، أزاحم البعير أزحزحه قدما لرسول الله ﷺ.
ورواه أحمد أيضا عن زيد بن الحباب، عن معاوية بن صالح.
وأخرجه الترمذي عن موسى بن عبد الرحمن الكوفي، عن زيد بن الحباب.
وقال: حسن صحيح.
قال الإمام أحمد: ثنا أبو المغيرة، ثنا إسماعيل بن عباس، ثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول في خطبته عام حجة الوداع: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث، والولد للفراش، وللعاهر الحجر، وحسابهم على الله، ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله التابعة إلى يوم القيامة، لا تنفق امرأة من بيتها إلا بإذن زوجها».
فقيل: يا رسول الله ولا الطعام.
قال: «ذاك أفضل أموالنا».
ثم قال رسول الله: «العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم».
ورواه أهل السنن الأربعة من حديث إسماعيل بن عياش.
وقال الترمذي: حسن.
ثم قال أبو داود رحمه الله باب من يخطب يوم النحر: حدثنا عبد الوهاب بن عبد الرحيم الدمشقي، ثنا مروان عن هلال بن عامر المزني، حدثني رافع بن عمرو المزني قال: رأيت رسول الله ﷺ يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء، وعلي يعبر عنه، والناس بين قائم وقاعد.
ورواه النسائي عن دحيم، عن مروان الفزاري به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، ثنا هلال بن عامر المزني عن أبيه قال: رأيت رسول الله يخطب الناس بمنى على بغلة وعليه برد أحمر قال: ورجل من اهل بدر بين يديه يعبر عنه.
قال: فجئت حتى أدخلت يدي بين قدمه وشراكه.
قال: فجعلت أعجب من بردها.
حدثنا محمد بن عبيد، ثنا شيخ من بني فزارة عن هلال بن عامر المزني، عن أبيه قال: رأيت رسول الله على بغلة شهباء وعلي يعبر عنه.
ورواه أبو داود من حديث أبي معاوية عن هلال بن عامر ثم قال أبو داود - باب ما يذكر الإمام في خطبته بمنى -: حدثنا مسدد، ثنا عبد الوارث عن حميد الأعرج، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي قال: خطبنا رسول الله ﷺ ونحن بمنى ففتحت أسماعنا حتى كنا نسمع ما يقول ونحن في منازلنا، فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار فوضع السباحتين ثم قال: حصى الخذف، ثم أمر المهاجرين فنزلوا في مقدم المسجد، وأمر الأنصار فنزلوا من وراء المسجد، ثم نزل الناس بعد ذلك.
وقد رواه أحمد عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه.
وأخرجه النسائي من حديث ابن المبارك عن عبد الوارث كذلك.
وتقدم رواية الإمام أحمد له عن عبد الرزاق، عن معمر، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عبد الرحمن بن معاذ، عن رجل من الصحابة، فالله أعلم.
وثبت في الصحيحين من حديث ابن جريج عن الزهري، عن عيسى بن طلحة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ بينا هو يخطب يوم النحر، فقام إليه رجل فقال: كنت أحسب أن كذا وكذا قبل كذا وكذا.
ثم قام آخر فقال: كنت أحسب أن كذا، وكذا قبل كذا.
فقال رسول الله ﷺ: «افعل ولا حرج».
وأخرجاه من حديث مالك.
زاد مسلم ويونس عن الزهري به، وله ألفاظ كثيرة ليس هذا موضع استقصائها، ومحله (كتاب الأحكام) وبالله المستعان.
وفي لفظ الصحيحين قال: فما سئل رسول الله ﷺ في ذلك اليوم عن شيء قدم وإلا أخر، إلا قال: «افعل ولا حرج».