البداية والنهاية/الجزء الخامس/موت النجاشي سنة تسع وموت أم كلثوم بنت رسول الله
كان في هذه السنة - أعني في سنة تسع - من الأمور الحادثة غزوة تبوك في رجب كما تقدم بيانه.
قال الواقدي: وفي رجب منها مات النجاشي صاحب الحبشة، ونعاه رسول الله ﷺ إلى الناس.
وفي شعبان منها - أي من هذه السنة - توفيت أم كلثوم بنت رسول الله ﷺ، فغسلتها أسماء بنت عميس، وصفية بنت عبد المطلب، وقيل: غسلها نسوة من الأنصار، فيهم: أم عطية.
قلت: وهذا ثابت في الصحيحين، وثبت في الحديث أيضا أنه عليه السلام لما صلى عليها وأراد دفنها قال: لا يدخله أحد قارف الليلة أهله، فامتنع زوجها عثمان لذلك، ودفنها أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه، ويحتمل أنه أراد بهذا الكلام من كان يتولى ذلك ممن يتبرع بالحفر والدفن من الصحابة، كأبي عبيدة، وأبي طلحة ومن شابهم، فقال: «لا يدخل قبرها إلا من لم يقارف أهله من هؤلاء».
إذ يبعد أن عثمان كان عنده غير أم كلثوم بنت رسول الله ﷺ هذا بعيد، والله أعلم.
وفيها: صالح ملك أيلة، وأهل جرباء، وأذرح، وصاحب دومة الجندل كما تقدم إيضاح ذلك كله في مواضعه.
وفيها: هدم مسجد الضرار الذي بناه جماعة من المنافقين صورة مسجد وهو دار حرب في الباطن، فأمر به عليه السلام فحرق.
وفي رمضان منها: قدم وفد ثقيف فصالحوا عن قومهم، ورجعوا إليهم بالأمان، وكسرت اللات كما تقدم.
وفيها: توفي عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين، لعنه الله.
في أواخرها وقبله بأشهر: توفي معاوية بن معاوية الليثي - أو المزني - وهو الذي صلى عليه رسول الله ﷺ وهو نازل بتبوك إن صح الخبر في ذلك.
وفيها: حج أبو بكر رضي الله عنه بالناس عن إذن رسول الله ﷺ له في ذلك.
وفيها: كان قدوم عامة وفود أحياء العرب، ولذلك تسمى: سنة تسع سنة الوفود، وها نحن نعقد لذلك كتابا برأسه اقتداء بالبخاري وغيره.